تواجه العديد من مصافي النفط خطر الإغلاق في ظل أزمة نفطية تهدد هذه الصناعة في العديد من الدول المتقدمة بصفة خاصة.
ولا تزال معامل التكرير وشركات النفط المتكاملة تعاني من هوامش ربح تكرير منخفضة، في إطار استمرار التراجع الكبير في الطلب العالمي على النفط -استهلاك وقود الطائرات- بسبب القيود على السفر دولياً.
ورغم تحسن هوامش ربح نواتج التقطير المتوسطة، التي تشمل وقود الطائرات، منذ أسوأ أزمة حلت بها نتيجة للوباء في العام الماضي. لكن الأزمة في صناعة الطيران والضغط على مصافي التكرير لكبح إمدادات وقود الطائرات وسط انخفاض شديد في الطلب يمكن أن يُعجِل الإغلاق الدائم للمصافي المُعدَّة لنواتج التقطير المتوسطة أكثر من البنزين، وبالأخص في أوروبا وآسيا، حسبما ورد في تقرير لموقع Oil Price البريطاني.
في ظل أزمة نفطية كبيرة.. مصافي آسيا والشرق الأوسط تهدد المنافسين
إضافة إلى ذلك، تضغط سعة التكرير الجديدة في الشرق الأوسط وآسيا، التي تنتج المزيد من نواتج التقطير المتوسطة، على مصافي التكرير القديمة وتدفعها إلى خطر الإغلاق الدائم بسبب العمليات غير المُربِحة أو غير التنافسية ذات هامش الربح المنخفض.
وتتسبب وفرة إمدادات الديزل الحالية في آسيا أيضاً في خفض هوامش الربح، في حين أنَّ أسعار النفط الخام التي تزيد عن 65 دولاراً للبرميل تجعل المواد الخام أكثر تكلفة.
تجدر الإشارة إلى أن العقود الآجلة لخام برنت القياسي، ارتفعت، الإثنين 8 مارس/آذار 2021، متجاوزة 70 دولاراً للبرميل، وذلك للمرة الأولى منذ تفشي جائحة فيروس كورونا، بينما لامس الخام الأمريكي أعلى مستوى فيما يزيد على عامين، وذلك في أعقاب تعرُّض منشآت سعودية لهجمات من الحوثيين.
وأدت الصدمة التي ألحقها وباء "كوفيد -19" بالطلب على النفط بالفعل إلى تعطيل قدرات صناعة الطاقة وإغلاق دائم لعدد من المصافي في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة. وقالت وكالة الطاقة الدولية، في نهاية العام الماضي، إنه حتى مع إعلان إغلاق 1.7 مليون برميل يومياً بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2020، "لا تزال هناك طاقة هيكلية فائضة كبيرة".
ويتوقع المحللون إغلاق المزيد من المصافي؛ بالنظر إلى المبني منها حديثاً، وفقدان الطلب على وقود الطائرات الذي لا يُتوقَع أن يتعافى إلى مستويات ما قبل كوفيد حتى عام 2023.
ومن المؤكد أنَّ هوامش أرباح التكرير زادت في الأشهر الأخيرة مقارنة بالوضع الأسوأ الذي شهدته الصناعة في ربيع عام 2020، حسبما يقول محلل الأسواق في Reuters جون كيمب.
مصافي النفط في هذه المناطق معرضة للتهديد الأكبر
من جانبه، قال برنارد لوني، الرئيس التنفيذي لشركة British Petroleum في مؤتمر إعلان أرباح الربع الرابع من العام المالي في الشهر الماضي: "من الجيد أن نرى هوامش أرباح التكرير تتحسن هنا في يناير/كانون الثاني قليلاً؛ مما يعزز الوضع قليلاً، وهو أمر جيد، لكنها لا تزال بعيدة جداً عن الأرقام القياسية".
ومع ذلك، تمثل الأزمة الحالية تهديداً وجودياً على المصافي الأصغر والأقل كفاءة في أوروبا وآسيا التي تعاني لإدرار أرباح حتى من قبل الوباء.
وحتى شركات النفط الكبرى تُقِر بأنَّ بعض المواقع أصبحت نهائياً غير مجدية اقتصادياً وسط هوامش تكرير منخفضة، ومنافسة إقليمية شرسة، وتوقعات بانخفاض الطلب على وقود الطرق على المدى الطويل.
على سبيل المثال، أعلنت شركتا ExxonMobil الأمريكية و British Petroleum البريطانية في غضون أشهر قليلة إغلاق مصافيهما في أستراليا. وهما تخططان الآن لتحويل هذه المصافي إلى محطات توريد وقود.
ونظراً لموقع أستراليا الجغرافي، فقد فقدت تنافسيتها في مجال أعمال التكرير؛ لأنَّ المصافي الصغيرة والقديمة لا يمكنها منافسة قدرة معالجة النفط المزدهرة في آسيا، وخاصة الصين والهند.
وعلى الصعيد العالمي، يقول نائب رئيس أسواق التكرير والكيماويات والنفط آلان جيلدر، ونائبة رئيس شركة Wood Mackenzie لأبحاث الزيوت آن لويز هيتل، إنَّ عمليات التكرير لا تزال أمامها طريقاً صعباً -وربما طويلاً- للتعافي.
وكتبوا في يناير/كانون الثاني: "كانت عمليات إغلاق المصافي أو إعادة الهيكلة سمة رئيسية لعام 2020 في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والأمريكتين، لكنها لم تُسهِم بشيءٍ يُذكَّر لرفع هوامش الربح في مواجهة انهيار الطلب".
ومن المتوقع هذا العام إكمال إنشاء مصافي تكرير بسعة مليون برميل يومياً في الشرق الأوسط وآسيا، وقد تؤدي هذه المواقع المُشيَّدة حديثاً إلى مزيد من الترشيد في أوروبا وعبر آسيا، وفقاً لـ Wood Mackenzie.
ففي أوروبا، تواجه 1.4 مليون برميل يومياً من سعة التكرير تهديداً خطيراً بوقفها نهائياً في حد أقصى 2023، وفقاً لتحليل أجرته شركة Wood Mackenzie في منتصف العام الماضي.
ومن أوروبا إلى آسيا والأمريكتين، يمكن أن تقع المصافي الأصغر والأقدم ضحية للطاقة الزائدة الهيكلية التي تفاقمت بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد. ويمكن أن تشكل مصافي التكرير الأحدث والأكبر المُدمَجَة مع البتروكيماويات منافسة ساحقة للغاية للمواقع الأصغر في ظل أنماط الطلب على النفط في فترة ما بعد الوباء.