أصبحت السلالات المتحورة من فيروس كورونا هي الخطر الحقيقي الذي يواجه العالم، مع توقع انخفاض مخاطر السلالة التقليدية بفضل اللقاحات، فإلى أي مدى انتشرت سلالات كورونا الجديدة، وكيف يمكن تمييزها عن السلالة التقليدية؟
ورغم أنّ تحوُّر الفيروسات أمر طبيعي ومتواتر وغير مقلق عادة، فإنه أحياناً تزداد شراسة الفيروس أو قوة عدواه مع هذه التغيرات ويصبح أكثر قدرة على الانتشار بسهولة أكبر، أو التسبب بأمراض خطيرة، وفي هذه الحالة يوصف المُتغيِّر بأنه تَحوُّر مثير للاهتمام "VOC"، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وهذا ما حدث لسوء الحظ مع فيروس كورونا، حيث أن السلالات المتحورة من الفيروس هي الخطر الذي يقلق العلماء والقادة السياسيين على السواء.
في ديسمبر/كانون الأول، دفع ظهور السلالة المتحورة من فيروس كورونا المستجد B.1.1.7 -وتُعرَف أيضاً اختصاراً بـVOC-202012/01، إلى فرض قيود جديدة في جنوب شرقي بريطانيا، وأفسد خطط البلاد للاحتفال بالكريسماس. وأصبح هذا التحور معروفاً في دول أخرى بـ"متغير المملكة المتحدة"، بينما عُرِف في بريطانيا بـ"مُتغيِّر كينت". لكن لا يُعرَف ماذا يسميه سكان كينت! وتأكَّد من تحديد التسلسل الجينومي وصولُ عدد المصابين به إلى أكثر من 100 ألف حالة.
لماذا تثير هذه السلالة المُتحوِّرة القلق؟ خلص التحليل الأخير إلى زيادة انتقال العدوى بنسبة 43% إلى 82%. وهناك أدلة أيضاً على إحداثها ضرراً أكبر، لكن هذا لا يزال قيد الاستكشاف.
كيف يتم اكتشاف السلالة البريطانية من فيروس كورونا بطريقة أسهل؟
لحسن الحظ، هناك مقياس بديل للسلالة البريطانية من فيروس كورونا، يسمح بمراقبة تطوره، من دون مراقبة التسلسل الجينومي الكامل.
هذا القياس يعتمد على فحص وجود جين يسمى "الجين إس"، وهو أحد المواقع التي يحدث بها تغيُّر في السلالات المُتحوِّرة من فيروس كورونا.
في حالة فيروس كورونا التقليدي يتم اختبار المسحات بحثاً عن وجود 3 جينات لفيروس كورونا، وجين N، وجين S وORF1ab. يمكن أن يكون للاختبار عدد من النتائج. تكون النتيجة سلبية عندما لا يجد الاختبار أياً من الجينات موجوداً وتكون النتيجة إيجابية عندما يجد الاختبار إما جيناً واحداً أو 2 أو 3 من الجينات (باستثناء الجين S الذي يعد العثور عليه وحده، مؤشراً غير موثوق به).
تحتوي النسخة البريطانية من فيروس كورونا على تغييرات في الجين S، مما يعني أن الاختبار لم يعد يعثر عليه، حال الإصابة بهذه السلالة.
وبالتالي فإن العثور على الجينين الآخرين، ORF1ab وN مع عدم العثور الجين S يعني أن الشخص مصاب بالسلالة البريطانية، حسبما ورد في تقرير نُشر بموقع الإحصاء البريطاني الوطني.
هل هناك اختلاف في الأعراض؟ تبايُن في نقطة شديدة الأهمية
يبجب أن يتوقع أولئك الذين يشكون في إصابتهم بالسلالة البريطانية، بعض أوجه التشابه مع أعراض الفيروس التقليدي، ولكن هناك أيضاً بعض الاختلافات الحاسمة بينهما.
وفقاً لمسح أجراه مكتب الإحصاء الوطني البريطاني (ONS)، فإن الأشخاص الذين لديهم البديل الجديد أكثر عرضة للإصابة بسعال مستمر، وإرهاق، والتهاب الحلق، وآلام العضلات.
ما نسبة انتشار الفيروس المتحور؟
وأظهر مسح العدوى الذي أجراه مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، أنه من بين الحالات الإيجابية ذات الحمل الفيروسي الكافي، وُجِد الجين المُتغيِّر لدى نحو 15% بإنجلترا في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني. وارتفع هذا إلى أكثر من 95% بحلول منتصف فبراير/شباط.
وهيمن هذا المُتغيِّر سريعاً خارج المملكة المتحدة، بعد ارتفاع عدد الإصابات به من 4% بالدنمارك في بداية العام إلى 75% في نهاية فبراير/شباط.
وتصدرت السلالات المُتحوِّرة الجديدة عناوين الأخبار، وضمن ذلك تلك التي رُصِدَت لأول مرة في جنوب إفريقيا والبرازيل. وتأتي المملكة المتحدة في طليعة الجهود المبذولة لتتبُّع المتغيرات الجديدة، وقد ساهمت بنحو نصف التسلسلات الجينومية المنشورة في سجل المعلومات الجينومية العالمي عن فيروس "سارس-كوف-2".
وتنتشر الطفرة البرازيلية الآن بأنحاء البرازيل وأعلن عنها في 24 دولة أخرى، حتى 3 مارس/آذار 2021.
كيف تعمل اللقاحات مع السلالات المتحورة من فيروس كورونا؟
يبدو أنَّ اللقاحات الحالية تعمل جيداً مع المُتغيِّر البريطاني. أما بالنسبة للقاحات الأخرى، فما زلنا ننتظر البيانات عن قدرتها على الحماية من الأمراض الشديدة. ويعرب الخبراء عن ثقتهم بإمكانية تكييف اللقاحات إذا لزم الأمر، ونأمل أنهم على حق.
ويُعتقد أنه بإمكان نسخة جنوب إفريقيا التي تسمى B.1.351، تفادي الأجسام المضادة، ما يحدُّ من فعالية بعض اللقاحات.
وبالفعل، أوقفت جنوب إفريقيا طرح لقاح أكسفورد-أسترازينيكا في الثلث الأول من شهر فبراير/شباط 2021؛ بعد ظهور نتائج مخيبة للآمال بشأن فعاليته ضد سلالة جديدة من فيروس كورونا.
وأظهرت دراسة أُجريت على نحو 2000 شخص، أنّ اللقاح وفّر "الحد الأدنى من الحماية" ضد الإصابات الخفيفة والمتوسطة بالنسخة الجنوب إفريقية من فيروس كورونا.
أما النسخة البرازيلية، فيبدو أنها شديدة العدوى وقد تستطيع مقاومة المناعة المكتسبة من إصابة سابقة، حسبما نقلت "بي بي سي" عن مختصين.
وتشير التجارب المعملية إلى أن الطفرة البرازيلية يمكن أن تُضعف التأثير الوقائي للقاح الصيني الذي يُستخدم الآن في البرازيل.