تركيا تصنع سفينة حربية تُبحر بدون بشر.. هل تكرر نجاحها في مجال الطائرات بدون طيار أم أن التجربة أصعب؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/16 الساعة 23:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/17 الساعة 21:54 بتوقيت غرينتش
توجه عسكري جديد نحو صنع زوارق وسفن غير مأهولة، في الصورة الزورق الأمريكي بدون قائد"Sea Hunter USV/ ويكيبيديا

أطلقت تركيا رسمياً أول زورق حربي بدون قائد "ULAQ"، مكلف بتنفيذ عمليات هجومية بحرية، في مؤشر على سعيها للاستفادة من نجاح تجربة طائراتها بدون طيار التي غيرت مسار الحروب في إدلب وليبيا والقوقاز لصنع أسطول من السفن والزوارق غير المأهولة.

وتأتي جهود بناء زورق حربي بدون قائد في إطار مساعي تركيا للتوسع في مجال المركبات العسكرية المسيرة آلياً، بعد أن ثبت أنها أكثر قابلية للاستخدام في الصراعات منخفضة الكثافة، كما أنها تجنب البلاد وقوع خسائر عسكرية بشرية خاصة في الصراعات التي تدعم فيها حلفاءها.

زورق حربي بدون قائد وقادر على إطلاق الصواريخ

وتم تطوير الزورق غير المأهول المجهز بخاصية القيادة الآلية بالكامل التي طورتها شركة ARES لبناء السفن التركية وMETEKSAN Defense، وقد خضع لتجارب بحرية مكثفة وهو جاهزة لاختبارات الصواريخ الموجهة.

تم إطلاق النموذج الأولي USV في أنطاليا، حيث يقع Ares Shipyard، وبدأت فترة مكثفة من التجارب البحرية.

وقالت الشركتان في بيان صحفي مشترك: "في مجال المركبات السطحية غير المأهولة نود أن نعلن أننا أطلقنا أول مركبة سطحية مسلحة بدون طيار من سلسلة ULAQ، وبدأنا فترة التجارب البحرية المكثفة".

وأضاف البيان أنه من الآن فصاعداً، هدفنا قصير المدى التالي هو إكمال التجارب البحرية بنجاح وإجراء اختبارات إطلاق الصواريخ الموجهة".

الزورق التركي بدون قائد ULAQ خلال عملية اختباره
الزورق التركي بدون قائد ULAQ خلال عملية اختباره

كان من المتوقع في البداية إطلاق المركبة البحرية في ديسمبر/كانون الأول 2020 مع تدشين أول إطلاق مباشر في أوائل عام 2021، وأقرت الشركات في بيانها بتأخير الإطلاق، لكنها أكدت أن عمليات إطلاق النار الحية المخطط لها ستتم وفقاً للجدول الزمني.

تم الإعلان عن برنامج ULAQ لأول مرة للجمهور في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وتم تمويل أعمال التطوير من قبل الشركتين منذ عام 2018. وتم الانتهاء من دراسات التصميم الرئيسية وتعريف المفهوم في 2018 و2019، على التوالي، مع بدء إنشاء النموذج الأولي في يونيو/حزيران 2020.

في تكوينه الحالي يبلغ طول الزورق التركي بدون قائد 11 متراً ويمكنه حمل حمولة تصل إلى 2000 كغم.

في مقطع فيديو تم نشره، يمكن رؤية زورق حربي بدون قائد مسلحاً بمجموعة متنوعة من الذخائر، بما في ذلك صاروخان مضادان للدبابات من طراز L-UMTAS وأربعة صواريخ من طراز Cirit من عيار 70 ملم مضادة للدبابات والأفراد، من صنع شركة Roketsan التركية لأنظمة الصواريخ.

من المقرر إجراء اختبارات إطلاق النار في نهاية الربع الأول من عام 2021.

ما هي المهام التي يستطيع القيام بها؟ وكيف يتم تسييره؟

وفقاً للتقارير تم بناء الزورق الحربي من مواد مركبة متطورة، ويمكن أن تصل سرعته إلى 65 كم /ساعة (35 عقدة)، ومجهز بأجهزة استشعار كهربائية بصرية، وأشعة تحت الحمراء لإجراء عمليات الاستطلاع والمراقبة.

وهذا الزورق الحربي بدون قائد مجهز أيضاً بـ"بنية تحتية للاتصالات المشفرة"، ويمكن استخدام الزورق لأدوار مختلفة مثل الحرب السطحية، وجمع المعلومات الاستخبارية، والمرافقة، وحماية البنية التحتية الاستراتيجية.

يمكن تشغيل الزورق من مركبات متحركة أو حاملات طائرات أو سفن قيادة، ويبلغ مداه 400 كيلومتر حالياً.

والأهم من ذلك يمكن أن يعمل بشكل مستقل مع وجود خوارزميات الذكاء الاصطناعي على أجهزة الكمبيوتر الموجودة على متنه.

سيتم تسليح الزورق الحربي التركي بدون قائد أيضاً بأنظمة حرب إلكترونية متقدمة مع مراعاة متطلبات الحرب المستقبلية والاحتياجات التشغيلية المتنوعة.

سيكون الزورق قادراً على التنسيق مع السفن الأخرى القريبة والقوات التكميلية مثل الطائرات بدون طيار والمركبات الجوية الأخرى.

من الطائرة للدبابة وصولاً للسفينة.. لماذا يركز الجيش التركي على المركبات غير المأهولة؟

إلى جانب الطائرات بدون طيار والدبابات بدون طيار، تستطيع السفن والزوارق غير المأهولة أن تزيد بشكل كبير من قدرات الكشف والمراقبة لأي قوة بحرية، حيث أثبتت أنها أكثر ذكاءً وأقل عرضة للأخطاء في اكتشاف حركة العدو.

ستساعد مثل هذه السفن والزوارق غير المأهولة أيضاً في توفير الحراسة للسفن الأكبر أثناء التنقل عبر المناطق المعرضة للقرصنة. يمكنها أيضاً تقديم دعم كبير للحرب المضادة للغواصات.

ويشهد العالم اتجاهاً نحو مجال السفن والزوارق غير المأهولة ضمن الثورة في إنتاج وتوظيف الآليات العسكرية المسيرة آلياً.

على سبيل المثال، تقوم الولايات المتحدة بتطوير "Sea Hunter" USV كجزء من برنامج السفن والزوارق غير المأهولة (ACTUV) المضادة للغواصات.

تركيا حققت تقدماً كبيراً في مجال الطائرات بدون طيار
تركيا حققت تقدماً كبيراً في مجال الطائرات بدون طيار

وتبدو الحكومة التركية والقادة العسكريون مصممين على تعزيز عدد كبير من برامج المركبات غير المأهولة، بما فيها السفن والزوارق غير المأهولة على أمل أن تكون هذه الأنظمة المحلية بمثابة العمود الفقري للعمليات المستقبلية.

يقول مسؤولون ومحللون إن التهديدات المتزايدة غير المتكافئة على جانبي الحدود السورية والعراقية لتركيا قد حثت مسؤولي الجيش والمشتريات والصناعة في البلاد على تكثيف الجهود لتعزيز برامج الطائرات بدون طيار الحالية، أو إطلاق برامج جديدة.

قال إسماعيل دمير، رئيس هيئة المشتريات الدفاعية التركي، في مؤتمر حول التقنيات الروبوتية وغير المأهولة: "إن الجيل الجديد من المركبات غير المأهولة البرية والبحرية والجوية- سيعزز الترسانة العسكرية، والقدرات الاستراتيجية التركية من خلال تزويد الجيش التركي بالصور الاستخبارية والدعم الناري ونقل الذخيرة".

وقال مسؤول عسكري كبير: "ستوفر لنا هذه المركبات المسيرة آلياً أيضاً تكاليف إنتاج وتشغيل وصيانة أقل". "والأهم من ذلك نحن نهدف إلى تقليل الخسائر البشرية في العمليات".

"يعكس التحول النموذجي لصالح الأنظمة غير المأهولة دافعين أساسيين: الميل العام للجيش التركي لمواكبة أحدث التقنيات المتاحة، ووجود تهديدات غير متكافئة بشكل متزايد"، وفقاً لأوزغور إكسي، المحلل العسكري.

 وقال إكسي: "إن تصورات تركيا للتهديدات الأمنية في العقد الماضي قد تحولت بشكل واضح من النظرة التقليدية إلى الوضع في الاعتبار المعارك غير المتكافئة، النظرة الجديدة أدت إلى تحول مفاهيمي إلى جانب التغيير التكنولوجي عبر تعزيز استخدام وصنع في الأنظمة غير المأهولة".

وأضاف: "يكرس الجيش التركي الآن المزيد من الوقت والموارد لتكامل الأنظمة وأنظمة القيادة والتحكم التي تتضمن أنظمة غير مأهولة لضمان مفهوم انتشار عسكري جديد، بينما كان في الماضي أكثر اهتماماً بنشر القوات والأنظمة التقليدية".

يتمثل أحد جوانب زيادة انتشار المركبات غير المأهول في استخدام القوات الخاصة. 

ينقل موقع Defense News عن أحد ضباط الدرك التركي قوله إن: "الفكرة هي أنه أصبح يتم إجراء عمليات عسكرية دقيقة أكثر من ذي قبل، وهي نتيجة طبيعية للحرب غير المتكافئة". "يأتي هذا على عكس مفاهيم الحرب السابقة التي تتضمن تحركات للقوات الضخمة في عمليات عبر الحدود".

وقال أحد مسؤولين الأترام في مجال المشتريات العسكرية المطلعين على الأنظمة غير المأهولة إنه تماشياً مع توافر طائرات بدون طيار مختلفة، فإن العمل على التكامل والاتصالات سيكتسب أهمية خاصة.

وتابع: "إن نجاح العديد من الأنظمة غير المأهولة سيعتمد على مدى نجاح هذه الأنظمة في التواصل مع بعضها البعض وكذلك مع مراكز القيادة والتحكم والأنظمة المأهولة". "هذا مجال نشجع فيه شركات البرمجيات المحلية على تكريس المزيد من وقتهم".

وأقر المسؤولون الأتراك بأن برنامجاً محدداً بدون لمركبة غير مأهولة- وهو برنامج الدبابة التي يتم تشغيلها عن بُعد- "يبدو أنه يمثل مهمة صعبة ومعقدة للغاية". لكنهم قالوا إن "هناك عدداً من الشركات المحلية التي لديها التكنولوجيا لتحقيق هذا الطموح"، وأضافوا" "نعتقد أنه يمكننا توجيه الدبابات غير المأهولة عن طريق الاتصال بالأقمار الصناعية".

هل تنجح تركيا في مجال السفن والزوارق غير المأهولة؟

قد يكون لدى تركيا ميزة نسبية في مجال السفن والزوارق الحربية غير المأهولة لسببين.

الأول أن تركيا حققت نجاحاً كبيراً في أنظمة وبرامج التسيير الآلي عبر تجربتها في مجال الطائرات بدون طيار، وتراكم لديها خبرات في هذا الشأن.

وفي الأغلب البرمجيات في الطائرات المسيرة ستكون مشابهة للسفن والزوارق الحربية غير المأهولة، بل قد تكون برمجيات الطائرات المسيرة أصعب حتى من الزوارق لحاجتها لسرعة الحركة ورد الفعل.

النقطة الثانية أن تركيا دولة ناجحة في مجال صناعة السفن عامة، وخاصة القطع العسكرية البحرية التي تعتبر من أكثر مجالات الصناعات الدفاعية التركية نجاحاً.

وبالتالي فالدمج بين هذين النجاحين يوفر فرصة كبيرة لتحقيق تقدم في مجال السفن والزوارق غير المأهولة.

وفي ذات الوقت يمثل النجاح المحتمل في مجال السفن والزوارق غير المأهولة أهمية بالغة لتركيا التي يعد الخلاف البحري بينها وبين اليونان واحداً من أكثر مشكلاتها تعقيداً.

ومن شأن توفر السفن والزوارق الحربية غير المأهولة أن يمثل فرصة لتعزيز موقف تركيا في أي توتر مع اليونان مع تقليل احتمالات تصعيده، خاصة أن عدم سقوط خسائر بشرية في معارك الآليات المسيرة يمثل نقطة قوة لصالح أنقرة ويقلل المخاطر وفرص تصعيد النزاع جراء ضعف احتمالات سقوط خسائر بشرية.

تحميل المزيد