سيُذكَر اختراع لقاحات كورونا باعتباره معلماً طبياً في التاريخ، لكن العديد من العلماء يبحثون أيضاً عن لقاحٍ يمكن أن يعمل ضد جميع سلالات فيروس كورونا القديمة والحديثة.
ويقول تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية، إن الباحثين بدأوا في تطوير نماذج أوَّلية لما يُعرَف بـ"لقاح عموم فيروسات كورونا"، مع ظهور بعض النتائج المبكِّرة الواعدة. ويعتقد إريك توبول، أستاذ الطب الجزيئي بمعهد سكريبس للأبحاث في سان دييغو، أن العلماء يجب أن ينضموا معاً في مشروعٍ كبيرٍ آخر لابتكار اللقاح.
وقال الدكتور توبول للصحيفة: "علينا الحصول على قوة عمل حقيقية لتسريع هذا الأمر حتى نتمكَّن من الحصول عليه هذا العام". ودعا هو ودينيس بيرتون، عالم المناعة في معهد سكريبس، إلى هذا المشروع بشأن لقاحات فيروس كورونا واسعة النطاق يوم الاثنين الماضي، 8 فبراير/شباط، في مجلة Nature العلمية.
"نهج الدواء الواحد" لمواجهة سلالات كورونا
حين اكتُشِفَت فيروسات كورونا لأول مرة في الستينيات من القرن الماضي، لم تصبح ذات أولويةٍ قصوى لصانعي اللقاحات، ولكن في عام 2002، ظهر فيروس سارس، الذي يتسبَّب في التهابٍ رئوي فتَّاك.
وأصبح خطر فيروسات كورونا أوضح في عام 2012، حين تسرَّبَ نوعٌ آخر من الخفافيش، ما تسبَّب في مرضٍ تنفُّسيٍّ قاتل آخر، وهو ميرس. تساءل بعض الباحثين ما إذا كان من الحكمة حقاً صنع لقاحٍ جديد لكلِّ فيروسات كورونا -مِمَّا يسميه الدكتور كايفون مودجاراد، مدير فرع الأمراض المعدية الناشئة في معهد والتر ريد العسكري للأبحاث بولاية ماريلاند الأمريكية، "نهج الدواء الواحد".
ألن يكون من الأفضل، كما اعتقدوا، إذا كان لقاحٌ واحد يمكن أن يقهر سارس وميرس وأيَّ فيروس كورونا آخر؟
سلالات كورونا أصبحت الأكثر أولوية والأخطر في العالم
في عام 2016، تقدَّمَت ماريا إيلينا بوتازي، عالمة الفيروسات في كلية بايلور للطب، وزملاؤها بطلبٍ للحصول على دعمٍ من الحكومة الأمريكية لتطوير لقاحٍ ضد عموم فيروسات كورونا، لكنهم لم يتلقوا ما طلبوه. وتستدعي الدكتورة ماريا ذلك الوقت، قائلةً: "قالوا إنه ليس هناك اهتمامٌ كبير بعموم فيروسات كورونا".
وبعد ثلاث سنوات، ظهر فيروس كورونا ثالث خطير، وهو السلالة التي تتسبَّب في مرض كوفيد-19.
كلُّ الدروس التي تعلَّمها الباحثون عن فيروسات كورونا ساعدتهم على التحرُّك بسرعة لصنع لقاحاتٍ جديدة. لن تنتهي جائحة كوفيد-19 في وقتٍ قريب، لكن عدداً من الخبراء يدعون إلى استعداداتٍ لفيروس كورونا قاتل قادم.
وقال دانيال هوفت، عالم الفيروسات بجامعة سانت لويس الأمريكية: "لقد حدث هذا بالفعل ثلاث مرات، ومن المُرجَّح بشدة أن يحدث مرة أخرى".
التجارب السريرية لـ"اللقاح الجامع" ستبدأ الشهر المقبل
واتَّخَذَ الباحثون في شركة VBI للقاحات، وهي شركة مقرها كامبريدج، خطوةً نحو ابتكار لقاحٍ ضد عموم فيروسات كورونا الصيف الماضي.
وفي الشهر الماضي، يناير/كانون الثاني، نشرت باميلا بجوركمان، عالمة الأحياء الهيكلية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وزملاؤها تجربةً أشمل مع لقاحٍ جامع لفيروسات كورونا في مجلة Science.
وتقود الدكتورة بجوركمان فريقاً يطوِّر لقاحاً آخر لعموم فيروسات كورونا، ويُتوقَّع أن تبدأ تجاربه السريرية الشهر المقبل مارس/آذار.
السلالات الجديدة ستجتاح العالم إذا لم يتم مواجهتها
في السياق، أطلقت مديرة مجمع دراسات الجينوم المعني بمرض كوفيد-19 في بريطانيا، الخميس 11 فبراير/شباط 2021، تحذيراً، مفاده أن السلالة البريطانية من كورونا التي اكتشفت لأول مرة في مقاطعة كنت البريطانية ستنتشر على الأرجح في أنحاء العالم.
هذا التحذير يأتي في وقت تنتشر فيه العديد من سلالات كورونا في العديد من دول العالم، حيث حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن الأدلة المبكرة تشير إلى أن السلالة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا التي ظهرت في المملكة المتحدة قد تكون أكثر فتكاً.
وقالت شارون بيكوك لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن السلالة البريطانية كانت "اجتاحت البلد، ومن المرجح أن تجتاح العالم". لكن التصريح الأكثر أهمية لبيكوك، هو قولها إن مكافحة الفيروس "ستستمر 10 أعوام على الأقل".
كما أضافت: "عندما ننتصر على (الفيروس) أو يتحور بنفسه ويصبح غير خبيث، أي لا يسبب المرض، يمكن أن نكف عن القلق بشأنه. لكن بالنظر للمستقبل أعتقد أننا سنواصل هذا لأعوام. سنواصل هذا لعشرة أعوام مقبلة في رأيي".