قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن تحقيقات يجريها جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" والشرطة في صفقات بيع مزعومة لتكنولوجيا عسكرية إلى دولة آسيوية، لم يُكشف عن اسمها حتى الآن، قد تتصاعد خلال الفترة المقبلة لتصبح القضية إحدى أخطر القضايا الأمنية في الذاكرة الحديثة.
وكان القلق قد تملّك بعض مسؤولي وزارة الدفاع الإسرائيلية من احتمال أن يكون للقضية عواقب بعيدة المدى تمسّ عدداً كبيراً من الشخصيات، علاوة على تداعيات استخباراتية وتكنولوجية أخرى محتملة مما يعد "ورطة" لتل أبيب.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القضية قد يكون لها أيضاً تداعيات على العلاقات الدفاعية بين إسرائيل والولايات المتحدة، لا سيما بعد تولي الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي لديها بالفعل شكوك جمة حيال إسرائيل.
وتلفت الصحيفة إلى أن القضية ستلقي بظلال لم يكن ثمة أي داعٍ لها على العلاقات مع واشنطن، التي تلقت تقارير مختصرة بشأن القضية وتفاصيلها.
وبحسب الصحيفة فإن هذا البلد الآسيوي المجهول حتى الآن، بعد وضع اسمه تحت أمر حظر النشر، ليس عدواً لإسرائيل. أي إنه ليس إيران مثلاً. لكن المتداول أن علاقات إسرائيل الاقتصادية معها جاءت محملة بالقلق لسنوات، سواء بسبب المخاوف من إغضاب دول أخرى أو بسبب المخاطر المتعلقة بوقوع الخبرات المنقولة إلى تلك الدولة في الأيدي الخطأ أو احتمال استخدامها في التجسس الصناعي على إسرائيل.
قلق إسرائيلي من هذا التصرف
وهذا أحد الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى تشديد الرقابة على الصفقات الأمنية التي تعقدها شركاتها مع دول في آسيا.
وكشفت الصحيفة أن أكثر من 20 إسرائيلياً قد استُجوبوا حتى الآن فيما يتعلق بهذه القضية. ويبدو أن بعضهم كان معروفاً لدى الشرطة والشاباك من تحقيقات سابقة.
من جهة أخرى، يشتبه في قيام هؤلاء المدنيين، ومنهم موظفون سابقون في قطاع الدفاع، بإجراء تجارب مقدمة فيما يتعلق تطوير "صواريخ التسكع"، وهي سلاح هجومي ما ينفك يحتل مكانة بارزة في طليعة التكنولوجيا العسكرية.
ويُرجع مقال الصحيفة مخاوف المحققين من القضية إلى عدة جوانب.
أولاً: يمكن للتكنولوجيا المهربة بطريقة غير قانونية من إسرائيل إلى الدولة الآسيوية أن تشق طريقها إلى دول معادية لتل أبيب.
ثانياً: القضية متورط فيها عدد غير قليل من موظفي وزارة الدفاع السابقين، وفيهم مسؤولون كانوا في مناصب عسكرية عليا.
ثالثاً: من الواضح أن هؤلاء لم يكونوا أفراداً ساذجين ارتكبوا خطأ عن غير عمد، بل كانوا على دراية جيدة بقواعد الصادرات الدفاعية وحقيقة أن إسرائيل لم تأذن بعقد تلك الصفقات.
رابعاً: تضمنت عمليات البيع تبادل مبالغ طائلة بلغ مجموعها ملايين الدولارات.
خامساً، وربما الأشد خطورة على الإطلاق، أُجريت العديد من المحاولات لإخفاء تلك المبيعات باستخدام وسطاء وتحويلات مالية معقدة ترمي إلى تجاوز السلطات الإسرائيلية ورقابتها.
ومع ذلك، فليست هذه المرة الأولى في السنوات الأخيرة التي تُثار فيها شكوك مماثلة. فمنذ قرابة العام فقط، تم التحقيق في قضية مماثلة تتعلق بصفقات تصدير دفاعية ذات نطاق أصغر. وقد يكون هناك، في واقع الأمر، صلة بين تلك الحوادث. ومن ثم، سيتعيّن على الجيش الإسرائيلي، إلى جانب القضاء، التعامل مع الشكوك الجديدة بدقة من أجل البحث عن الحقيقة وتقديم الجناة إلى العدالة.
أسلحة إسرائيل للصين!
ما تقوم به إسرائيل في بعض الأوقات يثير حفيظة واشنطن والتي أجبرتها قبل عدة أعوام على وقف بيع سلاحها إلى الصين
ورضخت إسرائيل لضغوط أمريكية لإلغاء بيع أسلحة للصين فضلاً عن التزامها بفرض قيود على جميع صادراتها من الأسلحة.
وأبدت الولايات المتحدة انزعاجها من بيع إسرائيل طائرات هجومية بلا طيار "هاربي" وتكنولوجيا متقدمة أخرى للصين ترى واشنطن أنها قد تخل بالتوازن العسكري في المنطقة.
كما وافقت إسرائيل أيضاً على طلب أمريكي بفرض قيود على تصدير الأسلحة التقليدية والتكنولوجية ذات الاستخدام المزدوج تشمل 34 دولة في عام 2005.
وفي الختام، ربما يكون الأهم من كل ذلك، أن على إسرائيل أن تتصرف بشفافية تامة تجاه شركائها في واشنطن. وسيكون ذلك ضرورياً من جهة إسرائيل، لمنع تراكم الأمور السلبية وإفساد العلاقات العسكرية بين البلدين، خاصة أن هناك تحقيقات سابقة مماثلة كانت قد أثارت غضب إدارات أمريكية سابقة.