سلاح واشنطن الأكثر فعالية.. قصة القوة الفضائية التي تهاجم بها أمريكا خصومها دون إعلان حرب

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/07 الساعة 21:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/07 الساعة 21:49 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية/رويترز

يبدو الحديث عن القوة الفضائية الأمريكية ضرباً من التصورات الحالمة أو السيناريوهات المستقبلية، ولكن الواقع أن هذه القوة أصبحت إحدى أدوات الهيمنة الأمريكية.

ومن المرجح أن أهمية القوة الفضائية الأمريكية ستزداد في عهد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

فلقد صرح المتحدث الصحفي للبيت الأبيض جين بساكي بشكل حماسي بأن القوة الفضائية الأمريكية "تحظى بالدعم الكامل من إدارة بايدن".. كما غرد بساكي بدعوة إلى أعضاء فريق القوة الفضائية الأمريكية "لزيارتنا في غرفة الإحاطة في أي وقت لمشاركة تحديث عن عملهم المهم".  

يفترض أن القوة الفضائية الأمريكية تمثل جزءاً مهماً من  الرؤية التطلعية التي حددها بايدن والتي تتضمن إجراء "الاستثمارات اللازمة لتجهيز القوات الأمريكية لتحديات هذا القرن، وليس القرن الماضي".

يرى تقرير لمجلة The National interest الأمريكية أن القوة الفضائية التي تمثل أحد أفرع القوات المسلحة الأمريكية تعد أداة رئيسية للقيادة التكنولوجية والدبلوماسية الأمريكية.

القوة الفضائية الأمريكية تساعد على مكافحة الوباء

الأمر لا يتعلق بالمستقبل بل بالحاضر، إذ أصبحت القوة الفضائية الأمريكية أداة مهمة في الهيمنة الأمريكية والصراع مع المنافسين. 

على الرغم من أن قوة الفضاء الأمريكية لا تزال في مهدها، إلا أنها تقدم مزايا حالية وتقوم بمهمات شديدة الأهمية.

في حين أن القوة الفضائية الأمريكية صغيرة، تضم بضعة آلاف فقط من الأعضاء، فإن ميزانيتها تدعم ما يقرب من 180 ألف وظيفة.  

ربما تكون مساهمات القوة الفضائية الأمريكية محسوسة على الفور فيما يتعلق بالوباء العالمي الحالي.  

فبينما يبدأ الجيش الأمريكي النشر السريع للقاحات فيروس كورونا، فإن القوة الفضائية الأمريكية هي التي توفر العمود الفقري للاتصالات الآمنة لهذا الجهد.  عبر طيف الاستجابات الحكومية لفيروس كورونا، كانت قدرات القوة الفضائية هي التي دعمت هذا النهج الحكومي بأكمله.

هناك مساهمات ضرورية للقوة الفضائية الأمريكية، لكنها غالباً ما تكون غير مرئية. 

وهي تتراوح بين توفير عرض نطاق ترددي إضافي للطوارئ لدعم سفينة المستشفى التابع للبحرية الأمريكية والذي يضم ألف سرير.

وتستطيع معرفة أماكن كل هؤلاء الناس 

ولكن أهم الخدمات التي تقدمها القوة الفضائية الأمريكية هي تمكين الجهود المتطورة في تتبع جهات الاتصال عبر نظام GPS التابع لها.

وتعد هذه الخدمة أداة فعالة جداً في تعزيز النفوذ الأمريكي.

إذ تتيح مجموعة GPS التابعة للقوة الفضائية الأمريكية الزراعة الدقيقة للطعام والملاحة للطائرات، وخدمات تحديد المواقع على الهواتف والسيارات، وتوقيت البنوك وأجهزة الصراف الآلي.  

في الواقع تشير التقديرات إلى أن خدمات GPS التي تديرها القوة الفضائية الأمريكية تضيف ما يصل إلى مليار دولار يومياً من الفوائد الاقتصادية إلى الاقتصاد الأمريكي.

من المحتمل جداً أن تكون القوة الفضائية الأمريكية هي الخدمة العسكرية الوحيدة التي تقدم عائداً إيجابياً لا لبس فيه على الاستثمار.  

وهي تفعل ذلك بتكلفة منخفضة، ميزانية القوة الفضائية الأمريكية، التي تقل عن عُشر ميزانية القوات الجوية، ولا حتى 2% من ميزانية وزارة الدفاع بأكملها، تدفع كامل مخصصاتها السنوية في ستة عشر يوماً فقط من تشغيل GPS.  

القوة الفضائية الأمريكية
فحوصات أولية على مركبة الاختبار المدارية X-37B في قاعدة فاندنبرغ الجوية/رويترز

ولا ينتبه أغلبنا إلى أن هذه الخدمة التي أصبحت جزءاً من الحياة اليومية تابعة للجيش الأمريكي.

يوفر هذا نفوذاً هائلاً لأمريكا التي تستطيع قطع خدمة الـGPS عن أي دولة أو جهة أو مهمة لا ترضى عنها، على سبيل المثال تستطيع تعطيل غارات الطائرات بدون طيار التي تعتمد على خدمة GPS لتحديد مواقع أهدافها.

كما تعد هذه الخدمة في الوقت الحالي أحد المجالات التي تشهد منافسة من خصوم أمريكا، حيث قدم الروس نظاماً منافساً هو غلوناس، إضافة إلى نظام بايدو الصيني الذي يزداد انتشاراً بشكل كبير، بشكل يؤدي إلى تراجع هيمنة نظام تحديد المواقع العالمي "GPS" الأمريكي، فهناك عواصم 165 دولة من إجمالي 195 دولة يتم رصدها بشكل متكرر بواسطة أقمار "BeiDou" الصناعية الصينية أكثر من أقمار "GPS" الأمريكية، حسبما تُظهر البيانات من شركة Trimble الأمريكية لأجهزة استقبال الأقمار الصناعية.

الطريق إلى المستقبل

تمثل القوة الفضائية محركاً لصناعات المستقبل، في ظل تنافس أمريكي صيني روسي في هذا المجال. 

وفي هذا الإطار تستثمر القوة الفضائية الأمريكية ما يقرب من 10.3 مليار دولار من البحث والتطوير في صناعة الفضاء، من عمالقة الصناعة مثل SpaceX وULA وBlue Origin إلى الشركات الناشئة الصغيرة ذات الأحلام الكبيرة.

 استثمارات البحث والتطوير تمثل الأساس في التقدم الذي تحقق في مجال الأقمار الصناعية المستخدمة في العديد من الحقول المهمة في الحاضر والمستقبل، أبرزها مراقبة المناخ، والتحذير من الأعاصير ، والزراعة الدقيقة، والنطاق العريض للمجتمعات الريفية المحرومة.

وقامت بالفعل بتأمين شراكات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتجنيد الشراكات، والمنح الدراسية مع الكليات والجامعات التاريخية للسود. 

الصراع مع الصين على الطاقة الشمسية

تلعب القوة الفضائية دوراً مهماً أيضاً في مواجهة خصوم أمريكا، وهو أمر يتوقع أنه تركز عليه إدارة بايدن.

إذ تحافظ استثمارات القوة الفضائية الأمريكية على التكافؤ مع أهداف الصين الطموحة للطاقة الشمسية المستمدة من الفضاء، وهي تقنية طاقة متجددة يمكن أن تتسع لتلبية الطلب العالمي للطاقة وتساعد على تحقيق وصول الانبعاثات إلى الصفر. 

في الواقع يمكن أن تؤدي مشاريع مثل X-37 PRAM-FX وبرنامج عرض الطاقة الشمسية الفضائية (SSPIDR) إلى نظام طاقة يتجاوز الأحفوري أو النووي.

ومشروع "SSPIDR" عبارة عن سلسلة من العروض التوضيحية المتكاملة وجهود لإنضاج التكنولوجيا في مختبر أبحاث القوات الجوية الأمريكية بهدف العمل على جمع الطاقة الفضائية والتوصل إلى ق درات لإرسالها من الفضاء إلى الأرض.

أما مشروع  X-37 PRAM-FX، فهو نظام تحمل فيه طائرة فضائية غير مأهولة تشبه مكوك الفضاء، جهازاً يحول الطاقة الشمسية إلى موجات دقيقة يمكن بثها إلى الأرض لتوفير طاقة خالية من الانبعاثات. 

وتقول المجلة الأمريكية إن القوة الفضائية الأمريكية ستكون بمثابة عامل تمكين حاسم في المجال العسكري، سواء كان التحدي هو الصين أم روسيا أو إيران  أو كوريا الشمالية (وهي الدول التي تعطي اهتماماً كبيراً بأنشطة الفضاء ومنها الصواريخ).

إذ إن القوة الفضائية هي التي تمتلك مفاتيح التحقق والتحذير وقيادة القوات الأمريكية على مسافة بعيدة للتحركات العسكرية لهؤلاء الخصوم. 

وفي الوقت الحالي باتت للأنشطة التجسسية للأقمار الصناعية أهمية بالغة في العمليات العسكرية. 

ومن الواضح أن القوة الفضائية الأمريكية يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز نفوذ أمريكا على حلفائها أيضاً.

إذ تدير بالفعل مركز عمليات فضائية مشتركة مع أقرب حلفاء أمريكا.  بالإضافة إلى ذلك، تعمل الخدمة الناشئة على تطوير الشراكات الدولية والعلاقات مع التدريبات السنوية التي تشمل أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان ونيوزيلندا والمملكة المتحدة.

تحميل المزيد