كشفت تقارير، يوم الأربعاء 3 فبراير/شباط 2021، أنَّ إيران أطلقت مؤخراً صاروخاً جديداً يحمل قمراً صناعياً. وأفادت مجلة Forbes بأنَّ هذا الصاروخ يستطيع حمل رأس نووي حربي، بينما لفتت وسائل إعلامية أخرى إلى أنَّ إطلاق الصاروخ تزامن مع مناقشة إدارة بايدن الجديدة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، أو الاتفاق النووي الإيراني. فما أهمية هذا الحدث؟
"ذو الجناح".. صاروخ إيران الأقوى، ورسائل لواشنطن وتل أبيب
يكتسب إطلاق الصاروخ الجديد أهميةً على عدة أصعدة؛ كونه يبعث إلى الولايات المتحدة إشارات على قوة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وربما يهدد إسرائيل أيضاً.
ويقول تال عنبار، المحلل المستقل في الصواريخ والفضاء والمركبات الجوية بدون طيار، الذي يغطي الكثير من مستجدات التكنولوجيا الصاروخية الإيرانية، لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية: "هذا تطور مهم، إيران استحدثت مركبة إطلاق جديدة تماماً". وأضاف: "علمنا بشأنها منذ ما يزيد على عام من مصادر إيرانية، وأُطلِقَت بدون قمر صناعي على سبيل التجربة، وهي منصة إطلاق ثلاثية".
وأخذ اسم الصاروخ الجديد بعداً دينياً لدى الإيرانيين، إذ سميّ "ذو الجناح"، نسبة إلى اسم حصان الإمام الحسين بن علي، إذ سُمِّي بهذا الاسم لسرعته، وتقول الروايات الشيعية إنه "عندما سقط الحسين على الأرض ذبّ هذا الفرس عنه، وهاجم الأعداء وقتل جماعة منهم".
وبالعودة إلى الصاروخ، فإن المثير للاهتمام هو أنَّ المرحلتين الأولى والثانية منه تستخدمان الوقود الصلب، ويبلغ قُطرَاهما 1.5 متر، وهذا هو أكبر صاروخ صلب في ترسانة إيران، كما أنه قادر على حمل قمر صناعي يزن 220 كيلوغراماً.
صاروخ إيراني جديد في خضم نقاش العودة للاتفاق النووي
يأتي ذلك وسط كل التغطية الصحفية للتهديدات الإيرانية الإسرائيلية، والنقاش حول عودة واشنطن إلى الصفقة الإيرانية، حيث لا تزال واشنطن مترددة في الموافقة على المطالبة الإيرانية. في حين تلوح إسرائيل لإيران بشن هجمة على مشروعها النووي، ويحذر رئيس أركان جيشها الإدارة الأمريكية من العودة للاتفاق النووي.
فعلى نحو غير معتاد من قائد لأركان الجيش الإسرائيلي، حذر أفيف كوخافي، يوم الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني 2021، من أن الجيش الإسرائيلي أعد خططاً هجومية محتملة على إيران، بهدف إحباط محاولاتها للاقتراب من قنبلة نووية، محذراً أن "أي عودة أمريكية إلى الاتفاق النووي مع طهران ستكون "خطأ"، حسب تعبيره.
وحملت هذه التصريحات "غير المسبوقة" تحذيرات واضحة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليخطو بحذر في أي مشاركة دبلوماسية مع إيران، حيث يقول كوخافي إن "العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، أو حتى عقد اتفاق جديد مع بعض الشروط، هو أمر خاطئ وسيئ من وجهة نظر استراتيجية إسرائيلية، وإنه بدلاً من ذلك يجب تشديد العقوبات على إيران".
ما الجديد في صاروخ "ذو الجناح"؟
يقول عنبار حول الصاروخ الإيراني الجديد: "هذا ليس اختبار تحليق حقيقي لمركبة حمل أقمار صناعية فحسب، بل أيضاً رسالة إلى الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل بأنَّ تكنولوجيا تطوير الصواريخ الإيرانية غير قابلة للنقاش".
لكن السؤال الأهم هو ما إذا كانت لديها إمكانات مركبات إطلاق الأقمار الصناعية. وتساءل عنبار ما الذي يعنيه هذا بالنسبة للصواريخ الباليستية بعيدة المدى؟ وأشار إلى أنه ليس صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، لكن يمكنه إطلاق متفجرات قوية لمسافة عدة آلاف من الكيلومترات. واستخدام الصاروخ للوقود الصلب له أهمية أيضاً، لأنه يعني أنَّ الوقت اللازم لطرحه وإعداده للإطلاق ضئيل للغاية.
وهناك أسئلة حول أي نوع من "وحدة النقل والنصب والقذف" يمكن لهذه المنصة نقلها. واستعرضت إيران في الماضي أحجاماً مختلفة من هذه الوحدات.
وتمتلك إيران برنامجاً صاروخياً هائلاً، والعديد من الصواريخ طويلة المدى، والصواريخ الدقيقة التي تشمل "شهاب 3″ و"سجيل" و"غدر" و"فاتح 110″ و"قيام". واستعرضت إيران لأول مرة بعض التصورات الرسمية لمركبات الإطلاق المستقبلية التي ستكون أكبر وأثقل بكثير.
إيران أصبحت أكثر تقدماً في مجال نظم الدفع الصاروخية
بالإضافة إلى ذلك، صاغت الجمهورية الإسلامية خطة لإنتاج مركبة إطلاق قمر صناعي بوزن 2.5 طن، حسبما يقول عنبار. وأطلقت إيران قمراً صناعياً عسكرياً العام الماضي، وربما تحاول إطلاق آخر في المدار الأرضي الجغرافي التزامني.
وتابع عنبار: "سيتعين علينا الانتظار ورؤية الاتجاهات المستقبلية؛ لأن إيران أصبحت مثلاً أكثر تقدماً في مجال نظم الدفع الصاروخية التي تعمل بالوقود الصلب، وفوهات محركات الصواريخ المتحركة والقابلة للتوجيه، والمواد المُركَّبة".
مشيراً إلى أنَّ الولايات المتحدة لم تذكر الاختبار الأخير، وأثار مقارنة بين هذا والطريقة التي تنتقد بها الولايات المتحدة غالباً تجارب الصواريخ الرئيسية في كوريا الشمالية. ويشاع أنَّ كوريا الشمالية تعمل مع إيران في مجال تكنولوجيا الصواريخ، وقد كشفت مؤخراً عن صواريخها الضخمة.
وهناك مسألة أخرى ذات أهمية تتمثل في الانتباه لمن يجري مثل هذه الاختبارات في إيران. ففي الماضي، كان للحرس الثوري الإيراني في الماضي دورٌ رئيسي فيها، لكن وكالة الفضاء شاركت في الاختبار الأخير. وفي العام الماضي، أُجرِيَت تجربة ضخمة شملت صاروخاً يعمل بالوقودين الصلب والسائل. وقبل عدة أسابيع، أجرت إيران أيضاً مناورات عسكرية باسم "النبي العظيم" شهدت إطلاق عدد من الصواريخ.
ما أهمية الوقود الصلب أو السائل في هذه الصواريخ؟
يقول عنبار: "صرنا نرى اليوم انتقال الصواريخ متوسطة المدى في كوريا الشمالية من السائل إلى الصلب بسبب المزايا التشغيلية؛ إذ يمكنك إطلاقها وشن هجمات مفاجئة دون تحضير، وبالتالي فإنَّ الاتجاه السائد حالياً هو الاعتماد على نوعي الوقود، وفقاً للغرض من الصاروخ".
وعلى سبيل المثال، الجيل الجديد من الصواريخ الصينية يعتمد على قوة دفع المحركات بالوقود الصلب، لكن لا يزال علينا الانتظار لمعرفة ما الذي سيجلبه برنامج الصواريخ الإيراني تالياً.