تطعيم الجميع ليس ضرورياً.. كم عدد الأشخاص المطلوب إعطاؤهم لقاحات كورونا من أجل السيطرة على الجائحة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/01/09 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/09 الساعة 14:44 بتوقيت غرينتش
صورة توضيحية - رويترز

أصبح واضحاً منذ مدة، داخل الولايات المتحدة على الأقل، أن اللقاح هو السبيل الوحيد للخروج من أزمة جائحة فيروس كورونا. وتجري الآن بالفعل عمليات نشر سريعة للقاحات فيروس كورونا، ولكن السؤال هو: كم عدد الأشخاص المطلوب تطعيمهم من أجل السيطرة على هذه الجائحة؟

ما معدلات التطعيم المطلوبة للسيطرة على كورونا؟

في تقرير لها، تقول مجلة National Interest الأمريكية، إنه استخدمت البيانات والنماذج الحاسوبية من قبل للإجابة على التساؤلات وتتبع جائحة كوفيد-19 للمساعدة في توقع عدد المصابين الذين سوف يحتاجون إلى مستشفيات. ويمكن استخدام تلك النماذج الحاسوبية أيضاً لحساب معدلات التطعيم المطلوبة لكسر سلسلة انتقال العدوى. 

ووفقاً  للتقديرات الأولية، قد نحتاج إلى تطعيم حوالي 70% تقريباً من الشعب الأمريكي على سبيل المثال لوقف انتشار المرض. ولكن تظل هناك عوامل تجعل المشهد ضبابياً  مع حالة من عدم اليقين، مثل تفاوت سلوكيات الأفراد والمجتمعات في مختلف أنحاء البلاد، إلى جانب عدم معرفة إن كانت اللقاحات قادرة على منع العدوى تماماً أم الاكتفاء بمنع مرض الأشخاص الذين خضعوا للتطعيم.

كيفية كسر سلسلة انتقال عدوى كورونا

أظهرت التجارب السريرية أن من يتلقى لقاح فيروس كورونا لن تتطور لديه الأعراض الخطيرة لعدوى كوفيد-19، ولكنه قد يظل حاملاً  للفيروس. ولكن دعونا نفترض أيضاً أن الشخص الذي تلقّى اللقاح لن ينقل الفيروس إلى أشخاص آخرين، برغم عدم تيقن الباحثين من هذا الأمر حتى الآن.

في هذه الحالة الافتراضية، عند تطعيم عدد كافِ من الأفراد، لن يجد الفيروس أشخاصاً جدداً يمكنهم إصابتهم بالعدوى، وتبدأ الجائحة في التلاشي. وفي هذه الحالة لن يكون تطعيم الجميع مطلوباً، يكفي تطعيم عدد "معين" من الأشخاص لوقف انتشار الفيروس وخروجه عن السيطرة. 

ما هو "مستوى التطعيم الحاسم"؟

يُعرف عدد الأشخاص المطلوب تطعيمهم لوقف انتشار العدوى بـ"مستوى التطعيم الحاسم". وبمجرد وصول عدد الأفراد الحاصلين على اللقاح لهذا العدد، يكتسب المجتمع مناعة القطيع، التي تعد مهمة للغاية لحماية الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول على اللقاح.

يعتمد مستوى التطعيم الحاسم على مدى عدوى المرض ومدى فعالية اللقاح. وتُقاس درجة العدوى باستخدام عدد التكاثر الأساسي (R0)، وهو عدد الأشخاص الذين يصابون بالعدوى من شخص واحد مصاب بالعدوى في المتوسط إذا لم تُتخّذ أي تدابير وقائية.

كلما كان المرض معدياً  بشكل أكبر، زاد عدد الأشخاص المطلوب تطعيمهم للوصول إلى مناعة القطيع. وكلما زادت فعالية اللقاح، قل عدد الأشخاص المطلوب تطعيمهم.

لكن هذه القاعدة لا تنطبق في كل مكان

تختلف قيم عدد التكاثر الأساسي من مكان لآخر بسبب اختلاف سلوكيات الأفراد في المجتمع، لأن التواصل الاجتماعي في المناطق الحضرية ليس نفسه في المناطق الريفية، كما يختلف الأمر في المناخ الحار عن المناخ البارد.

ويصعب بشكل كبير تحديد قيمة عدد التكاثر الأساسي في الولايات المتحدة بالكامل بسبب تنوع المناخ واختلاف توقيت انتشار الفيروس في المناطق المختلفة، كما أن السلوكيات في المناطق المختلفة أبعد ما تكون عن التماثل.

وبينما تختلف قيم عدد التكاثر الأساسي حسب الموقع الجغرافي، تظل فعالية اللقاحات ثابتة ومعروفة؛ تبلغ فعالية لقاحي فايزر-بيونتيك ومودرنا في الوقاية من العدوى 95% و94.5%، على الترتيب.

باستخدام قيم فعالية اللقاح وعدد التكاثر الأساسي يمكننا حساب مستوى التطعيم الحاسم. في ولاية كونيتيكت، على سبيل المثال، تبلغ قيمة عدد التكاثر الأساسي 2.88، وبالتالي سنحتاج إلى تطعيم 69% من الأفراد هناك. وفي المقابل، متوسط عدد التكاثر الأساسي في الولايات المتحدة بالكامل 3، وهذا يعني تطعيم 70% من الشعب الأمريكي. وفي مدينة نيويورك، تصل تقديرات عدد التكاثر الأساسي إلى 4.26، وهذا يعني ضرورة تطعيم 80% من السكان.

لا تزال الكثير من الأمور بحاجة لإجابات

قد تبدو الحسابات بسيطة نسبياً، ولكن الأمور تصبح أكثر تعقيداً عند التفكير في بعض الأسئلة المهمة التي لم يجد لها علماء الأوبئة والباحثون إجابات حتى الآن.

أولاً تفترض معادلة مستوى التطعيم الحاسم أن الأشخاص يتفاعلون مع بعضهم بشكل عشوائي. ولكن على أرض الواقع، يتفاعل الأشخاص في إطار شبكات منظمة بناء على العمل أو السفر أو الصلات الاجتماعية. عند إدخال أنماط التفاعل بهذه الطريقة إلى المعادلة، يجد بعض الباحثين أن قيم مستويات التطعيم الحاسمة تصبح أقل بشكل كبير مقارنة بأنماط التفاعل العشوائية.

وللأسف، هناك بعض العوامل الأخرى التي قد يكون لها تأثير عكسي. أظهرت التجارب السريرية للقاحات أن من يتلقى التطعيم لن تتطور لديه أعراض خطيرة، ولن يظل من غير المعروف إن كانت اللقاحات تمنع الأفراد من الإصابة بعدوى خفيفة تسمح بنقل العدوى إلى الآخرين. إذا كان من يتلقون التطعيم لا يزالون قادرين على تمرير العدوى إلى الآخرين، لن توفر اللقاحات "مناعة القطيع" المطلوبة، ولكنها ستظل مفيدة في الحد من أعراض الخطيرة ومعدلات الوفاة بشكل كبير.

وهناك سؤال أخير مهم بحاجة إلى إجابة: متى ستستمر المناعة ضد فيروس كورونا بعد تلقي التطعيم؟ إذا كانت المناعة ستتلاشى بعد أشهر قليلة، فهذا يعني أن الفرد سيحتاج إلى جرعات متكررة من اللقاح بانتظام.

من الصعب تحديد عدد الأشخاص المطلوب تطعيمهم لإنهاء هذه الجائحة. ولكن يظل وصول لقاحات كوفيد-19 أفضل خبر في 2020. وفي عام 2021، مع حصول قطاع كبير من الأفراد على اللقاح، سوف نتجه بشكل تدريجي إلى مستوى التطعيم الحاسم، أياً كانت قيمته، مما يعني بداية عودة الحياة إلى طبيعتها.

تحميل المزيد