ليس للحماية المالية فحسب.. كيف يستخدم الذهب والفضة والبلاتين في المعركة الطبية ضد كورونا؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/01/06 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/06 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
لا تقتصر على الحماية المالية.. كيف يسهم الذهب والمعادن الثمينة في المعركة ضد كورونا؟/ رويترز

منذ انتشار جائحة كورونا حول العالم مطلع عام 2020، اندفع المستثمرون بقوة نحو اقتناء المعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب، لتكون ملاذاً مالياً آمناً لثرواتهم. ونتيجة لذلك، ارتفع الذهب إلى أكثر من 2000 دولار في مطلع أغسطس/آب الماضي، بنسبة ارتفاع تتجاوز 30% عن السعر الذي بدأ به العام الماضي. وارتفع كذلك سعر الفضة بأكثر من 50% عن نفس المدة، ما يعكس الارتباط الشائع بين المعادن الثمينة خلال أوقات التقلبات المالية وعدم اليقين. 

لكن الدور الذي تضطلع به المعادن الثمينة لا يقتصر على تقديم الحماية المالية أو الملاذ الآمن في خضم المعركة ضد فيروس كورونا، الذي أصاب الأنظمة الاقتصادية لجميع الدول. إذ لدى المعادن كذلك استخدامات شاسعة في المجال الطبي، أوسع بكثير من استخداماتها في علاجات الأسنان التي ترتبط بها أذهان غالبية الأشخاص.

استخدامات الذهب، والفضة، والبلاتين في التصدي لكورونا

يقول موقع Oilprice البريطاني، إن الباحثون طوروا عقاقير واختبارات تستخدم الفضة لاكتشاف فيروس كورونا والحماية منه، إذ تستخدم "المقايسات المصلية"، وهي نوع من اختبارات الدم، الجزيئات النانوية من الفضة والذهب لتسريع تحديد ما إذا كانت المضادات موجودة في مجرى الدم الخاص بالمريض. إذ يعد ذلك ضرورياً في تحديد ما إذا كان الشخص معدياً أم لا، وضمان أمان البلازما التي يجرى التبرع بها لعلاج المرضى، وذلك حسبما أفاد الموقع البريطاني.

وعلى الجانب الآخر من الاستخدامات التشخيصية والعلاجية في المعركة ضد كورونا، توجد كذلك كميات ضئيلة من الفضة في نسيج بعض الأقنعة. ورغم أن الفضة ليست لمنع انتقال الفيروسات، فإنها تحمي من البكتيريا الأخرى وتبعد الروائح، ما يساعد عند ارتداء الأقنعة لأوقات طويلة.

واستُخدمت الفضة لآلاف السنين لمنع الالتهابات الجرثومية وكانت أهم عامل مضاد للميكروبات يُستخدم قبل ظهور المضادات الحيوية.

وتسلط المعركة ضد كوفيد-19 الضوء على أحد الاتجاهات، وهو الطلب المتزايد على المعادن الثمينة في الرعاية الصحية. يبدو هذا ذا صلة الآن، لكنه بحسب تقرير Oilprice سيكون ذا صلة كذلك في المستقبل القريب مع استمرار تقدم أعمار السكان حول العالم. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، يُتوقع أن يزيد الإنفاق القومي على الصحة بنسبة 19.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027، أو ما يعادل 6 تريليونات دولار سنوياً، ما يجسد تحولاً في الإنفاق على مستوى الأجيال. ويُتوقع أن تضطلع المعادن الثمينة بدور في هذا التحول، بسبب مميزاتها المادية الفريدة.

استخدامات علاجية إضافية للمعادن الثمينة

بالنسبة لجزيئات الذهب النانوية، وهي عبارة عن كرات صغيرة من ذرات الذهب بقطر يبلغ بضعة أجزاء فقط من مليار جزء من المتر، أظهرت هي الأخرى إمكانيات في اختبارات مرض الإيدز وعلاجه. ففي إحدى الدراسات، استطاع الباحثون اكتشاف فيروس نقص المناعة البشرية، حتى في حالات كان تطور الفيروس ضئيلاً. يقدم هذا آمالاً لاكتشاف الفيروس مبكراً. في دراسة على قرود تحمل فيروسات تشبه فيروسات نقص المناعة، قللت جزيئات الذهب النانوية من عدد الخلايا المصابة. ومع أنه لا يزال من المبكر التوسع في الحديث عن هذه البحوث،  فإنها تقدم بعضاً من الإمكانات الواعدة.

ولدى الذهب خصائص مضادة للالتهاب تساعد في الحد من التهاب وآلام المفاصل، وكانت مستحضرات الذهب من العلاجات الأصلية لالتهاب المفصل الروماتويدي. كذلك يستخدم الذهب في الاختبارات السريعة لاكتشاف الملاريا، ما يتيح للأطباء إجراء اختبارات اكتشاف المرض خلال 20 دقيقة. يحمل هذا أهمية كبيرة، ولا سيما في أجزاء من العالم حيث يفتقرون إلى القدرة على الوصول إلى المختبرات. 

وتعرض التقرير كذلك للخصائص البيولوجية المماثلة للبلاتين والبلاديوم. فبينما يُختار البلاتين في المعتاد لعديد من الاختبارات، يمكن أن يحل البلاديوم محل البلاتين لأغراض بيولوجية.

نظراً إلى أن المعادن الثمينة خاملة، فإنها تستجيب للمواد الكيماوية الأخرى في عدد قليل من البيئات التي تحدث بصورة طبيعية. بجانب أنها موصلات للكهرباء، ما يفتح آفاقاً للاستخدامات التي يجري فيها تحفيز الجسم أو أعضاء الجسم تحفيزاً مباشراً. وتعد قوية أيضاً، لذا فإنها لا تنكسر بسهولة. شجع هذا الاستخدام الكبير للبلاتين في القسطرة. إذ إن قسطرة الفيزيولوجيا الكهربية، على سبيل المثال، تستخدم الأقطاب الكهربية لقياس النشاط العضلي للقلب. والأقطاب الكهربية البلاتينية هي التي تجعل استخدام هذا الجهاز ممكناً. 

المعادن الثمينة تحتل موقعاً في التكنولوجيا الطبية

لا تنتشر الجراثيم على الأسطح الفضية، بسبب خصائصها المضادة للميكروبات. يجعلها هذا مكوناً مثالياً لعديد من الأجهزة والأدوات التي نراها في المستشفيات. وفي واقع الأمر، تعد الفضة مفيدة في الأجهزة الطبية أكثر من الأدوية بسبب سميتها؛ نظراً إلى أن وجود كمية كبيرة من الفضة في الجسم يمكن أن يتسبب في مرض التفضض، الذي يؤدي إلى اكتساء الجلد بمسحة من اللون الأزرق أو الرمادي. ولكن في مجال التكنولوجيا الطبية، تحتل الفضة موقعاً بسبب خصائصها الحمائية ضد الجراثيم. 

تنتشر المكورة العنقودية الذهبية، وهي بكتيريا خطيرة شديدة العدوى، انتشاراً سريعاً في المستشفيات. ولحد هذا الانتشار، تستخدم المستشفيات في الغالب معدات مبطنة بالفضة، بداية من الأدوات الجراحية ومروراً بالسماعات الطبية، بل وحتى وصولاً إلى الأثاث. وتُدمج الفضة عادة في أنابيب التنفس وأجهزة القسطرة للحماية من الالتهابات.

يستخدم البلاتين كذلك استخداماً واسعاً في الأجهزة الطبية، بما في ذلك الدعامات والنواظم القلبية الاصطناعية، إضافة إلى أجهزة القسطرة. يقلل البلاتين احتمالية رفض الجسم لهذه الأجهزة. ويظهر أيضاً في استخدامات الأشعة السينية، مما يسمح للعاملين في مجال الرعاية الصحية تتبع مدى تقدم العملية.

يضطلع البلاتين بدور جوهري في أجهزة التعديل العصبي، التي تساعد في علاج المشكلات العصبية التي يعاني منها المصابون بمرض باركنسون، وذلك عن طريق إرسال إشارات كهربية إلى الجهاز العصبي المركزي. وفي هذه الأجهزة التي توصف بـ"النواظم الدماغية الاصطناعية"، يوجد البلاتين في الأقطاب الكهربية وفي داخل مكونات بعض الأجهزة.

القيمة الأوسع للمعادن الثمينة

يمثل قطاع الرعاية الصحية نحو 3% إلى 5% من سوق المعادن الثمينة. غير أنه مع تقدم أبناء مجتمعاتنا في العمر وزيادة الطلب على استخدامات الرعاية الصحية، فإن استخدام المعادن الثمينة في المجال الطبي والطلب عليها، سوف يواصل في الاتساع. ولذا فإن هذه الإسهامات التي تضطلع بها المعادن الثمينة، والتي لا يُلتفت إليها في أغلب الأحوال، فيما يتعلق بمكافحة الأمراض، توضح القيمة الأوسع لهذه المعادن الثمينة والأدوار متعددة التنوع التي تؤديها.

تحميل المزيد