فيما تبقى له من أيام معدودات، يبدو أن الرئيس الأمريكي المنتهي ولايته دونالد ترامب لا ينوي مغادرة البيت الأبيض قبل أن يحصل لإسرائيل على دولة أخرى أو دولتين أو حتى أكثر من ذلك، للتطبيع معها، مؤكداً بذلك ولاءه الكامل لإسرائيل –الذي لطالما تغنى به– حتى أيامه الأخيرة في الحكم.
من التالي في قطار التطبيع مع إسرائيل؟
تحاول إدارة ترامب إغراء العديد من البلدان العربية والإسلامية بواسطة تحفيزات مالية أو سياسية أو عسكرية، من أجل ركوب قطار التطبيع مع إسرائيل، وهو الأمر الذي تحقق فعلاً مع بلدان كالإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وبحسب ما أفادت وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن إندونيسيا قد تحصل على مليارات الدولارات من التمويل الأمريكي الإضافي، إذا انضمت إلى مساعي ترامب الهادفة إلى إقامة الدول العربية والإسلامية علاقات مع إسرائيل، وذلك وفق ما نقله مسؤولون أمريكيون.
وقال آدم بوهلر، الرئيس التنفيذي لشركة تمويل التنمية الدولية للولايات المتحدة، إن المؤسسة، وهي وكالة حكومية تستثمر في الخارج، قد تُضاعف محفظتها الحالية البالغة مليار دولار إذا طوَّرت إندونيسيا علاقات مع إسرائيل.
المتحدث نفسه صرَّح قائلاً لبلومبيرغ: "نحن نتحدث معهم في هذا الموضوع، وإذا كانوا مستعدين فالمال جاهز، وإذا كانوا مستعدين فسنكون سعداء لتقديم دعم مالي أكثر مما نقدمه حالياً". وقال إنه لن يتفاجأ إذا زاد تمويل منظمته لإندونيسيا، أكبر دولة ذات غالبية مسلمة في العالم، بمقدار "مليار أو ملياري دولار إضافية".
إسرائيل تلمح أيضاً لاقتراب إندونيسيا من التطبيع معها
من جهته، قال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي أوفير أكونيس، الأربعاء 23 ديسمبر/ كانون الأول، لقناة "واي نت تي في" إن بلاده تعمل لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع بلد إسلامي خامس قبل انتهاء ولاية ترامب الشهر المقبل. وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن الأمر يتعلق بدولتين مرشحتين في الشرق إحداهما بمنطقة الخليج، في إشارة قد تكون إلى عُمان.
ورداً على سؤال لقناة "Ynet" عما إذا كان من الممكن انضمام بلد خامس إلى الركب قبل خروج ترامب من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير، قال أكونيس: "نعمل في هذا الاتجاه".
وتوسط البيت الأبيض هذا العام في التقارب بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، حيث استقبل الأخير الثلاثاء وفداً إسرائيلياً – أمريكياً لإرساء أسس العلاقات الجديدة.
ما تاريخ العلاقات بين إندونيسيا وإسرائيل؟
والأسبوع الماضي، قالت إندونيسيا، وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، إنها لن تعترف بإسرائيل ما دامت مطالب إقامة دولة فلسطينية لم تتحقق.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية تيوكو فايز سيا قوله إنه "في الوقت الحالي لا توجد أي خطة لإقامة علاقات مع إسرائيل. نحن ملزمون بالدستور بدعم الفلسطينيين وتحريرهم من الاحتلال".
لكن على أي حال فإن العلاقات -وإن كانت غير رسمية- بين إندونيسيا وإسرائيل ليست جديدة، فبحسب تقارير إسرائيلية، فقد بدأت العلاقات بين الطرفين منذ عقود طويلة بعيد إنشاء إسرائيل، لكنها كانت محدودة حتى استلام الرئيس الإندونيسي، سوهارتو، الحكم في نهاية الستينيات، الذي كان قد توصّل لاستنتاج حول أهميّة تحسين العلاقات مع إسرائيل في المجال العسكري تحديدًا. وبعد انتهاء ولاية سوهارتو، وتحديداً في فترة حكم الرئيس عبد الرحمن وحيد، استمرّت هذه العلاقات بالتوسّع. ففي عام 1993 زار رئيس الحكومة الإسرائيلي، اسحاق رابين، إندونيسيا وبعدها دُعي الرئيس عبد الرحمن وحيد من قِبَل شمعون بيرس إلى القدس للاشتراك في مراسيم التوقيع على اتفاقيّة السلام بين إسرائيل والأردن.
على الرغم من الانتقادات التي وجهتها الحركات والمنظّمات الإسلاميّة له، لم يمتنع عبد الرحمن وحيد عن زيارة إسرائيل عام 1997، ولم يتوقف عن استقبال البعثات الإسرائيليّة. وفي حين لم تنشأ بين الدولتين علاقات دبلوماسية، ازدادت العلاقات التجارية بينهما في السنوات الأخيرة حتى وصلت قيمتها إلى ما يُقدّر بنصف مليار دولار.
ومنحت إسرائيل إندونيسيا في عام 2018 تسهيلات كبيرة لدخول السياح الإندونيسيين إلى الأراضي الفلسطينية، كما زارت العديد من الوفود الإندونيسية إسرائيل، أبرزها تلك التي قام بها عضو المجلس الاستشاري للرئيس الإندونيسي يحيى خليل ستاقوف، والتي التقى فيها الرئيس الإسرائيلي ريفلين، ورئيس وزرائه نتنياهو في 14 يونيو/حزيران 2018.
وأثارت لك الزيارة الكثير من الجدل في إندونيسيا، مما دفع الحكومة للقول إنها كانت "زيارة شخصية، ولم يكن يعلن عنها لولا إعلان الجهات الإسرائيلية عن تفاصيلها". لكن اللافت أن الزيارة تضمنت لقاء مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن عنها شخصياً إلى جانب الصحافة الإسرائيلية في تغريده له بحسابه بالعربية والإنجليزية على تويتر، آملاً "أن تشهد علاقات البلدين حراكاً"، وعبر عن" سعادته بما وصفه بتوجه دول عربية ومسلمة نحو العلاقة مع إسرائيل".
وفي ذلك الحين، أوردت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل"، أن عام 2017 شهد زيارة نحو 36 ألف إندونيسي لإسرائيل، وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل صدرت إلى إندونيسيا سلعاً تبلغ قيمتها 121 مليون دولار عام 2016 مقابل استيراد سلع إندونيسية بقيمة 43 مليون دولار في العام نفسه.
10 دول عربية وإسلامية أخرى تحاول إسرائيل ضمها لقطار التطبيع
في السياق، قال أوفير أكونيس في مقابلته مع قناة "Ynet" إنه "سيصدر إعلان أمريكي عن بلد خليجي آخر سيكشف عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن سلطنة عُمان مرشحة بقوة لذلك.
وكان قادة أمريكيون وإسرائيليون قد صرحوا بأنهم يتوقعون انضمام المزيد من الدول إلى موجة التطبيع مع إسرائيل، التي أُعلن عنها في الأشهر القليلة الماضية، وشملت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الأسبوع الماضي، إن "هناك اعتقاداً يسود لدى صناع القرار في إسرائيل، أن سلطنة عمان هي الدولة القادمة التي ستقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بعد المغرب"، مرجحة أن "تنضم السعودية إلى ركب السلام حتى قبل تداول السلطة في البيت الأبيض في 20 يناير المقبل".
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع في القدس لهيئة البث، إنه "تجري اتصالات مع 10 دول إسلامية أخرى للتطبيع مع إسرائيل، وفي مقدمتها باكستان وإندونيسيا إلى جانب النيجر ومالي وجيبوتي وموريتانيا وجزر القمر وبروناي وبنغلاديش وجمهورية المالديف".