أصبحت القنابل الذكية نقطة ضعف الجيش الأمريكي بسبب قصور كبير انتابه في هذا المجال، بعدما كانت هذه القنابل سبب تفوقه خلال حروب الماضية.
إذ تضاءلت قدرة الولايات المتحدة على تصنيع هذه القنابل على مدار العقدين الماضيين، بعدما انتقلت أجزاءٌ مهمة من تصنيعها إلى الخارج، ولكن لم تكن هذه المشكلة الرئيسية أمام قنابل الجيش الأمريكي الذكية، حسبما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
القنابل الذكية تغير شكل الحروب، ولكن نهم الجيوش لها مشكلة
منذ ثمانينيات القرن الماضي، أصبحت القنابل الذكية أسلحةً مهمة للحرب الحديثة. يمكن لقنبلةٍ مُوجَّهةٍ بالليزر أو بتقنية تحديد المواقع (GPS) أن تصيب هدفاً لا يمكن أن تصيبه عشرات القنابل الغبية من قاذفة قنابل تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية.
لكن الذخائر المُوجَّهة بدقة، أو الـPGM، لا تفيد كثيراً إن لم يكن لديك ما يكفي منها.
حذَّرَ تقريرٌ صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي قائلاً: "لقد أظهرت العمليات الحالية طلباً كبيراً على جميع أنواع الذخائر المُوجَّهة بدقة"، وأضاف: "من الممكن أن يتطلَّب صراعٌ مُحتَمَل شديد الكثافة مخزوناتٍ كبيرة من جميع أنواع الأسلحة. تُشتَرى العديد من هذه الأنواع من الذخائر -لاسيما الـJASSM والـLRASM والـAARGM- بكمياتٍ قليلةٍ نسبياً، نظراً لمعدلات استخدامها المُحتَمَلة في سيناريوهات الصراعات عالية الكثافة، إلى جانب الوقت الذي يستغرقه استبدال الذخائر المُستهلَكة بمجرد نفاد المخزون الأوَّلي".
وتكلفتها باهظة
إن صاروخ المواجهة المشتركة الأرض-جو (JASSM) هو صاروخ كروز تحمله قاذفات B-1 وB-2 وB-52، علاوة على مقاتلات F-16 وF-15E. وتكلِّف كلُّ قطعة نحو مليون دولار. وصمِّمَت صواريخ JASSM لتمكين الطائرات الهجومية من تدمير الأهداف مع البقاء بمأمنٍ من نطاق الدفاعات الجوية للعدو.
أما الصاروخ طويل المدى المضاد للسفن (LRASM)، فهو صاروخٌ مضاد للسفن يُطلَق من الطائرات والسفن، ويكلِّف كلُّ واحدٍ منه نحو 3 ملايين دولار. في حين الصاروخ المتقدِّم المضاد للإشعاع (AARGM)، فهو نسخة مُطوَّرة من صاروخ AGM-88 عالي السرعة المضاد للإشعاع، وقد صُمِّمَ لتتبُّع إشارات البث الإلكترونية القادمة من أنظمة الرادار. ومن المُحتَمَل أن تُستخدَم الصواريخ الثلاثة بشكلٍ مُكثَّفٍ خلال نزاعٍ ضد خصمٍ يمتلك دفاعاتٍ جوية وقواتٍ بحرية مُتطوِّرة.
المدفعية الروسية تتفوق على الصواريخ البريطانية الذكية
تزامن تقرير خدمة أبحاث الكونغرس مع دراسةٍ بريطانية ظهرت في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2019، وحذَّرَت من أن القوات البريطانية سوف تطغى عليها المدفعية الروسية خلال أيِّ صراعٍ في أوروبا الشرقية.
وبينما تعتمد بريطانيا وحلف شمال الأطلسي على الصواريخ المُوجَّهة من الجو، ولتي يوجد عددٌ محدودٌ منها، تتمتَّع روسيا بترسانةٍ ضخمة من مدافع الهاوتزر وصواريخ المعارك التي تعوِّض كميتها ما قد تفتقر إليه من الدقة.
أي أن المدفعية التي تعد سلاحاً يعود للعصور الوسطى المتأخرة، قد يتفوق على الأسلحة الذكية، إذا توفر بالعدد وأسلوب الاستخدام المناسب.
تساءل تقرير خدمة أبحاث الكونغرس عمَّا إذا كان البنتاغون يعرف حتى قدر الذخائر الذكية التي يحتاجها. ويقول التقرير: "يطلب الكونغرس من وقتٍ لآخر من وزارة الدفاع تقييم مُتطلَّبات الذخيرة، وكذلك الإبلاغ عن مُتطلَّبات الذخائر. وفي الآونة الأخيرة، طلب الكونغرس من وزارة الدفاع تقديم تقرير سنوي عن مخزون الذخائر، إلى جانب تقييم غير مُقيَّد لمُتطلَّبات الذخائر".
والصين وروسيا تطوران أسلحة ذكية بوتيرة أسرع من واشنطن
أما وتيرة عمليات الحصول على الذخائر المُوجَّهة بدقة، فهي بطيئة أيضاً. يقول التقرير مُحذِّراً: "طوَّرَت الصين وروسيا أنظمةً متطوِّرة على مدار السنوات العشر الماضية، بينما طوَّرَت وزارة الدفاع أنظمةً قليلةً نسبياً".
ويضيف التقرير: "يجادل بعض المُحلِّلين بأن هذه الأنظمة يمكن أن تتجاوز قدرات ذخائر الجيش الأمريكي (في مجالات مثل السرعة والمدى). إذا كان الأمر كذلك، هل يجب على وزارة الدفاع الأمريكية تطوير أنظمة جديدة وبسرعة يمكن أن تضاهي أو تتجاوز أنظمة الذخائر الصينية أو الروسية؟".
ومع ذلك، حتى لو أراد البنتاغون المزيد من القنابل الذكية، فقد لا تتمكَّن صناعة الدفاع الأمريكية من توفيرها. يقول التقرير: "قضيةٌ أخرى مُحتَمَلة للكونغرس تتعلَّق بقدرة القاعدة الصناعية الدفاعية على بناء الذخائر المُوجَّهة بدقة، لاسيما لتلبية الطلبات المتزايدة لمثل هذه الأسلحة خلال نزاعٍ طويل الأمد وشديد الكثافة. تُعَدُّ هذه القضية جزءاً من قضيةٍ أكبر تتعلَّق بما إذا كانت أجزاءٌ مختلفة من قاعدة الصناعة الدفاعية الأمريكية كافية في عصر تنافس القوى العظمى المتجدِّدة لتلبية مطالب التعبئة المُحتَمَلة في وقت الحرب".