يستعد العالم لتوديع عام كورونا 2020 وكانت شركات الطيران تتوقع أن تنتعش حركة السفر في موسم الأعياد، لكن ظهور السلالة البريطانية أعاد الأمور لنقطة الصفر، فكيف كان كشف حساب الطيران هذا العام؟
ما حجم خسائر الطيران؟
عندما اجتاحت جائحة فيروس كورونا العالم مطلع العام الجاري، توقفت الطائرات عن العمل وتراجعت حركة المسافرين جواً بنسبة 94%.
وخلال العام، ارتفعت قروض شركات الطيران إلى مستويات قياسية، وبلغت مساعدات الدولة المُقدَّمة لقطاع الطيران 220 مليار دولار، بحسب اتحاد النقل الجوي الدولي IATA، وتتوقع شركة التصنيف الائتماني Moody's Investors Service ديوناً جديدة بقيمة 22 مليار دولارٍ عام 2021.
ومن المتوقع أن تخسر شركات النقل الجوي أكثر من 118 مليار دولار هذا العام ونحو 39 مليار دولار عام 2021، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي. وتتجاوز تلك المبالغ توقعات الاتحاد نفسه في يونيو/حزيران، حين كانت شركات النقل تعلق آمالها على زيادة حركة السفر أواخر الصيف، لكن هذه الآمال تحطمت مع ظهور موجات جديدة من الفيروس.
وفي الوقت نفسه، ظلت أعداد الرحلات الجوية المجدولة على مستوى العالم منخفضة كثيراً منذ تراجعها في مايو/أيار؛ وهو ما أدى إلى تراجع أعداد المسافرين إلى مستويات لم نشهدها منذ 17 عاماً. وألقت شركات الطيران باللوم في هذا الركود المطول على القيود الحكومية مثل الحجر الصحي للركاب القادمين، فضلاً عن قصور فحوصات المطار، قائلة إن الطلب المعطل على السفر يتعرض للاختناق، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
خسائر أوروبا الأضخم
تجاهد شركات الطيران التي تعاني من ضائقة مالية للنهوض، حيث أدت الموجات المتتالية من إصابات فيروس كورونا والقيود الصارمة التي أعيد فروضها على السفر، إلى تعرض صناعة الطيران لظروف عصيبة من الخسائر المالية المدمرة والقيم السوقية المتضائلة إلى الشبكات المنكمشة وتراكم الديون المتنامية.
وقد عانت شركات الطيران هذا العام أيضاً، من تبعات قانون 80-20، وهو القانون المنظِّم لحركة إقلاع وهبوط الرحلات في المطارات حول العالم. وهذا القانون أو القاعدة نتيجة لكيفية إدارة المطارات حول العالم للمدرجات المتاحة لدى كل منها، بسبب طاقتها الاستيعابية التي تعتبر محدودة مقارنة بعدد شركات الطيران والرحلات، فلجأ أكثر 200 مطار زحاماً حول العالم إلى إجراء يشبه المزاد العلني بين شركات الطيران لتخصيص تلك المدرجات، ويحصل عليها من يدفع أكثر.
والشركات التي تريد الحفاظ على خطوط رحلاتها الحالية ومواعيد إقلاعها وهبوطها في المطارات حول العالم، مضطرة إلى تسيير رحلات في تلك المواعيد وإلا خسرت تلك الرحلات والمواعيد. وكي تحافظ كل شركة طيران على حق استعمال طائراتها لمدرجات أي مطار للإقلاع والهبوط، فهي ملزمة بتشغيلها فعلياً بنسبة 80% على الأقل سنوياً، وإذا انخفضت تلك النسبة تقوم إدارة المطارات بتأجير حق الاستعمال لشركة منافسة.
وقال ألكسندر دي جونياك المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي: "هذا العام هو الأشد سوءاً. لن يشعر أي شخص في مجال الطيران بالحنين إلى عام 2020".
لكن نظرية أن عام 2020 الأسوأ تظل محل اختبار، لأنَّ طرح اللقاحات، جنباً إلى جنب مع الموافقة على إجراء الفحوصات وما يسمى بجوازات سفر كوفيد، قد يؤدي إلى فتح الحدود.
فأي تعافٍ فعلي من تداعيات جائحة كورونا قد يكون بعيداً بعض الشيء، فرغم تسجيل شركات الطيران الأوروبية الترفيهية في وقت سابق، علامات على انتعاش الطلب مع حلول عيد الفصح، تسبب ظهور السلالة الجديدة من الفيروس بالمملكة المتحدة في فوضى قبل عطلة أعياد الميلاد، حيث علقت أجزاء من القارة وأماكن في كندا والهند وهونغ كونغ حركة السفر فجأة.
ورغم أن أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا كانت في آسيا، لم يكن تأثيره على الرحلات الجوية هناك كبيراً ولا طويل الأمد مثلما كان في الغرب. وكان تأثيره النهائي قَلب التسلسلات الهرمية القائمة وتسريع التحول نحو الهيمنة الشرقية على السفر العالمي.
وتضررت أوروبا، التي تزداد فيها حركة السفر الدولي، أكثر من غيرها مع تراجع مكانة سوق المملكة المتحدة إلى ثالث أكبر سوق وخروج ألمانيا وفرنسا من المراكز العشرة الأولى.
الصين لم تتأثر بشدة من كورونا
ثبت أن حركة السفر المحلية الصينية تتمتع بمرونة خاصة، حيث انتعشت إلى مستوى يقارب العام الماضي، ما جعل الصين تتفوق على الولايات المتحدة كأفضل سوق للطيران في العالم للمرة الأولى منذ فجر الطيران الآلي منذ أكثر من قرن مضى.
ويتوقع جون غرانت، كبير المحللين بشركة OAG المتخصصة في حجوزات الطيران، انتعاشاً في السوق الأمريكي العام المقبل، وإن كان لفترة وجيزة.
وبالمثل، صعدت شركات الطيران بآسيا والمحيط الهادئ في تصنيفات شركات الطيران، رغم أن الشركات الأمريكية ما تزال تحتل المراكز الثلاثة الأولى، مع استمرار الرحلات الداخلية دون انقطاع تقريباً حتى والجائحة ما تزال متفشية.
كما شهدت الدول الغربية خسارة 425 ألف وظيفة في قطاع الطيران. وكانت 25 شركة من الـ42 شركة طيران التي فشلت في حماية الدائنين أو تعرضت للتقاضي، بأوروبا وأمريكا الشمالية.
وحتى مع طرح لقاح قد يعيد السفر الجوي قريباً، تواجه شركات النقل شهوراً صعبة. ومن المرجح أن يصل عدد شركات الطيران المنهارة أو التي تتحول إلى مشرف إداري إلى 70 شركة حتى مارس/آذار، وفقاً لمجموعة IBA الاستشارية، بينما لا يتوقع اتحاد النقل الجوي الدولي عودة حركة المسافرين إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2024.