كان عام 2020 هو عام سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا، وكان عام كبوة النيل بالنسبة لمصر والسودان، بدأ العام بتفاؤل ورهان مصري سوداني على المفاوضات مع إثيوبيا لتنظيم استخدام النهر الأطول، وانتهى بفرض أديس أبابا إرادتها على البلدين.
كان سلوك إثيوبيا في التفاوض حول ملف سد النهضة غريباً، ولكن الأغرب كان قبول مصر والسودان للتلاعب الإثيوبي بهما، ومعادوتهما مراراً وتكراراً التفاوض بذات الأسلوب رغم المماطلة الإثيوبية.
واللافت أن الدولتين لم تستغلا اندلاع حرب تيغراي في إثيوبيا قرب نهاية العام، لتحصيل مكاسب أمام أديس أبابا، باستثناء إعلان السودان منطقة الفشقة وبالاتفاق مع أديس أبابا.
لينتهي عام 2020، ليس فقط بخروج آبي أحمد مظفراً بقيامه بملء سد النهضة رغم أنف مصر والسودان، ولكن أيضاً خروجه منتصراً من حرب تيغراي التي كانت تمثل فرصة نادرة للقاهرة والخرطوم للضغط عليه.
في هذا التقرير نرصد تطورات ملف سد النهضة في عام 2020.
ما قبل عام 2020: البداية مع اتفاق المبادئ
رغم أن أزمة سد النهضة تعود في جذورها لعمق العلاقات المصرية الإثيوبية فإن هناك حدثاً بعينه يعتبره كثير من الخبراء بداية التنازلات المصرية السودانية أمام إثيوبيا، وفتح الباب أمام أديس أبابا لتواصل المضي قدماً في مشروع سد النهضة.
23 مارس/آذار 2015: الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس السوداني المعزول عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا السابق هيلاماريام ديسالين يوقعون إعلان المبادئ بشأن سد النهضة، الذي يراه العديد من الخبراء مثل الدكتور أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، أنه قد أدى "لتقنين أوضاع سد النهضة، وحوّله من سد غير مشروع دولياً إلى مشروع قانونياً".
وقال المفتي، المستشار القانوني السابق لوزير الري، في حوار لصحيفة "المصري اليوم"، في عام 2015، إن الاتفاق أسهم في تقوية الموقف الإثيوبي في المفاوضات الثلاثية، ولا يعطي مصر والسودان نقطة مياه واحدة، وأضعف الاتفاقيات التاريخية، موضحاً أنه تمت إعادة صياغة اتفاق المبادئ بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، وحذف الأمن المائي، ما يعني ضعفاً قانونياً للمفاوض المصري والسوداني.
24 سبتمبر/أيلول 2019: قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن قضية مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود، مشيراً إلى أن المفاوضات استمرت مع الجانب الإثيوبي لمدة 4 سنوات لكن دون تقدم يذكر.
آبي أحمد يهدد بحشد الملايين والسيسي يقول إن النيل مسألة حياة أو موت
22 أكتوبر/تشرين الأول 2019: رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد قبل يوم من لقائه السيسي في روسيا، يهدد بأنه "إذا كانت هناك حاجة إلى خوض حرب بشأن سد النهضة المتنازع عليه مع مصر، فإن بلاده مستعدة لحشد الملايين".
15 يونيو/حزيران 2020: وزير الخارجية المصري سامح شكري يقول إن تعنت إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة سيضطر الجانب المصري لاتخاذ خيارات أخرى.
23 يونيو/حزيران 2020: إثيوبيا تعلن إحباط "هجوم مصري" نفذه قراصنة إنترنت مصريون حاولوا اختراق 13 موقعاً حكومياً.
كيف خدعت إثيوبيا مصر والسودان؟
يونيو/حزيران: قمة إفريقية مصغرة عُقدت لبحث أزمة السد التي شهدت لسنوات مفاوضات متعثرة.
بعد القمة أعلنت القاهرة والخرطوم تأجيل البدء بملء خزّان سدّ النهضة الكهرومائي، الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، لحين إبرام اتفاق بين الدول الثلاث بشأن هذا المشروع الضخم، ولم يتضمن تعليق آبي أحمد أي إشارة إلى إعلان الاتفاق الذي تحدثت عنه مصر والسودان.
وقالت الرئاسة المصرية: "تم التوافق في ختام القمة على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الإفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي، وكذا من ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية".
آبي أحمد قال: "إن المحادثات التي جرت مع السيسي وحمدوك عبر "الفيديو كونفرانس" كانت مثمرة بشأن ملف سد النهضة"، وإن "الاتحاد الإفريقي هو الساحة المناسبة للحوار بشأن القضايا الإفريقية المهمة"، وذلك في تلميح منه على ما يبدو إلى قرار مصر والسودان رفع ملف أزمة سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي.
وبعد ساعات من نهاية القمة: أعلن وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي أنه سيكون هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان فيما يتعلق بملء سد النهضة في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع..
غير أن أديس أبابا عادت وأعلنت أنها ستبدأ ملء السد خلال أسبوعين، مشيرةً إلى اكتمال 74% من إنشاءات السد.
الذهاب لمجلس الأمن
30 يونيو/حزيران 2020: عقد مجلس الأمن جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة، بعد أن تقدمت مصر بشكوى لمجلس الأمن الدولي، انطلاقاً من كون أزمة النهضة تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار والسلم في المنطقة، وهو ما يقع في قلب اختصاص المجلس، كما تقدمت السودان بشكوى لمجلس الأمن، وهو ما يعد تطوراً كبيراً في موقفها، في المقابل دفعت إثيوبيا بأن السد قضية تنمية ولا تقع ضمن اختصاصات مجلس الأمن الدولي.
دعا أعضاء المجلس خلال الجلسة مصر وإثيوبيا والسودان إلى استكمال التفاوض فيما بينهم، من أجل إيجاد حل للنزاع الخاص بسد النهضة، وكان الموقف الأمريكي هو الأوضح في دعوته إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تقويض حسن النية اللازمة للتوصل إلى اتفاق"، فيما دعت جنوب إفريقيا إلى "احترام جهود الاتحاد الإفريقي لتسهيل التوصل إلى اتفاق".
من جانبه وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري سد النهضة بأنه خطر وجودي.
الموقف الإثيوبي: وفي كلمته أمام المجلس، انتقد مندوب إثيوبيا إحالة ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن، متهماً مصر باتخاذ إجراءات أحادية، وقال إن أي نزاع حول مياه نهر النيل يمكن فضّه بالوساطة وإحالته لرؤساء الدول، وحث المندوب الإثيوبي مجلس الأمن على إحالة ملف سد النهضة للاتحاد الإفريقي.
الأول من يوليو/تموز 2020: صدر أول قرار من مجلس الأمن بشأن سد النهضة، أعلن فيه المجلس أنه "سيراقب تطورات أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأنه سيعقد اجتماعاً في حال دعت إليه الحاجة".
وانتهت جلسة مجلس الأمن التي انعقدت بناءً على رغبة مصر لمناقشة ملف سد النهضة بالدعوة إلى مواصلة الحوار والابتعاد عن "الإجراءات الأحادية".
العودة للقمم الإفريقية.. وآبي ينفي موافقته على التفاوض حول ملء السد
3 يوليو/تموز 2020: عُقد اجتماع "برعاية من جنوب إفريقيا، بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، وبحضور المراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وجنوب إفريقيا، وممثلي مكتب الاتحاد الإفريقي ومفوضية الاتحاد، والخبراء القانونيين من مكتب الاتحاد".
"التعامل مع فترات الجفاف كانت مسألة جوهرية لم يصل الاجتماع إلى اتفاق يرضي المصريين"، حسب وزير الري المصري محمد عبدالعاطي.
7 يوليو/تموز 2020: إثيوبيا تقول إنها أبلغت الاتحاد الإفريقي اعتزامها بدء التعبئة ومواصلة المفاوضات.
إذ عاد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ليؤكد تمسك بلاده بالموعد الذي حددته مسبقاً من أجل ملء سد النهضة، ونفى التقارير التي تحدّثت عن التزام أديس أبابا بتأجيل العملية إلى حين التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان.
وقال آبي أحمد إنه لا يمكن إيقاف تعبئة سد النهضة، كما أن الارتفاع الذي وصل إليه مستوى البناء فيه يلزم البدء بالتعبئة.
ثم عاد يتعهد بعدم الإضرار بمصر
7 يوليو/تموز 2020: رئيس الوزراء الإثيوبي يؤكد أن خلاف بلاده مع مصر حول تشغيل وفترة ملء سد النهضة "سيحل في البيت الإفريقي"، وقال نصاً: "لن نضر بمصر، وسنبدأ ملء السد للاستفادة من موسم الأمطار الغزيرة، لن نحرم مصر من الماء، وسنتوصل لاتفاق قريباً".
10 يوليو/تموز: مصر ترفض مقترحاً من أديس أبابا بتأجيل بتّ الخلافات إلى ما بعد توقيع الاتفاق، وذلك بعد ثمانية أيام من المفاوضات.
13 يوليو/تموز 2020:
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعلن انتهاء المحادثات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي دون التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة حول ملء وتشغيل السد بعد 11 يوماً من الاجتماعات.
شكري أكد في مداخلة تلفزيونية أن كافة أجهزة الدولة المصرية ستظل تعمل بمنتهى العزيمة للدفاع عن مصالح مصر وفق القانون الدولي.
ورداً على ما أثير حول قيام إثيوبيا بالفعل بملء خزان سد النهضة، قال إن اتفاق إعلان المبادئ عام 2015 كان واضحاً فيما يخص عدم ملء وتشغيل السد إلا بعد التوصل لاتفاق.
ملء فنفي فإعلان.. خديعة آبي أحمد الكبرى
14 يوليو/تموز 2020: صور التقطت بالأقمار الاصطناعية تكشف أن خزان سد النهضة الإثيوبي بدأ في الامتلاء.
15 يوليو/تموز: السودان يعلن أن هناك تراجعاً في مستويات مياه النيل الأزرق بما يعادل 90 مليون متر مكعب يومياً، ما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة.
15 يوليو/تموز: نقل التلفزيون الإثيوبي الحكومي تصريحات لوزير المياه والري والطاقة سيليشي بيكيلي، تؤكد بدء بلاده ملء السد، بعد يومين من ختام مفاوضات بين بلاده ومصر والسودان، لم تفضِ لاتفاق بينهم.
وبعد تداول سريع للإعلان الإثيوبي في وسائل الإعلام، تراجع بيكيلي في تصريح لوكالة "أسوشيتد برس" عن تصريحه السابق عن بدء الملء. وأوضح أن حديثه كان مرتبطاً بصحة الصور التي نقلتها الأقمار الصناعية قبل أيام للسد، مشيراً إلى أنها توضح فقط "الأمطار الغزيرة وليس الملء".
وبعد التراجع، قالت هيئة الإذاعة الإثيوبية الوطنية (التلفزيون الحكومي)، في بيان على صفحتها بفيسبوك: "نعتذر عن الخطأ الذي ارتكبناه في تفسير تصريحات وزير الري والمياه والطاقة بشأن سد النهضة". وأضافت أن سوء التفسير كان "بالخطأ"، وغير متعمد.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها أنها "طلبت إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة هذا ملء السد".
ومجلس الأمن يبدي استعداده لعقد جلسة أخرى لسد النهضة، في حال طلب أعضاء إثارة الموضوع.
إثيوبيا تعقد قمة مع مصر والسودان ثم تبلغهما أن الطبيعة أجبرتها على ملء السد!
21 يوليو/تموز 2020: إثيوبيا تعلن انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة بالتزامن مع قمة إفريقية مصغّرة برئاسة جنوب إفريقيا، لبحث الأزمة بين مصر وإثيوبيا والسودان، شارك بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ونظيره السوداني عبدالله حمدوك.
وعزا آبي أحمد في مؤتمر صحفي بعد القمة ملء السد إلى إرادة الطبيعة، إذ قال إن العوامل الطبيعية وهطول الأمطار حالياً كانت مواتية للتعبئة الأولى لسد النهضة.
وقالت رئاسة الوزراء الإثيوبية إن هناك توافقاً في القمة المصغرة للاتحاد الإفريقي حول السد على مزيد من المشاورات الفنية بشأن تعبئة السد تمهيداً لاتفاق شامل.
فيما كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يؤكد خلال القمة نية بلاده الصادقة لحل الأزمة.
وتم التوافق في ختام القمة على مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الراهن على منح الأولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم لاحقاً العمل على بلورة اتفاق شامل لكافة أوجه التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يخص استخدام مياه النيل، حسب وسائل الإعلام المصرية.
النيل أصبح بحيرة إثيوبية
23 يوليو/تموز: آبي أحمد يقدم تهنئة رسمية للشعب الإثيوبي بمناسبة ملء سد النهضة، مصحوبةً بمقاطع فيديو تعرض كيف تم ذلك، ووزير خارجية إثيوبيا يغرد قائلاً "كان اسمه نهر النيل والآن أصبح بحيرة إثيوبية"، ولم يخرج أي رد فعل مصري أو سوداني فوري، ويظل هذا الحدث واحداً من أهم ألغاز قصة سد النهضة بعدم صدور أي موقف من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي كان حاضراً قمة إفريقية تضم رئيس وزراء إثيوبيا، قبل أن يبادر الأخير بإعلان ملء السد.
27 أغسطس/آب: كشفت مجلة Foreign Policy الأمريكية، أن وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو قد وافق على خطة لوقف جانب من المساعدات التي تقدمها بلاده إلى إثيوبيا، ضمن محاولات إدارة ترامب التدخل في حل أزمة سد النهضة.
28 أغسطس/آب 2020: السودان يعلن أن التفاوض لم يعد مجدياً، حيث قال وزير الري السوداني ياسر عباس، إن هناك تباعداً في المواقف التفاوضية بين مصر وإثيوبيا بشأن السد، وأعلن أنّ جلسة المفاوضات فشلت في التوصّل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سدّ النهضة.
أزمة السد في الأمم المتحدة
22- 25 سبتمبر/أيلول: قال الرئيس المصري في اتصال مرئي أمام الأمم المتحدة، إن هنالك "تصاعداً في قلق الأمة المصرية البالغ حيال مشروع سد النهضة الذي تشيده دولة صديقة (إثيوبيا)"، مشيراً إلى أن القاهرة أمضت ما يقرب من عقد كامل في مفاوضات وصفها بـ"المضنية" مع إثيوبيا والسودان، "إلا أن تلك الجهود لم تُسفر للأسف عن النتائج المرجوة منها".
السيسي شدَّد أيضاً في تصريحاته على أن "نهر النيل ليس حكراً لطرف، ومياهه بالنسبة لمصر ضرورة للبقاء دون انتقاص من حقوق الأشقاء"، مطالباً بألا "يمتد أمد التفاوض إلى ما لا نهاية في محاولة لفرض الأمر الواقع".
من جانبه، دافع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تمسك بلاده ببناء السد، وقال إن بلاده "لا تنوي" إلحاق الضرر بالسودان ومصر بمشروع سد النهضة، الذي تشيده على النيل الأزرق، وأن السد يستهدف المحافظة على الموارد المائية لإثيوبيا، "والتي كانت تتبخر في دول المصب"، بحسب تعبيره.
ونفى آبي أحمد أن يكون الغرض من إقامة السد "إلحاق الضرر بأي دولة"، مؤكداً أن "ما تسعى إليه إثيوبيا هو تلبية احتياجات مواطنيها من الكهرباء والطاقة النظيفة"، مضيفاً: "نحن هنا نسترشد بالمبادئ المقبولة والمنصفة، ولدينا التزامات تم التعبير عنها بجلاء في إعلان المبادئ الموقّع مع مصر والسودان، في مارس/آذار 2015″، ومعرباً عن أمله في التوصل إلى نتيجة عبر المفاوضات مع مصر والسودان.
آبي أحمد أشار أمام الأمم المتحدة إلى أن من الأهداف الرئيسية للسد توليد الكهرباء، وقال في هذا الصدد: "لا يمكننا أن نتحمل إبقاء أكثر من 65 مليون إثيوبي في الظلام".
بداية أكتوبر/تشرين الأول: إثيوبيا تعلن حظراً جوياً فوق سد النهضة لـ"أسباب أمنية"، فيما قال الميجر جنرال يلما ميرداسا قائد القوات الجوية قبل أيام قليلة "إن إثيوبيا مستعدة تماماً للدفاع عن السد من أي هجوم".
وأشارت الرئيسة الإثيوبية إلى أن بلادها أنجزت في يوليو/تموز 2020، عامها الأول من ملء السد بفضل سقوط المطر في المنطقة.
منتصف أكتوبر/تشرين الأول: عاد مشروع ربط نهر الكونغو بالنيل إلى الواجهة مجدداً، بعد الإعلان عن إجراء وفد من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، برئاسة اللواء محمود شاهين، دراسات جدوى لمشروع تحويل نهر الكونغو إلى نهر صالح للملاحة في المنطقة الواقعة بين كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومدينة بوما.
وتم تفسير مشاركة مصر في مشروع تجهيز نهر الكونغو للملاحة بأنها تهدف إلى ربط مياه النهر الكونغو بالنيل، في وقت تخشى فيه مصر تراجع حصتها من مياه النيل جراء سد النهضة الإثيوبي.
24 أكتوبر/تشرين الأول: دعا الاتحاد الأوروبي كلاً من مصر وإثيوبيا والسودان، إلى العمل الحثيث من أجل التوصل إلى اتفاق حول "سد النهضة"، وأضاف: "حان الآن وقت العمل، وليس وقت زيادة التوترات في المنطقة".
موقف الاتحاد الأوروبي صدر عن الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل، الذي أضاف في بيان أن أكثر من 250 مليوناً من سكان حوض النيل سيستفيدون في حال التوصل إلى اتفاق عبر الحوار لملء سد النهضة الإثيوبي، وهؤلاء يتوقعون تنفيذ استثمارات بمجال أمن المياه والري والإنتاج الزراعي وتوليد الكهرباء.
بيان الاتحاد قال إن الاتفاق على ملء الخزان أمر يمكن التوصل إليه بين كل من السودان ومصر وإثيوبيا، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي يؤيد جهود جنوب إفريقيا، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، الرامية للتوصل إلى حل عبر الحوار، ويتطلع إلى رؤية استئناف الحوار وإلى نجاح التفاوض.
25 أكتوبر/تشرين الأول: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث عن أن مصر يمكن أن تضرب سد النهضة بعد فشل الوساطة الأمريكية، قائلاً "الأمر سينتهي بتفجير مصر للسد" خلال حديثه مع رئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك في اجتماع افتراضي للاحتفال بالتطبيع السوداني مع إسرائيل بوساطة أمريكية.
26 أكتوبر/تشرين الأول: أعلنت السلطات السودانية انعقاد اجتماع افتراضي الثلاثاء، بدعوة من دولة جنوب إفريقيا ورعاية الاتحاد الإفريقي لوزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا، لبحث استئناف مفاوضات سد النهضة، وذلك بعد اتهام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأديس أبابا بانتهاك اتفاق بشأن السد.
4 نوفمبر/تشرين الثاني: مصر تعلن أنه "لا مجال لاستئناف المفاوضات" لأنها لا توافق على منهجية استكمال حوار سد النهضة، وذلك بعدما اجتمع وزراء مياه الدول الثلاث عبر الاتصال المرئي؛ لمناقشة الإطار الأمثل لإدارة المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الإفريقي.
وقالت وزارة الري المصرية إنه "قد اتضح خلال المناقشات عدم توافق الدول الثلاث على منهجية استكمال المفاوضات في المرحلة المقبلة". وتابع بيان الوزارة: "اتفقت الدول الثلاث على أن ترفع كلٌّ منها تقريراً إلى جنوب إفريقيا بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، يشمل مجريات الاجتماعات".
4 نوفمبر/تشرين الثاني: بدأت حرب تيغراي بعد دخول جنود جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي وقوات الدفاع الوطني الإثيوبية في صراع، بعد ورود أنباء عن هجمات للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على مقر القيادة الشمالية لقوة الدفاع الوطني في ميكيلي عاصمة الإقليم، وقواعد أخرى للقيادة الشمالية للجيش الإثيوبي، ورداً على ذلك تم شن هجوم إثيوبي رافقه إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الخدمات الحكومية في المنطقة خلال الأيام اللاحقة، استمرت المناوشات وأعلن البرلمان الإثيوبي تشكيل حكومة مؤقتة لتيغراي.
حرب تيغراي تبدأ، والإمارات تدعم إثيوبيا، ومصر والسودان تجريان مناورات
6 نوفمبر/تشرين الثاني: إثيوبيا ترجع سبب فشل آخر المفاوضات حول سد النهضة إلى خلاف مع مصر "حول الدور المعزز لخبراء الاتحاد الإفريقي في المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة الإثيوبي".
في اليوم ذاته، علَّقَ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، على الأزمة الإثيوبية خلال اتصالٍ هاتفي مع جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للأمم المتحدة للشؤون الخارجية، قائلاً: "تقف الإمارات مع الدول الصديقة في حربها ضد الإرهاب والتطرُّف"، في إشارةٍ إلى دعم الإمارات للحكومة الإثيوبية ضد جبهة تحرير تيغراي، رغم أن ذلك يخالف مصر حليفها العربي الكبير.
14 نوفمبر/تشرين الثاني: إعلان مصر والسودان عن إجراء مناورات عسكرية بالتزامن مع تصاعد الحرب في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، ليثير تساؤلات حول احتمالات تدخل مصر والسودان في أزمة تيغراي.
السودان يقرر وقف المفاوضات بشكلها الحالي.. لا نريد تجريب المجرب
19 نوفمبر/تشرين الثاني: السودان يقرر عدم الاستمرار في المفاوضات ويعتبر "أن مصر وإثيوبيا وصلتا إلى الباب المسدود"، وقال ياسر عباس وزير الري والموارد المائية السوداني، إن بلاده قررت عدم مواصلة التفاوض حول سد "النهضة" الإثيوبي "وفق المنهج السابق"، وطالب بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي لاعتماد دور الخبراء ودفع المفاوضات سياسياً، وصولاً لاتفاق مُرضٍ لكل الأطراف.
كما انتقد رئيسة الاجتماع، وزيرة التعاون الدولي بدولة جنوب إفريقيا، رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، وقال إنها قامت بمخالفة إجرائية واضحة عندما مضت في الدعوة لمواصلة التفاوض لمدة 10 أيام قادمة".
عباس أوضح أن بلاده ترى "هذا الأمر غير ذي جدوى، وتمت تجربته في السابق مراراً دون تقدم يذكر"، وأكد أن السودان متمسك بالعملية التفاوضية، برعاية الاتحاد الإفريقي، للتوصل إلى اتفاق ملزم برضا جميع الأطراف، بمنهجية جديدة تمنح دوراً أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقي، لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث".
وأردف أن "مصر وإثيوبيا أصرتا على مواصلة التفاوض بالأساليب المجربة التي وصلت إلى طريق مسدود في السابق".
22 نوفمبر/تشرين الثاني: السودان يرفض المشاركة في اجتماع وزاري للدول الثلاث حول السد، عبر دائرة تلفزيونية، داعياً إلى منح دور أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقي لتسهيل التفاوض.
من جانبه أكد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أن سد الروصيرص (سوداني على مقربة من سد النهضة) يتأثر مباشرةً بكل ما يحدث في سد النهضة، ولا يمكن تشغيله بأمان دون التوصل لاتفاق.
26 نوفمبر/تشرين الثاني: وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي يعلن، أن سد النهضة سيبدأ توليد الكهرباء في يونيو/حزيران 2021.
من جهة أخرى، دعا رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان إلى حشد الدعم الوطني لموقف بلاده بشأن سد النهضة، والتحرك على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والأمنية كافة، لدعمه باعتبار أن الملف يتعلق بالأمن القومي للبلاد".
5 ديسمبر/كانون الأول: السودان يرفض اللجوء للقوة في أزمة السد، حيث قال وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر، إن السودان لن يقبل الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي دون اتفاق، مشدداً على رفضه اللجوء إلى القوة في معالجة الأزمة، واعتبر أن تدويل مشكلة السد لم يحِن وقته، وأن بلاده تتبنى التفاوض كخيار وحيد.
كما أضاف: "انسحاب السودان من التفاوض كان لتوضيح موقف محدد، ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك على اتصال دائم بنظيريه في مصر وإثيوبيا، ونأمل أن تثمر تلك الاتصالات لتقريب وجهات النظر للوصول إلى اتفاق".
وأشار الوزير إلى أن "ملف سد النهضة في الآونة الأخيرة تم التوافق على 90%، وتبقى 10% من النقاط الخلافية تحتاج إرادة سياسية".
7 ديسمبر/كانون الأول: الحكومة الإثيوبية تعلن انتهاء العمليات العسكرية في إقليم تيغراي المتمرد، مؤكدة أن "المهمة تتركز الآن على إيصال المساعدات الإنسانية للسكان".
13 ديسمبر/كانون الأول: بعد أن قاطع السودان الجولة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة التي عقدتها مصر مع إثيوبيا، أعلنت الحكومة السودانية أنها اتفقت مع إثيوبيا على استئناف المفاوضات حول سد النهضة خلال أسبوع، وجاء الإعلان خلال زيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك لأديس أبابا، والتي التقى خلالها نظيره الإثيوبي آبي أحمد.
19 ديسمبر/كانون الأول: السودان يعلن إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة من الجيش السوداني إلى الحدود مع إثيوبيا لـ"استعادة أراضيه المغتصبة" في ولاية القضارف، شرقي البلاد، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
وجاء تحرك الجيش السوداني بعد 3 أيام على إعلان الجيش سقوط خسائر في الأرواح والمعدات، جراء تعرض قواته لاعتداء من ميليشيا إثيوبية داخل أراض قرب منطقة "الفشقة"، فيما لم تعقب إثيوبيا رسمياً على الحادثة.
21 ديسمبر/تشرين الأول: بعد 21 سنة من سيطرة ميليشيات إثيوبية عليها، القوات السودانية تدخل آخر نقطة على الحدود مع إثيوبيا وهي منطقة خورشيد.
كيف حققت إثيوبيا هدفها؟
من الواضح أن إثيوبيا حقَّقت الهدف الأول لها، وهو البدء في ملء السد مع استمرار المفاوضات، بحيث أرست مبدأ أنه يجوز لها التصرف في مياه النيل دون اتفاق، مع تقبل مصر والسودان لهذا الوضع حتى ولو على مضض.
ونفذت إثيوبيا هذا الهدف عبر خليط من التصعيد مع القيادة المصرية وتقديم وعود لها حمالة أوجه بالتفاوض، والتحرش العسكري بالسودان، مع تقديم نفسها كوسيط نزيه بين العسكريين واليسار السوداني مع إغراء الخرطوم ببعض المنافع من السد.
ولكن أكثر الخطوات دهاء من قبل إثيوبيا كانت إعلانها بدء ملء السد، في 15 يوليو/تموز، الذي أكدته صور الأقمار الصناعية وتقارير انخفاض مياه النيل الأزرق في السودان، ثم التراجع عن الإعلان، وهو ما أسهم في تبريد الموقفين المصري والسوداني، وإضعاف الخط الأحمر المفترض والذي كان ملء السد.
فالأرجح أن آبي أحمد عبر هذا الخط الأحمر يوم 15 يوليو/تموز، ولكنه أراد تبريد الرد المصري والسوداني بالنفي.
وكان غريباً تعامل مصر ببيروقراطية مع الإعلان الإثيوبي والاكتفاء بإرسال طلب استيضاح رغم التقارير القادمة من السودان، والتي حاولت وسائل الإعلام المقربة من النظام المصري التقليل من أهميتها (المفارقة أن صور الأقمار الصناعية التي تظهر ملء السد جاءت من وكالة أسوشيتد برس الأمريكية).
ولكن الأغرب هو قبول السيسي حضور القمة الإفريقية المصغرة أمس، بالتزامن مع إعلان إثيوبيا ملء السد، وخروج هذا البيان التوافقي المخملي الذي لا يتلاءم أبداً مع هول الموقف ولا تهديداته السابقة، ولا المخاطر التي يحملها المستقبل بعد أن بدأت إحدى دول المصب في التصرف في النهر الأطول في العالم بشكل منفرد، وهو ما قد يفتح الباب لتكراره مع دول أخرى، والأسوأ أنه يفتح الباب لتكرار الأمر من قبل إثيوبيا بشكل أكبر ضرراً على مصر والسودان.
والغريب أن القاهرة لم تحاول استغلال حديث الرئيس الأمريكي باحتمال ضربها للسد، والذي عبّر عن دعم أمريكي لافت، وغضب من إثيوبيا، وضوء أخضر للقاهرة للتصعيد، ولكن الأغرب أن القاهرة لم تحاول دعم جبهة تحرير تيغراي، في مواجهة الحكومة الإثيوبية، وهو أمر شائع في العلاقات الدولية، واستخدمه الغرب مراراً، كما كان يمكن أن تضغط على حليفها الإمارات لتخفيف دعمها لأديس أبابا، بينما نجح السودان في تحقيق مكسب لا بأس به من هذه الأزمة عبر استعادة سيطرته على منطقة الفشقة.