رغم أن إيران تواجه عقوباتٍ أمريكية ساحقة، لا تزال هناك طرقٌ أمام طهران للحصول على لقاحات كورونا المُستجَد، حيث تعاني البلاد من أسوأ تفشٍ للجائحة في الشرق الأوسط. وبعد التقليل من تفشي الفيروس في وقتٍ سابق، أقرَّت إيران بنطاق الكارثة التي تواجهها بعد تسجيل 1.1 مليون حالة إصابة وأكثر من 52 ألف حالة وفاة. وسيكون الحصول على اللقاح لشعب إيران خطوةً رئيسيةً لإيقاف الأزمة.
لكن في حين أن إيران قادرةٌ على الحصول على اللقاحات، لا تزال هناك تحدياتٌ تتراوح من العقوبات المفروضة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخدمات اللوجستية لإجراء التطعيمات على نطاقٍ واسع.
كيف يمكن أن تحصل إيران على لقاحات كورونا؟
تقول صحيفة Washington Post الأمريكية إن إيران شاركت في "كوفاكس"، وهو البرنامج الدولي المُعَد لتوزيع لقاحات فيروس كورونا المُستجَد على الدول المشاركة في جميع أنحاء العالم. ويُدار البرنامج جزئياً بواسطة التحالف العالمي للقاحات والتحصين. ويقول التحالف إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية أصدر بالفعل ترخيصاً لإيران للمشاركة. وامتنعت وزارة الخزانة عن التعليق.
ومن جانبها، تزعم إيران أن العقوبات الأمريكية أثَّرَت على قدرتها على شراء الأدوية واللقاحات، وقال الرئيس حسن روحاني إن على الإيرانيين "أن يلعنوا ترامب ألف مرة" بسبب مثل هذه المصاعب. وللعقوبات الأمريكية بنودٌ مُحدَّدة للأدوية والمساعدات الإنسانية لإيران، لكن البنوك والمؤسَّسات المالية الدولية تتردَّد في الدخل في معاملاتٍ مع إيران خوفاً من تغريمها أو إقصائها عن السوق الأمريكية.
ومع ذلك، فإن العقوبات لن تمنع إيران من إرسال حمولة نقدية إلى جنيف لدفع ثمن مشاركتها في برنامج كوفاكس. ورفض التحالف العالمي للقاحات والتحصين تقديم أيِّ معلوماتٍ حول المدفوعات أو الطلبات الإيرانية، رغم أن إيران، بموجب قواعد التحالف، يمكنها أن تطلق لقاحاتٍ لـ50% من سكَّانها البالغ عددهم 82 مليون نسمة.
وانتقد علي رضا ميريوسفي، المتحدِّث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، الولايات المتحدة بسبب عقوباتها وقيودها المصرفية، التي قال إنها "وضعت بقسوةٍ العديد من العقبات في طريق حصول إيران على لقاح كوفيد-19".
وقال ميريوسفي: "ومع ذلك، جنباً إلى جنبٍ مع تجارب اللقاحات المحلية الخاصة بنا، نتوقَّع من المجتمع الدولي وشركات الأدوية الدولية التي تعمل على الأمر الوفاء بالتزاماتها الإنسانية وتسريع جميع طلباتنا".
لم تبدأ الجهود المحلية لإنتاج لقاحٍ بشكلٍ جدي، مِمَّا يعني أن الجمهورية الإسلامية قد تحتاج إلى الاعتماد على اللقاحات بالخارج.
هل تتمتَّع إيران ببنيةٍ تحتية تسمح بحصول شعبها على اللقاحات على نطاقٍ واسع؟
بالنسبة للقاحات الأطفال، حقَّقَت إيران، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، نسبة نجاحٍ 100% تقريباً في التطعيمات. وغالباً ما يأتي أشخاصٌ من دولٍ مُجاوِرة إلى إيران لتلقي الرعاية الطبية أيضاً. وتُعرَف المستشفيات في إيران بأنها من ضمن الأفضل في الشرق الأوسط، مع وجود شبكةٍ من العيادات في القرى والمدن الكبرى على السواء. وتقدِّم المرافق التي تديرها الدولة رعايةً صحية، في حين أن المستشفيات الخاصة يمكن أن تكون باهظة الثمن بشكلٍ لا يُصدَّق، كما تقول الصحيفة الأمريكية.
ومع ذلك هناك أسئلةٌ حول لوجستيات حملة التلقيح الشاملة. ومن المُحتَمَل أن يحتاج أسطول الطائرات الإيراني العتيق أن يطير لتسلم لقاحاتٍ مصنوعة في الخارج، إذ لا تطير العديد من شركات الطيران إلى إيران بسبب العقوبات. ومن المُحتَمَل أيضاً أن يمثِّل الحفاظ على اللقاحات شديدة البرودة، كما في حالة لقاح شركتيّ فايرز وبيوانتك، المطلوب حفظها في درجة حرارة أقل من 70 درجة مئوية، تحدياً كبيراً. وبحسب ما ورد، قال مصطفى غني، مدير اللجنة العلمية في المقر الوطني الإيراني لمكافحة فيروس كورونا المُستجَد، إن إيران لا تريد لقاح فايزر لهذا السبب.
هل ستقبل إيران لقاحاً أمريكياً؟
يبقى الأمر محل تساؤل. في وقتٍ مبكِّرٍ من تفشي الجائحة، طَرَحَ المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي نظرية مؤامرة لا أساس لها تدَّعي أن الفيروس قد يكون من صنع الإنسان. وفي تلك التصريحات، التي أدلى بها في مارس/آذار، أشار إلى أنه "من المُحتَمَل أن يكون الدواء وسيلةً لنشر الفيروس بشكلٍ أكبر". يبدو أن هذه التصريحات تهدف إلى رفض أيِّ مساعدةٍ أمريكية من إدارة ترامب، لكن المسؤولين الإيرانيين ينتقدون الآن أيضاً الرئيس المُنتَخَب جو بايدن على نحوٍ متزايد.
وتدرس إيران خيارات لقاحات صينية وروسية. ومع ذلك، إذا اعتمدت على برنامج كوفاكس في اللقاحات، قد يختار البرنامج إصدار لقاحاتٍ أمريكية الصنع. وهناك أيضاً تأثيرٌ على التكلفة بالنسبة لإيران إذا قرَّرَت اختيار اللقاح الذي تريده من كوفاكس، إذ ستكون بحاجةٍ إلى دفع 3.5 دولار للجرعة الواحدة مقدَّماً حتى تتمكَّن من رفض اللقاح المُقدَّم، مقابل 1.6 دولار للجرعة. وإذا اختارت إيران تلقيح نصف سكَّانها من خلال كوفاكس، فإن هذا يعني 143.5 مليون دولار بدلاً من 65.5 مليون دولار كدفعة أوَّلية. وقد يؤدِّي رفض عرض لقاح كوفاكس إلى حصول إيران على الجرعات لاحقاً أيضاً.