بعد 14 عاماً من آخر استخدام لها في حرب لبنان الثانية، سيعيد سلاح المدفعية في جيش الاحتلال الإسرائيلي قريباً، الحياة لنسخة جديدة من صاروخ عنقودي "فتاك" جديد، يحمل عشرات القنابل الصغيرة تنتشر في الميدان ويُحدث "تأثيراً تدميراً مميتاً بآلاف الشظايا"، كما نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية.
وقالت الصحيفة إنه في ظل جدل دولي حول تحريم مثل هذه القنابل، وبعد 14 عاماً من إيقافها في الجيش الإسرائيلي، سيتم إدخال الصاروخ الفتاك الذي أطلق عليه اسم "راعم إيتان" أو "الرعد القوي" في الخدمة قريباً. وكانت إسرائيل قد أوقفت استخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً بعد حرب لبنان عام 2006 بعد ضغوط دولية، لكنها امتنعت عن الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار القنابل العنقودية التي دخلت حيز التنفيذ في 2010.
ما هو السلاح الإسرائيلي الجديد الذي يعد محرماً دولياً؟
تقول الصحيفة العبرية إنه تم تطوير الصاروخ الجديد، المعروف باسم "راعم إيتان"، بواسطة شركة "إلبيت" للصناعات العسكرية، كجزء من سلسلة من التجارب في جنوب إسرائيل في العام الماضي. ومن المتوقع أن يتم استيعابها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة في كتيبة الصواريخ التابعة للواء النار (لواء 282) في سلاح المدفعية، وستنضم سلسلة الصواريخ الجديدة إلى صواريخ "سبير" الدقيق المصمم لضرب مجموعة من الأهداف من المباني والبطاريات المضادة للطائرات، وحتى المركبات، على مدى 40 كيلومتراً.
سيتم إطلاق صاروخ "راعم إيتان" من قاذفات "ميلرز" التابعة لسلاح المدفعية. تقول الصحيفة: "الابتكار الرئيسي فيه هو في معدل القنابل التي ستنفجر مع تأثير الصاروخ، وهو معدل مرتفع للغاية، على عكس الأسلحة السابقة، التي لم يتم بناؤها بهذه الطريقة المتطورة، وكان من الممكن أن تترك العديد من القنابل التي لم تنفجر".
ومنذ حرب لبنان الثانية، ظلت الذخائر العنقودية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، غير مستخدمة في المستودعات العسكرية. يقول ضابط كبير في سلاح المدفعية لـ"يديعوت أحرونوت": "إن السلاح العنقودي جيد لإسرائيل، لكن منذ حرب لبنان الثانية لم نستخدمه". وأضاف: "بينما تم تصميم صاروخ (الرمح) لضرب هدف صغير نسبياً مثل غرفة في مبنى، فإن صاروخ "راعم إيتان" سيكون أكثر إنتشاراً، ويستخدم لضرب العدو في المناطق مفتوحة حيث يختبئ أو يتجهّز.. وقال: "هكذا استعدت كتيبة الصواريخ في سلاح المدفعية الإسرائيلي للحرب القادمة ضد حزب الله".
"أفتك سلاح" للقوات البرية الإسرائيلية لمواجهة حزب الله
تقول الصحيفة العبرية إنه يمكن استخدام صاروخ "راعم إيتان" من قِبَل القوات المُقاتلة في الأماكن المفتوحة، وفي سيناريوهات مختلفة، مثل مناورة قوة مشاة ودروع لجيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، في ظل مخاوف من أن حزب الله قد نشر فرقة مضادة للدبابات تضم قاذفات مضادة للدروع ومراقبين (عناصر الاستطلاع) غير متجاورين.
وتضيف الصحيفة: "يمكن أن تكون مناطق التجمع والتحضير لعشرات من مقاتلي حزب الله قبل شن غارة على الأراضي "الإسرائيلية" هدفاً محتملاً باستخدام صاروخ من هذا النوع".
وتشرح الصحيفة أنه "إذا تم إطلاق صاروخ في مثل هذا الفضاء، فسيكون له تأثير وتدمير واسع النطاق، إلى جانب إصابة جنود العدو (عناصر حزب الله) أو حتى قتلهم. وبالتالي، يقدر الجيش الإسرائيلي بأنه سيتم تطهير المنطقة من العدو إن كان في منطقة مخفية أو مرئية، وسيسمح بمرور أكثر أماناً للقوات الإسرائيلية، أو على الأقل "تحفيز" المنطقة وسيسمح بالكشف الاستخباراتي أو جمع معلومات أفضل عن العدو فيها".
وتشير الصحيفة، نقلاً عن الضابط المسؤول بسلاح المدفعية، إلى أنه "سيتمكن مقاتلو سلاح المدفعية من إطلاق ما يصل إلى 12 صاروخاً من نفس منصة الإطلاق بالتوازي، لكن يُقدر أن معدل إطلاق النار سيكون أكثر اعتدالاً. سيضرب الصاروخ الهدف الذي ستتم تغذيته في القلب، ولكن على عكس مصطلح الأسلحة المماثل، خاصة سلاح الجو، لن يكون من الممكن قيادته أي التحكم بتوجيهه بعد الإطلاق. وشدد الضابط على أن صاروخ "راعم إيتان" سيكون "أكثر الأسلحة دموية وفتكاً" في القوات البرية للجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى أن قاذفة أرضية يمكن أن تحتوي على ثلاثة إلى أربعة أضعاف تسليح طائرة مقاتلة متوسطة.
الجبهة الشمالية ستكون مكان نشر الصاروخ الجديد
وسوف يتم تسلّم الصواريخ العنقودية في كتيبة الصواريخ التابعة للواء 282 والتي تخدم أيضاً مقاتلين وضباطاً سيقودون الضربات النارية في بداية الحرب القادمة المتوقعة في الجبهة الشمالية. وفي الأسابيع الأخيرة، أجرت الكتيبة تدريبات مكثفة في مرتفعات الجولان، تضمنت استخدام تقنيات إطلاق نار مختلفة من مواقع بعيدة، كجزء من محاولة "لزيادة نطاق الضربة بشكل كبير".
وتشير الصحيفة إلى أنه بواسطة قاذفة الصواريخ الجديدة التي ستكون في "وادي الحولة" في الوقت الفعلي، ستكون قوات المدفعية قادرة على مساعدة القوات البرية المناورة في القطاع الغربي من جنوب لبنان، وتلك التي تقترب من معبر نهر الليطاني في المناطق الشرقية للقطاع اللبناني.
يقول الضابط في سلاح المدفعية عن الاستعداد للمواجهة القادمة: "سنقوم أيضاً بعمليات نيران مستقلة من خلال الرادارات وكذلك الطائرات بدون طيار التابعة لنا، مثل طائرة سكاي لارك وسكاي دوهر، حيث ستساعد في ضبط عمليات الإطلاق". وأشار الضابط في سلاح المدفعية إلى "أن قائد الكتيبة أو اللواء الذي سينفذ عمليات المناورة سيدخل بقوات برية إلى لبنان، وسيحصل في وقت سريع على كامل الدعم الناري للمساعدة في مناوراته، من النيران الدقيقة إلى قذائف المدفعية وغيرها".
وأردف: "من خلال نيراننا، وأسلحتنا المختلفة، سنقوم بإرهاب للعدو، بإطلاق النار في أماكن لم يتم دخولها برياً بالفعل. في تدريبات الكتيبة كان قائد البطاريات مطلوباً منه عدة مهام في نفس الوقت مثل إنقاذ قائد سرية من لواء جولاني دخل بمعركة في قرية لبنانية من خلال تقديم الدعم الناري، وفي نفس الوقت مهاجمة أهداف أخرى في مكانين مختلفين بالنيران فقط، على بُعد عشرات الكيلومترات من هناك".
لإسرائيل سوابق تاريخية باستخدام القنابل العنقودية المحرَّمة دولياً
تعتبر القنابل العنقودية أسلحة غير تقليدية محرمة دولياً، وهي تتكون من عبوة ينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء، وتستخدم للهجوم على أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة أو الأشخاص، أو لإضرام الحرائق، حيث يتم إسقاط القنابل العنقودية جواً أو قصفها من الأرض.
ويمكن للقنابل الصغيرة الموجودة داخلها أن تغطي منطقة كبيرة، حيث يتم قذفها من ارتفاعات متوسطة أو عالية بما يزيد من احتمالات انحرافها عن الهدف، حيث إنها تفتقر إلى التوجيه الدقيق. وبسبب ذلك، فمعدل فشلها كبير جداً، حيث إن كثيراً منها لا ينفجر، ولكن يستقر في الأرض كألغام قد تنفجر بعد سنوات، ما يشكل خطراً كبيراً على المدنيين.
يحتوي أحد أنواع القنابل العنقودية على قنابل صغيرة تنجذب نحو الحرارة حيث تنطلق تلقائياً نحو العربات والمركبات العسكرية، وتُستخدم أنواع أخرى من القنابل العنقودية لنشر الألغام الأرضية.
وتتهم تقارير دولية إسرائيل بشن هجمات عشوائية بالقنابل العنقودية على جنوب لبنان في حرب 2006 مع حزب الله، وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش: إن إسرائيل أطلقت أعداداً هائلة من القنابل العنقودية على لبنان؛ مما خلَّف قنابل صغيرة تسببت في مقتل وتشويه زهاء 200 شخص منذ انتهاء الحرب.
وقد أمطرت إسرائيل جنوب لبنان بما يُقدر بـ4.6 مليون متفجرة عنقودية صغيرة في 962 هجمة على الأقل، والغالبية العظمى من هذه الهجمات تمت في الأيام الثلاثة الأخيرة من حرب يوليو/تموز 2006، حين كانت إسرائيل تعرف بأن التسوية وشيكة. وبحسب هيومن رايتس ووتش فقد قام الجنود الإسرائيليون بإطلاق الذخائر العنقودية من نظم إطلاق الصواريخ المتعددة.
وأصابت إسرائيل عشرات البلدات والقرى بالذخائر العنقودية، لتتسبب في اضطراب طويل الأجل وواسع النطاق لحق بالاقتصاد الزراعي إلى حد كبير. وخلصت أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أن الكثير من الهجمات على المناطق المأهولة بالسكان يبدو أنه لم يكن لها هدف عسكري محدد.
واستتبعت هجمات إسرائيل بالذخائر العنقودية عدة تحقيقات بدأت إثر انتهاء النزاع. فقد خلص تقصيان أجرتهما الأمم المتحدة إلى أن استخدام إسرائيل للذخائر العنقودية انتهك كلاً من مبدأ التمييز ومبدأ التناسب. وخلصت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن إسرائيل "ربما خالفت اتفاقيات سرية مع الولايات المتحدة بشأن متى وكيف يمكن استخدام الذخائر العنقودية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل".