ماذا يقول القانون الدولي عن تفتيش ألمانيا سفينة تركية متوجهة إلى ليبيا؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/06 الساعة 07:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/07 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش
سفن تركية في شرق المتوسط/رويترز

واقعة تفتيش قوات ألمانية سفينة تجارية تركية كانت متوجهة إلى ليبيا في إطار عملية "إيريني" وما تلاها من تبادل الاتهامات بين الجانبين تطرح تساؤلات بشأن ما يقوله القانون الدولي بشأن تلك الحادثة الخطيرة.

ماذا قالت ألمانيا وتركيا عن الحادث؟

تعرَّضت سفينة تجارية تحمل علم تركيا واسم "Roseline A" للإيقاف والتفتيش من قبل قوات فرقاطة ألمانية تسمى "هامبورغ"، يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في إطار عملية "إيريني" الأوروبية التي يفترض أنها تمنع وصول الأسلحة إلى ليبيا.

السفينة التجارية كانت قد انطلقت من ميناء أمبارلي بإسطنبول متجهة إلى ميناء مصراته في ليبيا وعلى متنها مستلزمات طلاء وأغذية ومساعدات إنسانية، وأدى الاقتحام والتفتيش الذي استمر لأربع ساعات إلى أزمة دبلوماسية جديدة ألقت بالشكوك حول دور ألمانيا كوسيط في النزاع بين اليونان وتركيا في شرق المتوسط.

وزارة الدفاع الألمانية قالت إن قواتها نفذت التفتيش بناء على تعليمات تلقتها من مقر عملية "إيريني" في روما، وإن عدم اعتراض تركيا في غضون 4 ساعات يعني الموافقة على التفتيش، كما صدر بيان مشابه من الاتحاد الأوروبي حول عملية التفتيش.

ميركل وأردوغان، أرشيفية/ الأناضول

لكن تركيا، من جانبها، نفت أنها لم تقم بالرد، وقالت إن قوات "إيريني تجاهلت الرسائل المكتوبة والشهية التي أرسلتها السلطات التركية" قبل أن تقتحم السفينة، وأصدرت الخارجية التركية بياناً قالت فيه إنه بعد "احتجاج تركيا على ذلك الاقتحام غير القانوني واحتفاظها بحق طلب التعويض غيرت إيريني موقفها، وأدركت أنها لا تملك حق تفتيش السفينة دون موافقة دولة العلم".

ماذا يقول القانون الدولي؟

عملية "إيريني" هي قوة أوروبية مقرها الرئيسي إيطاليا، وتتولى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، لكنها تتعرض منذ سنوات لانتقادات أممية بسبب ازدواجية المعايير في أدائها لمهمتها مع تدفق الأسلحة براً وبحراً وجواً إلى قوات شرق ليبيا، بقيادة خلفية حفتر، الذي انقلب على حكومة الوفاق الوطني المعترف بها أوروبياً وأممياً، وحاول اقتحام طرابلس، لكنه تعرّض للهزيمة.

وفيما يخص واقعة السفينة التركية، فقد تم التوقيع على "اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية" في عام 1988، في إطار المنظمة البحرية الدولية (IMO)، وهي منظمة متخصصة تابعة للأمم المتحدة (UN) بشأن الأعمال المتعلقة بالقرصنة والأنشطة غير المشروعة والإرهابية في البحار الدولية.

حلف الناتو
تركيا و حلف الناتو

وتعد تركيا طرفاً في هذه الاتفاقية وبروتوكول 2005، ووفقاً للمادة 8 من الاتفاقية، يجب الحصول على موافقة صريحة من دولة العلم لإيقاف السفن وتفتيشها من أجل تحقيق الأمن البحري. 

ومن ناحية أخرى، تنص الاتفاقية على إمكانية تفتيش أي سفينة في غضون 4 ساعات بإذن من دولة العلم. ويمكن تطبيق قاعدة الـ4 ساعات إذا أبلغت الدول المعنية المنظمة البحرية الدولية موافقتها وقامت بتحديد مؤسسة معنية بالأمر.

وفي هذا الصدد، لم تقم تركيا أبداً بعملية إبلاغ للمنظمة البحرية الدولية بموجب المادة 8، ولم تعين أي مؤسسة معنية بهذا الأمر، لذلك فإنه لا يمكن من الناحية القانونية تطبيق قاعدة الـ4 ساعات على تركيا.

كما أن المنظمة تترك موضوع الموافقة على هذا الشرط أو رفضه للدول المشاركة في الاتفاقية، وهنا يتم اعتبار تفتيش قوات عملية إيريني للسفينة التي ترفع العلم التركي مخالفاً للقانون الدولي لأن تركيا لم تقدم للمنظمة أي إخطار.

وفي وقت سابق، قالت وزارة الدفاع التركية في بيان إن الفرقاطة الألمانية استجوبت عبر اللاسلكي السفينة التجارية بينما كانت في عرض البحر الساعة 12:30 يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وبعد ذلك طلب مركز عمليات إيريني الإذن لتفتيش السفينة.

إبلاغ مركز العملية عن عدم منح تركيا الإذن للتفتيش تم الساعة 17:44، لكن رغم عدم موافقة دولة العلم (تركيا) وقبطان السفينة، فإن فرق البحث المسلحة التابعة للفرقاطة الألمانية صعدت إلى السفينة التركية بالقوة بعد هبوطها بالمروحية الساعة 18:00.

قامت القوات بإنهاء التفتيش عقب توجيه الجانب التركي التحذيرات اللازمة وإعلانه أنه سيقوم بتفعيل جميع الآليات القانونية الدولية بما في ذلك التعويض، وبالتالي فإن اضطرار عناصر الاتحاد الأوروبي لوقف التفتيش عقب هذه التحذيرات يعد أيضاً من الأمور التي تثبت أن تركيا هي المحقة من الناحية القانونية.

لا أساس لعملية المداهمة الأوروبية "إيريني"

وأما القضية الأخرى المثيرة للجدل حول هذا الموضوع، فهي موقع وصلاحية قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والتي يمكن استخدامها كمرجع في عملية تفتيش السفينة التي ترفع العلم التركي.

ومن الممكن القول إن العلاقة بين قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والاتفاقيات الدولية بشأن هذه القضية ليست علاقة هرمية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل مع خليفة حفتر وفايز السراج/رويترز

ويعتبر من الإشكاليات العدائية قيام عناصر من الاتحاد الأوروبي بعملية تفتيش في المياه الدولية لسفينة تجارية تابعة لتركيا، التي تمتلك أحد أطول الأشرطة الساحلية في المتوسط.

كما أن تعرض تركيا -العضو في حلف شمال الأطلسي والمرشحة لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي- لهذه المزاعم ومزاعم أخرى لا أساس لها، تشكل إحدى المشاكل العميقة بالنسبة لعلاقات التحالف.

ومن المعروف معارضة اليونان وفرنسا تحديداً لوضع تركيا في شرق المتوسط وليبيا، وأخيراً في إقليم "قره باغ".

لكن قيام فرقاطة ألمانية ضمن عملية "إيريني" الحالية بعملية إنزال عسكرية على سفينة تركية وتفتيشها لفترة طويلة وسط ظروف بحرية صعبة، والتدخل بعنف أثناء التفتيش، وإصدار بيانات عقب ذلك، ألحق ضرراً بأماني ألمانيا للعب دور الوسيط في هذه المسألة.

كما تعتبر عملية "إيريني" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في المتوسط لمراقبة قرار الأمم المتحدة بحظر توريد السلاح إلى ليبيا في موضع مثير للجدل، إذ تتعرض لانتقادات بأنها منحازة وغير قانونية لعدم حصولها على إذن واستشارة حكومة الوفاق الوطني الليبية، التي تعتبر الحكومة الشرعية في قرار مجلس للأمن للدولي ذات الرقم 2292.

تحميل المزيد