يزور الأحد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فرنسا، في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام، سيلتقي خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث تتضمن أجندة الزيارة العديد من القضايا الساخنة في الشرق الأوسط، وتهدف إلى "تعزيز التعاون الفرنسي المصري في مواجهة الأزمات في الشرق الأوسط، من دون تجاهل المسألة الحساسة لحقوق الإنسان"، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية السبت.
أزمة حقوق الإنسان في مصر على جدول الأعمال
بعد سنتين تقريباً على اجتماعهما في القاهرة الذي كشف خلافات حول مسألة حقوق الإنسان في مصر، سيلتقي السيسي بالرئيس ماكرون، بعد أن كان الأخير قد عبّر في 27 يناير/كانون الثاني 2019 عن "أسفه لأن الوضع لا يتقدم في الاتجاه الصحيح" في مصر بسبب سجن مدوِّنين وصحافيين وناشطين.
وردّ السيسي الذي يتولى رئاسة مصر منذ 2014 بعدما أزاح الجيش الرئيس المدني المنتخب الراحل محمد مرسي عن السلطة: "لا تنسوا أننا في منطقة مضطربة".
لكن تقول "أ ف ب" إن اللقاء سيعقد بين رئيسي الدولتين في أجواء أفضل بعد الإفراج عن ثلاثة من مسؤولي منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، كان قد أثار اعتقالهم في نوفمبر/تشرين الثاني غضباً في فرنسا ودول أخرى. ولم يتمّ الإعلان عن زيارة السيسي إلا بعدما أمرت النيابة المصرية الخميس بالإفراج عنهم.
منظمات حقوقية تطالب ماكرون بالضغط على السيسي للإفراج عن معتقلين
الرئاسة الفرنسية علقت على الإفراج عن 3 حقوقين مصريين بقولها: "نرحب بذلك وهي إشارة إيجابية"، مؤكدة أن ماكرون سيتطرق من جديد إلى قضية حقوق الإنسان في مصر.
وطالبت 18 منظمة حقوقية دولية، الخميس، ماكرون، بالضغط على السيسي بشأن "انتهاكات حقوق الإنسان"، والإفراج عن المعتقلين "تعسفياً". جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته بينها منظمتا "العفو الدولية"، و"هيومن رايتس ووتش"، و"رابطة حقوق الإنسان".
وتتابع المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان بدقة هذا الجانب من الزيارة. وقد وجهت نداء إلى الرئيس الفرنسي دانت فيه "تساهل فرنسا على أعلى مستوى" في مواجهة "القمع العنيف" في مصر.
وقالت هذه المنظمات إن موقف باريس لا يمكن أن يقتصر على "إدانة شفهية"، مشيرة إلى أن لدى فرنسا، مع زيارة السيسي "فرصة وواجباً لاتخاذ موقف علني قوي".
وتتذكّر المنظمات الحقوقية الزيارة السابقة التي قام بها الرئيس المصري إلى باريس في أكتوبر/تشرين الأول 2017، عندما رفض إيمانويل ماكرون "إعطاءه دروساً" في حقوق الإنسان مفضلاً التركيز على "معركتهما المشتركة ضد الإرهاب".
وأعربت المنظمات عن قلقها بشأن الاعتقالات في مصر، مؤكدين أن فرنسا ستقوض الجهود المبذولة في مجال حقوق الإنسان؛ إذا لم يعرب ماكرون عن مخاوفه أمام السيسي بشأن الاعتقالات.
لكن لدى ماكرون أولويات أكبر من القضايا الحقوقية سيناقشها مع السيسي
وتعتبر مصر في مقدمة البلدان التي صدرت إليها فرنسا أسلحة بين أعوام 2013 و2017، وتقول "أ ف ب": تبقى الأولوية بالنسبة لفرنسا تعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان في العالم العربي ويعتبر "قطب استقرار" في منطقة "لا تزال متقلبة".
وسيقوم رئيسا البلدين باستعراض تعاونهما في قضايا الأمن الإقليمي الكبرى وعلى رأسها "مكافحة الإرهاب" والأزمة الليبية، بما في ذلك التوتر في شرق البحر المتوسط.
وأشار قصر الإليزيه إلى أن فرنسا تعمل مع مصر من أجل "عودة الاستقرار" في ليبيا، ما يتطلب "خروج القوات الأجنبية والمرتزقة المختلفة من البلاد".
تركيا وليبيا قضية رئيسية في لقاء ماكرون والسيسي
تقول باريس التي تدعم مع مصر والإمارات، الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في شرق ليبيا، إنه يجب تعزيز "الإشارات الإيجابية" الحالية، من الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار إلى إقامة حوار سياسي بين الليبيين.
وتضيف أن "طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شرق المتوسط التي تمس مصالح العديد من دول المنطقة بما فيها مصر، المتعلقة باستخراج الغاز، ستكون على رأس محور المناقشات". وأكد الإليزيه أن فرنسا ومصر تريدان "جعل البحر الأبيض المتوسط مجالاً لتعاون تحترم فيه سيادة الدول المختلفة".
وسيتطرق الرئيسان إلى النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والأزمة السياسية في لبنان والوضع في العراق والتحديات المتعلقة بإيران.
لا عقود سيتم توقيعها في زيارة السيسي، وإنما سيُعطَى قروضاً صغيرة
لا يتوقع توقيع أي عقود كبيرة خلال الزيارة، لكن بحسب "أ ف ب"، ستمنح باريس مساعدة فرنسية بقيمة 150 مليون يورو على شكل قرض لمصر من أجل المساعدة في "تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للسكان".
وسيلتقي الرئيس المصري خلال زيارته التي تستمر حتى الثلاثاء، القادة السياسيين الرئيسيين من رئيس الوزراء جان كاستيكس إلى رئيس الجمعية الوطنية ريتشارد فيران ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه ورئيسة بلدية باريس آن إيدالغو. وسيتناول العشاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأحد، كما سيلتقي وزيرة القوات المسلحة فلورانس بارلي.
ويعتبر السيسي أول زعيم عربي يزور باريس بعد أزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، والتي أدت لموجة غضب واسعة ضد ماكرون في العالم الإسلامي بسبب تصريحاته التي أيدت إعادة نشر الرسومات، بالإضافة إلى وصفه الدين الإسلامي أنه يعاني من مشاكل وأزمات، الأمر الذي أدى لانطلاق حملات مقاطعة واسعة للمنتجات الفرنسية في أرجاء العالم الإسلامي، ما زالت مستمرة حتى الآن.