بسبب ألاعيب نتنياهو قد نرى الانتخابات الإسرائيلية الرابعة التي تعقد في غضون عامين، في أزمة من شأنها أن تهدد النظام السياسي للبلاد.
فقد خطا المشرعون الإسرائيليون، يوم الأربعاء 2 ديسمبر/كانون الأول، خطوات واسعة نحو إجراء انتخابات أخرى، التي ستكون الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في غضون عامين، وذلك بعد موافقتهم المبدئية على مشروع قانون بحل البرلمان.
وأيَّد حزب أزرق-أبيض، برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس، مشروع القانون، الذي طرحه زعيم المعارضة البرلمانية يائير لابيد، وهو ما يمثل علامة بارزة على التفكُّك التدريجي للحكومة الائتلافية التي شكَّلها الحزب مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ 7 أشهر.
وإذا مُرِّر مشروع القانون فسيؤدي ذلك إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي الذي طال أمده في إسرائيل، مدفوعاً إلى حد كبير بحقيقة أنَّ نتنياهو يواجه عدة اتهامات بالفساد، ويبدو أنه عازم على التهرب من المحاكمة، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزيرَ الدفاع بيني غانتس، الأربعاء 2 ديسمبر/كانون الأول 2020، إلى التراجع عن السعي للذهاب للانتخابات المبكرة بدعم مشروع قانون لحل الكنيست (البرلمان)، فيما علّق الأخير بقوله: "انتهت رحلة الأكاذيب".
الطريق إلى الانتخابات الإسرائيلية الرابعة
قال يوهانان بليسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، في حديث إلى الصحفيين: "يمكننا الآن التأكيد على أنه من المتوقع استمرار الأزمة السياسية في إسرائيل التي بدأت منذ عامين مع تزايد إجراء الانتخابات الإسرائيلية الرابعة".
وفسر غانتس قراره بدعم مشروع القانون، ليلة الثلاثاء 1 ديسمبر/كانون الأول، قائلاً إنه على الرغم من أنه يعرف أنَّ نتنياهو "خالف وعوده مرات عديدة"، لكن منذ انضمامه إلى الحكومة لأول مرة، أَمِل أن يفتح رئيس الوزراء صفحة جديدة بالنظر إلى أزمة الجائحة. واستطرد غانتس: "لم يحدث ذلك، نتنياهو يسعى لإنقاذ نفسه من محاكمته".
وبعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في مارس/آذار، صدم غانتس مؤيديه بإبرام اتفاق ائتلاف مع نتنياهو تضمن التناوب على رئاسة الوزراء. وكان من المفترض أن يحصل غانتس على دوره في رئاسة الوزراء خلال 11 شهراً أخرى، لكن نتنياهو أشار بمناوراته السياسية في الأشهر الأخيرة إلى أنه لا ينوي التخلي عن السلطة.
وعقب التصويت، حث نتنياهو غانتس على إعادة النظر في موقفه، بحجة أنَّ الحملة الجديدة ليست في المصلحة الوطنية. وقال نتنياهو في مقطع فيديو على حسابه على تويتر: "لقد قلت منذ فترة طويلة، هذا ليس وقت الانتخابات. حان وقت الوحدة".
هل انهارت الحكومة؟
ليس بعد. فقد أحيل مشروع قانون حل البرلمان إلى لجنة برلمانية يسيطر عليها حزب غانتس. وبمجرد إعادة طرحه على الجمعية العمومية، يجب أن يمر مشروع القانون عبر ثلاثة تصويتات أخرى قبل أن يصبح قانوناً، وعند هذه النقطة سيحدد المُشرِّعون موعداً لإجراء الانتخابات الإسرائيلية الرابعة وستصبح الحكومة الحالية هيئة تصريف أعمال.
ويمنح ذلك نتنياهو وغانتس مهلة لبضعة أسابيع لإصلاح الخلافات والحفاظ على حكومة الوحدة ووقف الانتخابات. ومع ذلك، هناك موعد نهائي لهذه المناورة السياسية؛ إذ يجب أن يقر البرلمان ميزانية وطنية بحلول 23 ديسمبر/كانون الأول، وإلا ستنهار الحكومة تلقائياً وتُجرى الانتخابات بعد 90 يوماً.
لماذا قد يرغب غانتس في حل الحكومة قبل حصوله على دوره في رئاسة الوزراء؟
صحيح أنَّ المصلحة السياسية الرئيسية لغانتس كانت الحفاظ على الائتلاف الحكومي حتى أواخر عام 2021، موعد دوره لقيادة الحكومة. لكنه خلُص إلى أنَّ نتنياهو ليس لديه خطة لاحترام اتفاق تناوب السلطة.
علاوة على ذلك، كان الزواج السياسي بين حزب أزرق-أبيض وحزب الليكود بزعامة نتنياهو مضطرباً منذ البداية. إذ تصادم شركاء الائتلاف حول قضايا تتنوع ما بين كيفية التعامل مع الجائحة إلى مسعى نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
من جانبه، علَّق جوناثان رينهولد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، قائلاً: "سبب دخوله الحكومة هو تحقيق الاستقرار؛ بمعنى: التعامل مع فيروس كورونا المستجد، والاقتصاد، وحماية سيادة القانون. غانتس يفكر: إذا لم يسلمها لي، وإذا لم يكن مستعداً لتمرير ميزانية لتحقيق الاستقرار في البلاد، وإذا كان يفعل كل هذا لإبقائه خارج السجن، إذاً ليس لدي ما أخسره هنا من إجراء الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في غضون عامين".
هل سيغادر نتنياهو رئاسة الوزراء يوماً؟
يعتقد معظم أطراف النظام السياسي أنَّ نتنياهو سيكون المرشح الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة المقبلة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنَّ حزبه الليكود سيحتل المركز الأول في الانتخابات المقبلة، وإن كان بمقاعد أقل من البرلمان الحالي. في حين أنَّ تحالف غانتس اليساري الوسطي انهار منذ الانتخابات الأخيرة، وانخفضت أرقام استطلاعاته انخفاضاً حاداً.
ومع ذلك، قد يُترَك مصير نتنياهو في أيدي خصم قديم. إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أنَّ نفتالي بينيت، زعيم حزب يمينا اليميني المتطرف، سيحتل المركز الثاني بقوة، بينما سيحتل يائير لابيد المركز الثالث (حزب يوصف بأنه وسطي رغم مواقفه العنصرية ضد العرب). وقد يمنحهم ذلك مقاعد كافية فيما بينهم لحشد أغلبية برلمانية بدون الليكود.
هل ديمقراطية إسرائيل معيبة؟
يستغل نتنياهو سلطته السياسية لدرء اتهامات الفساد منذ سنوات، لكن خلَّفت هذه الانتهاكات أثراً عاماً، إذ ذهب الإسرائيليون بالفعل إلى صناديق الاقتراع ثلاث مرات خلال أقل من عام. ويُرجَّح أن الانتخابات الرابعة ستؤدي إلى مزيد من تراجع ثقة الجمهور في النظام الديمقراطي.
ورغم أنَّ عدداً كبيراً من الناخبين لا يزالون يعتبرون نتنياهو هو المرشح الأكثر تأهيلاً، تعثر حكمه بسبب المصاعب القانونية والسياسية. وحتى وقت مبكر من العام الجاري، قاد نتنياهو حكومة تصريف أعمال لمدة 18 شهراً تقريباً، مع تفويض محدود لإجراء تعيينات حكومية رفيعة المستوى. وكانت آخر مرة يقر فيها البرلمان ميزانية في أوائل عام 2018.
من المرجح أن يكون ثمن انتخابات رابعة منذ بداية عام 2019 هو إقبال أقل للناخبين، مع ازدياد الضجر الشعبي من الانتخابات.