“الرئيس بومبيو”.. كيف يستغل وزير الخارجية الأمريكي منصبه لتحقيق طموحاته المستقبلية؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/02 الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/02 الساعة 23:07 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وزوجته خلال جولته الأخيرة للشرق الأوسط/ وزارة الخارجية الأمريكية

اختار الرئيس الأمريكي المُنتخَب جو بايدن، المستشارَ توني بلينكن ليكون وزير خارجيته. ومع ذلك، يواصل وزير خارجية ترامب، مايك بومبيو، استخدام منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، حتى تنصيب بايدن، كما يتَّضح من رحلته الأخيرة إلى أوروبا والشرق الأوسط، يقول موقع Responsible Statecraft الأمريكي.

في نوفمبر/تشرين الثاني، بدا أن بومبيو في جولةٍ تهدف إلى تعزيز الصداقات الشخصية مع قادةٍ استبداديين بالشرق الأوسط؛ لتجميع أوراق اعتماده في السياسة الخارجية اليمينية المُتشدِّدة، استعداداً لخوض ترشُّحٍ مُحتملٍ للرئاسة في 2024. وعلاوة على ذلك، يشير تعليقه حول "الانتقال السلس إلى إدارة ترامب الثانية" إلى عزمه على التصالح مع قاعدة ترامب النشطة، بغضّ النظر عن الآثار المُترتِّبة على الديمقراطية الأمريكية. 

يمكن أيضاً النظر إلى تصرُّفات بومبيو في هذه الجولة، على أنها محاولةٌ مُتعمَّدة لتقييد خيارات الرئيس المُنتخب بايدن. لكن الأمر لا يتوقَّف عند هذا الحد، ففي الأسابيع التي أعقبت خسارة ترامب الانتخابات، نفَّذ بومبيو سياساتٍ تهدف إلى إرضاء حكَّام الإمارات والسعودية وإسرائيل. ويعكس ما يُسمَّى "مبدأ بومبيو" طموحاته السياسية الشخصية، فيما يقوِّض مصالح الولايات المتحدة. 

بومبيو بدا في جولةٍ تهدف إلى تعزيز الصداقات الشخصية مع قادةٍ استبداديين بالشرق الأوسط؛ لتجميع أوراق اعتماده في السياسة الخارجية اليمينية المُتشدِّدة، استعداداً لخوض ترشُّحٍ مُحتملٍ للرئاسة في 2024/ رويترز

المملكة العربية السعودية 

وَرَدَ أن وزارة خارجية بومبيو تخطِّط لتصنيف جماعة الحوثيين اليمنية منظمةً إرهابية. لن يؤدِّي هذا إلى تعميق الأزمة الإنسانية في البلاد فحسب، من خلال إعاقة وصول المساعدات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية إلى المناطق التي تمزِّقها الحرب والواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بل سيجعل أيضاً من الصعب على بايدن الوفاء بتعهُّده بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب الفاشلة للمملكة السعودية. ويبدو أن بومبيو تغاضى عن الكارثة الإنسانية التي تلوح في الأفق؛ من أجل تلبية رغبات وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. 

أثارت الأنباء عن توجُّه نتنياهو إلى السعودية- وهو أمرٌ غير مسبوقٍ لرئيس وزراء إسرائيلي- للقاء محمد بن سلمان خلال زيارة بومبيو، تكهُّناتٍ حول صفقة تطبيع مُحتملة مع إسرائيل، أو ربما تصعيد للعدوان على إيران. 

الإمارات العربية المتحدة 

في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، أبلغ بومبيو الكونغرس بصفقة أسلحةٍ بقيمة 23.37 مليار دولار للإمارات. وهذا البيع الضخم، الذي سيشمل ما يصل إلى 50 طائرة من طراز إف-35، هو الثمن الذي طلبته الإمارات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في أغسطس/آب الماضي. وقدَّمَ أعضاء الكونغرس تشريعاً للحد من البيع أو منعه، مِمَّا يشير، إلى حدٍّ كبير إلى فقدان إسرائيل "تفوُّقها العسكري النوعي"، أو إلى مخاوف من استمرار استخدام الأسلحة لقتل المدنيين في حرب اليمن. 

وبدلاً من التفكير فيما إذا كان تزويد الإمارات ببعض أكثر التقنيات العسكرية الأمريكية تقدُّماً هو في الواقع في مصلحة الولايات المتحدة، يبدو أن بومبيو كان مدفوعاً بشكلٍ رئيسي بتنمية علاقته مع محمد بن زايد، وليّ عهد الإمارات والحاكم الفعلي للدولة الثرية متزايدة القوة. 

إسرائيل 

هنا، كان الوزير شخصيةً حاسمةً في قلب موقف واشنطن في الاتجاه المعاكس نحو دفع حل الدولتين. وبينما حافظت الإدارة السابقة على قشرةٍ من الحياد، رضخ بومبيو وترامب لتفضيلات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي. لعب بومبيو وغيره من المدافعين عن إسرائيل في الإدارة دوراً فعَّالاً في اتِّخاذ قراراتٍ مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتبني أهداف إسرائيل التوسُّعية الإقليمية في خطة ترامب للسلام. 

بومبيو خلال زيارته مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة/ ap

وفي جولته الأخيرة، عزَّزَ بومبيو تحيُّز الحكومة الأمريكية المؤيِّد لإسرائيل، من خلال زيارة مستوطنةٍ إسرائيلية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان المحتلة. ورغم أن القانون الدولي- وكذلك الإدارات الأمريكية السابقة- يعتبر هذه المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، أعلن بومبيو أن المُنتَجات المُصنَّعة في المستوطنات ستُطلَق عليها الآن علامة "صُنِعَ في إسرائيل"، علاوة على تصنيف حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS) على أنها مناهضةٌ للسامية. 

إيران 

في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، كشفت وزارة الخارجية عن عقوباتٍ جديدة ضد الكيانات الإيرانية، في حين أشار بومبيو إلى خططٍ لـ"طوفان" من العقوبات الإضافية قبل تنصيب بايدن. وظهرت تقارير تفيد بأن ترامب فكَّر في توجيه ضربة استباقية إلى إيران في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما شنَّت إسرائيل مؤخَّراً غاراتٍ جوية في سوريا أسفرت عن مقتل عشرة إيرانيين، وهي مستعدةٌ لمزيدٍ من العمل العسكري. وأعرب بايدن عن "التزامٍ عميق" تجاه إسرائيل، لذا إن بدأت إسرائيل الحرب مع إيران، فإن خطة بايدن للانضمام إلى خط العمل الشاملة المشتركة ستصبح مستحيلة. 

ظلَّت كراهية بومبيو لإيران ثابتة طوال مسيرته المهنية. وهو يلعب بشكلٍ جيِّدٍ مع حلفائه في أبوظبي والرياض وتل أبيب، وفي الوقت نفسه يستقطب الإنجيليين الأمريكيين، وهم جمهورٌ رئيسي في الانتخابات التمهيدية بالحزب الجمهوري. ويمكن القول إن بومبيو انتَهَكَ التعديل الأول للدستور بإعلان نفسه "زعيماً مسيحياً". وقد أوصى بوب فاندر بلاتس، الزعيم الإنجيلي البارز في ولاية أيوا، بزيارته مصنع نبيذ Psagot في الضفة الغربية، وتعود ملكية مصنع النبيذ لعائلة فاليك وجماعات الضغط المؤيِّدة للاستيطان والمُتبرِّعين الرئيسيين للحزب الجمهوري. 

أجندة بومبيو الخاصة

يتهم بومبيو بالإساءة في استخدام منصبه كوزير للخارجية الأمريكية، رويترز

تضمَّنت جهود بومبيو لمغازلة الإنجيليين تأكيده الحرية الدينية. وتضمَّنت جولة بومبيو الحالية زيارةً للبطريرك الأرثوذكسي في إسطنبول (حيث تجاهَلَ الرئيسَ التركي رجب طيب أردوغان)، إضافة إلى بطريرك جورجيا. 

بينما واصَلَ ترامب مطالبة مؤيِّديه بتمويل جهوده غير المُجدِية للطعن في خسارته الانتخابات، كان بومبيو منشغلاً بتنفيذ أجندته الخاصة قبل أن يفقد منصبه القوي. وقد اتُّهِمَ بالفعل باستخدام منصبه للتسييس، لذلك لا يسع المرء إلا أن يفترض أن جولته في أكثر مناطق العالم تقلُّباً، الأسبوع الماضي، ساعدت في حشد الحلفاء وحتى الداعمين الماليين، للترشُّح الرئاسي في المستقبل. وفي الوقت نفسه، من غير المُرجَّح أن يكون لدى بايدن الوقت أو الجرأة للتركيز فوراً على قلب تفضيلات بومبيو للحكام الاستبداديين في الاتجاه المعاكس، أو التراجع عن الأضرار التي وقعت في الأسابيع الأخيرة لترامب بمنصبه. 

تحميل المزيد