في كل جهوده الانتخابية الموجهة للناخبين من الأمريكيين العرب، تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بحماية حرية التعبير في ما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل. والآن، يطالبه المدافعون عن الحريات المدنية بالوفاء بتعهداته في برنامج الحزب الديمقراطي لعام 2020، والتراجع عن جهود إدارة ترامب لفرض عقوبات على المنظمات التي تناهض التجارة مع إسرائيل أو مستوطناتها غير الشرعية.
لكن بايدن داعمٌ قوي لإسرائيل، ويشير إلى نفسه بأنه صهيوني. وقد قاوم من قبلُ دعواتٍ لفرض شروط متعلقة بحقوق الإنسان على الدعم الموجه لإسرائيل، وتعهد بأن تبقى المساعدات تتدفق إليها بغض النظر عما تفعله، يقول موقع Middle East Eye البريطاني.
وقد أوضحت حملته أنه يعارض حركة مناصرة حقوق الفلسطينيين ومقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS) التي يقودها فلسطينيون، فكيف سيفعل بايدن أمام وعوده؟
بايدن تعهد بحماية حرية التعبير حول هذه القضية
ومع ذلك، جاءت معارضته باستثناء مهم، وهو أن إدارة بايدن لن تقيد الحق في حرية التعبير لتحمي الحكومة الإسرائيلية من الانتقادات.
وهذا ما قاله توني بلينكن، أحد كبار المساعدين بحملة بايدن، لنشطاء أمريكيين عرب في مكالمة أُجريت في يوليو/تموز، تعهد فيها بأن الرئيس بايدن "سيحمي الحق الدستوري للمواطنين في حرية التعبير".
وكررت الحملة أن بايدن يعارض منع عضوتي الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب وإلهان عمر من دخول إسرائيل بسبب دعمهما لحركة المقاطعة.
وتعهد برنامج الحزب الديمقراطي، وهو وثيقة غير ملزمة تحدد أولويات الحزب على مدار الأعوام الأربعة المقبلة، بأن الديمقراطيين سيحمون الحق في حرية التعبير.
وقالت الوثيقة التي تمت الموافقة عليها بدعمٍ من بايدن في يوليو/تموز: "نعارض أي جهود تستهدف إسرائيل وتنتقص من شرعيتها، في الأمم المتحدة أو عن طريق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وفي الوقت نفسه نحمي الحق الدستوري للمواطنين في حرية التعبير".
بومبيو اعتبر الـBDS "حركة معادية للسامية"
وهناك اشرات من الولايات الأمريكية التي تطبق قوانين مناهِضة لحركة المقاطعة، تستهدف الشركات والأفراد الذين يقاطعون إسرائيل. لكن المحاكم الفيدرالية وجدت أن هذه التشريعات في ولايات كنساس وأريزونا وتكساس غير دستورية.
ويوم الخميس 19 نوفمبر/تشرين الثاني، بدأ وزير الخارجية مايك بومبيو على المستوى الفيدرالي جهوداً قانونية وسياسية لحماية إسرائيل من المقاطعة، بإعلان حركة BDS معادية للسامية. وأمر المبعوث الخاص في وزارة الخارجية بمحاربة معاداة السامية عن طريق التعرف على الجماعات التي تقاطع إسرائيل أو المستوطنات وقطع العلاقات معها.
وقال بيانٌ من وزارة الخارجية الأمريكية: "لضمان أن تمويل الوزارة لا يُنفق بطريقة لا تتسق مع التزام حكومتنا بمحاربة معاداة السامية، ستُراجع وزارة الخارجية أوجه إنفاق تمويلها، لتتأكد من أنها لا تدعم حركة BDS العالمية". وينطبق القرار أيضاً على المنظمات غير الحكومية الأجنبية التي تتمتع بشراكة مع واشنطن.
"مخالفة صارخة للدستور"
وسبَّب إعلان بومبيو غضباً في أوساط المدافعين عن حرية التعبير بالولايات المتحدة. وقال الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في تغريدة: "إن انتقاد إسرائيل، أو أي حكومة، محميٌّ بالكامل بموجب التعديل الأول بالدستور الأمريكي. والتهديد بمنع التمويل الحكومي للجماعات التي تنتقد إسرائيل مخالفة صارخة للدستور".
وقال عابد أيوب، المدير القانوني للجنة الأمريكيين العرب لمناهضة التمييز (ADC)، إن أمر بومبيو ينتهك حقوق كل الأمريكيين ويخالف الدستور الأمريكي، الذي يضمن بتعديله الأول حماية مطلقة لحرية التعبير.
وقال أيوب لموقع ميدل إيست آي: "نحن واثقون وآملون أن بايدن سيتراجع عن هذا القرار ويلتزم بالمبادئ والنقاط التي تحدث عنها أمام مجتمع العرب، الذي ظهر من أجله بقوة في يوم الانتخابات".
دور النشطاء العرب في أمريكا
وشددت آرييل غولد، المديرة الوطنية لجماعة Code Pink المناهضة للحرب، على الدور الذي يمكن أن يلعبه النشطاء العرب ضد هذا القرار، مشيرة إلى أنهم قد صوتوا بقوة لبايدن في الولايات المتارجحة، ومنها ميشيغان.
وأضافت غولد أن التقدميين في المجمع اليهودي يقاومون قرار بومبيو أيضاً، مشيرة إلى أن جرائم الكراهية، ومن بينها معاداة السامية، زادت في عهد ترامب.
"علينا أن نضع حداً للضرر الذي تتسبب فيه الاتهامات الباطلة بمعاداة السامية، ويحدث ذلك حين نخفف التهديد الحقيقي من معاداة السامية ونستعمله أداة سياسية لقمع الفلسطينيين".
ويوم الخميس، أدانت الجماعة اليهودية الليبرالية J Street، بشدة، تصريحات بومبيو الموالية لإسرائيل، ومن بينها قرار اعتبار كل المنتجات من بقاع الضفة الغربية "صُنعت في إسرائيل".
وقال رئيس J Street، جيريمي بن آمي، في بيان: "إن الإدارة القادمة والكونغرس عليهما توضيح -بما لا يدع مجالاً للشك- أن دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين لا ينبغي أن تُستعمل في تمويل برامج ومؤسسات بالمستوطنات".
واعترف أيوب، من لجنة ADC، بأن الدفاع عن حقوق الإنسان في فلسطين والمطالبة بخطوات ملموسة ضد الاحتلال لن يكونا مهمة سهلة في عهد بايدن.
وقال أيوب: "لا شك في أن الأمر سيمثل تحدياً. إنها على الأرجح من القضايا التي سيتعين علينا الدفاع عنها بشدة في عهد الإدارة القادمة. لكن هذا لا يعني أننا لن نحاول مد أطراف الحوار مع الإدارة. لكن عند مرحلة ما، سيتعين أن نرى تحركات ملموسة بخصوص هذه القضايا".
الجمهوريون سيقاومون أي تحرك لبايدن
وأي تحرك للتراجع عن سياسات ترامب الموالية لإسرائيل سيواجِه مقاومة على الأرجح، من الجمهوريين ومن أنصار إسرائيل داخل حزب بايدن.
وقال الناشط الحقوق الفلسطيني أحمد أبو زنيد، إن الآراء تتغير في أوساط الديمقراطيين، حيث ترى القاعدة اليسارية المتنامية داخل الحزب تحرير فلسطين قضية من قضايا التقدميين.
لكن بغض النظر عن السياسة، ينبغي لبايدن أن يفعل الأمر الصحيح، وفقاً لأبو زنيد. وقال: "إن كنت تقدم نفسك على أنك نزيه وشريف وأخلاقي ومناصر للمساواة والعدل، فلن أستمع إليك بعد الآن إن تخليت عن هذه القيم عندما يتعلق الأمر بفلسطين".