اتفق دونالد ترامب مع جون بايدن على شيء واحد هو ضرورة تصعيد سياسات أمريكا تجاه الصين، ولكن واقعياً هل هذه سياسة مجدية؟ وهل هي مفيدة لواشنطن؟
فقد تنافس كل من المرشحين لإثبات أنه سيكون قاسياً بشكل فريد مع بكين، وتكرر ذكر الصين في المناظرة بينهما عشرات المرات، حيث تبادلا الاتهامات باللين مع الصين.
وبينما يستعد بايدن لتولي منصبه، وصلت العلاقات الأمريكية الصينية بالفعل إلى الحضيض، إذا كان سيحكم كما وعد، فسوف يعمق الصراع الصيني الأمريكي وسيكون ذلك خطأ استراتيجياً فادحاً، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
لماذا يمثل تصعيد سياسات أمريكا تجاه الصين خياراً خاطئاً؟
تصعيد سياسات أمريكا تجاه الصين ليس خياراً خاطئاً لأن بكين صديقة جيدة للولايات المتحدة.
فالحكومة الصينية هي من نواحٍ كثيرة نظام شيوعي وحشي وغير جدير بالثقة ومتعسكر بشكل متزايد، إنه لاعب خطير يتقدم إلى حلبة القوى العظمى، حسبما ورد في التقرير.
ومع ذلك، فإن تصعيد سياسات أمريكا تجاه الصين بلا داعٍ، ويضر بالعلاقات التجارية، ويخلق فرصاً للحوادث العسكرية، وتحول دون الدبلوماسية البناءة.
إذ تقول كاتبة التقرير بوني كريستيان إن الصين هي بلا شك منافس للولايات المتحدة، ولها أيديولوجية بعيدة كل البعد عن القيم التي تدعي واشنطن التمسك بها. لكن هذا لا يجعل من الحكمة معاملة الصين كعدو والتحرك وفقاً لذلك نحو مزيد من الصراع الاقتصادي أو العسكري، والذي قد تكون نتائجه كارثية.
يجب على بايدن أن يبتعد عن سياسات الصقور، وأن يتخلى عن هذه الحملة المتصلبة وأن يتعامل بدلاً من ذلك على أساس الشراكة بين الولايات المتحدة والصين مع مراعاة المصالح الأمريكية.
وهذا يعني ثلاثة أشياء، وفقاً لبوني.
التخلي عن الحرب التجارية
أولاً، يجب أن يكون التركيز الأساسي لسياسة واشنطن تجاه الصين هو التجارة ذات المنفعة المتبادلة، وليس الحرب التجارية التخريبية الذاتية أو الاستفزازات الأخرى.
فالرسوم الجمركية الباهظة التي طبقها ترامب والانتقام الصيني الذي أثارته لم يعد التصنيع الأمريكي إلى أيام مجد منتصف القرن، أو يقضي على العجز التجاري للولايات المتحدة، أو يوقف سرقة التكنولوجيا الصينية.
بدلاً من ذلك، كانت هذه السياسات مكلفة بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، الذين يدفعون في النهاية رسوماً للحكومة على السلع الصينية.
الأهم أنها كانت أيضاً مدمرة للعديد من المزارعين الأمريكيين، الذين لا يمكن لخطة إنقاذ المزارع الفيدرالية تعويض خسارة حصتها في السوق الصيني.
وبدلاً من مواصلة الحرب التجارية، يجب على بايدن أن يدرك حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي والصيني مترابطان على نطاق واسع، وأن معظم هذه الروابط لا يمكن قطعها في المستقبل المنظور دون معاناة اقتصادية هائلة لكلا البلدين.
ففي حين أن بعض الفصل الاقتصادي المحدود قد يكون ممكناً (ويمكن أن يكون شائعاً لأسباب الحماية و/أو الأمن القومي)، فإن مصير البلدين مرتبطان بنقاط لا حصر لها من التعاون الاقتصادي والتي من مصلحة كلا الجانبين الاستمرار بها.
يجب معاقبة بكين حينما تستحق ذلك فقط
إن السماح بهذا التعاون لا يعني التزام الصمت بشأن شمولية بكين – إذا كان قول الحقيقة يعني أن الصين تقطع العلاقات مع أمريكا، فلتفعل أمريكا ذلك لهذا السبب فقط.
فلا ينبغي لواشنطن أن تصارع مع الصين أو تتسبب في ضائقة اقتصادية لا داعي لها، أي يجب أن تربط أمريكا عقوباتها على الصين بأسباب أخلاقية، وبسبب مواقف محددة وليس لمجرد إيذائها.
كيف يجب التعامل عسكرياً معها؟
ثانياً، التوجه لمواجهة النمو العسكري الصيني والنشاط حول تايوان وبحر الصين الجنوبي، ولا سيما من خلال توسيع الوجود العسكري الأمريكي في آسيا هو أمر محفوف بالمخاطر في أحسن الأحوال.
نعم، تسعى الصين إلى أن تحقق درجة من الهيمنة الإقليمية ومن المرجح أن تحقق ذلك، لكنها ليست في وضع يسمح لها بمحاولة إسقاط موازين القوى العالمية التي من شأنها أن تعرض المصالح الأمريكية الأساسية للخطر. فقدرات الصين العسكرية دفاعية بشكل كبير وقوتها البحرية مقيدة بحقائق جغرافية كما تتوازن مع قوتها، قوى الدول المجاورة الأخرى.
ولذا فإن وضع القوات الأمريكية على مقربة من الجيش الصيني يخلق الكثير من الفرص للتصعيد -ربما عن طريق الخطأ- بشأن أحداث لا يحتاج الأمريكيون إلى المشاركة فيها على الإطلاق.
فالموقف العسكري العدواني تجاه الصين يعزز التهديد الأمريكي أكثر مما يردعه.
الاستخدام الصحيح للدبلوماسية
أخيراً، يجب أن تكون الدبلوماسية مركزية للتفاعلات الأمريكية الصينية. فإغلاق السفارات مؤخراً وعادات واشنطن السيئة بمعاملة الدبلوماسية كمكافأة على السلوك الجيد للدول الأخرى بدلاً من كونها وسيلة للحصول على السلوك الذي يريده صناع السياسة الأمريكيون، هي خطأ فادح.
وحتى لو كانت تمنيات الأمريكيين خلاف ذلك، فإن بكين قوة عظمى سيتعين على بايدن التعامل معها، ويجب أن يكون ذلك باستمرار وبفاعلية.
وهذا يعني التحدث والنقاش، وليس التستر على تصرفات بكين الخاطئة أو الاستمرار في مسابقة "الصلابة" المتهورة مع ترامب في موسم الانتخابات.
ويمكن لواضعي السياسات في واشنطن تعلم كيفية العيش مع الصين القوية، ويجب عليهم ذلك.