مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم، دون بادرة أملٍ في الأفق، حصل العالم على أنباء جيدة يوم الإثنين 9 نوفمبر/تشرين الثاني. إذ أعلنت شركة Pfizer وشريكتها الألمانية BioNTech النتائج الأولية التي تُشير إلى أنّ لقاحهم فعّالٌ بنسبةٍ تتجاوز الـ90%.
وجاءت الأنباء المُبشّرة -الأولى من نوعها بين تجارب اللقاح في المراحل المتأخرة- لتدفع الأسواق المالية إلى الأمام وترفع الروح المعنوية بعد أن منحت العامة بصيصاً من الأمل. ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ الأنباء لا تزال أوّلية، وما تزال هناك الكثير من الأمور التي لا نعرفها حول مدى نجاح اللقاح، كما تقول صحيفة New York Times الأمريكية.
والشيء الذي يظل واضحاً هو أنّ اللقاح لن يصل في الموعد لإنقاذ العالم أجمع خلال الأشهر القليلة المُقبلة، حين يُجهز الفيروس على المزيد من الأرواح -إلّا في حال اتّخذ العامة التدابير الصحية الوقائية بصرامةٍ أكبر. وإليكم ما نعرفه وما لا نعرفه عن هذا اللقاح.
ما الذي توصّل إليه هؤلاء العلماء؟
في يوليو/تموز، أطلقت شركتا Pfizer وBioNTech تجربةً سريرية في المراحل المتأخرة على لقاحٍ لفيروس كورونا. وجرى حقن نصف المشاركين باللقاح، بينما مُنِحَ النصف الآخر دواءً وهمياً من الماء المالح. ثم انتظرت الشركات حتى يمرض المشاركون من أجل تحديد ما إذا كان اللقاح يمنحهم أي وقاية.
وحتى الآن، أُصيب 94 مشاركاً من أصل 44 ألفاً بكوفيد-19. ونظر مجلسٌ مستقل من الخبراء في عدد الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح من بينهم، وعدد من حصلوا على الدواء الوهمي. وتُشير التحليلات المبكرة إلى أنّ اللقاح فعّالٌ بنسبة تتجاوز الـ90%.
هل هذه نتيجةٌ جيدة؟
نعم. إذ اشترطت إدارة الغذاء والدواء على صُنّاع اللقاحات ضرورة أن تتجاوز فعالية اللقاحات حد الـ50%، قبل أن يتقدموا بلقاحاتهم المرشحة من أجل الحصول على إذن إنتاجٍ طارئ. وفي حال ثبوت صحة النتائج الأولية من شركات Pfizer وBioNTech -وكانت تعكس بدقة مدى فاعلية اللقاح في العالم الحقيقي-؛ فستكون قد تجاوزت الحد المفروض من إدارة الغذاء والدواء بفارقٍ كبير.
هل لقاح فايزر آمن؟
حتى الآن لم تُبلغ شركات Pfizer وBioNTech عن أيّ مخاوف جدية تتعلّق بسلامة اللقاح. وقبل إجراء الدراسة الحالية واسعة النطاق، أجرت الشركتان تجارب سريرية أصغر بدءاً من مايو/أيار مصممة خصيصاً من أجل رصد مؤشرات الخطر المتعلقة بسلامة اللقاح. وجرّبوا أربعة إصدارات مختلفة من اللقاح، ثم اختاروا الإصدار الذي أنتج أقل عدد حالات من الآثار الجانبية الخفيفة والمتوسطة مثل الحمى والإرهاق.
من الذي سيحصل على اللقاح الجديد أوّلاً؟
قال الرئيس التنفيذي لشركة Pfizer إنّ الشركة يُمكنها تجهيز 30 إلى 40 مليون جرعة من اللقاح قبل نهاية العام، وهو الرقم الذي سيكون كافياً لتطعيم 15 إلى 20 مليون شخص بالجرعة الأولية والجرعة الإضافية بعدها بأسبوع.
ولم تتقرّر بعد هوية المؤهلين للجرعات الأوّلية تحديداً. لكن المجموعات الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى، أو الأكثر ضعفاً في مواجهة الفيروس، ستحظى بالأولوية على الأرجح. وهذا قد يشمل العاملين في الرعاية الصحية، وكبار السن، ومن يُعانون من عوامل خطر مثل السمنة ومرض السكري.
وقالت شركات Pfizer وBioNTech إنّ بإمكانها إنتاج ما يصل إلى 1.3 مليار جرعة سنوياً. لكنه رقمٌ أقل بكثير من تلبية احتياجات العالم للقاحات. وفي حال أثبتت اللقاحات الأخرى فاعليتها، فسوف تنجح الشركات الأخرى في إنتاج لقاحاتها والمساعدة في تلبية الطلب العالمي.
متى سيتمكّن عامةً الناس من الحصول على اللقاح؟
قالت شركة Pfizer إنّها ستتقدّم على الأرجح بطلب الحصول على إذن الإنتاج الطارئ في الأسبوع الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، بعد جمع بيانات السلامة على مدار شهرين وتقديمها إلى إدارة الغذاء والدواء التي طلبتها من المُصنّعين. وحينها ستتشاور الإدارة مع لجنةٍ استشارية خارجية من الخبراء وربما تستغرق عدة أسابيع لدراسة البيانات المفصلة حول سلامة اللقاح، وفاعليته، وقدرة الشركة على تصنيع ملايين الجرعات بأمان.
ويُمكن التصريح باللقاح لفئةٍ بعينها من السكان الأكثر عرضةً للخطر قبل نهاية العام، لكنّ ذلك سيحدث فقط في حال سارت كل الأمور وفقاً للخطة بدون تأخيرات غير متوقعة.
ما الذي تبقَّى لفعله في التجارب؟
ستتواصل التجارب حتى الوصول إلى 164 حالة إصابة بكوفيد-19 بين المشاركين. وفي تلك المرحلة، ستكون الدراسة قد اكتملت وانتهت الشركتان من تحليل البيانات.
هل سيكون فعّالاً مع كبار السن؟
لا تُخبرنا النتائج الجديدة أيضاً ما إذا كان كبار السن سيحصلون على حمايةٍ قوية بفضل اللقاح. إذ تضمنت تجارب Pfizer وBioNTech السريرية أشخاصاً فوق سن الـ65، لذا فسوف نحصل في النهاية على هذه المعلومات المهمة. لكن الدراسات السريرية المُبكّرة أشارت إلى أنّ الأشخاص الأكبر سناً يُنتجون استجابةً مناعية أضعف للقاحات فيروس كورونا. ولكن في وجود مثل هذه الأدلة الأولية القوية، من المحتمل أن يحصلوا رغم ذلك على حمايةٍ قوية من اللقاح.
ماذا عن الأطفال؟
السؤال المفتوح الآخر هو ما إذا كان الأطفال سيحصلون على حمايةٍ بفضل اللقاح. حيث كانت التجارب التي أجرتها Pfizer وBioNTech مفتوحةً في البداية للأشخاص في عمر الـ18 عاماً أو أكبر، ولكنّهم بدأوا في ضم المراهقين بدءاً من عمر 16 عاماً في سبتمبر/أيلول. وفي الشهر الماضي، أطلقوا تجربةً جديدة على الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، ويخططون لتجربته على أعمارٍ سنية أصغر.
هل كان لقاح Pfizer جزءاً من عملية Warp Speed التابعة للحكومة الأمريكية؟
في يوم الإثنين، قال نائب الرئيس مايك بنس على تويتر إنّ هذه الأنباء تأتي "بفضل الشراكة التي أقامها ترامب بين القطاعين العام والخاص".
ففي يوليو/تموز، وقّعت شركة Pfizer على صفقة بقيمة 1.95 مليار دولار مع عملية Warp Speed التابعة للحكومة، وهي عبارةٌ عن جهدٍ متعددة الأطراف لتسريع عملية وصول اللقاح إلى الأسواق وتوفير 100 مليون جرعة. وكان الترتيب عبارةً عن اتفاقية للشراء مقدماً، مما يعني أنّ الشركة لن تتلقى أيّ أموال حتى تنتهي من تسليم اللقاحات. ولم تتسلّم Pfizer أي أموالٍ فيدرالية لمساعدتها في تطوير أو تصنيع اللقاح، بعكس شركاتٍ رائدة في المشروع مثل Moderna وAstraZeneca.
وقد نأت الشركة بنفسها عن ترامب وعمليته؛ إذ قالت نائبة الرئيس الأولى ومديرة أبحاث وتطوير اللقاحات في Pfizer كاثرين جانسين، خلال مقابلةٍ أجرتها يوم الأحد الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني: "لم نكُن على الإطلاق جزءاً من عملية Warp Speed".
ما الذي تعنيه هذه الأنباء للقاحات الأخرى في السباق؟
هناك 10 لقاحات أخرى تخضع لتجارب المرحلة المتأخرة حول العالم. وحقيقة وصول Pfizer وBioNTech إلى نتائج مُشجّعة تجعل الخبراء أكثر تفاؤلاً بشأن المجال إجمالاً.
إذ قالت أكيكو إواساكي من جامعة ييل: "هذا يمنحنا أملاً أكبر في الوصول إلى لقاحات فعّالة أخرى أيضاً".
والنجاح واسع النطاق للقاحات فيروس كورونا سيُمثّل نعمةً كبيرة بالنسبة للصحة العالمية، لأنّ شركتي Pfizer وBioNTech لن تتمكّنا من تلبية الطلب بالكامل وحدهما.
هل يُمكننا التوقّف عن ارتداء الأقنعة الآن؟
رجاءً لا تفعلوا ذلك. إذ يفتك فيروس كورونا بمختلف أنحاء العالم الآن، وقال خبراء الصحة العامة إنّ على الناس أن يستعدوا لشتاءٍ شديد القسوة في ظل كورونا.
ويقول غالبية الخبراء إنّه حتى مع توافر اللقاح على نطاقٍ واسع، ستظل التدابير الإضافية مثل الأقنعة ضروريةً حتى ينحسر التهديد على الصحة العامة.