كيف سيغير جو بايدن سياسات أمريكا الخارجية إذا فاز بالانتخابات، وكيف سيتعامل المرشح الديمقراطي مع ملفات حساسة مثل العلاقات مع الصين وروسيا ودول الشرق الأوسط.
فهل ينهي شهر العسل غير المسبوق بين واشنطن والسعودية، وماذا سيفعل مع إسرائيل وإيران وتركيا؟
كيف سيغير جو بايدن سياسات أمريكا الخارجية إذا فاز بالانتخابات؟
الاختلافات بين ترامب وبايدن في السياسة الخارجية تبدو عميقة وتضمن قضايا عدة، لكنهما يتشاركان في رؤى متشابهة حول بعض الأهداف الكبرى، بما في ذلك تقليص توزيع القوات في الشرق الأوسط وأفغانستان.
ولكن بايدن، الذي يتمتَّع بعقودٍ من الخبرة الدولية كسيناتور سابق ونائبٍ للرئيس، فقد انتَقَدَ ترامب على إضعافه التحالفات الأمريكية، وتوطيد العلاقات بالحُكَّام الديكتاتوريين، والفشل في تحجيم البرنامج النووي الإيراني بعد الانسحاب من اتفاق عام 2015 الذي جرى التفاوض بشأنه حين كان بايدن يعمل في ظلِّ إدارة أوباما.
وقال الأميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، القائد السابق لمنظمة حلف شمال الأطلسي، إن رؤاهما للتحالفات "هي الاختلاف الأكبر والأهم بين المُرشَّحين، حتى أكبر من اختلافهما بشأن المناخ، والبرامج النووية الإيرانية، والحفاظ على حدٍّ أدنى من القوات في العراق وسوريا وأفغانستان".
الشرق الأوسط.. لا عودة للسابق
أما بالنسبة للشرق الأوسط، فاللافت رغم انتقادات بايدن الحادة لترامب، فإن هذا قد لا يعني تغييراً جذرياَ أو على الأقل فورياً تجاه سياسات أمريكا في المنطقة حال فوزه.
فحتى في عهد أوباما، كانت الولايات المتحدة تسعى إلى إخراج نفسها من صراعات المنطقة، تاركةً فراغاً في سوريا وليبيا وأرمينيا وشرق البحر المتوسط هرعت القوى الأخرى -خاصةً تركيا وروسيا- لملئه.
وإذا فاز بايدن في الانتخابات، فسيكون هناك تغيير في اللهجة، لكن مع وجود كثير من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية للتعامل معها في الداخل، لا توجد مؤشرات تُذكر على أنَّ بايدن يخطط لتبني توجهات معاكسة بالكامل.
السعودية.. لا أحد مثل ترامب
يؤكد دانييل بِنَيم، الباحث في مؤسسة القرن الداعمة للديمقراطيين في ورقة بحثية صدرت مؤخراً، أن دعم ترامب غير المشروط لآل سعود شجّع السلوك السعودي المتهور الذي أضرّ بالقيم والمصالح الأمريكية، مثل الحرب المدمرة في اليمن، وقتل الصحفي جمال خاشقجي، والقمع الشديد للمدافعين السعوديين عن حقوق الإنسان، والاتجاه العام نحو حكم الرجل الواحد، المتمثل في شخص ولي العهد محمد بن سلمان.
إلا أن توقعاته للتغييرات من قبل إدارة يقودها الديمقراطيون لا تزيد عن تصحيح مسار بسيط، أو بكلماته هو إعادة تنظيم هذه العلاقات وليس إعادة النظر فيها.
خاشقجي
ويبدو خطاب بايدن مختلفاً وحاداً تجاه السعودية، فقد أصدر بياناً الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعرب فيه عن دعمه للمعارضين السعوديين، وأكد توفير آليات لحمايتهم من استهداف المملكة.
وأشار بايدن في بيانه إلى أن جريمة الصحفي جمال خاشقجي "والتي دفع حياته ثمناً لها"، حسب ما قال، كانت انتقاد سياسات حكومته، مؤكداً انضمامه لأصوات العديد من النساء والرجال السعوديين والناشطين والصحفيين الشجعان في الحداد على وفاة خاشقجي و"ترديد دعوته للناس في كل مكان بممارسة حقوقهم بحرية".
موقفه من حرب اليمن وتصدير السلاح للرياض
يتوقع أن تكون العلاقات مع المملكة السعودية أبرد كثيراً في ظلِّ رئاسة بايدن المُحتَمَلة، إذا تمسَّك بايدن بخطاب حملته الانتخابية، فقد تعهَّد بإنهاء مبيعات السلاح الأمريكية للمملكة، وأخبَرَ مجلس العلاقات الخارجية العام الماضي أنه سوف "يأمر بتقييمٍ للعلاقات مع المملكة السعودية"، مستشهداً بحربها في اليمن، ومقتل الصحفي جمال خاشقجي في العام 2018.
قال المرشح الديمقراطي إن أمريكا في ظل إدارة بايدن وكامالا هاريس ستعيد تقييم علاقتها بالمملكة، وتنهي الدعم الأمريكي لحرب السعودية في اليمن، وستحرص على ألا تتجاهل واشنطن قِيَمها لتستفيد من بيع الأسلحة أو شراء النفط.
ولكن الولايات المتحدة ستلتزم بمواصلة تسليح المملكة، مدركة أنَّ صناعة الدفاع توفر فرص عمل في الوقت الذي يقترب فيه الاقتصاد العالمي من ركود كبير بعد أزمة "كوفيد-19″، حسبما يقول وعلى الجانب الآخر، أشار جان فرانسوا سيزنيك، خبير في شؤون الشرق الأوسط وأستاذ في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن.
هل ينهي التحالف مع السعودية؟
ومن المستبعد أن تحتوي سياسة بن سلمان المتمثلة في "السعودية أولاً" مخاوف واشنطن.
وفي هذه الحالة سيؤدي الاستمرار في التشبث بهذه السياسة من قبل بن سلمان إلى زيادة تواطؤ الولايات المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان الداخلية في السعودية، والمخاطرات الإقليمية، وهذا بدوره سيقوض محاولات إحياء الدبلوماسية مع إيران.
ويقول خبراء لموقع Middle East Eye البريطاني، إنه مع بايدن، الذي يؤيد تغيير نمط العلاقات وليس هيكلها، قد تجد الرياض نفسها مع حليف في البيت الأبيض أقل التزاماً تجاهها، لكنه من غير المرجح أن يُخضِع العلاقات الثنائية لإعادة تقييم جذري.
كريستيان كوتس أولريكسن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس، يقول: "باعتبار بايدن وسطياً، سيواصل التعاون مع السعودية. قد يكون أقل حماية للأمير محمد بن سلمان من ضغط الكونغرس مقارنة بإدارة ترامب. لكن تقل احتمالات حدوث تصدّع أو انقسام أكثر تطرفاً في العلاقات مثلما هو متوقع أن يحدث مع (مرشحين) آخرين".
ويقول جان فرانسوا سيزنيك، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ، إنَّ جزءاً من غضب الديمقراطيين ضد الرياض ربما كان بمثابة "عصا غليظة " ضد ترامب، بدلاً منه ضغط لتغيير موقف الولايات المتحدة في المنطقة.
يقول: "حقيقة أنَّ بايدن هو المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة هي مؤشر أكيد على أنَّ العلاقات الأمريكية السعودية لن تشهد تغييراً جذرياً"، عكس المرشحين الآخرين الأكثر تقدمية في الحزب الديمقراطي الأشد عداء للسعودية.
إيران.. هل يعود للاتفاق النووي كما تعهد؟
يختلف ترامب وبايدن بحِدَّة في كيفية تحجيم البرنامج النووي الإيراني. يفضِّل بايدن العودة إلى اتفاق إيران النووي لعام 2015، شريطة أن تلتزم إيران أيضاً بالاتفاق، الذي خرقته بتخصيب اليورانيوم بعد قرار ترامب بالانسحاب. وقال بايدن إنه سوف يحاول التفاوض على اتفاق متابعةٍ أكثر صرامة، لكنه لم يوضح التفاصيل.
في أغسطس/آب 2019، أخبر بايدن مجلس العلاقات الخارجية أنه "إذا عادت إيران للامتثال بالتزاماتها النووية، فإنني سأعود مجدداً لخطة العمل الشاملة المشتركة"، وسأستخدمها كنقطة للانطلاق في مواجهة "تصرفات طهران الخبيثة الأخرى في المنطقة". ربما هذا ما يود سماعه معظم الناخبين الديمقراطيين، الذين ينظرون إلى خطة العمل الشاملة المشتركة على أنها إنجاز بارز لسياسة أوباما الخارجية، واستاءوا جداً من انسحاب ترامب من الاتفاقية.
ولكن في حين أن خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) تؤدي مهمتها على الورق، إلا أنها في الحقيقة تبقى حبراً على ورق. وما بين حملة عقوبات "الضغوط القصوى" الأمريكية وتخلي إيران عن التزاماتها بموجب الاتفاق، فإن أي محاولة لإحيائها تتطلب، في الواقع، التفاوض عليها بشكل كامل من جديد.
لحُسن الحظ، يمكن للولايات المتحدة إنهاء نهج الضغط الأقصى الفاشل من خلال إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي مع إيران.
ولكن إعادة الانضمام إلى الاتفاقية لن يتمثل ببساطة في التوقيع عليها مرة أخرى، حسبما يقول كريستيان كوتس أولريكسن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس، وجان فرانسوا سيزنيك، خبير في شؤون الشرق الأوسط وأستاذ في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، وأولريكسن.
وأوضح سيزنيك أنَّ المتشددين في إيران لن يكونوا منفتحين على إعادة التفاوض على الاتفاقية. وستعترض كذلك القوى الموالية لإسرائيل داخل الكونغرس الأمريكي، بما في ذلك في الحزب الديمقراطي، على العودة للاتفاقية.
وقال سيزنيك: "لا أعتقد أنَّ نظرة واشنطن إلى التهديد الإيراني ستتغير سواء كان بايدن موجوداً أم لا".
تركيا.. هل تتدهور العلاقة أم تكون روسيا والسعودية سبباً لترميمها؟
كان الملف التركي حديث شد وجذب بين بايدن وترامب فيما يرى أنصار المرشح الديمقراطي أن الرئيس الأمريكي لم يتخذ مواقف حازمة تجاه ما تفعله أنقرة في العديد من الملفات الهامة بالشرق الأوسط وأهمها الموقف في سوريا، لكن على ما يبدو أن بايدن سينتهج نفس الطريقة بسبب الظروف المعقدة وأيضاً محاولة تركيا القوية في استقلال سياستها الخارجية بعيداً عن الفلك الأمريكي، حسب وكالة رويترز.
ويزيد تعقيد العلاقة اختبار أنقرة نظام الصواريخ الروسي إس-400، الذي أكده أردوغان مؤخراً.
وهناك تصور أن الحكومة التركية تريد فوز ترامب بفضل علاقته الشخصية القوية مع أردوغان، وعداء بايدن له.
وقد يكون صحيحاً نسبياً أن علاقات تركيا مع أمريكا ترامب جيدة ولكن لابد أن يتزامن ذلك مع إدراك مهم بأن هذه العلاقات التركية الأمريكية لم تكن سلسلة أو سهلة بل فرضت فيها تركيا نفسها بقوة ومناورات بأشكال مختلفة وصلت للتحدي في بعض الأوقات حتى إن بعض المحللين الأمريكان رأوا أن واشنطن يمكن أن تخسر تركيا تماماً في حال حرقت السفن معها.
وصحيح أن بايدن أبدى موقفاً صقورياً ضد تركيا خلال الحملة كما أنه من المؤيدين لإقامة كيان كردي شمال سوريا، ولكن بايدن من جهة أخرى لا يتفق مع الدعم اللامحدود الذي مارسه ترامب مع نتنياهو، والسعودية والإمارات وإعجابه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي وصفه بديكتاتوري المفضل، والأربعة يمثلون خصوماً إقليميين لتركيا.
فبالنسبة لتركيا فهناك ميزات في بايدن أنه أبدى مواقف انتقادية لسياسة السعودية، فضلاً عن أنه أميل إلى سياسة أكثر استقراراً في التعامل مع المشروع النووي الإيراني، خاصة أن أنقرة شريك تجاري مهم لإيران وتضررت من عقوبات ترامب عليها.
ولكن المتغير الروسي له دور في تقارب محتمل بين تركيا وأمريكا في عهد بايدن، فيتوقع أن بايدن سوف يكون أكثر حسماً مع التوسع الروسي.
ويعتقد الأتراك أن فوز بايدن يمكن أن يجعل واشنطن تعيد التركيز على المنافسة والمواجهة مع روسيا بدلاً من تركيز ترامب على الصين، وعند النظر في مواقف روسيا التي تعارض تركيا في سوريا وليبيا وأذربيجان، فإن هذا الأمر قد يعطي لتركيا فرصاً جديدة للمناورة.
وفي هذا الإطار، يقول سونر كاجابتاي، وهو باحث كبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "أتوقع أن يتواصل بايدن مع أردوغان، لأن الأولوية ستكون لإنعاش حلف شمال الأطلسي، وهذا غير ممكن دون تركيا".
ويمكن القول إن الكُرة في ملعب بايدن، فهل سيتجه إلى مزيد من تجاهل تركيا في الترتيبات الإقليمية ويزيد من الضغط عليها أم سيسعى لتفهُّم مطالبها ولو جزئياً؟ إذا أراد التضييق على روسيا فإنَّ عليه تفهُّم تركيا.
فلسطين.. لن يكون أبداً أسوأ من ترامب حتى لو كان داعماً لإسرائيل
لطالما صوَّرَ بايدن نفسه باعتباره داعماً قوياً لإسرائيل، ووَعَدَ بالحفاظ على تفوُّقها العسكري. ولكنه أيَّد كذلك حلَّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحذَّرَ من ضمِّ إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية.
ويعوِّل القادة الفلسطينيون على هزيمة دونالد ترامب ولا يريدون حتى التفكير في خطةٍ بديلة، واثقين بأن سياسات جو بايدن تجاه الفلسطينيين ستكون أفضل في كل الأحوال.
ومن شأن انتهاء إدارة ترامب أن يمنح الرئيس الفلسطيني محمود عباس فرصةً لحفظ ماء الوجه، من أجل عكس الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تُستَخدَم لمعاقبة شعبه لشهور.

نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، أوضح أنه يعارض الضمَّ الإسرائيلي للأراضي التي يريدها الفلسطينيون لدولتهم المستقبلية، وقالت إسرائيل إنها لن تمضي قُدُماً في الضمِّ دون دعم الولايات المتحدة.
وقال جهاد حرب، المُحلِّل السياسي الفلسطيني في رام الله، إن فوز بايدن سيوفِّر لعباس "سُلماً ينزل به من الشجرة"، إذ يمكنه حينها إعلان انتهاء الضمِّ والعودة لقبول التحويلات الضريبية التي أعلن تعليق قبولها من إسرائيل، بسبب سياساتها.
وفي المقام الأول، يعتمد عباس (84 عاماً)، ومساعدوه على أن يصبح بايدن رئيساً؛ من أجل تنحية خطة إدارة ترامب المؤيِّدة لإسرائيل للتوصُّل إلى حلٍّ للنزاع. ويتوقَّعون عودة دعم الولايات المتحدة لحلِّ الدولتين، الذي يعتبره الفلسطينيون قابلاً للإحياء من جديد. ويأمل الفلسطينيون أن يذوب الجليد مع البيت الأبيض، ويرغبون في إعادة بعض المساعدات المالية على الأقل.
هل يغلق السفارة الأمريكية في القدس؟
ومع ذلك، سيكون التراجع عن الخطوات الأخيرة من قِبَلِ ترامب أعقد، مثل إعادة فتح بعثة دبلوماسية فلسطينية في واشنطن. واستبعد بايدن بالفعل إلغاء نقل سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل إلى القدس من تل أبيب.
فالسماح بإعادة فتح البعثة الدبلوماسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، أو استعادة كثير من المساعدات للمشاريع التي أفادت السلطة الفلسطينية بشكلٍ مباشر، سيتطلَّب من بايدن التغلُّب على عددٍ من العقبات القانونية، التي قد يستلزم بعضها موافقة الكونغرس.
كما أن إعادة إنشاء قنصلية الولايات المتحدة في القدس، والتي كانت حتى العام 2019 بمثابة البعثة الدبلوماسية الأمريكية للفلسطينيين، تتطلَّب إذناً من إسرائيل، وهو أمرٌ قد لا يُمنَح سريعاً في مدينةٍ اعترف بها ترامب رسمياً بأنها عاصمة إسرائيل.
وقالت لارا فريدمان، رئيسة مؤسَّسة السلام في الشرق الأوسط والخبيرة في دور الكونغرس بالمنطقة: "كلُّ هذا ممكن، لكنه سيتطلَّب جهوداً سياسية كبيرة".
فما يتمناه عباس أكثر من غيره هو أن يمنح بايدن الأولوية للقضية الفلسطينية، وأن يضغط على إسرائيل لتقديم تنازلاتٍ، وحتى إعادة سفارة الولايات المتحدة إلى تل أبيب من القدس، وكلُّ هذا يبدو بعيد الاحتمال في أحسن الأحوال.
فلقد أوضح بايدن، أن لديه العديد من الأولويات العليا، بدءاً من مواجهة جائحة فيروس كورونا المُستجد. وأشار إلى أنه لا يريد الصدام مع الحكومة الإسرائيلية. وقال رباني: "فكرة أن كلَّ شيءٍ سيعود إلى ما كان عليه من قبلُ، هي إلى حدٍّ ما قصةٌ خيالية".
كوريا الشمالية.. غموض على غموض
أوقفت كوريا الشمالية الاجتماع مع المفاوضين الأمريكيين، ولم يفسِّر أيٌّ من المُرشَّحين علناً كيف يخطِّطان لحثِّ كوريا الشمالية على نزع سلاحها النووي. وقال بايدن إنه سينسِّق مع الصين ودولٍ أخرى للتفاوض بشأن نزع السلاح النووي لدى كوريا الشمالية.
وعَقَدَ ترامب قمَّتين مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، لكنه فشل في إقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن ترسانتها النووية وصواريخها طويلة المدى.
روسيا.. فوز بايدن يمثل عيباً وميزة لها
يقول كلا المُرشَّحين إنه يفضِّل الحدَّ من التسلُّح، لكنه حدَّد إستراتيجيَّتين مختلفتين، إذ يريد ترامب اتفاقاً نووياً مع روسيا هذا العام، من شأنه أن يُحدِّد بعباراتٍ عامةٍ أهداف معاهدةٍ مستقبلية تشمل جميع الرؤوس النووية وتنصُّ على تحقُّقٍ صارم.
وإذا وافقت روسيا، فسوف يمدِّد ترامب اتفاقية ستارت الجديدة، التي من المُفتَرَض أن تنتهي مدتها في فبراير/شباط المقبل. ويتمثَّل مطلب ترامب طويل المدى، في أن تنضم الصين إلى معاهدةٍ جديدة مع واشنطن وموسكو.

أما بايدن، فيقول إن هدفه هو تقليص دور الأسلحة النووية في العقيدة العسكرية الأمريكية. ويفضِّل تمديداً لاتفاقية ستارت الجديدة كأساسٍ لترتيباتٍ من نوعٍ جديد.
يمثل فوز بايدن مشكلة نسبية لروسيا من خلال إعادة تركيز الاهتمام الأمريكي على التصدي لموسكو وتعزيز التحالف الذي تضعضع مع الشركاء الأوروبيين في الناتو.
ولكنَّ فوز بايدن يوفر ميزة خفية لروسيا، حسبما تقول إلين والد، الباحثة الأمريكية المتخصصة بمجال الطاقة، في مقالة لها نُشرت بمجلة Forbes الأمريكية.
تقول والد، كتبت قبل عام تقريباً أن روسيا والمملكة العربية السعودية تريدان سراً مرشحاً ديمقراطياً للفوز بالرئاسة: "لدى كلا البلدين اقتصادات تعتمد على إنتاج وبيع النفط والغاز الطبيعي". في روسيا.
سيكون الوضع المثالي بالنسبة لهم هو رؤية الأسعار بأرقام تتجاوز المئة دولار للبرميل، والتي شهدوها آخر مرة في عام 2014. إحدى الطرق لتحقيق ذلك قد تتمثل في إجبار الولايات المتحدة على خفض الإنتاج، ويُتوقع أن تؤدي سياسات بايدن التي تولي البعد البيئي اهتماماً، إلى تقليل الإنتاج النفطي الأمريكي أو وقف التوسع الهائل الذي حدث في عهد ترامب.
الصين.. ماذا سيفعل في الحرب التجارية؟
هناك أربعة ملامح لاستراتيجية بايدن للتعامل مع الصين من واقع تصريحاته أثناء الحملة الانتخابية:
سأعيد بناء العلاقة الاقتصادية التي دمرها ترامب مع حلفائنا التجاريين، وسنشكِّل جبهة موحدة للضغط على الصين تجارياً واقتصادياً.
ممارسات الصين غير عادلة، لكننا لن نحاربها بفرض رسوم جمركية بلا نهاية على آلاف البضائع، فالرسوم الجمركية تفرض أعباء على المستهلك الأمريكي.
الرسوم الجمركية أضرَّت المُزارع الأمريكي، بسبب إجراءات الصين الانتقامية.
الصين لا تستطيع منافستنا، وسنستمر في البحث والتكنولوجيا والتعليم؛ لمواجهة الصين.
ولكن بايدن تعهد بالاستمرار في انتقاد الصين بسبب عدد من القضايا، مثل الاضطهاد والسجن الجماعي للإيغور المسلمين، وإخفاء المعلومات بشأن فيروس كورونا، واستخدام ممارسات تجارية غير عادلة.
وفي كتاباته العامة، يركز بايدن على خبرته الطويلة في التفاوض مع القيادة الصينية، ويصوّر الصين على أنها قوة غير جديرة بالثقة، تحتاج أن يحتويها تحالف من الحكومات الديمقراطية. وزعم أن بكين دعمت بشكل غير عادل، المؤسسات المملوكة للدولة، مما يمنحهم "أفضلية في الهيمنة على التقنيات والصناعات المستقبلية".
وكتب بايدن بمجلة Foreign Affairs، في وقت سابق من هذا العام: "تحتاج الولايات المتحدة اتباع نهج صارم تجاه الصين. إذا استمرت الصين في طريقها، فسوف تستمر في سرقة تقنيات الولايات المتحدة والملكية الفكرية لشركاتها".
ولكنه أوضح أيضاً أن الولايات المتحدة سوف تستمر في العمل مع الصين والدول الأخرى على عدد من القضايا، مثل الجهود الدولية لنزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية والتفاوض مع "الجهات الفاعلة" لمواجهة مخاطر الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
وعلى الرغم من أنَّ التوترات ستستمر في ظل إدارة بايدن، فإن الاختلاف الرئيسي، كما يتوقع المراقبون، سيكون في النهج المُتَّبع. وتعهد بايدن بالعمل مع الحلفاء، للضغط على الصين من خلال المنظمات متعددة الأطراف التي تجنَّبها ترامب. ويتوقع المحللون أن يعمل المرشح الديمقراطي، في حالة انتخابه، مع الصين في قضايا مثل تغير المناخ والاستجابة للجائحة.