لطالما كانت فلوريدا ولاية متأرجحة في الانتخابات الأمريكية الرئاسية، ولكن في الانتخابات الحالية فإن فلوريدا تكتسب أهمية خاصة لترامب، بينما بايدن لا يركز عليها كثيراً، ولكن لماذا يظل دورها حاسماً في الانتخابات؟
لكن لماذا تظل فلوريدا دوماً متأرجحة؟ ولماذا يبدو أن أداء بايدن تراجع فيها عن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وسط تقارير عن تقدم ترامب عليه؟
وتزداد أهمية فلوريدا بالإضافة إلى كونها ولاية متأرجحة من كونها لديها 29 صوتاً في المجمع الانتخابي، أي أنها الثالثة بعد كاليفورنيا وتكساس.
الأولوية لهذه الأزمات التي نكبت بها الولاية
يبلغ عدد سكان فلوريدا 21.5 مليون نسمة، ووفقاً للبيانات الحديثة الصادرة عن قسم الانتخابات، فإن 35% من الناخبين المسجلين في الولاية هم من الجمهوريين، و37% من الديمقراطيين، و27% من الناخبين مسجلون كحزب ثانوي أو ليس لديهم انتماء حزبي.
مع وجود ثالث أعلى نسبة من السكان من أصل لاتيني وإسباني في البلاد، تعيد المجتمعات اللاتينية والإسبانية في فلوريدا تشكيل نسبة المشاركة السياسية في الولاية.
توجه حفنة من القضايا الرئيسية بين ناخبي فلوريدا كيفية التصويت. بينما تحظى القضايا المختلفة بالأولوية خلال الدورات الانتخابية المختلفة، ظلت ثلاث قضايا تمثل أهمية خاصة للولاية.
ارتفاع منسوب مياه البحر، الذي يؤثر على سكان الولاية الذين يعيشون على طول الخط الساحلي للولاية البالغ 1200 ميل، قد ينتهي به الأمر إلى تكلف الولاية 76 مليار دولار بحلول عام 2040.
بالنسبة للعديد من ناخبي الولاية الذين يعانون بانتظام من عواصف أو فيضانات كبيرة أثناء هطول أمطار غزيرة، سيتم منح تصويتهم لشخص يمكنه التخطيط بعناية والاستعداد لارتفاع مستوى سطح البحر.
القضية التي تحظى بالأولوية وسط جائحة الفيروس التاجي للعديد من الناخبين هي البطالة. في ديسمبر من عام 2019، انخفض معدل البطالة في الولاية إلى 2.5%. ولكن في مايو/أيار من عام 2020، وصلت البطالة إلى 14.3%، وهو المعدل الحادي عشر-الأسوأ في تاريخ البلاد.
تلقى حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، أحد مؤيدي ترامب المتحمسين، انتقادات كبيرة بسبب العمال العاطلين عن العمل دون مزايا لعدة أشهر.
الهجرة هي مشكلة تؤثر على عدد كبير من السكان في فلوريدا. وفقاً لمجلس الهجرة الأمريكي، ولد واحد من كل خمسة من سكان فلوريدا في بلد آخر.
وواحد من كل ثمانية من المواطنين الأمريكيين بالولايات مولود في الولايات المتحدة ولكن لديه أحد الوالدين مهاجر على الأقل.
يُقدر عدد المهاجرين في فلوريدا بنحو 4.5 مليون يشكلون أكثر من ربع القوة العاملة في الولاية وأكثر من نصفهم مواطنون أمريكيون متجنسون. بالنسبة للعديد من مواطني فلوريدا، تعتبر قضية الهجرة قضية شخصية.
يفترض أن هذا يجعلهم كلهم مناهضون لترامب، ولكن الأمر ليس كذلك.
لماذا تظل فلوريدا ولاية متأرجحة في الانتخابات الأمريكية الرئاسية؟
فلوريدا، على عكس العديد من الولايات الأخرى، لم تكن قط جمهورية أو ديمقراطية. كان الناخبون في فلوريدا يتمتعون بقدر ضئيل من الاتساق في الانتخابات في السنوات الـ 24 الماضية.
الشيء الوحيد الذي يظل ثابتاً في دور فلوريدا في السباق الرئاسي هو سمعتها كصانع القرار في من سيحتل البيت الأبيض.
منذ الستينيات، أصبح الفائز بأصوات فلوريدا الانتخابية رئيساً في كل انتخابات باستثناء السباق الرئاسي لعام 1992.
والسبب أن فلوريدا تبدو كأمريكا مصغرة، بها خليط من سكان من الشمال والجنوب والمهاجرين، مما يجعلها حمالة أوجه في السياسة الأمريكية
تركيبة سكانية معقدة وإنقسام بين الجنوبيين والشماليين
تاريخ فلوريدا وتركيبتها السكانية هما ما يجعلها أيضاً ولاية متأرجحة.
تم ضم فلوريدا للولايات المتحدة متأخراً مقارنة بباقي ولايات الجنوب وذلك بعد الاستيلاء عليها من الأسبان، وأصبحت في الثلث الأول من القرن التاسع عشر، جزءاً من الجنوب الأمريكي الذي يسيطر عليها ملاك العبيد، المحافظون.
ولكن في القرن العشرين بعد أن أصبح الأمريكيون ينظرون لها كجنة استوائية، بدأت الولاية تستقبل هجرة من الشمال الشرقي والغرب الأوسط الباردين جاء جزء كبير منها من المتقاعدين والباحثين عن الشمس على شواطئها المشمسة.
جعل هذا سواحل الولاية ديمقراطية؛ لأن سكانها جاءوا من شمال الولايات المتحدة بينما شمال الولاية وشمالها الغربي، خاصة امتداد لثقافة الجنوب المحافظة المعادية للأقليات.
ورغم النسبة العالية من ذوي الأصول المهاجرة خاصة اللاتينية، إلا أن فلوريدا تشهد ظاهرة غريبة، وهي أن نسبة كبيرة من الأصول اللاتينية يصوتون عادة للجمهوريين؛ لأنهم من المنفيين والمعارضين للنظام الكوبي، ولذا يميلون للجمهوريين بسبب سياستهم التي يعتبروها حازمة مع كوبا، وزاد هذا الأمر مع ترامب خاصة بسبب موقفه المعادي للنظام في فنزويلا والذي جذب أيضاً تأييد الفنزويليين المعارضين للنظام الموجودين بالولاية.
ويعتقد أن الصوت الكوبي خاصة، لعب دوراً مهماً لصالح ترامب في الانتخابات الحالية.
بايدن يتراجع في معقل الديمقراطيين
في عام 2016، فاز ترامب في الأصوات الانتخابية للولاية بأكثر من 1.2% بقليل مقارنة بما حصلت عليه كلينتون.
ولكن اللافت أن أداء بايدن تراجع في فلوريدا عن هيلاري كلينتون.
في الانتخابات الماضية رغم خسارتها إجمالي فلوريدا، فإن كلينتون حصلت على 64% من أصوات ميامي معقل الديمقراطيين في الولاية بفارق نحو 30% عن ترامب.
ولكن تظهر مؤشرات الانتخابات الحالية أن بايدن قلص الفارق إلى أقل من 10% مع ترامب، الذي يبدو متقدماً في مجمل الولاية، واللافت أيضاً أن مناطق الساحل الغربي للولاية التي تضم أعداداً كبيرة من المتقاعدين رغم أنها صوتت لصالح ترامب، إلا أنها أعطته أصواتاً أقل في هذه الانتخابات عن الانتخابات الماضية، مما يشير إلى تراجع شعبيته في أوساط المتقاعدين بسبب أدائه في أزمة كورونا.
كما يبدو أن أحد أسباب تراجع بايدن أيضاً، أن أصحاب الأعمال الصغيرة يثقون في ترامب أكثر في الجانب الاقتصادي، ويتخوفون من ميل بايدن للإغلاق لمواجهة جائحة كورونا.
ولكن حملة بايدن تقلل من تأثير الهزيمة التي تبدو واردة في فلوريدا، كما أنها لم تركز على هذه الولاية كثيراً لدرجة أن المرشح الديمقراطي لم يزرها سوى مرة واحدة، بسبب توازنات أصوات اللاتين في الولاية التي أصبحت أكثر ميلاً لترامب كما ظهر في الانتخابات الماضية.
وبينما يمثل الفوز بفلوريدا مسألة حياة أو موت بالنسبة لترامب، فبدونها لن يستطيع الاستمرار، فإنه أصوات الولاية ليست ضرورية لبايدن، الذي يركز على ولايات أخرى مثل بنسلفانيا وأهاويو وأريزونا.