يبلغ تعداد المسلمين الأمريكيين 3.45 مليون نسمة يمثلون 1.1% من تعداد البلاد، فلماذا يمتلكون فرصة أن يصبحوا رقماً صعبا في الانتخابات الحالية، بحسب استطلاعات رأي ومحللي انتخابات؟
أين يتركز المسلمون؟
اليوم الثلاثاء 3 نوفمبر/ تشرين الثاني هو يوم الانتخابات لاختيار الرئيس ونصف أعضاء الكونغرس وحكام بعض الولايات، لكن بالطبع يطغى السباق الشرس بين دونالد ترامب وجو بايدن من أجل الفوز بالرئاسة على باقي المعارك الانتخابية، فماذا عن دور مسلمي أمريكا في الانتخابات الأهم في البلاد؟
رغم انخفاض نسبتهم مقارنة بعامة السكان، يبرز المسلمون الأمريكيون كأقلية يمكنها تغيير مصير الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ووفقاً لاستطلاعات رأي ومحللي انتخابات، تمتلك الجالية المسلمة خلال الانتخابات الرئاسية الحالية فرصة تاريخية للتأثير على نتائجها، لاسيما في ولايات ميشيغان وأريزونا وجورجيا وبنسلفانيا ونورث كارولينا، الولايات الحاسمة التي ستحدد مصير الانتخابات.
أقلية تمتلك فرصة للتأثير
وفقاً لدراسة أجراها مركز "بيو" الأمريكي للأبحاث، عام 2017، يوجد حوالي 3.45 مليون مسلم في الولايات المتحدة، وهو ما يمثل حوالي 1.1% من السكان في البلاد، وأظهرت نفس الدراسة أنه من المتوقع بحلول عام 2040، أن يتجاوز عدد السكان المسلمين في الولايات المتحدة عدد السكان اليهود، ويصبحون ثاني أكبر مجموعة دينية في البلاد بعد المسيحيين، بحسب تقرير اليوم لوكالة الأناضول.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة السكان المسلمين في الولايات المتحدة ليست كبيرة بشكل عام في الوقت الحالي، لكن تركزهم في المدن الكبرى والولايات الحرجة يجعلهم أقلية يمكن أن تؤثر على نتيجة الانتخابات بشكل مباشر.
فعلى سبيل المثال، هناك ما يقرب من 270 ألف مسلم في ميشيغان، إحدى الولايات المتأرجحة، رغم أن هذا العدد يمثل 2.75% من سكان الولاية، إلا أنه يمتلك القدرة على تغيير التوازنات في صندوق الاقتراع في الانتخابات التمهيدية والعامة.
ففي الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي لعام 2016، منحت أصوات المسلمين في ميشيغان الفوز للمرشح بيرني ساندرز، على منافسته هيلاري كلينتون، وفي الانتخابات الرئاسية في العام نفسه فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بولاية ميشيغان ضد منافسته كلينتون، بأكثر من 10 آلاف صوت بقليل، أي بهامش ضئيل نسبته 0.23%.
وأصبح الناخبون المسلمون أكثر وعياً بالسياسات التي انتهجها ترامب ضدهم، خاصة بعد وصوله إلى البيت الأبيض، وأدركوا أنهم بوصفهم "أقلية"، يمتلكون القدرة على تغيير التوازنات من خلال صناديق الاقتراع، وبدأ المسلمون، الذين طالما اعتقدوا أن أصواتهم الانتخابية لن تغير أي شيء بناء على نسبتهم الصغيرة في المجتمع، بالمشاركة أكثر في المجال السياسي من خلال المشاركة في عمليات التصويت والانتخابات العامة والمحلية.
كيف أثرت هجمات 11 سبتمبر 2001؟
في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، أثر ربط المسلمين بـ"الإرهاب" والحروب ضد الدول ذات الغالبية المسلمة، وخاصة أفغانستان والعراق، على موقف المسلمين في الولايات المتحدة من الحياة السياسية والمشاركة في التصويت والانتخابات.
وقبل 11 سبتمبر/أيلول، وقف 80% من المسلمين على مقربة من الحزب الجمهوري لأسباب دينية وأخلاقية، وبعد 11 سبتمبر/أيلول، تحولوا إلى الحزب الديمقراطي بعد تزايد نسبة العنصرية ومناهضة المسلمين في المجتمع الأمريكي، وبينما صوت 70% من المسلمين لصالح جورج دبليو بوش، الذي دخل الانتخابات الرئاسية عام 2000 ضد المرشح الديمقراطي آل غور، انخفضت نسبة الذين صوتوا لبوش في الانتخابات بعد 4 سنوات لأقل من 4% من نسبة المسلمين.
وازداد توجه الناخبين المسلمين نحو الحزب الديمقراطي، مع باراك أوباما في انتخابات 2008، وقدم المسلمون تأييداً بنسبة 82% لهيلاري كلينتون ضد ترامب في انتخابات 2016، وفي انتخابات التجديد النصفي لعام 2018 التي أجريت في عهد ترامب، ظل دعم المسلمين للحزب الجمهوري عند نسبة الـ10%.
ومنحت مشاركة امرأتين مسلمتين من ولاية مينيسوتا، وهما إلهان عمر من أصل صومالي ورشيدة طليب من أصل فلسطيني، من الحزب الديمقراطي لأول مرة في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، المسلمين الثقة بالنفس وأهمية المشاركة في العملية السياسية.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأ سياسيون ومرشحون عن الحزب الديمقراطي بالظهور في أنشطة ومساجد الجالية المسلمة، من أجل الوصول إلى هذه الكتلة من الناخبين الذين لطالما تركوا على الهامش في المعادلة الانتخابية، وكان لقاء المرشح الديمقراطي للرئاسة بيرني ساندرز، مع الجالية المسلمة في مسجد خلال الانتخابات التمهيدية، من أهم التحولات التي شهدتها الجالية المسلمة في البلاد.
الوزن النسبي للأصوات
وأظهر استطلاع أجراه هذا الصيف، مركز "سياسة الهجرة الأمريكية" في جامعة كاليفورنيا، القوة التي تمتلكها الأصوات الانتخابية للجالية المسلمة في ولايتي أريزونا وجورجيا، وهما ولايتان حاسمتان في الانتخابات الرئاسية.
ولفت الاستطلاع إلى أن "أهمية الناخبين المسلمين بدأت بالتزايد بالنسبة لنتائج الانتخابات الرئاسية والسياسة الأمريكية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020″، وحسب نتائج الاستطلاع، يعيش ما يقرب من 60 ألف مسلم في كل من ولايتي أريزونا وجورجيا، وهذه النسبة لها قوة يمكنها بسهولة تغيير التوازنات في الانتخابات، خاصة بين الرئيس الجمهوري ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن.
وأشار إلى أن فلوريدا، التي تعتبر من الولايات المتأرجحة، يسكنها نحو 150 ألف ناخب مسلم، وقال: بالنظر إلى أن فارق الأصوات بين المرشح الديمقراطي آل غور، والمرشح الجمهوري جورج بوش كان 537 فقط في الانتخابات الرئاسية عام 2000، فإن أهمية الناخب المسلم في تغيير توازنات الانتخابات الرئاسية باتت واضحة تماماً.
ويعيش حوالي 128 ألف ناخب مسلم مسجل في ولاية بنسلفانيا، وهي واحدة من أكثر الولايات أهمية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفي انتخابات 2016، فاز ترامب بـ44 ألف صوت انتخابي فقط في هذه الولاية ضد منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وفاز بجميع المندوبين العشرين في الولاية، وحسب مصادر محلية، هناك ما يقرب من 30 ألف ناخب مسلم في ولاية كارولينا الشمالية التي تمتلك 15 مندوباً في المجمع الانتخابي.
موقع المسلمين في السياسة الخارجية
يرغب المسلمون في الولايات المتحدة في رؤية رئيس في البيت الأبيض، يعترف بالحقوق الإنسانية والمدنية للمسلمين في قضايا مثل العنصرية والتمييز والهجرة والحرية الدينية، فالناخبون المسلمون، الذين يرون أنفسهم أقلية مستهدفة، من العنصرية إلى جرائم الكراهية، يتدافعون إلى صناديق الاقتراع لإظهار أنهم جزء من المجتمع الأمريكي من خلال المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
ووفقاً لبحث أجراه معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم الأمريكي (ISPU)، خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية هذا الصيف، تم تسجيل مشاركة 78% من الناخبين المسلمين في عملية التصويت، بعد أن كان 60% فقط في انتخابات عام 2016.
من ناحية أخرى، تحاول الجالية المسلمة في الولايات المتحدة في الواقع، تحديد هويتها واتجاهها ضمن المنظومة السياسية للحزبين الرئيسيين في البلاد، وبينما شعر المسلمون ولسنوات عديدة، أنهم أقرب للحزب الجمهوري من حيث القيم الدينية والعائلية والثقافية في قضايا مثل الإجهاض والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية، يتبنون آراء الحزب الديمقراطي في قضايا اجتماعية مثل العنصرية والهجرة والتسليح.
ويعتقد المسلمون أن نهج الجمهوريين في المجال الاقتصادي، وترامب على وجه الخصوص، سيكون أفضل، لكنهم في الوقت ذاته يشعرون بأنهم مستبعدون من قبل الجمهوريين في المجال الاجتماعي.
لماذا يفضلون بايدن؟
ووفقاً للاستطلاع الذي أجراه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، وهو أحد أكبر المنظمات غير الحكومية الإسلامية في الولايات المتحدة، تعتزم 71% من الجالية المسلمة التصويت لمرشح الرئاسة الديمقراطي بايدن.
وأضاف الاستطلاع أن حوالي 18% فقط من الناخبين المسلمين أعربوا عن رغبتهم في التصويت لترامب، في استطلاع مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، وأجري الاستطلاع على الناخبين المسلمين، بعد المناظرة الانتخابية الأولى بين ترامب ومنافسه بايدن، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي.
وأشار إلى أن 89% من الناخبين المسلمين المسجلين يعتزمون المشاركة في عملية التصويت، بينما لا يزال 11% مترددين بشأن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ولفت الاستطلاع إلى أن الناخبين المسلمين ورغم تأييدهم لبايدن فإنهم أعربوا عن قلقهم بشأن النهج الذي سيتبعه بايدن في الشرق الأوسط إذا تولى رئاسة الولايات المتحدة.