يتركز الأمريكيون من أصل يمني في ولاية ميشيغان، ورغم أن كثيراً منهم صوّتوا لصالح دونالد ترامب في الانتخابات الماضية، فإنهم يُجمعون على انتخاب جو بايدن هذه المرة، ويأملون أن يؤدي نجاحه إلى إنهاء الحرب في بلدهم المنكوب.
موقع Middle East Eye البريطاني نشر تقريراً بعنوان: "حرب اليمن وحظر ترامب للمسلمين يدفعان الأمريكيين من أصول يمنية لدعم بايدن"، تناول آراء وأوضاع الأمريكيين من أصول يمنية قبل أيام قليلة من يوم الانتخابات، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
تحول في التصويت لنفس السبب
كان أكرم الورد، الأمريكي اليمني صاحب الـ36 عاماً والأب لطفلين، يدعم ترامب عام 2016، وظن أكرم أن نجم تلفزيون الواقع ورجل الأعمال بعد تصريحاته التي توبخ الرياض في وقتها، سيساعد في إنهاء الصراع في وطنه الأم.
لكن بعد أربع سنوات، يقول الورد إنه يدعم الآن المرشح الديمقراطي جو بايدن، على أمل أن يُنهي علاقة الشراكة القوية بين واشنطن والرياض.
وجديرٌ بالذكر أن جنوب شرق ميشيغان يضم جالية يمنية كبيرة، تزايد حجمها وتأثيرها في السنوات الأخيرة، وقال الورد، الذي يعيش في ديربورن- المعروفة بالعاصمة العربية لأمريكا- إنه على ما يبدو يوجد "إجماع" على المرشحين بين اليمنيين الأمريكيين.
لكن دعم الديمقراطيين بين أفراد الجالية اليمنية كان مرتفعاً أيضاً عام 2016، حين صوتوا بأغلبية ساحقة لهيلاري كلينتون، لكن من المتوقع أن تكون نسبة المشاركة أعلى بكثير هذا العام، إذ تدفع الحرب في وطنهم الأم، وحظر ترامب للمسلمين، ومجموعة من المشكلات المحلية، الأمريكيين اليمنيين إلى الانحياز للديمقراطيين بدرجة كبيرة.
وقال الورد عن الديمقراطيين: "لقد ساعدوا في إضفاء الشرعية على الحرب". وأضاف: "لكننا نأمل أن يفي بايدن بوعده وينهي الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية. وهذا سيفيد جميع اليمنيين بغض النظر عن الجانب الذي ينتمون إليه، فمن مصلحة الشعب اليمني أن تنتهي هذه الحرب".
كما دعا الورد، وهو يحتسي القهوة الصنعانية في مقهى يمني في ديربورن، نائب الرئيس السابق إلى التعهد بإعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، وهي خطوة قال إنها ستساعد في تخفيف معاناة الناس.
إنهاء الحرب
ينتقد بايدن، منذ بدء حملته الرئاسية، السعودية، ويتعهد بإعادة تقييم العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة، لكن باستثناء هذه التعهد بإنهاء الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية، فلا تزال التفاصيل المتعلقة بكيفية تعامل إدارة بايدن مع هذا الصراع المعقد محدودة.
وقال الورد إن الضغط الأمريكي لوقف الحرب التي تشنها الرياض سيكون خطوة حاسمة نحو تحقيق السلام في الدولة التي مزقتها الحرب، فيما قال علي بالعيد المكلاني، الناشط المجتمعي البارز في ديربورن: "اليمنيون الأمريكيون يريدون رئيساً ونائباً للرئيس يعالجان القضايا التي تواجه جميع الأمريكيين، التي منها فيروس كورونا"، وأضاف: "واليمنيون الذين تربطهم صلات بوطنهم الأم ولديهم عائلات هناك، يمثل لهم وقف الحرب في اليمن أولوية قصوى أيضاً".
ودعا المكلاني إلى مشاركة الناخبين في التصويت بأعداد كبيرة، قائلاً إن النشطاء يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات المجتمعية لتشجيع الناس على المشاركة في الانتخابات.
وقال لموقع Middle East Eye: "يشكو الكثير من الناس مما يجري في البلاد، لكنهم يمتنعون عن التصويت. فإذا كنت مواطناً أمريكياً ولا تصوّت فلا يجب أن تنتقد الساسة؛ بل نفسك".
حظر المسلمين
وفي ظل تدفق مهاجرين جدد بعد بدء الحرب وظهور جيل جديد من القادة ورجال الأعمال، يتزايد الوجود اليمني الأمريكي في المنطقة في مجالات الأعمال والسياسة والنشاط المجتمعي.
غير أن رشيد النُزيلي، ناشر صحيفة Yemeni American News الشهرية المحلية، قال إن حظر السفر الذي فرضه ترامب، والذي استهدف اليمن ودولاً أخرى ذات أغلبية مسلمة "حاصر" الجالية.
وقال النزيلي لموقع Middle East Eye: "لقد أضرّ ترامب بسمعة المسلمين عموماً واليمنيين خصوصاً. وألقى بظلال من الشك على جاليتنا"، وأضاف أن المسلمين، ولا سيما النساء المحجبات، يواجهون التمييز والتعصب منذ فرض الحظر.
وقال النزيلي: "أدعو بايدن إلى تعيين سيدة محجبّة في إدارته للتخفيف من الضرر الذي تسبب فيه ترامب، وإظهار أن المسلمين جزء من نسيج المجتمع الأمريكي".
المشاركة السياسية
رغم هذه التحديات، يخوض العديد من النشطاء اليمنيين الأمريكيين الانتخابات المحلية في المنطقة، ففي أغسطس/آب، فاز إبراهيم عياش، الناشط المجتمعي، في انتخابات الحزب الديمقراطي بمقعد في الكونغرس ممثلاً لمدينة هامترامك، المدينة الأمريكية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة.
ولا تزال حملة عياش تتواصل مع الناخبين لزيادة الإقبال على التصويت وإشراك أفراد الجالية اليمنية في الانتخابات، وقال عياش لموقع Middle East Eye: "ندرك أننا في النهاية نتحمل مسؤولية خدمة مجتمعنا… ومثل أي فئة، في أي مجتمع، نحتاج إلى تمثيل، ليكون لدينا صوت ينقل التجربة التي عاشها الأمريكيون اليمنيون، ويعبر عن الاندماج والتنوع في العملية السياسية".
ويُقر عياش بأنَّ الحظر الذي فُرض على المسلمين والحرب في اليمن من القضايا المهمة للناخبين اليمنيين، غير أنه أضاف أنَّ الجالية اليمنية تواجه قضايا داخلية أخرى تتشاركها مع جميع الأمريكيين.
وقال إن "تقويض" ترامب لوكالة حماية البيئة والجهود المبذولة لإلغاء قانون الرعاية ميسورة التكلفة الذي وسّع نطاق تغطية الرعاية الصحية، كان من العوامل الرئيسية التي من شأنها أن تؤثر على تصويت اليمنيين، وأضاف: "الرعاية الصحية ستؤثر علينا، وسياسة التعليم والسياسة البيئية أيضاً. وهامترامك وديترويت وديربورن هي أكثر المناطق تلوثاً في الولاية. واليمنيون الأمريكيون لا يركزون على ما يحدث في اليمن فقط، لكنهم منشغلون أيضاً بما يحدث في دوائرنا المحلية بخصوص هذه القضايا".
"إحساس بالفخر"
قرَّرت معالي لقمان، المعلمة التي تبلغ من العمر 36 عاماً، الترشح لشغل مقعد في مجلس إدارة المدرسة في ديربورن. وتقول إن اليمنيين الأمريكيين في ديربورن "متحمسون" لوجود مرشحين مؤهلين من جاليتهم في بطاقة الاقتراع.
قالت: "يوجد شعور كبير بالفخر. وأعتقد أن هذا يعود إلى أننا تعرَّضنا للتهميش والمعاملة السيئة لفترة طويلة"، وأضافت أن الجالية اليمنية لم تنمُ بين عشية وضحاها؛ لكن هذا حدث بعد فترة طويلة، وبدأت لتوّها في تلقي التقدير الذي حُرمت منه بسبب التمييز والصور النمطية التي يُكرّسها أحياناً الأمريكيون العرب.
وقالت معالي لموقع Middle East Eye: "اليمنيون معروفون بتجذرهم في عقيدتهم. وهذا بشكل عام يشجع التعليم وتطور الشخصية والجانب الروحي. لقد حدث هذا التقدم إذاً بمرور الوقت، لقد كان حاضراً، ولم يُعترف به إلا الآن بفضل من تقدّموا منا وأصبحوا أعلى صوتاً".
وقالت معالي إن حظر المسلمين والحرب في اليمن قضيتان من شأنهما التأثير على تصويت الأمريكيين اليمنيين في السباق الرئاسي: "علينا -سواء أحببنا ذلك أم لا- أن نكون أصوات الناس في الوطن، الذين لا يملكون صوتاً، ونحاول مساعدتهم بألا ندعم السياسات التي تسمح بإلقاء القنابل عليهم".