في الوقت الذي ينصبُّ فيه اهتمام العالم على محاولة دونالد ترامب الفوز بإعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة ضد منافسه الديمقراطي جو بايدن، فإن معركة الهيمنة على مجلس الشيوخ الأمريكي، التي ستبلغ ذروتها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، لا تقل احتداماً وتأثيراً عن الانتخابات الرئاسية.
يرجع ذلك إلى أنه حتى لو هزم بايدن منافسه الجمهوري ترامب، فإن بايدن لن يكون قادراً على تمرير تشريعاته الخاصة بقضايا رئيسية، مثل: الرعاية الصحية والهجرة والتغير المناخي، ما لم يستحوذ الديمقراطيون في الوقت نفسه على مجلس الشيوخ، حيث يتمتع الجمهوريون الآن بأغلبية 53 إلى 47 صوتاً ديمقراطياً.
ومع ذلك، يمكن للديمقراطيين سحب هذه المقاعد لصالحهم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
إذ يبدو أن المتنافسين الديمقراطيين في ولايتي أريزونا وكولورادو لديهم فرصة جيدة في هزيمة منافسيهم الجمهوريين الحاليين، في حين أن نائباً ديمقراطياً واحداً فقط، وهو السيناتور عن ولاية ألاباما، يبدو مقعده معرضاً للخطر على نحو خاص، وفقاً لآخر توقعات النشرة الإعلامية الصادرة عن The Cook Political Report.
تفاصيل معركة الهيمنة على مجلس الشيوخ الأمريكي
بافتراض سير الأمور على هذا النحو، فإن عدد المقاعد الإضافية التي يحتاج إليها الديمقراطيون لحيازة أغلبية التصويت في مجلس الشيوخ سيتوقف على الفائز بمقعد الرئاسة في البيت الأبيض، لأن أي تعادل في عدد أصوات مجلس الشيوخ (50-50) يكسره صوت نائب رئيس البلاد، لأن نائب الرئيس يصبح رئيس مجلس الشيوخ تلقائياً.
ومن ثَم، إذا فاز ترامب بإعادة انتخابه، فالأرجح أن الديمقراطيين سيصبحون بحاجة إلى الفوز بأصوات ثلاث ولايات أخرى، بالإضافة إلى أريزونا وكولورادو، لتأمين الأغلبية؛ أما إذا فاز بايدن، فعلى الأرجح لا يحتاج الديمقراطيون إلا إلى مقعدين آخرين فقط.
ونستعمل جملة "على الأرجح" لأنه لا يزال ثمة وقت كافٍ للسباقات غير المذكورة هنا لتحويل وجهة المنافسة الانتخابية وتغيير الحسبة القائمة برمتها.
من أين ستأتي هذه المقاعد؟ هناك سبعة سباقات تذهب نشرة Cook Political Report الخاصة بتوقعات انتخابات مجلس الشيوخ إلى أنها سباقات متأرجحة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
أبرز أهداف الديمقراطيين: الولايات السبع المتأرجحة
الولايات الأبرز التي يهدف الديمقراطيون إلى الفوز بها هي ولايات ماين وكارولينا الشمالية وأيوا.
ففي جميع هذه الولايات الثلاث، يبدو أن الحكام الجمهوريين الحاليين يعانون جراء افتقار ترامب إلى الشعبية، في حين أن خصومهم الديمقراطيين يمكن أن يستفيدوا من الإقبال الكبير بين الناخبين الذين يرغبون في رؤية ترامب مهزوماً في الانتخابات.
ثمة مشكلات أخرى يواجهها الجمهوريون على النطاق الديموغرافي الأوسع نطاقاً للولايات، حيث تعاني حملة ترامب تزايداً في أعداد النساء اللواتي يقلن إنهن لن يدعمن ترامب في انتخابات 2020، وبالمثل يتخلى عنه الناخبون في ضواحي المدن، وفقاً لاستطلاعات الرأي، كما تراجع التأييد لترامب حتى بين البيض من غير حَمَلة الشهادات الجامعية.
والبداية من ولاية ماين، حيث يبدو أن سوزان كولينز، التي تشغل مقعد الولاية عن الجمهوريين منذ فترة طويلة، قد اختلفت أخيراً مع الناخبين، إذ قال عدد كبير منهم إنهم لا يوافقون على تصويت كولينز لصالح تأكيد انضمام بريت كافانو إلى المحكمة العليا، وهو ثاني اختيارات ترامب للمنضمين الجدد إلى المحكمة العليا.
تجدر الإشارة إلى أن القاضي كافاناه واجه -خلال فترة ترشيحه للمحكمة- اتهامات بسوء السلوك الجنسي من قبل عدد من النساء خلال مرحلة دراسته الثانوية والجامعية؛ وهي اتهامات أنكرها خلال جلسة استماع أمام اللجنة القضائية لمجلس الشيوخ، وطالبت عريضة موقعة من جانب مئات أساتذة القانون أعضاء مجلس الشيوخ برفض ترشح كافاناه، قبل أن يتم تعيينه في نهاية المطاف.
أما ولاية كارولينا الشمالية، فقد دافع ممثلها الجمهوري الحالي، توم تيليس، عن طريقة تعامل ترامب مع جائحة كورونا، في حين قال غالبية الناخبين إنهم يدعمون حاكم الولاية الديمقراطي في نزاعه مع ترامب بشأن الالتزام بقواعد الصحة العامة خلال استضافته المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في الولاية.
وفي حين أنه كان قد بدا من الصعب التغلب على السيناتور الجمهورية عن ولاية أيوا، جوني إرنست، في وقت سابق من هذه الدورة الانتخابية، إلا أنها عانت أيضاً على ما يبدو انخفاضاً في شعبيتها جراء دفاعها عن سياسات ترامب الخاص بالتعامل مع وباء كورونا، كما أظهرت منافستها الديمقراطية تيريزا غرينفيلد قوة غير متوقعة خلال الفترة الماضية.
لكن مع استمرار حملات الترشح، يبدو أنه لا يزال لدى هذه السباقات وغيرها مزيد من الوقت لتغيير الوجهة.
كما يأمل الجمهوريون في أن يؤدي الصراع السياسي خلال تصويت مجلس الشيوخ على انضمام مرشحة ترامب للمحكمة العليا، إيمي كوني باريت، إلى تحفيز الناخبين المحافظين، بالضبط كما حدث أثناء الصراع مع الديمقراطيين على تولي كافانو في انتخابات النصفي لعام 2018.
علاوة على أن التداعيات السياسية التي قد تبرز في اللحظات الأخيرة خلال المناظرات، أو بخصوص أزمة كورونا، أو الاقتصاد أو بعض التحولات غير المتوقعة، يمكن أن تغير وجهة تلك السباقات مرة أخرى.