المناظرة المنسية تاريخياً أصبحت فجأة الأهم على الإطلاق.. هاريس سلاح بايدن ضد بنس ظِل ترامب

عربي بوست
تم النشر: 2020/10/07 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/07 الساعة 14:50 بتوقيت غرينتش
جو بايدن مع كامالا هاريس

ربما لم تحظَ أي مناظرة بين نائبين في الانتخابات الأمريكية بالأهمية ونسبة المشاهدة المتوقعة بين مايك بنس، نائب الرئيس دونالد ترامب، وكامالا هاريس، نائبة المرشح الديمقراطي جو بايدن، فمن منهما الأقرب لحسم السباق الأسرش لصالح رئيسه أو على الأقل زيادة فرصه في الفوز؟

لماذا أصبحت المناظرة بهذه الأهمية؟

المناظرات التلفزيونية بين المرشحين للرئاسة الأمريكية تكون عبارة عن أربع مناظرات، ثلاثة منها بين المرشحين للرئاسة، وواحدة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، وعادة ما كانت تلك المناظرة الوحيدة بين النائبين أقل أهمية، ولا يهتم بها كثيرون، لأن التركيز يكون مع المرشحين لمنصب الرئيس، لكن عدة عوامل قلبت الأمور رأساً على عقب، وجعلت مناظرة هاريس وبنس تحظى بأهمية لا تقل عن الاهتمام بالمناظرات بين ترامب وبايدن.

أول هذه العوامل هو إصابة ترامب بمرض كوفيد-19، وما أثاره ذلك من مخاوف بشأن عقد المناظرات من الأساس، وإصرار هاريس وحملتها على إضافة مزيد من الإجراءات الوقائية، وسخرية حملة بنس في المقابل، وهو ما يشير إلى أن قضية الوباء وتعامل إدارة ترامب معه سيكون ملفاً رئيسياً في المناظرة، وستكون هاريس في موقف الهجوم، بينما سيكون على بنس الدفاع عن رئيسه.

كورونا يصل مكتب نائب ترامب.. أمريكا تغلق الحدود ومدناً جديدة بعد اقتراب الإصابات من 20 ألفاً
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه مايك بنس/ رويترز

والعامل الثاني هو المناظرة الرئاسية الأولى بين ترامب وبايدن، والتي جاءت فوضوية ومليئة بالمقاطعات، ما جعل من المستحيل على المتابعين أن يتمكنوا من معرفة رأي كل منافس في القضايا المطروحة، وخطة كل منهما التي سينفذها حال فوزه بالانتخابات، وبالتالي فإن مناظرة هاريس وبنس اكتسبت أهمية إضافية، حيث يأمل الناخبون الذين لم يحسموا أمرهم بعد أن تلقي تلك المناظرة مزيداً من الضوء على برنامج كل مرشح بشأن أبرز القضايا المطروحة، سواء التعامل مع الوباء أو الاقتصاد أو كيفية التعامل مع الاحتجاجات ضد التمييز وغيرها.

معلومات أساسية عن المناظرة

المناظرة ستبدأ مساء الأربعاء، 7 أكتوبر/تشرين الأول، الساعة 9 بتوقيت الساحل الشرقي وتستمر لمدة 90 دقيقة، وستقام في مدينة سولت ليك سيتي بولاية يوتاه، وبالتحديد في جامعة كينغزبيري، والولاية لا تعتبر ضمن الولايات المتأرجحة أو ولايات الحسم، حيث إنها ولاية جمهورية، وآخر مرة صوتت لمرشح ديمقراطي كانت في انتخابات 1964، وعلى الرغم من أن ترامب لا يتمتع بشعبية كبيرة هناك فإنه من المتوقع أن يحصل على أصوات الولاية في المجمع الانتخابي.

وستدير المناظرة سوزان بيدج، مديرة مكتب مجلة USA Today في واشنطن، وسيكون عليها أن تعمل على تجنب الانتقادات الحادة التي تعرّض لها مذيع قناة فوكس كريس والاس، الذي أدار مناظرة ترامب وبايدن الأولى، وبدا ضعيفاً وغير قادر على منع المقاطعات المتكررة من جانب ترامب وبايدن، وإن كانت مقاطعات ترامب أضعاف ما قام به بايدن، لكن من المتوقع أن تكون مهمة بيدج أكثر سهولة في إدارة مناظرة هاريس وبنس، بحسب المراقبين.

مدة المناظرة مقسمة على 9 أجزاء، كل منها 10 دقائق، ويبدأ كل جزء بسؤال لأحد المرشحين ليجيب خلال دقيقتين، وتم الاتفاق على التقسيم لـ9 أجزاء لإفساح المجال أمام مناقشة عدد أكبر من القضايا، حيث إن المناظرة الرئاسية الأولى كانت مقسمة لستة أجزاء فقط، ورغم من أن القضايا التي سيتم التناظر حولها لم تعلن بشكل رسمي من جانب بيدج، فإنه من المتوقع أن يكون الوباء والاقتصاد والاحتجاجات ضد العنصرية أبرز تلك القضايا، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

مناظرة ساخنة قبل أن تنطلق

بمجرد الإعلان، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول، عن إصابة ترامب وزوجته بمرض كوفيد-19 تحولت قصة المناظرات المتبقية إلى موضوع جدلي، وسط تحذيرات خبراء الأوبئة من أنها قد تؤدي لتعريض حياة المشاركين للخطر، وطالبت حملة كامالا هاريس لجنة المناظرات الوطنية باتخاذ إجراءات إضافية للوقاية من خطر العدوى.

وبرز مطلب وضع حاجز زجاجي بين هاريس وبنس كنقطة خلافية أخذت مساحة كبيرة من الأخذ والرد على مدى الأيام السابقة، وأخيراً أعلنت حملة بنس الموافقة على الحاجز الزجاجي، وذلك مساء الثلاثاء، أي قبل المناظرة بأقل من 24 ساعة، بعد أن ظل فريق نائب ترامب يرفضون الإجراء لأنه غير ضروري، مقابل إصرار مساعدي هاريس، على أساس أن بنس كان مخالطاً لترامب قبل اكتشاف إصابة الرئيس بأسبوع.

المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، جو بايدن – رويترز

وبالإضافة للحاجز الزجاجي، تقرر أيضاً أن تكون المسافة على المسرح بين هاريس وبنس 12 قدماً، بعد أن وقف ترامب وبايدن على مسافة 7 أقدام فقط في مناظرتهما الأولى، لكن تظل الكمامة هي أفضل إجراءات الوقاية من عدوى الفيروس الذي أودى بحياة أكثر من 215 ألف أمريكي ضمن أكثر من مليون و55 ألفاً حول العالم، لكن في ظل عدم ارتداء هاريس وبنس للكمامة أثناء المناظرة سيكون البديل هو وضع حاجز زجاجي بجوار كل منهما، يمنع وصول الرزاز الناتج عند الكلام.

ووسط إصرار حملة بنس على رفض الحاجز الزجاجي، قال مسؤول في لجنة المناظرات لشبكة CNN إن اللجنة كانت قد قررت وضع حاجز زجاجي حول هاريس، وآخر حول مديرة المناظرة لعزلهما عن بنس، وذلك قبل أن تتراجع حملة بنس وتوافق على وجود الحاجز الزجاجي.

لماذا تبدو هاريس أكثر شراسة من بنس؟

لكن بعيداً عن المناكفات بشأن الحاجز الزجاجي، نأتي لتوقعات المراقبين والمحللين لأداء كل من هاريس وبنس، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في السباق الانتخابي الأشرس في تاريخ البلاد الحديث، حيث إن تلك المناظرة ربما تكون أول مناظرة بين نائبين تحمل أهمية من الأصل، بحسب وصف مجلة Foreign Policy الأمريكية، في تقرير لها بعنوان "هل تدفع هاريس ببايدن إلى خط النهاية؟"، أو بمعنى آخر هل تساعد هاريس بايدن على إنهاء السباق قبل ترامب؟

ويرى مات بينيت، من مركز أبحاث Third Way في واشنطن، أن مناظرة النائبين "قد تكون الأولى على الإطلاق التي تحمل أهمية. وسيجد بنس نفسه في موقف لا يُحسد عليه، ليس فقط لأن الرئيس مصاب بالعدوى الآن، ولكن لأن نائب الرئيس هو نفسه مَن تولى رئاسة خلية الأزمة لمكافحة الوباء، وهاريس محامية خبيرة، وسوف تكون شرسة جداً في توجيه الاتهامات له في هذه القضية الحيوية".

وتعتقد إلين كاماتش، مديرة مركز الإدارة العامة الفعالة في مؤسسة بروكينجز، أن "الانتخابات مصيرها أصبح معلقاً بقضية الوباء"، مضيفة أنها باتت تمثل "أكبر نقطة ضعف للرئيس، وستكون هي السبب في خسارته. وبينما أعتقد أن بنس إنسان أكثر تهذيباً من ترامب، إلا أن ولاءه الأعمى والتقليدي لرئيسه سيجعله هدفاً سهلاً لهاريس في ملف التعامل مع الوباء، وسيجد صعوبة كبيرة في الدفاع".

وفي هذا السياق لم يكن لنائب ترامب أي بصمة واضحة على سياسات البيت الأبيض في عهد ترامب، وبدا بنس متوارياً عن الأنظار ومختبئاً خلف ظل الرئيس، وهو أمر قد يكون طبيعياً في ظل المهام البروتوكولية لنائب الرئيس بشكل عام، ولكن حتى منذ فبراير/شباط الماضي، حينما وضع ترامب بنس على رأس خلية أزمة وباء كورونا، لم يساعد ذلك بنس في الظهور بصورة السياسي القادر على تولي مهمة القيادة، بسبب تماهيه المطلق مع رئيسه من ناحية، وفي ظل استئثار ترامب بالحديث عن الوباء طوال الوقت.

وفي المقابل، فإن هاريس المرأة الوحيدة في التاريخ التي تترشح لمنصب نائب الرئيس، وهي أيضاً غير بيضاء، ومدافعة شرسة ضد التمييز العنصري، وشغلت منصب نائب عام، تمتلك مؤهلات إبراز فشل إدارة ترامب في حرب الوباء، وهو ما يضعها في موقف المهاجم في مقابل بنس، الذي يجد نفسه مدافعاً عن أخطاء أدت لخسارة آلاف الأرواح، وسيكون عليه أن يمنع هاريس من حسم السباق لصالح بايدن، فهل سيستطيع؟

تحميل المزيد