تزداد الإصابات بفيروس كورونا، وترتفع معها المخاوف في دول عربية وإسرائيل من موجة ثانية، بعد أن فاق عدد الوفيات مليوناً حول العالم. ومؤخراً ارتفعت الحالات في بعض الدول، ما دفع السلطات إلى إعادة تشديد الإجراءات، أملاً في احتواء أزمة قد تسبب خسائر تتجاوز تلك التي سجلتها الموجة الأولى.
وخلال الأشهر الأولى من 2020، بدأ الفيروس القاتل يتفشى في جميع أنحاء العالم، لكن بعد فترة ليست بقصيرة من الإغلاقات المشددة أصبح تخفيف الإجراءات عنوان المرحلة التي شهدها منتصف فصل صيف العام الجاري.
وبحسب مراقبين وتقارير، فإن انتشار الفيروس أثر بشكل ملحوظ على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في عدد من الدول العربية، ما دفع الحكومات إلى تخفيف إجراءاتها.
وحتى مساء الجمعة، تجاوز عدد مصابي كورونا بالعالم 34 مليوناً و676 ألفاً، توفي منهم أكثر من مليون و30 ألفاً، وتعافى ما يزيد على 25 مليوناً و778 ألفاً، وفق موقع "worldometer" المتخصص في رصد إحصاءات الفيروس.
وترصد الأناضول في هذا الإطار الحالة الوبائية والإجراءات الجديدة المتخذة في عدد من الدول العربية، تزامناً مع ازدياد المخاوف من موجة ثانية.
الأردن
شهد منذ بداية أغسطس/آب الماضي انتكاسة وبائية، ارتفعت خلالها أعداد الإصابات والوفيات اليومية، وبلغت ذروتها قبل أيام، حيث سجلت المملكة 1776 إصابة و8 وفيات، الخميس 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
ودفعت الحالة الوبائية الحكومة إلى اتخاذ العديد من القرارات والإجراءات لمواجهة تداعيات الانتشار، إلا أنها لم تصل مرحلة الحظر الشامل في عموم أرجاء المملكة كما كان سابقاً، وإنما اقتصر الأمر على بعض المناطق.
كما أدى التزايد الحاد بأعداد الإصابات إلى اتخاذ قرار بعودة إغلاق المساجد لأسبوعين، وتم فتحها الخميس، مع استمرار تعليق التعليم بالمدارس واقتصارها على الصفوف الثلاثة الأولى ومرحلة الثانوية العامة.
لبنان
سجل أرقاماً قياسية في عدد المصابين بكورونا، حيث بلغ خلال الأسابيع الماضية ما يفوق 100 يوم، مع ارتفاع عدد الوفيات التي سجلت حتى ليل الخميس/الجمعة، 374 حالة منذ بدء تفشي الفيروس في البلاد.
وأجبر هذا الوضع الحكومة اللبنانية، أواخر أغسطس/آب الماضي، على تمديد العمل بالإجراءات الوقائية حتى نهاية العام الجاري، دون اتخاذ إجراءات بالإغلاق، مع التشديد على الأساليب الوقائية لدى المواطنين.
وفي السياق، حذر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، من نفاد الأماكن المتاحة للمرضى الجدد في المستشفيات بسرعة.
وكان رئيس الحكومة ذاتها حسان دياب، قد قال إن لبنان يمر بـ"مرحلة حساسة" في مواجهة كورونا، مشيراً إلى أن "عدد الإصابات يرتفع بشكل يوحي أنه إذا استمر الارتفاع فسنفقد السيطرة على الوباء".
فلسطين
منذ بداية الجائحة كانت الإصابات محصورة في مناطق ومدن محددة، حيث كانت تسعى طواقم وزارة الصحة لحصر المخالطين وتتبّع الخريطة الوبائية، إلى أن اتسعت الدائرة لتشمل المناطق كافة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
وبعد فترة لا تقل عن شهرين من الإغلاق والإجراءات المشددة، بدأت الحكومة الاتجاه نحو التعايش مع الجائحة، نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية.
ومؤخراً، باتت وزارة الصحة تسجل أرقاماً قياسية في الإصابات، إضافة إلى الوفيات، مقارنة بالأعداد بداية الجائحة، لاسيما في قطاع غزة، الذي يشهد تسجيل أرقام قياسية منذ نحو شهر، بعد أن كان شبه خال.
وتبع انتشار الإصابات في غزة إجراءات مشددة، وتعطيل للمدارس والجامعات والأسواق، حتى الآن، باستثناء حظر التجول الذي تم رفعه مؤخراً على أيام متفاوتة بحسب انتشار الإصابات.
ورغم تلويح بعض المسؤولين بدخول موجة قوية من الجائحة، فإن الحكومة ارتأت التعايش معها في الضفة وافتتاح العام الدراسي الجديد، ضمن إجراءات سلامة وتضمين التعليم الإلكتروني.
وفي آخر إحصاء نشرته وزارة الصحة، بلغت إصابات كورونا 51.062، شفي منها 42.109، في حين وصل عدد الوفيات 376.
السودان
شهد منذ بداية أغسطس/آب الماضي، أزمة صحية حادة ارتفعت خلالها أعداد الإصابات والوفيات اليومية، وبلغت ذروتها في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
وبلغ إجمالي الإصابات بكورونا في السودان 13 ألفاً و653، بينها 836 وفاة، و6 آلاف و764 حالة تعاف، حتى نهاية الشهر الماضي.
ودفعت الحالة الصحية في بداية الأمر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة، حيث فرضت في 18 أبريل/نيسان الماضي، حظراً شاملاً للتجوال مدة 3 أسابيع، ومددته لفترات أخرى خلال الأشهر الماضية.
كما قررت السلطات، في الشهر ذاته، تعليق صلوات الجمعة والجماعة بالمساجد، والقداسات بالكنائس في ولاية الخرطوم، ضمن إجراءات مواجهة كورونا، لكن عادت وقررت فتحها بعد شهرين من إغلاقها.
وبعد انجلاء الأزمة نسبياً، قرّرت السلطات الصحية، في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، رفع الحظر الصحي، بعد إغلاق دام 6 أشهر، مع الإبقاء على حالة الطوارئ الصحية، والتنبيه على أهمية مراعاة التدابير الصحية اللازمة.
العراق
بدأت الإصابات بالصعود تدريجياً من بضع مئات يومياً، قبل نحو 5 أشهر، إلى ما بين 4 و5 آلاف حالة يومياً في الأسابيع الأخيرة.
وتزامن ارتفاعها مع قيام السلطات بتخفيف القيود المفروضة، إذ ألغيت تقريباً باستثناء التعليمات الخاصة باتباع قواعد التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة.
كما لا تزال نسبة الدوام الرسمي في دوائر الدولة 50%، فضلاً عن أن العراق لا يزال يحظر دخول الزوار الأجانب لإحياء مناسبات دينية خاصة بالشيعة.
ويشكو العراق باستمرار من عدم تقيد السكان بإجراءات التباعد الاجتماعي والتعليمات الخاصة بارتداء الكمامات في الأماكن العامة، لاسيما في المناسبات الدينية الخاصة بالشيعة، حيث تقام تجمعات حاشدة.
وفي ظل هذا الواقع، تسود مخاوف من انهيار النظام الصحي، على اعتبار أن البلد يملك بنية تحتية محدودة في هذا القطاع، بفعل عقود من الحروب والفساد وعدم الاستقرار.
وسجل العراق حتى مساء الخميس 367 ألفاً و474 إصابة مؤكدة بكورونا، بينها 9231 وفاة، و295 ألفاً و882 حالة شفاء.
وكانت أعلى حصيلة يومية قد تم تسجيلها في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، بـ5 آلاف و55 إصابة.
المغرب
شهدت الإصابات مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً، حيث فاقت يومياً حاجز ألف أو ألفين. وبحسب تقرير لوزارة الصحة، صدر نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، فإن المغرب تقدّم 5 درجات من حيث عدد الوفيات بسبب كورونا ليصبح بالمرتبة 39 عالمياً، خلال النصف الثاني من الشهر ذاته مقارنة بالنصف الأول منه.
وبلغ عدد الوفيات جراء كورونا خلال الـ15 يوماً الأخيرة من سبتمبر/أيلول 499. وقررت السلطات إغلاق عدد من المدن والأقاليم للحد من تفشي الفيروس، مثل الدار البيضاء ومراكش والمحمدية والقنيطرة والخنيفرة. وفرضت على المواطنين الحصول على التراخيص للتنقل بين تلك المدن، إضافة إلى إغلاق المحلات التجارية والمقاهي في ساعات محددة.
تونس
يعتبر بعض المتابعين أن ما وصلت إليه البلاد من نسق متسارع في انتشار وباء كورونا كان سببه فتح الحدود، في 27 يونيو/حزيران الماضي. فقد شهدت البلاد تصاعداً في إصابات الفيروس، خاصة في بعض الولايات، من بينها سوسة والمنستير شرق البلاد.
تسارُع انتشار الوباء دفع السلطات إلى فرض حظر التجول ليلاً في ولايتين، ابتداءً من الجمعة، للحدّ من انتشار الفيروس.
وأعلنت وزارة الصحة، الأربعاء الماضي، تسجيل 19 وفاة و1008 إصابات بكورونا، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 15 ألفاً و178، منها 207 وفيات.
وفي الأثناء يزداد الهلع بين التونسيين، مخافة ارتفاع وتيرة الإصابات والوفيات الناجمة عن الفيروس، فيما يرى شقّ كبير من الأطباء والممرضين أن المستشفيات تشهد نقصاً في المعدات والأجهزة والإمكانات، وهو ما يدعو إلى الخوف.
ليبيا
لم تسجل البلاد التي تعيش أزمة سياسية وأمنية أي إصابة بكورونا إلا في 26 مارس/آذار الماضي، وأحصت حتى الجمعة 35 ألفاً و717 إصابة، و507 وفيات، بحسب المركز الوطني لمكافحة الأمراض.
وظهر الارتفاع في الإصابات بوضوح مع بداية سبتمبر/أيلول الماضي، فبعد أن كانت تسجل حالات لا تزيد على 200 يومياً، أصبحت ترصد أرقاماً تراوح بين 400 و900.
وتوقعت البعثة الأممية في ليبيا أن الأرقام المسجلة أكبر بكثير من المعلن، لأن "النقص المستمر في قدرات الاختبار، ومرافق الرعاية الصحية الكافية، وتتبع المخالطين يعني أن النطاق الحقيقي للوباء من المرجح أن يكون أعلى بكثير".
وقالت المبعوثة الأممية ستيفاني وليامز، أمام مجلس الأمن في 4 سبتمبر/أيلول المنصرم، "يبدو أن وباء كورونا في ليبيا يخرج عن نطاق السيطرة، وقد ازداد عدد الحالات المؤكدة بأكثر من الضعف في الأسبوعين الماضيين".
دول الخليج العربية
وفي الخليج قلت أعداد الإصابات في قطر والسعودية مقارنة بالفترات الأولى للفيروس، وكذلك الوفيات، في حين تزداد الأولى في كل من الكويت والبحرين والإمارات.
وقررت قطر استمرار الإجراءات الاحترازية عند المرحلة الرابعة رغم أن المؤشرات تدل على احتواء الفيروس، إلا أن هذا لا يعني انحسار الوباء وتلاشيه.
وفي الكويت، نقل الإعلام المحلي عن مصادر "إمكانية عودة حظر التجول الجزئي في البلاد، بعد ازدياد الإصابات والوفيات جراء كورونا.
وفي السعودية، رغم انخفاض الأعداد مقارنة بالفترة الأولى من انتشار الفيروس، فإن بعض القيود ما زالت مفروضة، مع استمرار بعض القطاعات بالعمل والتعليم عن بعد، كإجراء احترازي لمنع أي تفشٍّ.
إسرائيل
تشهد الفترة منذ يونيو/حزيران، ارتفاعاً مستمراً في الإصابات والوفيات بكورونا في إسرائيل، وصلت أكثر من 9 آلاف إصابة و40 وفاة في بعض الأيام.
والجمعة، قالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن إجمالي الإصابات وصل 255 ألفاً و771، بينها 1622 وفاة، وسط تحذيرات من استمرار الارتفاع في وتيرة الإصابات والوفيات.
وأدى الارتفاع الحاد في الإصابات إلى قرار الحكومة نهاية الشهر الماضي، فرض إغلاق مشدد يستمر حتى 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأشارت إلى إمكانية تمديده.