القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، برفع حظر السلاح عن جمهورية قبرص الرومية أثار غضب تركيا؛ على أساس أنه لا يخدم السلام، في وقت ترتفع فيه وتيرة التصعيد بشرقي المتوسط، فما قصة هذا الحظر للسلاح على القبارصة؟
قرارٌ عمره أكثر من ثلاثة عقود
يرجع القرار الأمريكي بحظر بيع الأسلحة لقبرص إلى عام 1987، وكانت الجزيرة وقتها مقسمة إلى دولتين: قبرص الرومية أو اليونانية في الجنوب وقبرص التركية في الشمال، وذلك منذ عام 1974 حينما وقع انقلاب عسكري في الجزيرة يهدف إلى إعلان انضمامها إلى اليونان، فدخلت القوات التركية إلى الجزيرة؛ لحماية القبارصة الأتراك، ووقعت اشتباكات انتهت بوقف إطلاق النار وتقسيم الجزيرة.
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عشر عاماً، تواصلت الجهود الدبلوماسية والسياسية الهادفة إلى إعادة توحيد الجزيرة مرة أخرى دون جدوى، فأقدمت الإدارة الأمريكية وقتها على اتخاذ قرار فرض حظر السلاح على قبرص اليونانية كنوع من الضغط للتوصل إلى تسوية سلمية للخلافات بين الجانبين؛ ومن ثم إعادة توحيد الجزيرة.
وبالتالي فإن القرار الذي أصدرته الإدارة الأمريكية الحالية برفع حظر السلاح يحتاج تفسيراً، فالجزيرة لا تزال مقسمة بين شقيها اليوناني والتركي ولم يُعَد توحيدها، كما أن التوتر على أشده في المنطقة بين أنقرة وأثينا، ورفع حظر السلاح عن قبرص الرومية من المرجح أن يزيد من سخونة هذا التوتر.
كيف بررت أمريكا القرار؟
في بيانها الخاص بالقرار، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنَّ رفع حظر السلاح ليس رفعاً كلياً؛ بل هو رفع جزئي ومؤقت، مدَّته عام واحد، وأضافت أن وزير الخارجية مايك بومبيو "أبلغ" رئيس الجمهورية القبرصية، نيكوس أناستاسيادس، "قراره رفع القيود على تصدير وإعادة تصدير وإعادة نقل مواد دفاعية غير قاتلة وخدمات دفاعية"، موضحاً أن قرار رفع القيود "مؤقت للسنة المالية 2021".
كما أعاد بومبيو تأكيد دعم الولايات المتحدة "لحلٍّ شامل؛ لإعادة توحيد الجزيرة في إطار اتحاد فيدرالي"، لكن ذلك لم يمنع رد الفعل الغاضب من الجانب التركي، ففي تصريح لوزير الدفاع خلوصي أكار، الخميس 3 سبتمبر/أيلول، قال إنَّ رفع حظر السلاح عن قبرص الرومية لن يجلب السلام والحل، بل الاشتباك واستمرار الخلاف.
وزارة الخارجية التركية أيضاً أدانت بشدةٍ الرفع الجزئي للحظر ودعت واشنطن إلى "التراجع" عن هذا القرار الذي "ستكون له انعكاسات سلبية على الجهود الرامية إلى إيجاد حل للمسألة القبرصية"، وحذَّرت الوزارة في بيان، من أنه "إذا لم يحدث ذلك، فستتخذ تركيا (…) إجراءات المعاملة بالمثل الضرورية؛ لضمان أمن القبارصة الأتراك".
نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، أيضاً، قال إن القرار يسمم السلام والاستقرار الإقليميَّين، مشدداً على أنَّ رفع الولايات المتحدة حظر السلاح عن قبرص الرومية لن يساهم في حل الخلاف داخل الجزيرة، ومضيفاً أنَّ "ضم الاتحاد الأوروبي لقبرص الرومية رغم عدم التزامها بقوانينه، جعل أزمة الجزيرة أكثر صعوبة، وقرار رفع حظر السلاح الآن سيزيدها تعقيداً".