بعد إقالة ترامب للمفتشين.. هل تم إغلاق التحقيق في مبيعات الأسلحة للسعودية؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/11 الساعة 13:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/11 الساعة 13:19 بتوقيت غرينتش
ترامب خلال زيارة سابقة إلى السعودية/ رويترز

بعد أن أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أشهر قليلة أربع مفتشين عموم في وزارتي الخارجية والدفاع مهمتهم التحقيق في أي مخالفات تخص مبيعات أسلحة بمليارات الدولارات للسعودية والإمارات رغم قرارات الكونغرس التي تحظرها بسبب حرب اليمن، وصدور تسريبات أن تحقيقاً أجرته الخارجية برأ مايك بومبيو من ارتكاب أي مخالفات في تلك القصة، فهل نجح ترامب في التصرف بعيداً عن رقابة الكونغرس؟

تسريب نتائج تقرير لم يصدر بعد

أمس الإثنين 10 أغسطس/آب، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إن تقريراً نهائياً أعدته القائمة بأعمال المفتش العام للوزارة توصل إلى أن استخدام الوزير مايك بومبيو إجراء طارئاً لبيع أسلحة لدول الخليج العربية السعودية والإمارات لم يخالف القانون.

جاءت تعليقات المسؤول -التي أدلى بها قبل الإعلان عن التقرير- بعد أن أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأة في مايو/أيار المفتش العام للوزارة في ذلك الوقت ستيف لينيك الذي كان يدرس إجراء بومبيو، وخلف لينيك في المنصب ستيفن أكارد الذي استقال الأسبوع الماضي بعد تنحيه عن تحقيق مبيعات الأسلحة، وأتمت التقرير النهائي ديانا شو نائبة أكارد.

المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قال إن التقرير النهائي للمفتش العام لم يجد أي خطأ في تنفيذ بومبيو قرار الإدارة بإعلان "حالة الطوارئ الوطنية" لتبرير مبيعات عسكرية قيمتها 8 مليارات دولار للسعودية على الرغم من اعتراض الكونغرس.

المفتش العام لينيك الذي أقاله ترامب فجأة / رويترز

وكان لينيك رابع مفتش عام حكومي يقيله ترامب في الشهور القليلة الماضية، مما أثار مخاوف بين الديمقراطيين وبعض من رفاقه الجمهوريين بشأن تقليص عملية الرقابة على مثل هذه المبيعات الحساسة.

غضب في الكونغرس

تسريب التقرير للإعلام قبل صدوره رسميا أثار غضب الكونغرس، حيث قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الديمقراطي إليوت إنجيل في بيان إنه قلق من أن تكون وزارة الخارجية ناقشت التقرير قبل إصداره، مضيفا: "الأشخاص الذين يدلون بإفادات للصحافة (المسؤولين) هم موضع تحقيق المفتش العام وليس من أعد التقرير. هذا التلاعب الواضح بالنتائج تفوح منه رائحة محاولة لتشتيت الانتباه والتضليل".

اللافت هنا أن لجنة من الكونغرس فتحت بالفعل تحقيقاً في قرار ترامب المفاجئ بإقالة لينيك، حيث إن تصرف الرئيس أثار المخاوف من سعي ساكن البيت الأبيض للتخلص من رقابة المشرعين الأمريكيين على قراراته التنفيذية، خصوصاً وأن قرار المضي قدماً جاء رغم رفضها من جانب الكونغرس.

وجاء رفض الكونغرس الصفقة التي كانت إدارة ترامب قد أبرمتها لبيع كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أسلحة مختلفة بقيمة إجمالية تصل إلى 8 مليارات دولار، في موقف أراد من خلاله الكونغرس التعبير عن احتجاجه في أعقاب مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

كما أثارت تصريحات مسؤول وزارة الخارجية بشأن التقرير الذي برأ بومبيو عاصفة من الانتقادات في وسائل الإعلام الأمريكية، التي قالت إن عدم الإفصاح عن التقرير يجعل من الصعب تحديد مدى دقة تقييم ما تم تسريبه، بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، التي وصفت التسريب بأنه "أحدث الخطوات غير المعتادة في سلسلة من الأحداث ضمت طلب بومبيو من ترامب أن يقيل المفتش العام "لينيك" الذي بدأ التحقيق في الصفقة".

السيناتور بوب ميننديز / رويترز

وبالتالي فإن كثيراً من المشرعين الديمقراطيين يربطون بين توقيت إقالة لينيك وفتح التحقيق في قرار المضي قدماً في صفقة الأسلحة، خصوصاً وأن لينيك أخبر لجنة التحقيق في الكونغرس أن بومبيو رفض المثول أمام المفتش العام للإجابة عن تساؤلات الأخير بشأن الصفقة، وطلب فقط أن يجيب عن الأسئلة كتابيًا، لكن بومبيو ينفي أن تكون إقالة لينيك لها دوافع سياسية متهماً إياه بأنه "ممثل سيئ.. فشل في مهمته وهي جعل وزارة الخارجية تؤدي بشكل أفضل".

وكان بومبيو قد أرسل خطاباً للكونغرس بعد رفض صفقة الأسلحة قائلاً فيه إن "أنشطة إيران الخبيثة" في المنطقة جعلت من الضروري تجاهل موافقة أو رفض الكونغرس في إطار قانون الطوارئ، مضيفاً أن مبيعات الأسلحة لابد وأن تتم في أسرع وقت ممكن من أجل ردع إيران عن القيام بالمزيد من تصرفاتها الطائشة في الخليج والشرق الأوسط.

اغتيال خاشقجي وحرب اليمن

أي صفقة مبيعات سلاح تبرمها الإدارة الأمريكية مع دولة أجنبية وتتخطى عتبة مالية معينة تتطلب إخطار الكونغرس قبل إتمامها، ولو كانت لدى العضو الديمقراطي أو الجمهوري الأبرز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أي تحفظات، يمكنه أن يرفض الموافقة على الصفقة وتعليقها لحين قيام الإدارة بالرد على تلك التحفظات.

السعودية الأسلحة السعودية هجمات أرامكو
محمد بن سلمان وترامب (أرشيف)/ رويترز

وهذا ما حدث في صفقة الأسلحة الضخمة للسعودية والإمارات، حيث قام عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي بوب ميننديز بالاعتراض على مبيعات ذخائر وقنابل موجهة بالليزر بقيمة 2 مليار دولار للسعودية، إضافة لمبيعات بقيمة مليار آخر للإمارات بسبب الضحايا المدنيين الذين يسقطون في اليمن بأسلحة التحالف الذي تقوده الدولتان، واستمرت اعتراضات ميننديز نحو عام، حتى قام بومبيو بإرسال خطابه للكونغرس وتم تنفيذ الصفقة بالفعل.

وهو ما جعل الكونغرس يوجه الاتهام لبومبيو بإساءة استخدام السلطة بعد لجوئه إلى إجراء طارئ وغامض سمح للإدارة بتجاوز الكونغرس وبيع أسلحة للسعودية وآخرين بقيمة إجمالية بلغت 8,1 مليارات دولار على الرغم من معارضة الكونغرس لذلك.

لكن المسؤول الرفيع في الخارجية الأميركية قال للصحفيين إن تقرير القائمة بأعمال المفتش العام في الوزارة خلُص إلى أن وزارة الخارجية الأميركية "تصرفت بما يتفق تماماً مع القانون" وأنه لم يتم إيجاد "أي مخالفات في ممارسة الإدارة لسلطات الطوارئ المتاحة بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة"، ولم يحدد المسؤول تاريخاً لصدور التقرير النهائي، لكن وزارة الخارجية كشفت مقتطفات منه في بيان.

تحميل المزيد