مقترحات لافتة تدعو إلى إحداث تغييرات بالسياسة الأمريكية بالشرق الأوسط وردت في مسوُّدة برنامج الحزب الديمقراطي لعام 2020.
وبينما تعِد المسوَّدة باتّباع مسار جديد في السياسة الخارجية بصفة عامة، فإنها تُظهر ميلاً محدداً للتغيير في الشرق الأوسط، ولكن حجم التغيير كان مخيباً للآمال فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حسبما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
وبصفة عامة توجه المسوَّدة انتقادات حادة لنهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "أمريكا أولاً"، أحادي الجانب، متعهدةً بإشراك الحلفاء، والوقوف ضد أنظمة الحكم السلطوية، و"التصرف بوضوح وعزم دفاعاً عن حقوق الإنسان".
وهذه المسوَّدة هي وثيقة غير ملزمة توضّح أولويات الحزب على مدى السنوات الأربع المقبلة.
الوثيقة، التي أعدتها لجنة من المندوبين المرتبطين بالحملات الرئاسية لجو بايدن وبيرني ساندرز ليست نهائية، إلا أنها إشارة مبكرة على أن الحزب الديمقراطي يتحرك نحو سياسات أكثر تقدمية في الشؤون الداخلية والخارجية.
حقوق الإنسان في الخليج وإيران أولوية
ونُشرت المسوَّدة لأعضاء الحزب، يوم الثلاثاء 21 يوليو/تموز، ومن المقرر أن تخضع لمزيد من التعديل على يد لجنة أكبر الأسبوع المقبل، قبل المصادقة عليها في المؤتمر الوطني الديمقراطي، في أغسطس/آب.
وبالمقارنة مع مسوَّدة 2016، يتبيّن أن مشروع مسوَّدة 2020 يتبنّى خطاباً أكثر تشدداً حيال إيران، ويشدد على الاهتمام بمسائل حقوق الإنسان في الخليج، ويُبدي تشككاً تجاه التدخلات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.
تقول الوثيقة: "إن التراجع عن عقدين من الانتشار العسكري واسع النطاق والحروب المفتوحة في الشرق الأوسط لا يعني أن الولايات المتحدة ستتخلى عن منطقة لا تزال لديها وشركاؤها مصالح دائمة فيها".
وأضافت المسوَّدة: "يعتقد الديمقراطيون أن الوقت قد حان لإعادة التوازن بين أدوات الولايات المتحدة ومشاركتها وعلاقاتها في الشرق الأوسط، بعيداً عن نهج التدخلات العسكرية، إذ إن الاتجاه إلى قيادة الأمور بواسطة الدبلوماسية البراغماتية سيؤدي إلى إرساء الأساس لمنطقة أكثر سلاماً واستقراراً وحرية".
فيما يتعلق بفلسطين، خيّبت المسوَّدة آمال عديدٍ من النشطاء بسبب امتناعها عن ذكر كلمة "احتلال" أو تعيين النتائج المترتبة على الانتهاكات الإسرائيلية.
5 تغييرات بالسياسة الأمريكية بالشرق الأوسط في مسوّدة برنامج الحزب الديمقراطي لعام 2020
هذا ما سيفعله الديمقراطيون بالاتفاق النووي الإيراني الذي مزّقه ترامب
تقول المسودة بصراحة إن الديمقراطيين لا يسعون لتغيير النظام في إيران. ويشدّد مضمونها على ضرورة العودة المتبادلة للاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، الذي أدى إلى تراجع طهران عن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة على اقتصادها.
كان ترامب قد انسحب من الاتفاقية، المعروفة باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، في سبتمبر/أيلول 2018. ومنذ ذلك الحين، ظلت إدارته تُراكم العقوبات على طهران كجزء من حملة الضغط الأقصى التي اختارتها نهجاً للتعامل مع إيران.
وتقول مسوَّدة البرنامج: إن "الديمقراطيين سيوقفون سباق إدارة ترامب في اتجاه إشعال حرب مع إيران، وسيعطون الأولوية للدبلوماسية النووية وخفض التصعيد والحوار الإقليمي. ويعتقد الديمقراطيون أن الولايات المتحدة يجب ألا تفرض تغيير النظام على دول أخرى وأن ترفض تعيين ذلك هدفاً لسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران".
وتذهب الوثيقة إلى أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ستفتح الباب أمام "جهد دبلوماسي شامل" لحل القضايا العالقة الأخرى مع طهران، ومنها "النهج العدواني لإيران في المنطقة، وبرنامج الصواريخ الباليستية، والقمع الذي تمارسه محلياً".
ويتعارض المقطع الخاص بإيران في الوثيقة تعارضاً حاداً مع برنامج الحزب لعام 2016، الذي نصَّ آنذاك على التزامه بالاتفاق النووي، ولكنه تبنّى أيضاً لغةً خشنة حيال إيران. وقالت وثيقة الحزب قبل أربع سنوات إن إدارة ديمقراطية للبلاد "لن تتردد في القيام بعمل عسكري" ضد إيران إذا ذهبت في اتجاه التسابق نحو تطوير سلاح نووي.
لا ذكر لكلمة الاحتلال الإسرائيلي
وفي حين يتحرك الحزب الديمقراطي أكثر نحو اليسار، خاصة مع وصول العديد من التقدميين إلى الكونغرس منذ عام 2016، فإن البنود الرئيسية فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي لم تتغير كثيراً.
إذ لا تزال المسوَّدة تُعرب عن دعمها لأمن إسرائيل، وتندد بحركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BDS).
أحد التغييرات الملحوظة هو أن الجزء المتعلق بحركة المقاطعة جاء مع تحذير بشأن احترام حرية التعبير، وهو بيانُ تنصّلٍ من المسؤولية، يمكن تفسيره على أنه توبيخ ضد قوانين محاربة حركة المقاطعة، وهي القوانين التي تهدف إلى تقييد الحق في المقاطعة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. وذلك على الرغم من أن عشرات الدول أقرت تشريعاً كهذا.
تقول الوثيقة: "نحن نعارض أي مساعٍ لتعريف إسرائيل بطريقة غير عادلة ونزع الشرعية عنها، سواء أكانت تلك المساعي من الأمم المتحدة أم كانت من خلال الدعوات إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وذلك مع حماية الحق الدستوري لمواطنينا في حرية التعبير".
كما تقول الوثيقة أيضاً إن الحزب يعارض "التوسع الاستيطاني"، وكذلك الخطط الإسرائيلية لضمِّ أجزاء من الضفة الغربية، قائلةً إن البرنامج الديمقراطي يرفض "أي خطوات أحادية يقوم بها أيٌّ من الجانبين".
ورغم أن المسوَّدة تقول إن "الديمقراطيين يُقرّون بقيمة وحقوق كل إسرائيلي وكل فلسطيني"، فإنها لم تذكر كلمة الاحتلال الإسرائيلي حتى، فضلاً عن إدانته.
وتقول الوثيقة: "يعتقد الديمقراطيون أن وجود إسرائيل قوية وآمنة وديمقراطية أمر حيوي لمصالح الولايات المتحدة. إن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل وتفوقها العسكري النوعي وحقها في الدفاع عن نفسها ومذكرة التفاهم لعام 2016، أمر لا حيدة عنه" [مذكرة التفاهم بين إدارة أوباما الديمقراطية وحكومة نتنياهو التي تنصّ على أن تقوم الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بنحو 3,8 مليار دولار من المساعدات العسكرية على مدى 10 سنوات].
"الديمقراطيون سيُنهون الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن"
بعبارات مباشرة، تتعهّد المسوَّدة بأن يعمل الديمقراطيون على إنهاء الصراع في اليمن. وكان النزاع في اليمن قد بدأ في عام 2015، بدعم من إدارة باراك أوباما الديمقراطية، التي عمل فيها بايدن نائباً للرئيس.
وتقول الوثيقة: "سيُنهي الديمقراطيون الدعمَ الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، ويعملون على إنهاء تلك الحرب. فهذه الحرب مسؤولة عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتزيد من التهديدات للمنطقة ومصالحنا".
وأضافت: "يعتقد الديمقراطيون أن الولايات المتحدة يجب أن تدعم الجهود الدبلوماسية، لا أن تمنعها".
كان الكونغرس بقيادة الديمقراطيين أصدر مشروع قانون العام الماضي، يُلزم الولايات المتحدة بإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لكن ترامب رفض إقراره في النهاية.
كما تدعو مسوَّدة البرنامج إلى إعادة تقييم العلاقات الأمريكية مع دول الخليج العربية، بما يدعم "تحسين العمل وفقاً لمصالحنا وقيمنا".
وتقول المسوَّدة إن الحزب الديمقراطي سيدعم جهود "التحديث" السياسية والاقتصادية في المنطقة، "لكن الولايات المتحدة ليست لديها مصلحة في مواصلة عصر الشيكات المفتوحة لإدارة ترامب، أو الانغماس في دعم الاندفاعات السلطوية والتنافسات الداخلية والحروب بالوكالة أو الجهود الرامية إلى النكوص على الانفتاح السياسي عبر دول المنطقة".
دعم الاحتفاظ بعدد قليل من القوات في العراق والأولوية للأكراد
تقول المسوَّدة إن الحزب يدعم الإبقاء على "وجود عسكري قليل العدد ومحدود ومركّز" في العراق، لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتدعو المسودة إلى "مواصلة الحملة الهجومية" على داعش في سوريا، دون توضيح ما إذا كان الحزب الديمقراطي يدعم وجوداً عسكرياً أمريكياً على الأرض في البلد الذي مزقته الحرب.
وتقول الوثيقة: "سوف نقف إلى جانب الأكراد والشركاء المهمين الآخرين في تلك المعركة. وسنعمل على إعادة المقاتلين الأجانب إلى أرض الوطن، وتفعيل السبل الدبلوماسية لحماية الاحتياجات الإنسانية لجميع السوريين، وإيجاد حل دبلوماسي لهذه الحرب المروعة".
تعهد بإغلاق سجن غوانتانامو
وهو في طريقه للخروج من البيت الأبيض، قال أوباما إن الفشل في إغلاق معتقل غوانتانامو كان مصدر الأسف الأكبر في رئاسته التي استمرت ثماني سنوات.
وتعهّد بايدن أيضاً بإغلاق مركز الاعتقال المثير للجدل قانوناً، والذي يضم سجناء ما يسمى "الحرب على الإرهاب".
والآن في مسوَّدة برنامج 2020، يؤكد الديمقراطيون تعهدهم السابق بإغلاق السجن.
وتقول الوثيقة: "سنغلق مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو، ونعزز الشفافية والرقابة والمساءلة في برامج وعمليات الولايات المتحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب، ونعمل على صون الحريات المدنية وسيادة القانون".
وجاء في التقرير أيضاً، أن الإدارة الديمقراطية "ستواجه الإرهاب القومي الأبيض وتكافح جرائم الكراهية التي تُرتكب ضد الأقليات الدينية".
كما أنها ستعمل على استعادة الثقة مع الأقليات الأمريكية المسلمة من خلال ضمان أن تكون القرارات الحكومية غير تمييزية ولا تنظر بعين العدسة الأمنية".