هل تشعل خطة إسرائيل لضم الضفة مواجهة مع غزة، أم أن خشيتها من التصعيد تدفعها للتأجيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/06/30 الساعة 08:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/30 الساعة 11:22 بتوقيت غرينتش
سيدة فلسطينية في مواجهة جندي من الاحتلال الإسرائيلي/ رويترز

يقول محللون فلسطينيون إن تنفيذ إسرائيل لقرار ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، مطلع يوليو/تموز المقبل، "قد يؤدي لاندلاع مواجهة في قطاع غزة"، في إطار الموقف الفلسطيني الرافض لهذه الخطة، حتى في ظل الحديث عن تأجيل محتمل لموعد تنفيذها.

وتتباين آراء المحللين، في أحاديث منفصلة مع الأناضول، حول طبيعة هذه المواجهة، إذ يتوقع بعضهم أن يشهد القطاع تصعيداً عسكرياً محدوداً، قائماً على "إطلاق الصواريخ من غزة، والرد الإسرائيلي عليها".

في حين يرجح البعض الآخر أن تبدأ هذه المواجهة بعودة أدوات المقاومة الشعبية؛ مثل "مسيرة العودة"، التي انطلقت نهاية مارس/آذار 2018، قرب الحدود الشرقية للقطاع.

يتخوّف بعض المحللين من إمكانية "انزلاق أي تصعيد جديد بغزة، ليصل إلى مواجهة واسعة، في حال خروج الميدان عن سيطرة أحد الأطراف (أي إسرائيل أو فصائل المقاومة بغزة)"، وربما يكون خشية إسرائيل من تكلفة تصعيد باهظة مع غزة، هي إحدى الأسباب لتلميحات قادة الاحتلال، باحتمالية تأجيل موعد الضم.

"إعلان حرب"

الناطق باسم كتائب القسام أبوعبيدة: ضم الضفة هو إعلان حرب/ مواقع التواصل

هذه الترجيحات تأتي في ظل تحذير أطلقه أبوعبيدة، الناطق باسم كتائب "عز الدين القسّام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، الخميس، حيث اعتبر "قرار الضم بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني".

ومساء الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي رصده إطلاق صاروخين من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، فيما لم تعلن أي من الفصائل الفلسطينية مسؤوليتها عن إطلاقهما.

ورد الجيش الإسرائيلي على الصاروخين بقصف "عنيف" لمواقع تتبع لحركة "حماس" في قطاع غزة. واعتبر بعض المحللين أن إطلاق الصاروخين يأتي كرسالة تحذيرية لإسرائيل من عواقب تنفيذ عملية الضم.

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في تقرير أعده المبعوث الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، من أن ضم إسرائيل لمناطق فلسطينية سيؤدي إلى اندلاع صراع وعدم استقرار في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كما تشير تقديرات الجيش الإسرائيلي، التي نشرها نهاية مايو/أيار الماضي، عن إمكانية تصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية (الضفة وغزة)، في حال تنفيذ خطة الضم.

وعن ذلك، قال رئيس هيئة أركان الجيش، أفيف كوخافي، في خطاب أمام ضباط كبار، حسب ما نقلت عنه صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، "كونوا مستعدين، فالتصعيد واقعي جداً". وتعتزم الحكومة الإسرائيلية بدء إجراءات ضم مستوطنات بالضفة الغربية في الأول من يوليو/تموز المقبل، بحسب تصريحات سابقة لنتنياهو.

وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم الإسرائيلي سيصل إلى أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة. ورفضا لهذا المخطط الإسرائيلي، ينظم الفلسطينيون، منذ مطلع يونيو/ حزيران الجاري، فعاليات شعبية وجماهيرية في الضفة الغربية وغزة.

تقديرات إسرائيلية

الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي، خلدون البرغوثي، يقول إن "المستويات السياسية والإعلامية في إسرائيل تابعت خطاب (أبو عبيدة)، فيما نشرت الوسائل الإعلامية هناك التهديدات التي وردت بالخطاب على شكل أخبار عاجلة"، في إشارة لاهتمامهم بها.

ويضيف أن "بعض المسؤولين الإسرائيليين اعتبروا التهديدات جدية، وطالبوا بضرورة أخذها بعين الاعتبار عند تنفيذ قرار الضم". ويرى البرغوثي أن إطلاق الصاروخين من غزة اتجاه إسرائيل، مساء الجمعة، "رسالة جديدة للتحذير من تداعيات قرار الضم".

ويتابع: "كما أن الرد الإسرائيلي العنيف على إطلاق الصاروخين حمل رسائل لغزة بما سيحمله أي تصعيد محتمل". ويذكر البرغوثي أن كافة الاحتمالات واردة في حال أقدمت إسرائيل على "تنفيذ خطة الضم"، مشيراً إلى أن "التقديرات الإسرائيلية أوضحت في وقت سبق خطاب أبوعبيدة إمكانية انفجار الوضع بغزة".

ويؤكد أنه من الصعب "توقّع سيناريو تصاعد الأمور والتوترات الميدانية سواء في غزة أو الضفة، نتيجة خطورة الأوضاع التي يعيشها سكان القطاع والتصعيد الإسرائيلي السياسي الذي ينعكس بخطة الضم".

ويستبعد البرغوثي سيناريو "الهدوء الميداني بغزة، في حال نفّذت إسرائيل قرارها بضم الضفة". ويشير إلى أن المواجهة بغزة، قد تبدأ باستئناف "مسيرات العودة وكسر الحصار"، فيما قد تتدحرج لتصل إلى تصعيد عسكري.

ويستكمل قائلاً: "حركة حماس، والفصائل الأخرى، من الصعب أن تبقى متفرجة في ظل ما يحصل في الضفة".

مخاوف من حرب

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، وديع أبونصار، إن حدوث تصعيد عسكري في قطاع غزة، قد يتحول إلى "حرب". ويوضح أنه من "الصعب توقع سيناريو طبيعة التصعيد المحتمل في غزة، حيث إن أي تصعيد قد يتدحرج، في حال لم يتم السيطرة عليه، إلى حرب أو مواجهة مفتوحة".

ويمضي أبونصار: "الحروب السابقة بين إسرائيل وحماس لم يكن مخططاً لها، جميع الحروب تحولت من تصعيد إلى حرب". 

ويبيّن أن انزلاق أي تصعيد لمواجهة مفتوحة "أمر وارد خاصة في ظل عدم التفاهم بين الطرفين على قضايا أخرى مثل: التهدئة في غزة، التسهيلات الحقيقية فيما يتعلق بتخفيف الحصار عن القطاع، وعدم التوصل لصفقة تبادل الأسرى". ويستكمل قائلاً: "أي تصعيد محدود، إذا لم ينجح الوسطاء في احتوائه، قد يتحول إلى حرب".

تصعيد متقطع

من جهته، يقول الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، عدنان أبوعامر، إن غزة "عُرفت دائماً كجبهة متقدمة في إمكانية الرد، على أي عدوان". ويضيف أبوعامر: "غزة قد ترد اليوم على خطة الضم الإسرائيلية، وذلك لأن إمكانياتها أكبر من وضع الضفة المُحاصر والمُلاحق أمنياً".

لكنه يرى أن الرد على الضم، داخل الضفة الغربية، بالوسائل المتاحة، رغم صعوبة الظروف الأمنية هناك، سيكون أكبر في تأثيره على الاحتلال مما قد تقوم به غزة.

ويضيف: "التحدي والمواجهة مكانهما في ساحة الحدث هناك في الضفة، وغزة جاهزة للدعم والإسناد".

تحميل المزيد