تنفَّس المصريون الصعداء أخيراً بعودة افتتاح المقاهي بعد 95 يوماً مرت على قرار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إغلاق المقاهي بشكل تام وفرض حظر التجول منذ الخامسة عصراً وحتى السادسة صباحاً.
ففي 24 مارس/آذار 2020، أعلن رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي، إغلاق المقاهي والنوادي الليلية والأندية الاجتماعية والمطاعم بشكل تام لمواجهة فيروس كورونا، إذ بدأ تطبيق القرار من ثاني أيام المؤتمر، (25 مارس/آذار)، وكانت الخطة تستهدف إغلاقها لمدة أسبوعين، ومع تجديد حظر التجول في الأسابيع والأشهر التالية.
إلى أن أعلن رئيس مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء الماضي، في مؤتمر صحفي، عن رفع الحظر وعودة الحياة تدريجياً إلى الشارع المصري، وكان من ضمن ذلك إعادة فتح المقاهي بداية من السبت 27 يونيو/حزيران.
هي عودة الحياة والروح لكثير من المصريين، بعد معاناة من زيادة المشاكل الزوجية بسبب جلوس الرجال في المنزل وقت كبير على غير المعتاد، وزيادة نسب الطلاق وغيرها من الكومكيس الساخرة.
شروط العودة
شمل القرار أربعة شروط لفتح المقاهي وسوف يعاقب المخالفون للشروط بإغلاق المقاهي الخاصة بهم، وتمثلت الشروط في أن يتم فتح المقهى بنسبة إشغال لا تزيد عن 25% من الطاقة الاستيعابية له، وذلك حفاظاً على التباعد الاجتماعي والحد من انتشار الفيروس.
وأن تعمل المقاهي من السادسة صباحاً حتى العاشرة مساءً، وكان ثالث القرارات صادماً للبعض باستمرار منع تقديم "الشيشة" للزبائن، وآخر شرط هو أن يكون العمل بعد العاشرة مساء بطريقة "تيك آواي"، فيحصل الزبون على مشروبه وينصرف دون الجلوس على المقهى.
بالإضافة إلى توافر الإجراءات الاحترازية مثل وجود جهاز لقياس الحرارة ومنع الزبائن أصحاب درجة الحرارة العالية من الدخول، وارتداء الكمامات، واستخدام الأكواب البلاستيكية بدلاً من الزجاجية، وبالطبع لم يسلم القرار من سخرية المصريين، التي تمثلت في كوميكس متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كان أغلبها يتحدث عن نسبة الـ25% وكذلك الشيشة.
وعلى الرغم من أن قطاعاً كبيراً من المصريين كان ينتظر عودة المقاهي فإن قطاعاً آخر كان أكثر حرصاً وحكمة، وطالب بعدم النزول والتروي حتى يتم اكتشاف علاج للفيروس، خاصة مع تزايُد أعداد الإصابات التي تُعلن عنها وزارة الصحة يومياً.
لذلك دعا عددٌ كبير من المصريين إلى عدم التكدس على المقاهي، وعدم النزول من المنازل من الأساس إلا في حالة الضرورة، وراهن عدد كبير على أن تلك الدعوات لن تجد من يسمعها بسبب اشتياق المصريين للمقاهي.
إقبال ضعيف
وفي تجهيزات العودة، بدأت جميع المقاهي فتح أبوابها مساء الجمعة لتنظيفها وتجهيزها لاستقبال الزبائن صباح اليوم التالي، ومع بداية يوم السبت كانت هناك حالة ترقب من الجمهور والإعلام، على حد سواء لمشهد المقاهي، البعض كان يراهن على وعي الجمهور، وآخرون كانوا ينتظرون زحاماً غير مسبوق.
ومع الساعات الأولى من صباح السبت، بدأت المقاهي تفتح أبوابها، ولم يلتزم معظمها بنسبة الـ25% من الطاقة الاستيعابية لها، وذلك لأنه لا توجد طاقة استيعابية معلنة لكل مقهى، وقامت كل المقاهي في المناطق المختلفة بفرش جميع كراسيها داخل المقهى وخارجه على مسافات متباعدة، ليس بالقدر الكافي، لكنها متباعدة أكثر مما كانت عليه.
كذلك لم يكن هناك جهاز لقياس درجات الحرارة، وعلّل عدد كبير منهم السبب بأن ثمنه مرتفع يتخطى الـ3000 جنيه مصري، في حين أنهم لم يجنوا أية أموال لأكثر من ثلاثة أشهر، ولكن الجميع التزم بمنع تقديم الشيشة وفتح وإغلاق المقاهي في الموعد المتفق عليه.
كذلك لم تضع المقاهي شاشات عرض في الخارج كما كان يحدث مسبقاً، وعاب بعضها أنها قدمت مشروبات في أكواب زجاجية للزبائن بدلاً من الأكواب البلاستيكية.
وفيما يتعلق بالإقبال، ظهيرة يوم السبت كانت المقاهي شبه خالية، حتى مقاهي منطقة وسط البلد، التي كانت مقراً لتجمع عدد كبير من الشباب بدت شبه خاوية، وكان يجلس على معظمها أقل من نصف الطاقة الاستيعابية المسموح بها.
في حين أن مقاهي المناطق الشعبية مثل إمبابة وشبرا والجيزة وغيرها كانت تقريباً بلا زبائن، وكان يجلس بها أعداد محدودة، ذلك على الرغم من أن بعض المقاهي وُجهت إليها تعليمات بعدم الفتح لأسباب مختلفة.
ومع بداية الليل، زادت الأعداد، ولكنها ظلت في نطاق الأعداد العادية، ولم نرصد قهوة مكتظة بالزبائن على الرغم من إذاعة عدد من مباريات الدوري الإنجليزي والدوري الإسباني، وبينها فرق لديها شعبية كبيرة بين المصريين، وانتهى اليوم الأول من عودة المقاهي إلى استئناف نشاطها مرة أخرى مع إقبال ضعيف غير متوقع.
ومن الواضح أن دعوات عدم النزول للمقاهي قد أثرت في أغلب جمهور المقاهي، وعلى الرغم من اشتياق المصريين للمقاهي، وشكوى البعض من حالة الملل والاكتئاب التي طالت أعدداً كبيرة منهم، فإن كل هذا لم يدفعهم للمخاطرة بالعودة للمقاهي، وفضّل الغالبية منهم الجلوس في منازلهم أو الذهاب لأماكن مفتوحة خوفاً على أنفسهم وعلى عائلاتهم.