يتردد مصطلح قنبلة "مولوتوف" كثيراً، خصوصاً في المواجهات بين الشرطة والاحتجاجات التي قد تأخذ طابعاً عنيفاً، فما قصة تلك التسمية؟ وما علاقة الاتحاد السوفييتي وفنلندا بها؟
مجلة The National Interest الأمريكية نشرت تقريراً شارحاً بعنوان: "قنبلة المولوتوف: تاريخ موجز"، ألقى الضوء على خلفيات القصة، أعده كاليب لارسون، كاتب في الشؤون الدفاعية لدى المجلة.
الحرب العالمية الثانية
تُعتَبَر قنبلة المولوتوف تطوراً حديثاً نسبياً في مجال التكنولوجيا العسكرية، ولو أنَّها قطعاً سلاح بسيط التقنية. وعلى الرغم من وجود أشكال عدة للقنبلة فإنَّها تتبع تقريباً نفس الصيغة: وعاء زجاجي، عادةً زجاجة أو برطمان، يُملأ بسائل قابل للاشتعال (غالباً البنزين)، وتُوضَع به قصاصة قماش، وقبل إلقائها يتم إشعال قصاصة القماش، ما يؤدي إلى كرة نارية عند سقوطها.
تَدين قنبلة المولوتوف بالفضل في اسمها إلى الفنلنديين الساخرين، فخلال حرب الشتاء 1939-1940، سخر الجنود والمواطنون الفنلنديون من اتفاق مولوتوف-ريبنتروب، الذي وُقِّع بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية، وكان مُلحقاً بالاتفاق ما يُسمَّى ببروتوكول سري يحدد مجالات مصالح ألمانيا وروسيا. ووقعت فنلندا بشكل مباشر ضمن ما اعتبره الكرملين جزءاً من مجال مصالحه.
ووفقاً لدعاية الدولة السوفييتية، وُصِف الهجوم الأوّلي على فنلندا بأنَّه مهمة إنسانية. وقِيل للجمهور السوفييتي إنَّه كان يتم إلقاء الطعام، وليس القنابل، على الشعب الفنلندي لتخفيف معاناته. وسُميَت تلك الذخائر السوفييتية، التي كانت حارقة بطبيعتها، على نحوٍ ساخر بـ"سِلال خبز مولوتوف".
لجأ الجيش الفنلندي، الذي تفوقت عليه آلة الحرب السوفييتية بشدة، لتصنيع عدد من الأسلحة محلية الصنع للدفاع عن نفسه. كانت إحداها قنابل البنزين، التي اعتقد الفنلنديون أنَّها متماشية بصورة جيدة مع قنابل الجار السوفييتي. وأطلق عليها الفنلنديون "قنبلة مولوتوف".
تباينت القنبلة المميتة بشدة في حجمها ومحتوياتها، وكانت إحدى الطرق التي جُعِل بها هذا المزيج أشد فتكاً هي إضافة عوامل تثخين أو تغليظ، مثل القار والراتنج والكيروسين الأثقل، إلى المزيج القابل للاشتعال. وسمح هذا لألسنة اللهب بالالتصاق بالملابس والمركبات بدلاً من تساقطها، ما جعل السلاح أكثر فاعلية.
وجرى توحيد معايير عملية التصنيع عن طريق معمل تقطير بطولي خلال الحرب، فبدلاً من تخمير الخمور لأجل الاستهلاك البشري صنع معمل تقطير "Rajamäki- راجاماكي" المزيج من أجل الدمار البشري. فوُضِع مزيج من البنزين والإيثانول والقار في زجاجات بحجم زجاجات الخمر، ورُبِطت أعواد ثقاب سميكة على جوانب الزجاجة، ما زاد درجة الثقة في انفجار المزيج عند ارتطامه بالدبابات السوفييتية أو الأرض.
في كل مكان
لا تقتصر قنابل المولوتوف على ساحات معارك الحرب العالمية الثانية فقط، فخلال معركة الفلوجة، أفادت تقارير بأنَّ قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) صنعت قنبلتها الفريدة الخاصة باستخدام جزء واحد من منظفات الغسيل السائلة وجزئين من البنزين، ويُفتَرَض أنَّها وُضِعَت في أوعية زجاجية. واستُخدِمَت هذه القنابل يدوية الصنع لتطهير المنازل في القتال المرير من منزل إلى منزل، الذي اتسمت به تلك المعركة.
والعام الماضي، شُوهِدَت قنابل المولوتوف خلال احتجاجات هونغ كونغ، إذ استخدم المتظاهرون المناهضون للحكومة القنابل يدوية الصنع لتدمير المباني وإبعاد الشرطة.
وبعيداً عن هذين الصراعين اللذين وقعا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تُستخدَم قنابل المولوتوف، أو أشكال منها، في صراعاتٍ وتظاهرات في آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، ولن تختفي قنابل المولوتوف من المشهد الحالي للاحتجاجات أو التظاهرات أو ساحات المعارك في أي وقتٍ قريب.