معاناة الفلسطينيين جسر للتطبيع.. كيف استغلت الإمارات جائحة كورونا لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/06/12 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/12 الساعة 11:11 بتوقيت غرينتش
الطائرة الإماراتية التي هبطت في مطار بن غوريون/ وسائل إعلام إسرائيلية

تحاول دولة الإمارات استثمار جائحة فيروس كورونا لزيادة وتيرة تطبيعها مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية التي تمر بمرحلة هي الأصعب في تاريخها منذ نكبة عام 1948. فخلال الأسابيع الماضية، حطت طائرتان إماراتيتان في مطار "بن غوريون" بمدينة تل أبيب وسط "إسرائيل" بزعم نقلهما مساعدات للفلسطينيين، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت تلقيها لعدم التنسيق معها مسبقاً.

وقالت قناة "كان" العبرية الرسمية إن إحدى الطائرتين حطت، الثلاثاء 9 حزيران/يونيو، في المطار الإسرائيلي، وكانت تحمل لأول مرة الشعار الرسمي لدولة الإمارات. فيما قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، الثلاثاء، إن دولة الإمارات لم تُنسق مع حكومته، بشأن أي مساعدات محتملة، تحملها طائرة إماراتية. وأضاف اشتية، في تصريحات صحفية: "لا علم لنا بالمساعدات الإماراتية، وقد سمعنا عنها من وسائل الإعلام، ولم ينسق معنا بشأنها".

وتابع: "نُرحب بأي مساعدات دولية مقدمة لنا، لكن بعد التنسيق والحديث معنا مباشرة"، في إشارة إلى أن التنسيق يجب أن يكون مع فلسطين وليس مع الجانب الإسرائيلي.

استغلال كورونا للتطبيع

حول ذلك، قال وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني، أحمد المجدلاني، للأناضول، إن "الإمارات تمعن في التطبيع مع إسرائيل، في الوقت الذي يدعو فيه العالم لمقاطعة الأخيرة وينتقدها ويهددها باتخاذ عقوبات في حال تنفيذ مخططها بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لسيادتها".

وأضاف المجدلاني: "أرسلت الإمارات الطائرة الأولى قبل أسابيع دون تنسيق معنا، أو مع سفير فلسطين في أبوظبي، تحت شعار مساعدات وقد رفضنا استقبالها".

السلطة الفلسطينية رفضت المساعدات التي أرسلتها الإمارات/ وام

وذهب المجدلاني، وهو أحد أبرز القيادات المقربة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للقول إن "الإمارات تستخدم جائحة كورونا كجسر وقنطرة للتطبيع مع الاحتلال، وحكومته تحت شعار المساعدات". وتابع: "من يقدم مساعدات لأي بلد ينسق مع قيادته ومن يمثلهم، وهذا ما لم تقم به الإمارات".

ورحب الوزير الفلسطيني بأي مساعدات دولية لبلاده، لكنه قال "أما بهذا الشكل والطريقة لن نقبل بها، ولن نكون مطية لأحد للوصول لأهدافه الخاصة".

فتح: حراك إماراتي مشبوه

من جانبه، وصف الناطق باسم حركة "فتح" في الضفة الغربية، حسين حمايل، هبوط طائرة إماراتية محملة بمساعدات لفلسطين في إسرائيل، بالأمر "المشبوه".

وفي تصريح للأناضول، أضاف حمايل: "الإمارات تحاول التطبيع مع الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تمر به القضية الفلسطينية بأصعب مراحلها إثر مخطط إسرائيل بضم أجزاء من الضفة". واعتبر أن الهدف من المساعدات "غير سليم ومؤلم". وقال: "في الوقت الذي تقتل إسرائيل فيه الفلسطينيين وتحاصرهم تهبط طائرة عربية في مطار الاحتلال".

علاقات خاصة

يرى الخبير السياسي الفلسطيني، عبدالمجيد سويلم، أن "الحكومة الإسرائيلية تستثمر التقارب مع الإمارات لتسويق مشروعها بضم أجزاء من الضفة الغربية".

وأضاف سويلم، في حديثه للأناضول: "هذا النوع من العلاقات ربما تعمل إسرائيل على استغلاله كما تريد، وتسويقه بأن العالم العربي مع مخطط الضم، ما سيشجعها على الإقدام عليه".

ومضى قائلاً: "ليس من الواضح أسباب هذا التقارب باستثناء أن الإمارات تحاول أن تقيم علاقات خاصة أمنية أو رياضية أو غير ذلك مع إسرائيل". ويعتقد أنه ربما كان هناك علاقات أمنية خاصة بين الإمارات وإسرائيل، مستدركاً: "هذا التقارب ليس جديداً بل بدأ قبل عامين". وأشار سويلم إلى أن أبوظبي لا ترى أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يمكن أن يؤثر على القضية الفلسطينية.

وصباح الجمعة 12 حزيران/يونيو، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية مقالاً كتبه السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة للمرة الأولى في تاريخ البلدين، أكد فيه أن "الإمارات ومعظم دول العالم العربي يرون أن إسرائيل فرصة وليست عدواً"، وأضاف: "نحن نواجه معاً العديد من الأخطار المشتركة وهناك إمكانية كبيرة لعلاقات دافئة"، داعياً إسرائيل في الوقت ذاته لوقف ضم أراض من الضفة الغربية، لأن ذلك سيؤثر على مستقبل التطبيع العربي الإسرائيلي.

"الإمارات تستعجل الضم"

لكن الوزير الفلسطيني السابق شوقي العيسة انتقد التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، قائلاً عبر حسابه في فيسبوك: "يبدو أن الإمارات تستعجل ضم الضفة لإسرائيل".

وأضاف العيسة: "في المرة الأولى أرسلت طائرتها إلى إسرائيل بحجة إيصال معونات طبية للسلطة، دون إخبار السلطة أو التنسيق معها". وزاد: "(الثلاثاء) هبطت طائرة ثانية في إسرائيل بمعونات طبية للفلسطينيين، ولكن الإمارات نسقت مع منسق الإدارة المدنية الإسرائيلية بالأراضي المحتلة (بمثابة حاكم الضفة الغربية) لتوزيعها بالتعاون مع الأمم المتحدة".

وتابع: "هذا يعني أن الإمارات اعتبرتنا مضمومين لإسرائيل قبل ما بنيامين نتنياهو يضم أجزاء من الضفة". ولا تُقيم الإمارات علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، رغم التقارير العديدة عن وجود اتصالات غير معلنة بين البلدين.

والأربعاء، عبّر وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في كلمة أمام اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الافتراضي، عن رفض القيادة الفلسطينية "الحلول المنحازة والمجحفة ومحاولات الالتفاف على الحقوق الفلسطينية، بما فيها التطبيع". وقال المالكي إن "من يطبّع خارج الإجماع العربي والإسلامي يطبّع مع حكومة عنصرية إسرائيلية تفصح علناً عن عدائها لنا، لحقوق الشعب الفلسطيني، وهذا واجب الرفض والإدانة".

وزادت وتيرة التطبيع، خلال الفترة الأخيرة، بأشكال متعددة بين الإسرائيليين والعرب، عبر مشاركات إسرائيلية في نشاطات رياضية وثقافية تقيمها دول عربية.

ويأتي ذلك فيما تعتزم إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة (غور الأردن والمستوطنات) إلى سيادتها، مطلع يوليو/تموز المقبل، بحسب تصريحات سابقة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ووفق نتنياهو، فإن مشروع الضم سيشمل 30٪ من مساحة الضفة. ورداً على ذلك، أعلنت القيادة الفلسطينية، الشهر الماضي، أن منظمة التحرير الفلسطينية في حلّ من الاتفاقيات مع إسرائيل والولايات المتحدة.

تحميل المزيد