عربي بوست ـ خاص
"لم تتحمل منها الحكومة جنيهاً واحداً".. هذا ما كشفه مسؤول بارز في وزارة القوى العاملة المصرية لـ"عربي بوست"، بشأن ما أعلنته الحكومة المصرية عن صرف المنحة الاستثنائية التي أقرتها الوزارة للعمالة غير المنتظمة المسجلة لديها، قدرها 500 جنيه (30 دولاراً)، والبالغ عددهم 400 ألف عامل عاطل عن العمل منذ مارس/آذار الماضي، على خلفية جائحة فيروس كورونا، وذلك العدد من أصل نحو 12 مليون عامل في قطاعات غير منتظمة، ولا يتمتعون بنظام تأميني.
كما كشف المسؤول في وزارة القوى العاملة أن ما تم صرفه من مبالغ مالية هو من صندوق معاشات العمال، أو ما يُعرف بـ"حسابات العمالة غير المنتظمة المسجلة لدى الوزارة"، وليس من حزمة الـ100 مليار جنيه التي خصَّصها رئيس الجمهورية لمواجهة جائحة كورونا".
وكان السيسي وجَّه في منتصف مارس/آذار الماضي، بتخصيص 100 مليار جنيه لتمويل الخطة الشاملة، وما تتضمنه من إجراءات احترازية، قبل أن يُعلّق الدراسة في المدارس والجامعات، وقبل فرض إغلاق واسع، وفرض حظر تجول استمر حتى الآن.
لكن في وقت لاحق قرَّر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في أبريل/نيسان الماضي، مدّ مظلة المنحة لتشمل عدداً أكبر، وزيادة المنحة إلى 1500 جنيه (90 دولاراً)، مقسّمة على ثلاثة شهور، من خلال التسجيل على موقع وزارة القوى العاملة.
وفي منتصف أبريل/نيسان الماضي، بدأت الوزارة في صرف المنحة من مكاتب البريد والبنك الزراعي وفروعهما على مستوى الجمهورية، بعد تلقي العاملين رسائل نصية على هواتفهم المحمولة من رقم 2030، ولكنها شهدت ازدحاماً كارثياً لم يراع التباعد الاجتماعي أو أساليب الوقاية.
وفي 12 مايو/أيار الماضي، كشف وزير القوى العاملة، محمد سعفان، أن إجمالي عدد الذين سجلوا على موقع الوزارة بلغ 2 مليون و37 ألفاً و324 عاملاً غير منتظم، إلا أن إجمالي الذين قاموا بصرف المنحة بلغ مليوناً و538 ألفاً و676 مستحقاً فقط.
القوى العاملة وليس الحكومة
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه: "كان من المفترض أن تمول الحكومة (وزارة المالية) صرف هذه المنحة، وضخها في حسابات الوزارة، ومن ثم توزيعها على العمالة غير المنتظمة، التي تم قبولها بعد تسجيل بياناتها على موقع الوزارة".
وبذلك تكون وزارة القوى العاملة تحمّلت الدفعة الأولى من المنحة من خلال الأموال الخاصة باستقطاعات 120 ألف عامل مسجلين لدى الوزارة، ليستفيدوا من صرف أربع منح سنوياً، ويتم دعمهم صحياً واجتماعياً، وفقاً للائحة الخاصة بهم.
ما دُفع باليمين أُخذ بالشمال
شكا عدد كبير من المستفيدين من المنحة لـ"عربي بوست" من عدم صرف الدفعة الثانية من المنحة حتى الآن، رغم مرور نحو شهرين على بدء صرف الدفعة الأولى، في منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وقال أحد محمد إسماعيل، سائق توكتوك وأحد المسجلين على موقع الوزارة الحاصلين على المنحة الأولى: "حتى الآن لم يتم صرف الدفعة الثانية لنا، وفي كل مرة أذهب لماكينات الصراف لصرفها فلا أجد أي أموال في رصيد الكارت الخاص بي".
وأعرب عن تذمره من تجاهل المسؤولين لموعد صرف الدفعة الثانية، قائلاً: "لا أحد يجيبنا عن أسئلتنا عن موعد صرف الدفعة الثانية، ولا نعرف هل سيتم صرفها أم لا، ولا توجد جهة أو يوجد مسؤول نتوجه له بالسؤال، وحتى الآن تلتزم الدولة الصمت".
وأضاف: "تلتزم الدولة فقط بعقد مؤتمرات صحفية لزيادة أسعار الكهرباء والبنزين والغاز، ولكن عندما يتعلق الأمر بدفع أموال للمواطنين "الغلابة" لا نجد من يجيبنا عن تساؤلاتنا، ما تمنحه الحكومة باليمين تأخذه للأسف بالشمال، لا نريد أموالهم، نريدهم أن يكفوا عن رفع الأسعار فقط".
تعليق الدفعة الثانية
وعن موعد صرف المنحة الثانية أكد نفس المصدر لـ"عربي بوست"، أنه لم يُكشف بعد عن موعد صرف الدفعة الثانية من منحة الـ500 جنيه، وأن الوزارة لم تصل لها أية أموال أو قرارات بهذا الخصوص حتى هذه اللحظة"، مشيراً إلى أن "اللجنة المعنية بتنظيم وصرف المنحة لم تجتمع بعد".
وقام مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لمتابعة صرف منحة العمالة غير المنتظمة، تتكون من وزارات القوى العاملة، والتموين، والتخطيط، والتنمية الاقتصادية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتضامن الاجتماعي، وعدد من مسؤولي الجهات المعنية.
وكشف المصدر أن أكثر من أربعة ملايين عامل سجلوا في موقع الوزارة، لكن من تم حصرهم نحو مليوني متقدم، لكن إجمالي الذين صرفوا المنحة أكثر من مليون ونصف المليون بقليل، بإجمالي نحو 750 مليون جنيه، ولن يتم الصرف لأعداد أخرى لم تحصل على كارت المنحة.
أزمة موازنة غير مسبوقة
تُواجه مصر أزمة كبيرة في توفير العملة الصعبة جراء تراجع الإيرادات بالدولار، وهروب المستثمرين لتغطية مراكز مالية أخرى، ما اضطرها للتوسع في الاقتراض الخارجي، ليصل إجمالي ما حصلت عليه من قروض مباشرة أو عبر طرح السندات الدولية نحو 13 مليار دولار.
وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي للشهر الثالث على التوالي، وفقد نحو 9.5 مليار دولار منذ مارس/آذار وحتى مايو/أيار الماضيين، لتصل إلى 36 مليار دولار، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى لها عند 45.4 مليار دولار في نهاية فبراير/شباط الماضي.
كما واصل الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار الأمريكي خلال الأيام القليلة الماضية، ليتراجع إلى نحو 16.25 جنيه تقريباً مقابل الدولار، بدلاً من 15.50 للشراء في نهاية فبراير/شباط الماضي.