الإسرائيليون يستعدون لـ”تصعيد كبير” مع ضمّ الضفة.. فهل يكون الشارع الفلسطيني مؤهلاً لانتفاضة شاملة جديدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/06/09 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/09 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
كفانا خطابات حنجورية من سلطة عاجزة.. كيف نرد على مخططات الاحتلال؟

يجمع خبراء فلسطينيون على أن استمرار وامتداد أي مواجهة في حال اندلاع مواجهة شعبية أو عسكرية، بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي احتجاجاً ورفضاً لقرار ضم أراض فلسطينية لإسرائيل، سيكون منوطاً بمدى "تنظيم" التحرك الشعبي، وبالإرادة السياسية، حتى لا تكون مواجهة موسمية لا تحقق نتائج سياسية على أرض الواقع.

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في تقرير أعده المبعوث الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، من أن ضم إسرائيل لمناطق فلسطينية، سيؤدي إلى اندلاع صراع وعدم استقرار في الضفة الغربية وقطاع غزة.

إذ تعتزم الحكومة الإسرائيلية بدء إجراءات ضم أجزاء من الضفة الغربية في الأول من يوليو/تموز المقبل، وتشير تقديرات فلسطينية، إلى أن الضم الإسرائيلي سيصل إلى أكثر من 30٪ من مساحة الضفة. ورداً على تلك الخطوة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنه أصبح في حلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما فيها الأمنية. 

فما السيناريوهات المتوقعة فلسطينياً بعد الضم، وكيف يقرأ الفلسطينيون والإسرائيليون المشهد، وإلى ماذا تشير التوقعات الإسرائيلية حول احتمالات انفجار الأوضاع في الضفة؟

السيناريو الأول: استبعاد المواجهة "على نطاق واسع"

أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين شمال الضفة، يرى أن القراءات الأمنية والاستراتيجية لهذه المرحلة "غامضة، وتتسم بالضبابية". ويستبعد يوسف اندلاع مواجهات عسكرية على نطاق كبير.

ويستدرك بالقول: "ممكن أن نشهد بعض العمليات الفدائية في مناطق محددة ومحصورة، وبعض مظاهر المقاومة الشعبية والمظاهرات التي يمكن تجييشها ضد صفقة القرن وقرار الضم".

إلا أن المشهد الفلسطيني الداخلي، بحسب يوسف "غير مؤهل لهذه الانتفاضة على شكل كبير، بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي، والانغماس بظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية الصعبة خاصة بعد الخروج من أزمة كورونا".

ويردف بالقول: "من المتوقع أن يكون هناك محاولات لعمل عسكري محدود من منطقة لأخرى، مع تكثيف المواجهة الشعبية". ويشدد أستاذ العلوم السياسية على أنه ليس من المهم فقط انطلاق الحركة الاحتجاجية، إنما يجب ضمان استمرارها وتعميقها وأن تكون شاملة، وتضم الضفة الغربية وقطاع غزة.

مشيراً إلى أن استمرار المواجهة وعمقها يعتمدان على "إرادة القيادة السياسية، والفصائل، وإلى أين يريدون الذهاب بها، وأن رافعة ميدانية سواء عسكرية أم شعبية ضد إسرائيل، جيدة للفلسطينيين، خاصة لميزان القوى الذي يميل لصالح الاحتلال".

بالتالي، يشير يوسف، إلى أن "الحركة الشعبية" يمكن أن تكون مكسباً للفلسطينيين في هذه المرحلة، شرط أن تكون عملية قيادتها وتحديد أهدافها، منسقة بين الفصائل والقوى، وألا تكون مركزة في مواقع محددة، أو موسمية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن "تكثيف المواجهة والمقاومة الشعبية"، يجب أن يكون لها بُعد دولي، لا سيما في ظل وجود رفض دولي واسع لعملية الضم. محذراً من إمكانية حدوث إشكالية بين أنصار المقاومة الشعبية السلمية، وأنصار المقاومة المسلحة: "أخشى أن تبقى هناك فجوة بين تصريحات النخبة السياسية وبين القادة الميدانيين للحركة الشعبية، وهذا هو التحدي الكبير الذي سنلاحظه ونتأكد منه من خلال الحركة الشعبية إن تمت فعلاً بالميدان".

السيناريو الثاني: الاتجاه نحو التصعيد الشامل

من جانبه، يرى الكاتب والمتابع للشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أن الوضع الحالي "يؤشر لانجراف الأمور باتجاه التصعيد". ويقول منصور لوكالة لأناضول: "في حال بدأ الضم، يمكن أن تتدهور الأمور بشكل أكبر، فالناس فقدت الأمل، والسلطة الفلسطينية لن تستطيع أن تقنع الشارع بعدم المواجهة، بسبب حالة الضعف الشديد التي تعيشها وفقدانها للبدائل في مواجهة القرار الإسرائيلي".

ويتابع أن "هذا الواقع يدفع الشارع وبعض الفصائل الفلسطينية للمواجهة، على الرغم من أن إسرائيل لن تكون معنية بتصعيد الأمور ميدانياً". وحول قدرة الفلسطينيين لخوض مواجهة ميدانية طويلة الأمد، يوضح منصور: "لا أحد يستطيع التوقع باستمرار المواجهة، خاصة إذا اشتعل الميدان، فكيف يمكن إقناع الشارع بالتهدئة دون وجود أفق سياسي جدي".

ويرى الكاتب الفلسطيني أن "أي مواجهة يمكن أن تندلع، من شأنها أن تفرز وجوهاً وآليات وقوى يكون لها تأثير على الأرض". أما عن درجة تضرر إسرائيل من تداعيات المواجهة، فيرى منصور أنه منوط بمدى "تنظيم" الاحتجاجات الفلسطينية.

بدوره يتوقع عمر جعارة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، اندلاع "هبّة" شعبية، في حال تنفيذ قرار ضم الأراضي الفلسطينية لإسرائيل. ويقول إن "الشعب الفلسطيني لا يملك سوى وسيلة المقاومة الشعبية".

لكنه يحذر من أن تجارب المقاومة الشعبية الفلسطينية السابقة، لم تحقق للفلسطينيين الأهداف التي أرادوها حسب تعبيره، مطالباً بضرورة "تنظيم وتخطيط" الاحتجاجات، كي تستطيع تحقيق الإنجازات التي يريدها الشعب الفلسطيني.

ماذا يتوقع الإسرائيليون أنفسهم؟

تقول صحيفة معاريف العبرية، إن مؤسسة الجيش سرعت في الأسابيع الأخيرة استعداداتها لاحتمال اندلاع تصعيد أمني كبير في الضفة الغربية في ظل التوترات السياسية، قبل احتمال تنفيذ الضم بداية الشهر المقبل. وبحسب الصحيفة، لا يوجد هناك معلومات استخباراتية ملموسة عن التصعيد، ولكن تشير التقديرات إلى أن "التوترات التي يتسبب بها الضم، يمكن أن تؤدي إلى تصعيد في الميدان".

وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب مستمر لاحتمال التصعيد في الضفة التي تعتبر أولوية أمنية قصوى إلى جانب جبهة غزة والجبهة الشمالية. لكن الصحيفة تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يعرف حتى الآن القرارات المتوقعة من المستوى السياسي، ولا يعرف ما التوقعات التي تنتظره لإعلان نتنياهو ضم الضفة في غضون ثلاثة أسابيع فقط من الآن.

إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجري خلال اليومين الماضيين في إسرائيل أعدته إذاعة "103 Fm" العبرية، أن 15% من الإسرائيليين فقط يؤيدون تطبيق "السيادة" على أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن ككل، في حين يؤكد 27% تنفيذ الضم لكنهم لا يريدون أن يتضمن إقامة دولة فلسطينية، ويؤكد 9% الضم فقط في منطقة غور الأردن.

عقبة كبرى تهدد خطة نتنياهو، وهذا شرط ترامب لإعطاء الضوء الأخضر

ويواجه نتنياهو عقبة أخرى في طريقه لضم أجزاء من الضفة الغربية، لم تكن في الحسبان، إذ يعترض قادة المستوطنين المتشددين بقوة على خطة الضم ويهددون بإفشالها، إذ يزعم هؤلاء أن خطة نتنياهو ستفتح الباب أمام دولة فلسطينية، في حين تنهي أي توسع للمستوطنات الإسرائيلية في جزء كبير من الضفة الغربية، ومن ثم تقتل "المشروع الديني الصهيوني" الرامي إلى تحقيق الهيمنة على ما يُزعم أنها "حدود الوطن التوراتي اليهودي" بأكمله.

وحتى مساء الإثنين، ما زال نتنياهو يلتقي مع قادة المستوطنين بحضور السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، في محاولة لإقناعهم بعملية الضم، إذ تريد الولايات المتحدة أن يتم الضم بإجماع الحكومة وليس بقرار من نتنياهو فقط، فالمشاكل التي تمر بها الولايات المتحدة داخلياً بالإضافة إلى رفض الأردن وبعض دول الخليج والأوروبيين، تؤثر بوضوح على الموقف الأمريكي، وإذا لم يكن هذا القرار بموافقة جميع القوى الإسرائيلية، يصعب على ترامب إعطاء الضوء الأخضر لإتمامه.

وتقول القناة العبرية 13 حول ذلك، إن رفض المستوطنين يشكل فارقاً مهماً في التأثير على إمكانية تنفيذ الضم في موعده المحدد، مضيفة أن الضم لن يكون في 1 يوليو/تموز، وإن تم لاحقاً سيكون أقل مما حُدد في خطة ترامب التي حددت ضم 30‎%‎ من الضفة الغربية.

وتستند القناة الإسرائيلية بذلك على ما قاله نتنياهو لقادة المستوطنات خلال الاجتماعات الأخيرة، بأنه ما زال يعمل على تحديد مواعيد نهائية ضيقة لضم "الحد الأقصى الممكن" من الضفة. وأضاف نتنياهو: "لا تزال الأمور غير موجزة مع الأمريكيين والخرائط لم يتم تلخيصها بعد. نحتاج إلى اغتنام الفرصة لوجود هذا الرئيس في البيت الأبيض، يجب علينا ألا نجعل ترامب يعتقد أننا لسنا مهتمين، أو منقسمون حيال الخطة".

تحميل المزيد