في الوقت الذي تحدث فيه المسماري – الناطق باسم ميليشيات حفتر- عن أن انسحابها في مواجهة قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، يمثل إعادة لتموضع قواتهم غرب ليبيا، بمسافة 60 كم من محيط طرابلس خوفاً على المدنيين حسب قوله، فإن الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق واصل تقدمه ودحر كل بقايا ميليشيات حفتر لمسافة 400 كم وهو ما اعتبره مراقبون لا يخرج عن كونه هزيمة كبيرة أخرى، لخليفة حفتر تضاف إلى الهزائم المتعددة التي لحقت بقواته مؤخراً.
أسباب التراجع
كشف مصدر عسكري تابع لميليشيات خليفة حفتر لـ"عربي بوست" أن صفوف قواتهم شهدت انفلاتاً بعد خسارتها أهم معاقلها في غرب ليبيا -مدينة ترهونة- وذلك لفقدان القيادة والسيطرة من قادة الحرب في الرجمة.
وأكد المصدر ـ فضّل عدم ذكر اسمه ـ أن من يدير غرفة العمليات الرئيسية التابعة لحفتر في الرجمة – مقر قيادة حفتر – هم نجلا خليفة حفتر "صدام وخالد" واللواء فرج بوغالية – مرشح الحكومة المصرية كبديل لخليفة حفتر – حسب قوله.
وأضاف المصدر أن الفوضى الميدانية التي شهدتها ميليشيات حفتر بعد انسحابها من ترهونة كانت بسبب غياب التواصل الجيد والتنسيق بين القوات المنسحبة والقوات المتمركزة في محاور الخط الساحلي ابتداء من بوقرين شرق مدينة طرابلس وحتى مدينة سرت -400 كم شرق مدينة طرابلس- مشيراً إلى أن عمليات السطو المسلح التي تعرضت لها القوات المنسحبة من ترهونة قام بها مدنيون مسلحون بمدينة بني وليد والذين قاموا بالاستيلاء على سيارات مسلحة وأسلحة للقوات المنسحبة بعد مرورها من مدينة بني وليد.
وتابع المصدر: "كما أن أرتالاً كبيرة عادت لمدينة بنغازي بعد انسحابها من سرت وجنوب طرابلس لم تتلق الأوامر بالرجوع؛ لعدم قدرتها على التواصل مع غرفة السيطرة، الأمر الذي جعل باقي القوات المتواجدة على الشريط الساحلي من مدينة سرت – 400 كم شرق مدينة طرابلس- وحتى الهلال النفطي بالانسحاب الرجوع كلاً إلى مدينته.
واختتم قائلاً: "إن غرفة العمليات والسيطرة بالرجمة أعادت ترتيب صفوفها حيث صدرت أوامر بتحرك الكتيبة الأولى صاعقة بإمرة العقيد هارون العبيدي نحو منطقة الوادي الحمر، 90 كم شرق مدينة سرت، مؤكداً وصول دعم للكتيبة 604 السلفية بمدينة سرت.
لماذا الوادي الأحمر؟
من جهته علل المحلل العسكري العقيد طيار سعيد بوغليظة الفارسي إرسال قوات الصاعقة التابعة لحفتر إلى منطقة الوادي الأحمر؛ لأنها الحدود الإدارية لبرقة، مشيراً إلى أن قيادة الرجمة تسوّق للوضع الآن في برقة على أنه حرب قبلية بين الشرق والغرب.
وأضاف الفارسي أن قيادة الرجمة تعمل على تحشيد بشري بالمنطقة الشرقية من خلال الترويج بأن قوات الجيش التابعة لحكومة الوفاق هي ميليشيات مصراتة والمنطقة الغربية تتقدم باتجاه برقة لاحتلالها والسيطرة على الحقول النفطية. منبهاً لضرورة وجود ضباط عسكريين من برقة على رأس القوة التي ستتجه للمنطقة الشرقية لوأد الفتنة.
ويشار إلى أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قد أصدر قراراً بتشكيل غرفة عمليات المنطقة الشرقية برئاسة اللواء عبدالسلام جادالله رئيس الأركان السابق، إبان المؤتمر الوطني العام 2012.
التدخلات المصرية
المقدم مصطفى المجدوب آمر اللواء الأول مشاة في قوات حكومة الوفاق قال لـ"عربي بوست" إن انسحاب ميليشيات خليفة حفتر من العاصمة طرابلس وترهونة وحتى سرت، وقبلها خسارتها لمواقع استراتيجية مثل قاعدة الوطية الجوية غربي طرابلس، هو إقرار بالهزيمة. مؤكداً أن حفتر خسر معركته العسكرية في ليبيا وأن من يراهن عليه، إنما يراهن على رهان خاسر.
وأكد المجدوب أن سبب ذهاب حفتر إلى مصر هو تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك المبرمة مع مصر، والتي تنص على أنه لو انسحبت قوات حفتر من المنطقة الغربية يحق لمصر التدخل ووقف تقدم قوات حكومة الوفاق إلى سرت وعدم السماح لها بالسيطرة عليها، وكشف قائلاً: "أحد بنود الاتفاق هو تصنيف مدينة سرت تابعة لمدينة برقة إدارياً، كما أن خليفة حفتر والسيسي لم يتوقعا سقوط ترهونة التي كان يشملها ذات الاتفاق غير الشرعي".
وتابع المجدوب أن مصر وفرنسا والسعودية والإمارات والأردن طلبوا وبشكل عاجل عقد جلسة استثنائية بمجلس يوم غد الإثنين للتصويت على المبادرة المصرية، ووقف تقدم قوات الوفاق إلى سرت ومنح قوات حفتر حفظ الأمن من سرت حتى أمساعد أقصى شرق ليبيا. موضحاً أن الاتفاقية نصت أيضاً على أحقية ميليشيات حفتر بتأمين الحقول والسيطرة عليها لضمان ضخ النفط إلى مصر.
وأشار المجدوب إلى أن العمليات مستمرة وفق أوامر القائد الأعلى للجيش – فائز السراج – حتى تتطهر ليبيا من كل المتمردين، وتبسط الدولة هيبتها على كامل التراب الليبي والمؤسسات السيادية.
"الوفاق" تقترب من سرت
وفي ذات السياق قال الناطق باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة العميد عبدالهادي دراه، إن قوات حكومة الوفاق اقتحمت منطقة الزعفران داخل مدينة سرت، يأتي ذلك بعد تجاوز قوات الوفاق المحطة البحرية غرب مدينة سرت بعشرين كيلو متراً، وتوقع المصدر العسكري سيطرة قوات حكومة الوفاق على مدينة سرت في غضون ساعات.
وكان الناطق باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة العميد "عبدالهادي دراه"، قد قال إن قوات حكومة الوفاق الليبية سيطرت على منطقة الوشكة وبويرات الحسون، ومستمرة في التقدم للسيطرة على مدينة سرت وطرد الميليشيات الموالية لخليفة حفتر منها.