أكد المقدم مصطفى المجدوب، آمر اللواء الأول مشاة بالجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، في تصريحات لـ"عربي بوست"، أن أغلب مرتزقة مجموعة "فاغنر" الروسية الموجودين بقاعدة الجفرة عسكريون نظاميون تابعون للجيش النظامي الروسي مدعومين ببعض المرتزقة من دول روسيا البيضاء وصربيا وأوكرانيا، موضحاً أن كل القواعد التي تسيطر عليها الإمارات وروسيا وفرنسا وغيرها من الدول الإقليمية والدولية، قواعد جوية ذات أهمية استراتيجية للجيش الليبي.
وأضاف المجدوب أن الهدف من السيطرة على هذه القواعد هو تمكين هذه الدول في ليبيا وليكون لها موطئ قدم بشمال إفريقيا والمغرب العربي، ولتنفيذ أية أجندات تخص هذه الدول في المنطقة، مؤكداً وجود اتفاق بين وزير الدفاع الفرنسي وخليفة حفتر في حال سيطر الأخير على زمام الأمور في ليبيا بتسليم قاعدة الوطية للفرنسيين.
وكشف عن وجود تفاوض بين حكومة الوفاق الوطني وروسيا لإخلاء قاعدة الجفرة، مضيفاً أن الحليف التركي يقوم بالتفاوض مع مجلس الأمن والأمم المتحدة لإخلاء قاعدة الخادم من الإماراتيين وتسليمها إلى حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، موضحاً أن الوضع متأزم عسكرياً بين الدول الإقليمية والدولية بليبيا في حال عدم إخلاء هذه القواعد.
وتابع المجدوب أن للحليف التركي رغبة في السلم السياسي وفي الوقت ذاته للحسم العسكري في حال عدم التوصل إلى التسوية السياسية التي تضمن الاستقرار في ليبيا وتمكين حكومة الوفاق من السيطرة على التراب الليبي كاملاً، ومنع التدخلات الخارجية وعلى رأسها الإمارات ومصر وفرنسا والسعودية والأردن.
قواعد خارج السيطرة
على الجانب الآخر يحاول حلفاء حفتر الإقليميون والدوليون تعزيز وجودهم بليبيا، خصوصاً في مناطق سيطرة حفتر شرق ليبيا بعد الهزائم المتتالية التي لحقت بميليشياته في مدن الغرب، وعلى رأسها جنوب العاصمة طرابلس ومدينة ترهونة، الحاضنة الأم لمشروع حفتر في غرب ليبيا.
فمنذ أن وقع انقلاب حفتر العسكري في ليبيا عام 2014، لم يكن دعم دول الإمارات وفرنسا ومصر والسعودية والأردن لوجيستياً بالأسلحة والمعدات العسكرية والأموال خفياً على المجتمع الدولي رغم حظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا، فضلاً عن الدعم بالمقاتلين من تشاد والسودان وسوريا وروسيا؛ بل كشفت تقارير ومعلومات صحفية دولية وجود قواعد عسكرية لمعظم هذه الدول في المناطق التي يسيطر عليها حفتر بشرق ليبيا والتي أصبحت في الفترة الأخيرة شبه احتلال، وفق تحليل المحلل السياسي مصطفى المهرك.
التقى "عربي بوست" أحد القادة العسكريين لميليشيات حفتر، والذي كشف لنا خارطة القواعد العسكرية التي تعمل تحت سلطة دول إقليمية ودولية داعمة لحفتر في شرق ليبيا وخارج سلطة حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، وكانت أولاها قاعدة الخادم الجوية.
قاعدة الخادم الجوية
وتسمى قاعدة الخروبة التي أُعيدت تسميتها في "GOOGLE MAP" بقاعدة الخادم الإماراتية، وهي تقع جنوب مدينة المرج وتبعد عن مقر القيادة العامة -المقر الحالي لقيادة حفتر- قرابة 130كم وقرابة 170كم عن مدينة بنغازي شرق ليبيا، وهي قاعدة سرّية أنشأها نظام القذافي في ثمانينيات القرن الماضي.
تحتلها الإمارات بشكل معلن وصريح منذ عام 2016، وفق تقارير فرق الخبراء بالأمم المتحدة، ومساحتها تقارب 15 كم مربع.
يدير قاعدة الخادم مجموعة من الضباط الإماراتيين، يتم استبدالهم بشكل دوري كل 3 أشهر، وتعتبر القاعدة محصنة بشكل قوي، حيث يُمنع دخول الليبيين سواء من الضباط أو ضباط الصف أو الأفراد إلا لمن كانت له تصاريح تصدر عن عون الفرجاني رئيس هيئة السيطرة في ميليشيات حفتر، مباشرة، كما يُمنع فيها استخدام الهواتف المحمولة أو الكاميرات وحتى حمل الأسلحة الشخصية داخل القاعدة.
وكان لقاعدة الخادم دور أساسي في حرب حفتر على بنغازي، فقد كانت القاعدة الأساسية لانطلاق غارات الطائرات المسيّرة على ثوار بنغازي من 2014 وحتى سيطرة حفتر على بنغازي، كما أنها توفر حماية لمعسكر الرجمة، معقل خليفة حفتر، في ضواحي بنغازي.
وتحتوي القاعدة على عدد من الطائرات؛ منها MALE UAV من طراز Wing Long، وطائرات من طراز AT-802 Air Tractor مطوّرة، وطائرات UH_60 بلاك هوك لمساندة حفتر، وفق ما كشفت عنه مجلة جانيس البريطانية المتخصصة بالأمن والدفاع في يونيو/حزيران 2016 وحتى هذه اللحظة.
كما يوجد بقاعدة الخادم خبراء عسكريون فرنسيون تابعون للقوات النظامية الفرنسية يدعمون سير عمل القاعدة لوجيستياً واستخباراتياً، إضافة إلى خبراء أمريكيين تابعين لشركة أمنيةٍ مقرها في الإمارات.
وفي تقرير للأمم المتحدة، في يونيو/حزيران 2017، أظهر صوراً لملاجئ الطائرات التي يمكن أن تستوعب المقاتلات النفّاثة، مشيراً إلى أن الملاجئ الجديدة في القاعدة قادرة على استضافة طائرات مقاتلة، ومن ضمن ذلك "F-16″ و"الميراج".
وتعتبر قاعدة الخادم غرفة عمليات إماراتية مستقلة، تستقبل بشكل دوري، طائرات شحن قادمة من قواعد ومطارات إماراتية، منها قاعدة العصب في إريتريا، المعروفة بأنها قاعدة إماراتية.
وكانت حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، قد أعلنت في أبريل/نيسان الماضي، عن وجود قواعد جوية ليبية خارج السيطرة وبحكم المحتلة؛ لوجود قوات أجنبية فيها وتديرها دول بينها الإمارات؛ لإحداث فوضى في البلاد، وأن هذه القواعد تُستخدم كمحطات انطلاق لطائرات تقصف أهدافاً مدنية ومنشآت للدولة؛ ما أدى إلى مقتل مئات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، وتدمير مدارس ومستشفيات.
قاعدة الجفرة الجوية
تعتبر قاعدة الجفرة من أهم القواعد الليبية؛ لموقعها الاستراتيجي في المنطقة الوسطى لليبيا، فهي بمثابة مفترق طرق بين الشرق والغرب والجنوب، كانت من ضمن القواعد التي تديرها الإمارات في ليبيا؛ لموقعها القريب من الحقول والموانئ النفطية، كما أنها تتميز ببُعدها عن المدن وتمتاز بمحيط مفتوح وشاسع يصعّب مهاجمتها برياً.
تقدَّر مساحة قاعدة الجفرة بقرابة 15كم مربع، يوجد بها مدرجان لهبوط الطائرات؛ أحدهما مدني لقربها من أغلب الحقول النفطية في الجنوب الليبي، تبعد عن العاصمة طرابلس قرابة 600 كم جنوباً، وتبعد عن مدينة مصراته قرابة 350كم، في حين تبعد عن مدينة سرت 300 كم.
تعتبر قاعدة الجفرة نقطة الانطلاق الأولى لأي هجوم يشنه حفتر على مدن الغرب والجنوب الليبي ونقطة تجميع للأسلحة والذخائر والمقاتلين والمرتزقة.
منذ سيطرة حفتر عليها في 2016، كانت إدارة القاعدة عند ضباط إماراتيين وفرنسيين، تنقل إليها الذخائر والطائرات المسيّرة من قاعدة الخروبة، كما أنها مركز تجميع مرتزقة الجنجويد وتشاد، استُخدمت في 2016 للسيطرة على الموانئ النفطية ومنطقة الهلال النفطي، وبعد الهجوم على طرابلس أصبحت نقطة رئيسية لدعم ميليشيات حفتر في جنوب طرابلس وترهونة وسرت.
قبل انسحاب مرتزقة فاغنر من محاور طرابلس، خضعت القاعدة للسيطرة التامة لـ"فاغنر"، وانسحبت أغلب القيادات العسكرية الإماراتية والفرنسية، حيث يتمركز بالقاعدة قرابة 2000 مرتزق روسي مدعومين ببعض المقاتلين الليبيين وبعض مرتزقة تشاد و"العدل والمساواة" الذين لم ينسحبوا من ليبيا مدعومين بأسلحة ومدرعات متطورة.
كما أن مرتزقة فاغنر عملوا على تحصين القاعدة بعدد من المراصد حولها؛ لإعاقة أي تقدُّم بري في حال هجوم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، إضافة إلى أكثر من 6 منظومات دفاع جوي بانستير ومنظومات تشويش متطورة.
قاعدة بنينا الجوية
تبعد القاعدة الحربية "بنينا" عن مدينة بنغازي قرابة 25كم شرق مدينة بنغازي، تعتبر أكبر قاعدة جوية في شرق ليبيا، بها مهبط للطيران المدني، ومعزولة عن القاعدة الحربية، كما بها مهبط للطيران الحربي.
أنشأ حفتر مهبطاً جديداً مفصولاً عن القاعدة العسكرية؛ لاستقبال طيران أجنحة الشام القادم من سوريا والذي ينقل المرتزقة الروس والصرب والسوريين من مطار دمشق خلال الفترة الماضية، كما استخدم في نقل بعض مرتزقة فاغنر المنسحبين من محاور جنوب طرابلس قبل نقل الآخرين إلى قاعدة الجفرة.
كلف حفتر "العميد محمود عبد الجليل" آمراً للقاعدة والذي بدوره نقل أغلب ضباط منتسبي قاعدة بنينا إلى قاعدة الأبرق الجوية (200كم شرق مدينة بنغازي)، بناء على قرار خليفة حفتر، وتم استحداث مكتب للمخابرات الحربية المصرية برئاسة القنصل المصري السابق في بنغازي اللواء عمر نظمي، وهو المسؤول عن ملف الاستخبارات بين مصر وحفتر، إضافة إلى اصدار الموافقات الأمنية للضباط الليبيين القاصدين مصر.
تم سحب كل الضباط وضباط الصف المصريين الموجودين في كل المعسكرات بشرق ليبيا إلى قاعدة بنينا، وخُصص لهم مقر مستقل داخل القاعدة بإمرة اللواء نظمي.
قاعدة الجحيشية الجوية
تقع قاعدة الجحيشية 70كم جنوب غربي مدينة بنغازي، وتقدّر مساحتها بقرابة 15كم. تقع بمنطقة منعزلة عن المدن تماماً، وتحيط بها جغرافيا صخرية وصحراوية شاسعة.
تستخدم هذه القاعدة لتدريب وحدة عسكرية خاصة بحماية الشخصيات تابعة لحفتر يطلق عليها اسم الفرقة 20/20.
يشرف على تدريب هذه الفرقة ضباط إيطاليون عقب تفعيل الإيطاليين اتفاقية تدريب مشتركة كان قد عقدها معهم رئيس وزراء ليبيا السابق، علي زيدان، في أغسطس/آب 2013، والتي تضمنت تدريب 3آلاف شرطي وعنصر أمن، في دول إيطاليا وتركيا وبريطانيا.
هذا بالإضافة إلى التعاون مع خبراء ومدربين عرب وأجانب لإعادة تأهيل معسكرات التدريب في بعض المدن الليبية؛ لاحتواء ما بين 4 و6 آلاف مجند جديد، لتدريبهم عسكرياً وبشكل مركز. وقد تم تأمين مقر إقامة المدربين الإيطاليين والأمريكان في بنغازي بحي فينيسيا قرب معسكر السابع عشر من فبراير/شباط.
وبعد انسحاب فاغنر من طرابلس، تم إرسال عدد منهم يقدر بـ500 مرتزق بين روسي وصربي واوكراني إلى القاعدة، إضافة إلى وجود بعض المرتزقة السوريين وبعض القيادات العسكرية الفرنسية التي توجد في المعسكر بين الفينة والأخرى.
وتحتوي معسكرات كتيبة طارق بن زياد الموجودة في منطقة بوعطني وقاريونس، على عدد بسيط من مرتزقة فاغنر الروسية و"العدل والمساواة" السودانية، إضافة إلى وجود وحدات نظامية تابعة للمخابرات الحربية المصرية في كل معسكر؛ للتواصل والعمل مع المخابرات كدعم أمني مصري لميليشيات حفتر.