غالباً ما يكون لأسعار النفط والبنزين تأثيرٌ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. على سبيل المثال، عزَّز ارتفاع أسعار النفط فرص الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الفوز بولاية ثانية في 1980. وفي الشهر الماضي، انهار سعر خام غرب تكساس -وهو معيار رئيسي لتسعير النفط في الولايات المتحدة- وبَيِع بالسالب. ويُتدَاول برميل الخام اليوم عند متوسط سالب 30 دولاراً، وهو أدنى سعر له خلال العقدين الماضيين.
ويحمل هذا أنباءً سيئة لمنتجي النفط في الولايات المتحدة. لكن على الجانب الآخر، ستساعد أسعار البنزين المنخفضة -أقل من 2 دولار للغالون في أغلب الدولة- الشركات والمستهلكين الأمريكيين في الوقت الذي يكافحون فيه للتعافي من الركود الاقتصادي الذي نتج عن جائحة "كوفيد-19". وإليكم كيف سيؤثر وضع سوق النفط الحالي في الانتخابات الرئاسية المقررة خلال أقل من 6 أشهر، كما نشرت مجلة Forbes الأمريكية.
كيف يصب في صالح الرئيس ترامب؟
– يساعد انخفاض أسعار البنزين المستهلكين الأمريكيين. إذ تقل تكلفة القيادة، مما قد يشجع الأمريكيين على الخروج إلى الطرقات أكثر خلال فصل الصيف؛ على الرغم من المشكلات الاقتصادية والخوف من الفيروس.
– يسمح انخفاض أسعار النفط بفرصة ربحٍ أفضل لشركات الطيران، على الرغم من ظروف السفر المتدهورة. إذ يقتطع الوقود النفاث الرخيص نسبة هائلة من التكاليف التي تتحملها شركات الطيران.
– 25 % من النفط الخام بالولايات المتحدة يُستخدَم في الأغراض الصناعية. ومن ثم، يساعد النفط الخام الرخيص عديداً من الصناعات على خفض تكلفتها، في الوقت الذي تعاني فيه لمحاولة العودة إلى نشاطها.
– يثبط النفط الرخيص المستهلكين عن دعم سياسات الطاقة التي يسخر منها الرئيس ترامب، مثل الصفقة الخضراء الجديدة والتغيرات الرئيسية الأخرى في مجال الطاقة والوقود الأمريكي.
كيف يصب في صالح خصمه جو بايدن؟
– ترك انخفاض أسعار النفط أثراً مدمراً على الوظائف في المناطق المنتجة للنفط بالولايات المتحدة. إذ فقد الأشخاص وظائفهم في الحفر والتسويق والمبيعات والتكنولوجيا وإدارة المكاتب والمزيد.
– وبحلول بداية أبريل/نيسان، كانت 7 شركات نفط و8 شركات خدمات حقول نفط وشركتا خطوط أنابيب قد تقدمت بالفعل بأوراقها لإعلان الإفلاس، وهناك مزيد من الشركات التي توشك على فعل ذلك. وكانت الولايات التي شهدت أعلى نسبة لفقدان الوظائف في هذا القطاع هي الولايات التي من المتوقع أن يفوز بها ترامب (تكساس ووايومنغ ونورث داكوتا)، وفي الولايات المتأرجحة بين المرشحين (مثل بنسلفانيا) التي من المحتمل أن يحتاج ترامب لأصواتها للفوز بولاية أخرى.
– يمكن أن يسعى بايدن لتحويل هذه الخسائر في الوظائف وما يصاحبها من ضائقة مالية في رقعة النفط لصالحه في سباق نوفمبر/تشرين الثاني.
الاقتصاد والتكهن بالنتائج
وتمثل قضية النفط وغيرها من القضايا الأخرى، عاملاً رئيسياً في الحملات الدعائية لكل من بايدن وترامب، وكلما اقترب موعد الانتخابات أكثر زادت سخونة المواجهة بينهما، ويرى كثير من المراقبين أنه لا أحد يمكنه التكهن بما قد يحدث في الفترة المتبقية حتى موعد الانتخابات، خصوصاً فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي الذي تضرر بشدة بسبب جائحة كورونا، وأزمة النفط.
ومن المنتظر أن يصدر "مكتب التحليل الاقتصادي" التابع لوزارة الخزانة الأمريكية تقديراته الأولى لبيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، في 29 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أقل من أسبوع من تصويت الأمريكيين على رئيسهم. وشهر يونيو/حزيران هو الشهر الأخير من الربع الثاني الذي يتوقع المحللون خلاله انكماش الاقتصاد بنحو 40%.
أمَّا إذا أُعيد فتح الاقتصاد الأمريكي بدرجة كبيرة بحلول شهر يوليو/تموز، فقد يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي إلى أكثر من 20%، وفقاً لبعض التوقعات الأكثر تفاؤلاً، وهو ما قد يوجه دفعةً قوية لحملة ترامب في الانتخابات التي ستكون المنافسة فيها متقاربة على ما يبدو.
ولكن إذا لم تسِر خطة ترامب بفتح الاقتصاد كما يتوقع، فسيتعين عليه حينئذ أن يراهن للفوز في الانتخابات على شيء آخر غير الاقتصاد، وستكون هذه معركةً أصعب بكثير بالنسبة إليه.