بينما يجتاح فيروس كورونا العالم مسبِّباً حالة غير مسبوقة من الفزع والخوف من الوباء القاتل، اختفت -أو كادت- متابعة أخبار ملفات كانت تشغل العالم، من تداعيات اغتيال قاسم سليماني، لتصفية ما تبقَّى من قضية فلسطين، إلى أسراب جراد في حجم مدن، إلى التحريض ضد مسلمي الهند وغيرها، فماذا يحدث في تلك القضايا خلف ستار الوباء؟
صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريراً بعنوان: "ماذا حدث في العالم أيضاً بينما كان فيروس كورونا يجتاحه؟"، ألقى الضوء على تطورات ملفات كانت حديث العالم قبل أن يغطي عليها الوباء القاتل الذي احتل مساحة الاهتمام عالمياً.
إيران بعد سليماني
في منتصف ليل الثالث من يناير/كانون الثاني الماضي في بغداد، شنَّت طائرة دون طيار أمريكية أكبر ضربة ترتَّبت عليها تبعات منذ جيل، وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص، بينهم قاسم سليماني، قائد القوة الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
كان الفريق البالغ من العمر 62 عاماً شوكة في خاصرة الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، وكان يشرف على حملة الجمهورية الإسلامية في سوريا ويرعى الوكلاء الذين حوّلوا إيران إلى لاعب إقليمي. وكان يُعتَقَد أنَّه لا يُمَس. وأشار دونالد ترامب إلى مقتله بتغريدة بلا كلمات احتوت على عَلَم أمريكي مشوش.
وشهدت الأيام الفوضوية التالية لعملية القتل تدافعاً مميتاً في إحدى الجنازات العامة للفريق سليماني، إلى جانب أول ضربة صاروخية إيرانية على الإطلاق على القوات الأمريكية، والإسقاط غير المقصود لطائرة ركاب فوق طهران -ما أسفر عن مقتل كل مَن كانوا على متن الطائرة وعددهم 176 شخصاً- وتفجُّر احتجاجات مناهضة للنظام في مدن إيرانية.
وقد تتردد أصداء هذا لسنوات، فقد أفادت صحيفة The Observer البريطانية، هذا الشهر مايو/أيار، بأنَّ تقريباً كل المشروعات الإقليمية التي كان يشرف عليها سليماني تعثَّرت، ويعاني فيلق القدس في إدارة شبكة وكلائه دون حضوره الهائل.
البلاء الآخر
نزلت أكبر أسراب من الجراد منذ عقود بالمزارع في مناطق من إفريقيا وجنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية هذا العام، وقالت الأمم المتحدة إنَّ الأمر يُشكِّل "تهديداً مُقلِقاً بشدة وغير مسبوق للأمن الغذائي وسُبُل العيش".
وتُشكِّل تلك الآفات غيوماً عملاقة مدمرة يمكنها أن تسافر نحو 90 كيلومتراً خلال 24 ساعة، وبإمكان سرب تبلغ مساحته كيلومتراً مربعاً أن يلتهم في يومٍ واحد كمية الغذاء التي يستهلكها 35 ألف إنسان، ويُقال إنَّ خطر حدوث موجة ثانية لا يزال حرجاً، بما في ذلك في اليمن، حيث أصبح الأمن الغذائي في وضعٍ مريع بالفعل في ظل الحرب الأهلية الدائرة.
أعمال شغب في دلهي
زحفت الكراهية تجاه الهنود المسلمين أكثر لتصل إلى التيار الهندي الرئيسي في السنوات الخمس الماضية منذ انتخاب رئيس الوزراء القومي الهندوسي، ناريندرا مودي، ووصلت الأمور إلى الغليان في فبراير/شباط الماضي، خلال زيارة دولة قام بها الرئيس دونالد ترامب إلى البلاد، وبلغت ذروتها في أسوأ أحداث عنف ديني في البلاد منذ عقود.
وجرى الاعتراف على نطاق واسع بأنَّ مُحفِّز تلك الأحداث هو قيادي في الحزب الحاكم، قابيل ميشرا، الذي أصدر في 23 فبراير/شباط إنذاراً عاماً بأنَّ أنصاره "سيضطرون للخروج إلى الشوارع" إذا لم تنظفها الشرطة من المحتجين المسلمين في معظمهم.
قُتِل 50 شخصاً على الأقل في أحداث العنف اللاحقة بين الهندوس والجماهير المسلمة، وسط مزاعم بأنَّ شرطة دلهي تراجعت لتسمح للهندوس بارتكاب العنف في حين ضربت بعض المسلمين الذين في قبضتها حتى الموت.
وساهمت أعمال الشغب والقتل في قلقٍ متزايد بشأن شكل الهند الذي قد ينبثق عن السنوات التي يقضيها مودي في السلطة.
انسحاب الولايات المتحدة من أطول حروبها
بعد مرور قرابة 19 عاماً، وسقوط أكثر من 43 ألف ضحية مدني، وتعاقب ثلاثة رؤساء أمريكيين، وقَّعت إدارة ترامب اتفاق سلام مع حركة طالبان بعد ظهيرة أحد أيام السبت أواخر فبراير/شباط الماضي.
كانت تلك صفقة جيدة لطالبان: نجحت الحركة في إبعاد المسؤولين المنتخبين في كابول وتعاملت مع الأمريكيين مباشرةً، ويمكن -على الورق- أن ترحل القوات الأمريكية من البلاد بحلول ربيع عام 2021. وتعهَّدت طالبان بالجلوس مع نظرائها في الحكومة الأفغانية وإبرام اتفاق سلام منفصل لاحقاً، لكن لا يوجد ضمان على أنَّها ستفعل ذلك، وهجماتها على الجيش والشرطة الأفغانيين مستمرة.
وتقول الولايات المتحدة إنَّ العنف المستمر يعني أنَّ قواتها قد تبقى، لكن من الواضح -لاسيما لطالبان- أنَّ واشنطن ترغب بشدة في الخروج من الحرب.
إنَّه بايدن
على مدى بضعة أيام بعد اكتساح بيرني ساندرز للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، بدا أنَّ السيناتور الذي يصف نفسه بـ"الاشتراكي الديمقراطي" سيفوز بترشيح أغلبية الحزب، لكنَّ مؤسسة الحزب الديمقراطي احتشدت خلف نائب الرئيس السابق جو بايدن، حامل راية ليبرالية عصرَي أوباما وكلينتون.
حقق بايدن انتصاراً كبيراً في "الثلاثاء الكبير"، وسرعان ما نال ترشيح الحزب بعدها، لكن لم تكن هناك جولة نصر ولا تجمُّعات انتخابية تصالحية مع خصومه، بل بدا أنَّ صاحب الـ77 عاماً قد اختفى عن الأنظار بعدما وصل نطاق فيروس كورونا أخيراً إلى صانعي السياسات والجمهور. وهو يقود حملته الانتخابية الآن من قبو منزله بولاية ديلاوير.
نهاية حل الدولتين
بعد أن كانت فكرة هامشية يتبنّاها اليمين المتطرف في إسرائيل، تحوَّلت فكرة إعلان الدولة اليهودية ببساطة تبعية مساحات من الأراضي الفلسطينية -التي تنتشر فيها مستوطناتها منذ عقود- لها على مدار العام الماضي إلى فكرة يتبنَّاها التيار الرئيسي.
وقد تتحول قريباً إلى قانون إسرائيلي، إذ يعتزم التحالف الحاكم لبنيامين نتنياهو ومنافسه السابق بيني غانتس تقديم تشريع خلال الأشهر القليلة المقبلة يهدف إلى الإعلان في نهاية المطاف عن تحويل 30% من الضفة الغربية المحتلة إلى أراضٍ إسرائيلية، بما يتماشى مع "خطة السلام" التي طرحها ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي ورفضها القادة الفلسطينيون بشدة.
تدعو خطة ترامب إلى أن تتم عملية الضم بالتشاور مع القادة الفلسطينيين، لكن ليس واضحاً ما هي الشروط التي قد يفرضها البيت الأبيض على حكومة نتنياهو-غانتس، إن كان سيفرض أي شروط. وقال بومبيو مؤخراً إنَّ الضم "قرارٌ إسرائيلي".
وأعرب القادة الأوروبيون والأمم المتحدة وعشرات الجنرالات والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين عن رفضهم للخطة، مجادلين بأنَّ من شأنها أن تعزل إسرائيل وتصب الزيت على النار في المنطقة المتقلبة. ومن شأنها كذلك أن تؤشر إلى موت حل الدولتين، وهو مسودة عام 1994 للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي مثَّل الإطار لكل المفاوضات التالية، لكنَّ الكثير من المحللين يجادلون الآن بأنَّه في حالة موتٍ سريري منذ سنوات.
أحداث أخرى شهدها هذا العام
أُدين قطب صناعة الأفلام هارفي واينستين بالاعتداء الجنسي في محاكمة تاريخية، وتعرَّض هاتف رئيس شركة أمازون، جيف بيزوس، للاختراق بعد تلقيه رسالة على تطبيق "واتساب" من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك وفقاً لخبراء الأدلة الجنائية الرقمية.
كما أُدين رجل يُوصَف بأنَّه "أكبر مغتصب في بريطانيا" في يناير/كانون الثاني الماضي. واستمعت المحكمة إلى أنَّ رينهارد سيناغا اعتدى على 159 رجلاً على الأقل على مدى عدة سنوات من خلال اجتذابهم إلى منزله وتخديرهم.
ووقَّع القادة المتحاربون في أحدث دول العالم -جنوب السودان- اتفاق سلام هشاً في فبراير/شباط الماضي، وغادرت المملكة المتحدة رسمياً الاتحاد الأوروبي يوم 31 يناير/كانون الثاني الماضي.