أثار جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي الدهشة مرة أخرى حين قال لمجلة Time الأمريكية إنه "لا يزال من المبكر جداً" تحديد ما إذا كان سيتعين تأجيل يوم الانتخابات، أو "الثلاثاء الكبير"، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد أم لا، وهي التصريحات التي لمّحت إلى أنَّ التأجيل قد يكون محتملاً لاحقاً.
ورداً على ذلك، قال مسؤولو البيت الأبيض مصححين إنَّ الكونغرس هو من بيده تحديد موعد الانتخابات الرئاسية. وكان الكونغرس هو من حدد يوم الانتخابات في عام 1845، ودائماً ما يكون يوم الثلاثاء الذي يلي الإثنين الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، كما تقول شبكة CNN الأمريكية.
لماذا نوفمبر تحديداً؟
في سنة 1845 قرر الكونغرس الأمريكي أن يكون يوم الثلاثاء الذي يأتي بعد أول يوم إثنين، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، هو يوم انتخابات الرئاسة والكونغرس، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن المجتمع الأمريكي كان في ذلك الحين مجتمعاً زراعياً، والمُزارعون بالطبع يكونون مشغولين في فصلي الربيع والصيف، أما في فصل الخريف فيكون المزارعون قد انتهوا من عملية الحصاد.
الأمر الآخر، لا تتساقط الثلوج بكثرة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما يعني أن الطرق لن تكون مغلقة أمام المزارعين الراغبين في القدوم إلى المدن للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وبما أن السفر بالحصان على طرق غير محسنة قد يستغرق بعض الوقت، فقد أراد المشرعون تجنب جعل ناخبيهم يسافرون من وإلى صناديق الاقتراع يوم الأحد، الذي يُعتبر على نطاق واسع يوماً للراحة والعبادة، وليس للسياسة.
وكانت هناك مقترحات متكررة في الولايات المتحدة على مر السنين إما لنقل يوم الانتخابات إلى عطلة نهاية الأسبوع أو جعله عطلة فيدرالية، على أساس أن القيام بذلك سيعزز الإقبال، لكن لم يحدث ذلك حتى الآن، وظل الأمريكيون يحافظون على موروثهم هذا منذ 150 عاماً.
واعتادت الانتخابات الأمريكية أن تطول لأكثر من شهر، إلى أن أصدر الكونغرس قراراً يُلزِم باتباع الموعد الموحد. ولم تكن هذه مشكلة لأنَّ المصوتين لا يختارون الرئيس فعلياً في ذلك اليوم، بل يختارون الناخبين الذين بدورهم سيختارون الرئيس عبر التصويت في المجمع الانتخابي.
ويجتمع هؤلاء الناخبون في العاصمة ويصوتون في ديسمبر/كانون الأول. وينص التعديل العشرون من الدستور الأمريكي على أن يُشكَّل كونغرس جديد في 3 يناير/كانون الثاني كل عامين، وأن تبدأ فترة رئاسية جديدة في 20 يناير/كانون الثاني كل 4 سنوات. لذا، سيكون من الصعب إعادة جدولة هذه التواريخ.
ما هو المجمع الانتخابي؟
يصوّت الأمريكيون الذين يذهبون إلى صناديق الاقتراع في يوم "الثلاثاء الكبير" لـ538 ناخباً، والذين يجتمعون في ولاياتهم ويصوتون لاختيار الرئيس ونائب الرئيس، وفقاً للنظام المنصوص عليه في الدستور. وبالعودة إلى القرن التاسع عشر، لم تجرِ العادة دوماً على أن يتولى المصوتون اختيار الناخبين، بل كان المشرعون في الولايات هم من يتولون هذه المهمة في الغالب.
ويُشكِّل هؤلاء الناخبون المجمع الانتخابي، ثم تُفرَز أصواتهم -للرئيس ونائب الرئيس- في جلسة مشتركة في الكونغرس.
ويتطلب الفوز بالأغلبية الحصول على 270 صوتاً من أعضاء المجمع الانتخابي. ولا يمكن تغيير العدد الإجمالي للناخبين -538 شخصاً- إلا إذا أضيف المزيد من المشرعين إلى الكونغرس أو باستحداث تعديل دستوري. لكن عدد الناخبين المخصص لكل ولاية يمكن أن يتغير كل 10 سنوات، بعد التعداد السكاني الذي ينص الدستور على إجرائه.
كيف يُنتخَب الرئيس؟
يحق لكل ولاية 3 ناخبين على الأقل. أما ولاية كاليفورنيا، صاحبة أكبر كثافة سكانية، التي يمثلها 53 نائباً واثنان من أعضاء مجلس شيوخ، فيحق لها اختيار 55 ناخباً.
إلى جانب ذلك، تحصل ولاية تكساس، أكبر ولاية ذات ميول جمهورية ويعول عليها هذا الحزب كثيراً، على 36 صوتاً في المجمع الانتخابي، وهي ممثلة بـ36 عضواً في مجلس النواب واثنين في مجلس الشيوخ.
وهناك 6 ولايات صغيرة جداً من حيث عدد السكان، وهي ألاسكا وديلاوير ومونتانا ونورث داكوتا وفيرمونت ووايومنغ، بحيث يمثلها عضو واحد فقط في الكونغرس، وتحصل على الحد الأدنى المسموح من الأصوات في المجمع الانتخابي وهو 3 أصوات. وتحصل مقاطعة كولومبيا -وهي ليست ولاية- على 3 أصوات انتخابية. لكن لا يحصل الناخبون في بورتوريكو والأقاليم الأخرى غير التابعة للدولة على أصوات انتخابية، على الرغم من أنه يمكنهم المشاركة في الانتخابات التمهيدية الرئاسية.
ويقع على عاتق الولايات مسؤولية اختيار ناخبيها. ولا يشترط عدد من الولايات على ناخبيها احترام نتائج التصويت، مما أدى، من حين لآخر، إلى حدوث الظاهرة المعروفة باسم "الناخب الناكث لعهده". (ومن قبيل المصادفة، تنظر المحكمة العليا حالياً في قضايا تتعلق بما إذا كان يمكن أن تعاقب الولايات الناخبين "الناكثين لوعودهم" الذين يصوتون لشخص آخر غير الشخص الذي اختاره المصوتون في الولايات الذين رشحوهم. وقد فعل 10 ناخبين ذلك في عام 2016).
ما الذي سيتغير بسبب الجائحة؟
قد تكون طرأت تغييرات عديدة بمرور الوقت، لكنها لم تطل يوم "الثلاثاء الكبير"، الذي يوافق أول يوم ثلاثاء يعقب الإثنين الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني منذ أكثر من 150 عاماً. وقال كل من الرئيس دونالد ترامب ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بوضوح، إنَّ انتخابات هذا العام يجب أن تجري في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، بغض النظر عن احتمال عودة انتشار "كوفيد 19" في الخريف.
لكن دارت الكثير من النقاشات مؤخراً حول الطريقة التي يمكن بها أن يدلي الناس بأصواتهم. وبينما يحدد القانون الفيدرالي موعد يوم الثلاثاء الكبير، فإنه يترك التفاصيل الصغيرة إلى الولايات تحددها هي. وقد أدى ذلك إلى بعض التاريخ السيئ من قمع الناخبين، وهناك مزاعم بأن ذلك مستمر حتى يومنا هذا.
وهناك مزيج من الانتخابات التمهيدية التي تطرح خيارات انتخابية. وأجَّلت العديد من الولايات انتخاباتها التمهيدية. وفي نهاية المطاف سيكون تصويت كل ولاية في يوم الانتخابات مختلفاً قليلاً.
هل سبق أن تم التصويت في ظل ظروف مشابهة للتي تمر بها الولايات المتحدة اليوم؟
هناك سابقة للتصويت في خضم جائحة. ففي عام 1918، عُقِدَت انتخابات منتصف المدة، على الرغم من انخفاض الإقبال إلى حد ما، وكانت هناك أيضاً حرب دائرة. واستحوذ الجمهوريون في ذلك العام على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، منتزعين الأغلبية من الديمقراطيين والرئيس الديمقراطي وودرو ويلسون.
ويعد ترامب أحد أقوى الداعمين لقوانين بطاقات هوية الناخبين، لأنه يعتقد أنَّ الناس يمكنهم الغش إذا سُمِح لهم بالتصويت عبر البريد الإلكتروني. ولا توجد أدلة على انتشار الغش في الولايات الأمريكية الخمس التي تسمح بالتصويت الإلكتروني. إلى جانب ذلك، تتيح أغلب الولايات التصويت غيابياً.
وعندما زعم ترامب حدوث غش أثناء التصويت عبر البريد الإلكتروني، كان يتحدث على وجه التحديد عن جهود تأجيل الانتخابات التمهيدية في ولاية ويسكونسن. لكن مضت الولاية قدماً في إجراء الانتخابات، وبعدها قال أكثر من 50 شخصاً ثبتت لاحقاً إصابتهم بـ"كوفيد-19″ إنهم صوتوا شخصياً.