مكسب سياسي كبير حققته حكومة الوفاق الليبية، بإعلان حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الخميس 14 مايو/أيار 2020، استعداده لدعمها.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها صحيفة "ريبوبليكا" الإيطالية، مع أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ.
ويأتي ذلك بعد المكاسب العسكرية التي حققتها حكومة الوفاق، والتي أدت إلى تحريرها لمدن الساحل الغربي، وإضعاف تواجد حفتر في الغرب الليبي.
وشدد ستولتنبرغ على أنه لا يمكن وضع حكومة السراج، المعترف بها دولياً، والجنرال خليفة حفتر في كفة واحدة.
وأضاف أنه "يجب على كافة الأطراف الليبية الالتزام بحظر استيراد السلاح، وهذا لا يعني وضع حفتر وحكومة السراج في كفة واحدة، ولهذا السبب الناتو مستعد لدعم حكومة طرابلس".
وبدعم من دول إقليمية وأوروبية، تنازع ميليشيا حفتر الحكومة على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط، إذ يواصل حفتر شن هجوم على العاصمة طرابلس، متحدياً قراراً أصدره مجلس الأمن الدولي، في 12 فبراير/شباط الماضي، يطالب بوقف إطلاق النار، ومتجاهلاً خطورة جائحة كورونا التي ضربت ليبيا وبقية دول العالم.
موقف مختلف تماماً عما تحاول فرنسا ترويجه
تبدو هذه التصريحات مختلفة تماماً عن توجهات الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى إلى منع التهريب السلاح بحراً فقط عبر العملية "إيريني"، ما يعني فعلياً أنه سيتم حظر تصدير السلاح لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، بينما يتاح لمصر والإمارات تهريب السلاح عبر الحدود المصرية إلى حفتر.
هذه المواقف الأوروبية مدفوعة بموقف فرنسا بالأساس، والتي تدعمها ألمانيا في إطار شراكتهما في قيادة الاتحاد الأوروبي، فيما يتم تجاهل مصالح إيطاليا الصديقة لحكومة الوفاق، إضافة إلى تجاهل اعتراضات دولية مثل روسيا التي رأت أن الأمم المتحدة لم تكلف الاتحاد الأوروبي بفرض حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.
خلاف داخل الناتو.. فتِّش عن الموقف الأمريكي
وفي رده على سؤال حول أنشطة تركيا في سوريا وليبيا والبحر المتوسط، قال ستولتنبرغ، إن "الناتو يضم 30 دولة حليفة، ويوجد بينها اختلاف في المواقف إزاء العديد من الملفات، لكن أنقرة حليف مهم".
واللافت أن موقف الأمين العام للناتو يأتي في وقت تزداد فيه الفجوة بين المواقف الأوروبية المنقادة لفرنسا والمواقف الأمريكية التي بدت مؤخراً أكثر حدة تجاه حفتر، خاصة أنها ترى هجماته تؤثر على الحرب على الإرهاب، التي أبلت فيها حكومة الوفاق بلاء حسناً، خاصة في عملية البنيان المرصوص التي قضت على داعش في سرت.
وفي هذا الإطار، قال نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط هنري ويست مؤخراً إن "الولايات المتحدة لا تدعم العمليات العسكرية لحفتر ضد طرابلس، كون الهجوم من وجهة نظرها على العاصمة طرابلس يصرف الموارد بشأن أولوياتها- الحرب ضد داعش والقاعدة في بلدان المغرب الإسلامي".
وأضاف: "نحن لا ندعم إجراءات حفتر، كونها تسبب أزمة إنسانية. وباختصار هذه أخبار سيئة".
وقبلها أعربت السفارة الأمريكية في ليبيا عن أسفها لإعلان حفتر إسقاط الاتفاق السياسي وقبول ما سماه بالتفويض الشعبي الأمر الذي يعني تنصي نفسه حاكماً للبلاد.
ورفضت السفارة التغييرات في الهيكل السياسي الليبي يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب"، ولكنها أعلنت ترحيبها "بأي فرصة لإشتراك حفتر وجميع الأطراف، في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدم في البلاد".
غاضبون من علاقته بالأسد
يبدو أن القلق الأمريكي تضاعف تجاه حفتر جرّاء تحالفه مع روسيا، وتعزيز علاقته مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال مبعوث أمريكا الخاص بشأن سوريا جيم جيفري "يعمل الروس مع الأسد على نقل مقاتلين، ربما من سوريا إلى ليبيا، إضافة إلى العتاد".
كما أعرب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي عن إنزعاج بلاده من "إقامة حفتر ما يسمى بعلاقات دبلوماسية مع نظام الأسد، بسبب مسألة المرتزقة السوريين".
ويبدو أن الموقف الفرنسي يدفع بأوروبا فعلياً إلى أن تكون حليفة لروسيا ونظام الأسد في دعمهما لحفتر، وهو أمر لا تقبله الولايات المتحدة التي أصبحت أكثر حساسية لكل ما يتعلق بالأسد وروسيا وإيران.
ولذا لم يكن غريباً أن ينعكس هذا الموقف الأمريكي على الناتو، الذي يجاهر أمينه العام بأنه لا يمكن مساواة حكومة حفتر بالحكومة الشرعية.