هل يمهد تولي الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية لطيّ صفحة اغتيال سليماني؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/05/10 الساعة 13:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/10 الساعة 13:24 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي يسلم رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي في بغداد/ رويترز

لا تزال التحديات التي خلّفها اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني تلقي بظلالها على شؤون المنطقة ككل، والعراق بشكل خاص، ومع تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية بتوافق ولو ظاهرياً بين الأطراف الفاعلة يبرز سؤال: هل يعني ذلك طيّ صفحة قاسم سليماني؟

صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريراً بعنوان: "هل يستطيع رئيس الوزراء العراقي الجديد، والمنطقة، الهروب من التأثير العميق لسليماني؟"، ألقى الضوء على كواليس تكليف الكاظمي وسيناريوهات تخطي المنطقة والعراق لتداعيات اغتيال سليماني.

في أواخر فبراير/شباط، بعد ستة أسابيع من مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني إثر ضربة  طائرة أمريكية مسيّرة، كان المرشح لمنصب رئيس الوزراء العراقي الشاغر يشعر بالتوتر وهو يستعد لمقابلة من شأنها أن تضمن له المنصب، وكان صعود مصطفى الكاظمي من  منصب رئيس المخابرات إلى مقعد السلطة الوطنية غير تقليدي، مثلما كانت رحلته الأخيرة من بغداد، التي تقرر من خلالها معظم التكليفات عالية المخاطر، مثل تكليفه، خلال العقد الماضي.

ما علاقة بيروت بالتكليف؟

أما هذه المرة، فقد تقرر مصير الكاظمي في عاصمة أخرى؛ بيروت، حيث كان زعيم حزب الله اللبناني ينتظر استقباله، وعادة ما كان حسن نصر الله يركز على الأمور القريبة من وطنه لبنان، لكنه وجد نفسه الآن مدفوعاً لتصدُّر المصالح الإيرانية في المنطقة وتحديد من يمثلها على أفضل وجه.

حسن نصرالله

والأسبوع الماضي، نجح الكاظمي في تأمين رئاسة الحكومة جزئياً بفضل تأييد نصر الله، لكن طوال فترة المفاوضات التي انتهت بتأمين تشكيله للحكومة، كانت الفجوة الكبيرة التي كشفتها وفاة سليماني جلية؛ إذ قال مصدر على صلة وثيقة بمسؤولين عراقيين وحزب الله: "الإيرانيون والعراقيون يسيرون على غير هدى. الفراغ الكبير هو نفسه حين دُفِن الحاج قاسم".

كان هذا الفراغ الذي خلّفه مقتل سليماني -الذي يدعوه الأعداء والأصدقاء بالحاج قاسم- هائلاً لدرجة أن جميع المشاريع الإقليمية التي كان يشرف عليها في ذلك الوقت تعثرت، وتشير مصادر في العراق وسوريا واليمن على وجه الخصوص إلى أن الحرس الثوري الإيراني و"فيلق القدس" الذي يتولى مسؤولية مصالحه الأساسية، يجاهدان للحفاظ على زخمهما.

فراغ مُربك

يتبيّن من مقابلات مع مسؤولين عراقيين ولبنانيين، أن بديله إسماعيل قآني يجاهد لتأكيد سلطته، حتى بعد تفقده لقاعدة القوة العراقية والشبكات بالوكالة التي أقامها سليماني طوال 17 عاماً من الفوضى التي أعقبت الغزو الأمريكي.

إسماعيل قآني القائد الجديد لفيلق القدس خلفاً لـ قاسم سليماني – رويترز

إذ قال مسؤول عراقي على صلة بالجهاز الأمني للبلاد: "هو لا يجيد لغتنا، وليس لديه تاريخ في المنطقة، والحق يقال، لقد مُنِح تفويضاً لا يمكنه الوفاء به". وأضاف: "لقد ظل في أفغانستان لمدة 12 عاماً، ولا يمكن أن نتوقع أن يكون على علم بأساليب القبائل العراقية، أو الطريقة التي سارت بها الأمور هنا منذ عهد صدام".

شبح سليماني

ظهرت صورة لقآني وهو يشذّب لحيته خلال الحرب العراقية الإيرانية على الشبكات الاجتماعية الإيرانية في وقت سابق من هذا الشهر، في محاولة واضحة للتعريف بالقائد الجديد لفيلق القدس. وفي اليوم نفسه ربما من قبيل الصدفة، أعلن ناشر إيراني أن مذكرات سليماني عن الحرب الإيرانية العراقية ستصدر قريباً، بعنوان "رفيقنا المبارك"، وحتى عندما حاول أنصار قآني الحديث عنه من المنظور الشخصي وليس الحقائق المجردة، كان سلفه المقتول يغطي على صورته وهو في قبره.

وفي إيران، انهار دور سليماني -الذي تولى منصب رئيس الاستخبارات وقائد القوات الخاصة والمبعوث الرئاسي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي- بالكامل، ومن المستبعد أن يفوز أحد بهذه السلطة الواسعة مجدداً، فقد ثبت أنه من دون ثقل سليماني تصعب إدارة شبكات الميليشيات المدعومة من إيران، التي تشكَّلت طوال السنوات الـ17 الماضية.

رئيس حكومة توافقي

ومع اقتراب الكاظمي من منصبه المهم، بدعم من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أيضاً، اللتين رأتا فيه زعيماً لا تطاله سيطرة إيران على العراق، هاجمته إحدى أقوى الميليشيات في العراق؛ كتائب حزب الله، متهمةً إياه بتسهيل العملية الأمريكية التي أفضت إلى مقتل سليماني وزعيمهم أبومهدي المهندس على طريق بغداد، في الساعات الأولى من صباح يوم 3 يناير/كانون الثاني 2020.

وقالت الميليشيا في بيان صَدَر مطلع هذا الشهر: "في ظرف أمني حساس كالذي نمر به، ينبغي على الإخوة المتصدرين للمشهد السياسي الذين أسهموا بإيصال مصطفى الكاظمي إلى التكليف أن يتداركوا هذا الأمر قبل فوات الأوان. فالرجل أقل بكثير من تحمُّل مسؤولية كهذه، فضلاً عن أنه متهم بجريمة كبرى لم تثبت براءته منها".

وقد سعى الكاظمي قبل ذلك بأسابيع إلى لقاء مع قيادة كتائب حزب الله برعاية الرئيس العراقي، حيث حاول طمأنتهم بأنه لم يشارك بأي دور في مقتل سليماني والمهندس، لكنه أشار إلى احتمال أن مسؤولاً في المخابرات الوطنية العراقية كان على اتصال بجواسيس الولايات المتحدة، وقال مسؤول مطلع على الحوار: "كان اتفاقهما غير الرسمي هو أنهم لن يمنعوه من تولي المنصب، لكنهم سيواصلون مهاجمته".

نفوذ إيران في العراق

فيما قال مسؤول مرتبط بالرئاسة العراقية: "الكاظمي يواجه الكثير من الضغوط. وهناك أحزاب شيعية لا تتفق كثيراً. أما الإيرانيون فكانت خسارة المهندس وقاسم ضربة كبرى لهم بالطبع، وهم يعيدون ترتيب تشكيلاتهم الآن، ولكن هل فقدوا نفوذهم؟ مطلقاً، والدليل هو تدخلهم في التشكيل".

 والآن، وقد أصبح الكاظمي صانع القرار الأول في العراق، يشيد المسؤولون الأمريكيون والسعوديون سراً بعصر جديد من السيادة العراقية. ودفعت واشنطن حلفاءها في شمال البلاد الكردي، ووسطها السني لتأييده. وقال مسؤول محلي: "يعتقدون أنهم حصلوا على رجُلِهم، ويحتفلون بذلك. متى سيفهمون العراق؟".

تحميل المزيد