"لقد نفذ رصيدكم الاجتماعي ليس من حقكم السفر بالطائرة أو القطار" على غرار أفلام الخيال العلمي الكئيبة التي تتحدث عن مستقبل يراقب فيه الروبوتات الناس، تؤسس الصين نظاماً للمراقبة الاجتماعية يسمى نظام الرصيد الاجتماعي.
نظام الرصيد الاجتماعي في الصين هو برنامج حكومي يجري تطبيقه على مستوى البلاد، لتنظيم سلوك المواطنين باستخدام نظام نقاط، حسبما ورد في تقرير لشبكة Fox New الأمريكية.
وبموجب هذا النظام، يُصنّف المواطنون في مجالات مختلفة من ممارسة الحياة المدنية باستخدام البيانات التي تُجمع من وثائق المحاكم، والسجلات الحكومية أو سجلات الشركات، وفي بعض الأحيان يُستعان بمُراقبين يرصدون سلوك المواطنين.
النظام يكافئ المواطنين الجيدين، ولكن المشكلة تكمن في حالة إذا ما نفد رصيدك
ويحظى المواطنون الذين يحصلون على أرقام عالية بحظٍ أوفر في الحصول على قروض بنكية، وفحوصات طبّية، وخصومات على أنظمة تدفئة منازلهم.
وتُخصم النقاط من المواطنين في حالات ارتكاب مخالفات مرورية، أو بيع مُنتجات مزيّفة، أو التخلّف عن سداد القروض. وفي بعض الحالات، يُحرم ذوو الأرقام المُنخفضة من شراء تذاكر طيران أو تذاكر قطارات.
وحسب موقع Business Insider، فثمّة مخالفات أخرى تؤثّر على درجات المواطنين تتضمّن التدخين في المناطق غير المخصصة للتدخين، وشراء أو لعب الكثير من ألعاب الفيديو، أو نشر أخبار مزيّفة على الإنترنت.
قد تحرم من دخول الجامعة بسبب خطأ ارتكبه والدك
ومن يُخفق في الانصياع للتعليمات يُوضع على ما تُسميه البلاد "قائمة سوداء"، قد ترجع إليها الشركات حين تقرر توظيف عمالة. وفي بعض الحالات، يُحرم الطلاب من دخول الجامعات بسبب درجات آبائهم السيئة في نظام الائتمان الاجتماعي.
وقد طرح مجلس الدولة الصيني خطة هذا النهج لأوّل مرّة في يونيو/حزيران 2014. وأعلن المجلس أن هذا النظام سيسمح "للجديرين بالثقة بالتنقّل بحرّية في أنحاء البلاد، فيما سيعيق الذين يفتقرون إلى مقومات الثقة من التحرّك خطوة واحدة".
وفي بادئ الأمر، طبّق المسؤولون الصينيون هذا النظام تدريجياً في مدنٍ مختلفة. وكان من المُتوقّع أن يُطبّق في جميع أنحاء البلاد هذا العام، ولكن الأمر قد تأخّر في خضمّ جائحة فيروس كورونا.
ولكنهم مصرون على الاستمرار به.
إنه يراقب كل شيء
يوسع نظام الرصيد الاجتماعي في الصين الرقابة لتشمل جميع جوانب الحياة، ويحكم على سلوك المواطنين ومدى جدارتهم بالثقة بداية من التنزه على الأقدام، مروراً بعدم دفع فاتورة محكمة" ويمكنه معاقبتك حتى إذا قمت بتشغيل موسيقاك بصوت عال جداً في القطار.
في الأنظمة التي أسستها الشركات الخاصة، لتقييم موثوقية الأفراد امتد الأمر إلى تقييم الصداقات.
تتحدث بعض التقارير عن قائمة سوداء، ضمن نظام الرصيد الاجتماعي الحكومي الرسمي، مما يعني أنه إذا كنت مديناً لأموال الحكومة، على سبيل المثال، فقد تفقد بعض الحقوق.
وهناك فرق بين الحصول على درجة ائتمان اجتماعي منخفضة وإدراجها في القائمة السوداء من قبل الحكومة، إذا ارتكبت خطأ كبيراً مثل رفض دفع غرامة.
1000 نقطة للمواطنين في البداية
مدينة واحدة، Rongcheng ، تمنح جميع السكان 1000 نقطة للبدء.
تقوم السلطات بخصم السلوك السيئ مثل المخالفات المرورية، وإضافة نقاط للسلوك الجيد مثل التبرع للجمعيات الخيرية.
أصبح التعرف على الوجه يستخدم بشكل آلي للكشف عن المخطئين، إلا أنه في بعض المدن ليس آلياً.
تقول الحكومة الصينية إنها تتبع هذا النهج لمنع المخالفات وجعل الحياة أفضل.
ولكن في ظل حقيقة أن البلاد محكومة بواحد من أقسى الأنظمة الاستبدادية في العالم، فإن من الواضح أن الصين تقترب من الشيء الذي كنا نراه في أفلام الخيال العلمي، الاستبدادية الإلكترونية، ويمكن أن يصبح مجرد إعجاب أو تعليق على فيسبوك سبباً للمنع من السفر.
ممنوع من السفر لأنك تحدثت عن الفساد.. والإيغور حقل تجارب
ليو هو صحفي في الصين، يكتب عن الرقابة والفساد الحكومي. بسبب عمله، تم القبض على ليو وتغريمه ووضعه في القائمة السوداء. وجد ليو أن اسمه في قائمة الأشخاص المخادعين من قبل محكمة الشعب العليا وأنه "غير مؤهل" لشراء تذكرة طائرة، ومُنع من السفر في بعض خطوط القطارات أو شراء العقارات أو الاقتراض.
وقال لصحيفة "ذا غلوب آند ميل": "لم يكن هناك ملف، أو مذكرة من الشرطة، أو إشعار مسبق رسمي. لقد عزلوني عن الأشياء التي كانت تحق لي".
وأضاف "الشيء المخيف حقاً هو أنه لا يوجد شيء يمكنك القيام به حيال ذلك. لا يمكنك إبلاغ أي شخص. أنت عالق في وسط اللاشيء".
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن منطقة شينجيانغ في شمال غرب البلاد أصبحت قاعدة اختبار لعمليات التحكم الرقمي الضخمة في الصين.
فقد تعرضت الأقلية المسلمة في الغالب من الإيغور لمزيد من المراقبة والتمييز. تم الكشف عن أنه تم إجراء أكثر من 500 ألف مسح ضوئي للوجه من الإيغور.