حلفاؤه غاضبون.. روسيا وأوروبا ومصر يضغطون على برلمان طبرق لرفض “انقلاب حفتر”، والقبائل تترقب الموقف الدولي

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/28 الساعة 14:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/29 الساعة 07:57 بتوقيت غرينتش
محادثات ليبية سابقة بين حفتر والسراج في باريس بحضور عقيلة صالح أرشيفية/ رويترز

تتوالى الأحداث في الساحة الليبية بشكل متسارع، فمع تغير المشهد بشكل دراماتيكي عسكرياً في غرب ليبيا، يبدو المشهد أكثر تعقيداً وسخونة في الشرق الليبي، بعد إعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر "انقلاباً" على حلفائه.

وأعلن حفتر مساء يوم الإثنين 27 أبريل/نيسان، في بيان متلفز، ما وصف بأنه انقلاب على مجلس نواب طبرق والحكومة المؤقتة المؤيدين له، بعدما قرر تنصيب نفسه حاكماً على ليبيا، وإسقاط اتفاق الصخيرات، الوثيقة الدستورية في ليبيا، والمجلس الرئاسي المعترف به دولياً، دون الاستناد إلى شرعية معترف بها داخلياً وخارجياً.

وجاء إعلان حفتر بعد يومين من دعوة وجهها لليبيين لتفويض المؤسسة العسكرية التي يرأسها لإدارة البلاد. فما سر هذا الانقلاب المفاجئ، وكيف تبدو الأوضاع في الشرق الليبي الآن؟

عقيلة صالح يرفض انقلاب حفتر

مصدر خاص قال لـ "عربي بوست" إن اجتماعاً عقد بمدينة القبة (250 كيلومتراً شرق مدينة بنغازي) حضره عدد كبير من مكونات شباب برقة والمنطقة الشرقية مع رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، طالبوا فيه بإجابة واضحة من الأخير عن موقفه من انقلاب خليفة حفتر وطلبه التفويض ووضع كافة السلطات تحت يده.

وأوضح المصدر المطلع على تفاصيل الاجتماع أن عقيلة صالح قال إن خسارة حفتر في حرب طرابلس جعلته "يضع يده على برقة كي يكسب صفة للتفاوض في المرحلة المقبلة، وهذا لن يتم إلا بحل كل الأجسام السياسية في برقة وإنشاء أجسام جديدة يكون هو الحاكم فيها"، على حد تعبيره.

وأضاف المصدر أن صالح تلقى اتصالاً هاتفياً من مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طلب فيه إعلاناً واضحاً عن موقفه من إيقاف الحرب بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي.

ونقلت يوم الثلاثاء وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزير الخارجية سيرجي لافروف، قوله إن روسيا لا توافق على تحرك خليفة حفتر لفرض سيطرته على البلاد.

كما تلقى صالح اتصالات من الرئاسة المصرية والاتحاد الأوروبي وستيفاني وليامز، نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، طالبوا فيها جميعهم بإعلان إيقاف الحرب.

فيما أشار المصدر أن الداعم الخارجي الوحيد الذي يدعم حفتر في خطوته هذه ويدفعه نحوها بقوة هو الإمارات.

عقيلة صالح يطلب دعم القبائل

وأكد المصدر أن عقيلة صالح طالب قبائل المنطقة الشرقية بإصدار بيانات تدعمه في أي خطوة يقوم بها تمهيداً لإعلانه إيقاف الحرب، ورجوع القوات المتواجدة غرب ليبيا إلى مدنها ومعسكراتها في شرق ليبيا. 

لكن صالح يتخوف من وصفه بالخيانة من قبائل المنطقة الشرقية حال إعلان وقف إطلاق النار ورجوع القوات إلى معسكراتها دون صدور بيانات القبائل.

وأبلغ عقيلة صالح رؤساء اللجان بالبرلمان أنه لا حل عسكري، وعليهم دعم مبادرته السياسية محرضاً رؤساء اللجان على "عدم الانصياع لتهديدات أعوان حفتر"، ملوحاً بدعم دولي لمبادرته.

ويبدو أن الدعم الدولي لمبادرة عقيلة صالح سيكون هو المفتاح الذهبي لعدد كبير من قبائل شرق ليبيا حتى تحسم أمرها بالانضمام إلى حفتر أو صالح.

حفتر يهدد نواب طبرق لتفويضه ويشكل حكومة

وكانت مصادر صحفية أكدت لـ "عربي بوست" وصول تهديدات يوم الإثنين لأعضاء بمجلس النواب في طبرق من الدائرة المقربة من حفتر على رأسهم عون وأيوب الفرجاني، من أجل خروج النواب ببيانات تأييد لتفويض حفتر برئاسة الدولة.

خليفة حفتر

وأضافت المصادر أن خليفة حفتر كلف عضو المجلس الرئاسي المقاطع على القطراني، بتشكيل حكومة تنفيذية بعد التفويض الذي كان ينتظره حفتر من مجلس النواب في طبرق، مشيراً أن القطراني بدأ بالتواصل مع بعض أعضاء مجلس النواب وعدد من أعيان القبائل لتشكيل حكومة يكون لها سلطة على شرق ليبيا كبديل للحكومة المؤقتة غير المعترف بها دولياً.

خلافات بين حفتر وعقيلة

من جانبه أكد مصدر مقرب من البرلمان، أن هناك خلافاً دبَّ بين رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح والمتقاعد حفتر، وهو حول قرار الأخير تفويضه، وهو ما اعتبره "صالح" انقلاباً على البرلمان في طبرق وإنهاء وجوده؛ ما دفع صالح إلى رفض مبادرة حفتر نهائياً.

فيما طلب حفتر من أعضاء مجلس النواب في طبرق، عقب سقوط قاعدة الوطية، الخروج في بيان يفوضون فيه القيادة العامة بقيادته لتولي المرحلة الحالية للبلاد.

كان هذا الفعل سيتم عبر خروج أعضاء برلمان طبرق وتفويضه بشكل صريح، إلا أن المخابرات المصرية منعته، وأكدت له ضرورة وجود غطاء شرعي للعمليات العسكرية، بحسب مصادر خاصة لـ"عربي بوست".

انقلاب على الخطة الإماراتية

يأتي إعلان حفتر هذا بعد أيام قليلة من خروجه في بيان يطلب فيه خروج الليبيين وتفويضه. لكن هذا البيان السابق كان جزءاً من خطة إماراتية أشرف على وضعها مستشارون مصريون.

وكانت كل من فرنسا وروسيا قامتا بالضغط على اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، للقبول بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والذهاب إلى الحل السياسي عبر الخطة الإماراتية لضمان بقاء حفتر في المشهد السياسي الجديد بعد بدء خسارته في غرب ليبيا عسكرياً.

لماذا التفويض بما أنه الحاكم الفعلي لبرقة؟

الناشط الإعلامي موسى بوقوطين قال لـ "عربي بوست" إن خليفة حفتر يدرك أن أي مبادرة سياسية تخرج من برقة التي يسيطر عليها دون أن يكون موافقاً عليها، ستوسع من دائرة المعارضة له بالداخل.

نفس الأمر حدث بعد اتفاق الصخيرات عندما ظهرت العديد من الشخصيات السياسية، وعلى رأسهم أعضاء من نواب طبرق، يؤيدون الاتفاق ويدعون إلى العمل تحت مظلته، وهو ما كان يرفضه حفتر.

وأضاف أن المبادرة التي كان قد أطلقها عقيلة صالح منذ أيام تعني أن حفتر سيفقد مركزية التحكم في الوضع على الأرض.

وبهذا التفويض الذي يطلبه حفتر، سيتمكن الجنرال الليبي من السيطرة على كل المسارات السياسية والعسكرية في الشرق والجنوب ولن تقدم أي مبادرة سياسية إلا بأمر مباشر منه.

لماذا انقلب حفتر؟

يأتي بيان حفتر، بعد يومين من سقوط قاعدة الوطية، القاعدة الأكبر لحفتر في غرب ليبيا، بعد اتفاق تم بين حكومة الوفاق والعسكريين في القاعدة الذين ينتمي غالبيتهم إلى مدينة الزنتان، على خروجهم من القاعدة مقابل عدم دعم حفتر.

عقب انسحاب مقاتلي الزنتان والرجبان من قاعدة الوطية، فضَّل حفتر المضي نحو إلغاء الحكومة المؤقتة شرق ليبيا وبرلمان طبرق، وتشكيل حكومة تسيير أعمال تحت قيادته شخصياً.

وفي أعقاب هزيمة الوطية، وبدء عملية تحرير ترهونة، آخر المعاقل الكبرى لقوات حفتر في غرب ليبيا، وإصرار حكومة الوفاق على عدم التفاوض مع حفتر، وجد الجنرال الليبي نفسه في مأزق حقيقي، وسط مخاوف من وقوع انشقاقات في صفوف مؤيديه.

كانت الغرف المشتركة لمكونات الزنتان، وعلى الرغم من انقسامها داخلياً بين مؤيد ومعارض لحفتر، أصدرت مساء السبت 25 أبريل/نيسان، بياناً رفضت فيه تفويض خليفة حفتر حاكماً عسكرياً لليبيا، ووصف البيان خليفة حفتر بالمتمرد الخارج على الشرعية، كما دعت الغرفة نواب برلمان طبرق إلى الالتحاق ببقية النواب في طرابلس وممارسة مهامهم من هناك.

يأتي هذا البيان تزامناً مع دخول مجموعة عسكرية من مدينتي الزنتان والرجبان في اتفاق مع اللواء أسامة الجويلي آمر غرفة العمليات المشتركة بحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، ومكونات مدينة الزنتان الاجتماعية والعسكرية، قضى بالانسحاب وتسليم قاعدة الوطية لحكومة الوفاق، بحسب مصدر صحفي من مدينة الزنتان.

إلى ذلك فإن الاتفاق كان بمثابة ضربة موجعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، ما أوحى لبعض داعميه في ترهونة أن أهم مدينة غرب ليبيا -مدينة الزنتان- قد تخلت عنهم، وهو ما اعتبره أبرز قيادات حفتر في مدينة ترهونة محمد الكاني خيانة، قام على أثرها بتصفية مقاتلين من الزنتان كانوا من ضمن كتيبة أحمد موسى التي كانت تتبع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وذلك بعد انسحاب أغلب مقاتلي مدينة الزنتان من القتال مع خليفة حفتر، ووضع جثمانهم في ثلاجات منزلية ورفض تسليمها؛ انتقاماً منهم، حسب شهود عيان من ترهونة.

تحميل المزيد