تطبيع فنّي! كيف مثّلت الدراما الرمضانية نقطة تحول في العلاقات الخليجية مع إسرائيل؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/28 الساعة 09:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/28 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
"نقطة تحوّل".. الدراما الرمضانية الخليجية تمرر رسائل تطبيع يُحتفى بها في إسرائيل/ عربي بوست

أثار مسلسلان خليجيان، يُعرضان منذ بداية شهر رمضان المبارك، ردود فعل وجدلاً شديداً، في ظل اتهامات لهما بالترويج للتطبيع مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين. والمسلسلان هما "مخرج 7" و "أم هارون"، وتبثهما قناة "إم بي سي" (MBC) السعودية، التي تتخذ من دبي الإماراتية مقراً لها، ويتوليان مهمة الترويج للتطبيع عبر التطرق إلى قضايا شائكة، وفق متابعين.

مسلسل "مخرج 7" من بطولة الفنان الكوميدي السعودي ناصر القصبي، وهو حلقات منفصلة تناقش كل منها موضوعاً مختلفاً.

"إسرائيل موجودة"

وتطرقت الحلقة الثالثة من المسلسل، الأحد، إلى العلاقات مع إسرائيل، عبر ردود فعل داخل أسرة سعودية اكتشفت أن أحد أطفالها (زياد) يلعب عبر الإنترنت مع طفل إسرائيلي (عزرا).

ويظهر الأب ناصر القصبي غاضباً، وهو يقول: "قلت لزياد.. اقطع علاقاتك معه (عزرا) فوراً". لكن ترد زوجته: "أنت تبالغ، دع الأطفال يلعبون". أما المشهد الذي يحمل الدلالة الأكبر فجاء في حوار بين القصبي والفنان السعودي راشد الشمراني، الذي قال مخاطباً الأول: "إسرائيل بشر مثلك (..) إسرائيل موجودة سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم".

وأضاف الشمراني: "ما ضيع العرب طوال هذه السنين إلا القضية الفلسطينية، والنتيجة كلام وجعجعة بلا نتيجة". وتابع: "لو تظنون أنكم إن منعتم زياد من اللعب مع صاحبه الإسرائيلي أن تزول إسرائيل عن الوجود، فأنتم مخطئون".

واعتبر الشمراني أن من يقول إن إسرائيل ستزول "واهم"، وأن العرب يقولون هذا الكلام منذ سنوات طوال، في حين أن دولهم هي التي بدأت واحدة تلو الأخرى "تنتهي"، فإن إسرائيل بقيت دون أن يمسها سوء.‎

وفي مشاهد لاحقة من الحلقة، زعم الشمراني أن الفلسطينيين يتحينون الفرص للهجوم على السعودية، رغم الدعم المالي الذي تقدمه لهم، داعياً إلى تعزيز التعاون التجاري بين المملكة وإسرائيل.

وتابع: "العدو هو من لا يقدّر وقوفك معه ويسبّك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين". وتعرضت تلك المشاهد، والمسلسل عامة، لهجوم شديد من جانب العديد من الكتاب والنشطاء والمتابعين.

"الذباب الإلكتروني"

في حين تولى مهمة الدفاع عن المسلسل ما بات يُعرف من منتقدين بـ"جيش الذباب الإلكتروني"، الذي اعتبر أن تلك المشاهد عرضت الحقيقة.

وتداولت العشرات من الحسابات السعودية الإلكترونية مقولة أن "العدو الحقيقي هو اللي (الذي) يسبك وينكر تضحياتك ووقفتك معه.. كلام راشد الشمراني يمثلني"، في محاولة للدفاع عن الممثل، الذي تعرض لهجوم مكثف.

ومدافعاً عن المسلسل وممثليه، قال عبدالله الجهيمي، سعودي، على تويتر: "شكراً شكراً راشد الشمراني لتصحيح الوعي، وإنارة الطريق من ظلام الزيف والكذب. اليوم تحدثت بما في قلوبنا، تجاه قضية وشعب حاقد علينا، ولن يرضيه لو فعلنا وضحينا بكل شيء من أجلهم".

وزعم أن الفلسطينيين "حاقدون، كارهون، ناقمون علينا بالفطرة الأيديولوجية التي يرضعونها من ثدي أمهاتهم منذ ولادتهم".

إشادة إسرائيلية

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أثنت القناة "12" التلفزيونية الإسرائيلية (خاصة)، في تقرير الإثنين، على المسلسل، بقولها: "هذه هي المرة الأولى التي يتحدثون فيها علانية في السعودية عن أن إسرائيل ليست عدواً".

وأضافت: "يدور الحديث عن تغير جوهري، يتجاوز حتى عتبة التطبيع، ويدعو إلى تعزيز السلام والعلاقات الدافئة بين مواطني الدولتين (إسرائيل والسعودية)".

واعتبرت أن الحلقة الثالثة من المسلسل "تنقل رسائل إيجابية تجاه إسرائيل، وتدعو إلى توطيد العلاقات الاجتماعية والتجارية مع مواطنين إسرائيليين".

مغالطات تاريخية

أما مسلسل "أم هارون" فتدور قصته حول سيدة يهودية تعاني مصاعب ومشاكل كثيرة في دولة خليجية، وهو إنتاج مشترك بين شركتين إماراتية وكويتية، ويحمل رسائل مبطنة عن اليهود ومعاناتهم، بحسب منتقدين.

في تفسيره لتركيز قناة "إم بي سي" على قضية التطبيع مع إسرائيل، قال محمد الثنيان، باحث في التاريخ، إن "سياسة القناة هي تكرار موضوع التطبيع حتى يصبح واقعاً".

وأضاف في تغريدة: "في مسلسل أم هارون يتم بث رسائل سياسية ومغالطات تاريخية، كالانتداب البريطاني على إسرائيل مش (ليس) على فلسطين، وتسويقهم للتعايش مع اليهود!".

واستطرد: "بعد رسائل أم هارون يتم التسويق للتطبيع في مخرج 7، وهي حملة ممنهجة للتطبيع، بعد الطعن في قيم المجتمعات المحافظة".

وأردف: "قناة إم بي سي تستخدم سياسة شل الذاكرة التاريخية في مسلسل أم هارون، واعتمدت مع هذه السياسة الغرس الثقافي (التعايش مع اليهود، وأن اليهود مظلومون، وتناسوا الظلم على أهل فلسطين)".

وشدد على أن "ما قامت به إم بي سي، بعيداً عن الحقائق التاريخية، هو التأثير على الجمهور وتهيئتهم للتعايش مع اليهود".

تشويه مقصود

ماهر اليوسفي، كاتب فلسطيني، قال عبر "تويتر"، إنه "لا يمكن مناقشة قضية فلسطين بأسلوب مبتسر وتشويه مقصود مزيف، في mbc  مخرج 7 بتمثيلية: أحدهم يتهم ويشيطن الفلسطينيين، والثاني يرد بمقولة صهيونية قديمة (الفلسطيني السيئ/والجيد) والفلسطيني الجيد هو الميت، حوار فقير يكرس جهلاً، ومردود عليه للمرة الألف، في اتهام الفلسطيني ببيع الأرض".

فيما قال أحمد بن راشد بن سعيّد، كاتب سعودي: "حاولوا من خلال هذا الحوار (في مسلسل مخرج 7) الإيحاء بالتعددية، لكن الدفاع الباهت عن الفلسطينيين لم يُخف التشويه المتعمّد لهم".

وتابع: "الهدف؟… (هو) إثارة الكراهية ضدهم (الفلسطينيين)، وإعادة إنتاج الأساطير المعادية لقضيتهم (وقضيتنا) مثل: "باعوا أرضهم"! تتجاهل الدعاية أن المقاومة منعت المشروع الصهيوني من استباحة العالم العربي".

بينما قال مهنا حمد المهنا، باحث كويتي: "بعد فطور اليوم (الأحد) رأيت بالصدفة مسلسل (مخرج 7) وصدمني بطرح مسألة التطبيع مع اليهود ووجود أناس يرحبون بهذا التطبيع ويحثون عليه ويبررونه مصلحياً ثم مهاجمة الفلسطينيين، ثم تذكرت مسلسل أم هارون اليهودية، فعرفت أن التسلل الفكري والثقافي والإعلامي للتطبيع مع اليهود اشتد عوده وسيقانه".

ودشن نشطاء، عبر "تويتر"، وسماً  (#قاطعوا_mbc)، داعين فيه إلى مقاطعة القناة، كرد على المغالطات التاريخية بحق الفلسطينيين، وتزوير الحقائق التاريخية، في محاولة للمساواة بين الجلّاد والضحية، وفق النشطاء.

موجة تطبيع محموم 

باستثناء مصر والأردن، اللتين ترتبطان بمعاهدتي سلام مع إسرائيل، لا تقيم أية دولة عربية أخرى علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل.

لكنّ مسؤولين إسرائيليين أعلنوا، في أكثر من مناسبة خلال الأشهر القليلة الماضية، عن تحسن العلاقات مع العديد من الدول العربية من دون تسميتها. 

ووقع وزير الداخلية الإسرائيلي، في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، مرسوماً يسمح بزيارة الإسرائيليين للسعودية رسمياً، لـ"المشاركة في اجتماعات تجارية، أو البحث عن استثمارات، على ألا تتجاوز الزيارة 9 أيام"، إضافة إلى أغراض الحج والعمرة بالنسبة للمسلمين في إسرائيل.

لكن في اليوم التالي، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، إن "سياستنا ثابتة، لا علاقات لدينا مع دولة إسرائيل، ولا يمكن لحاملي الجواز الإسرائيلي زيارة المملكة حالياً".

وأضاف: "عندما يتم التوصل إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ستكون قضية انخراط إسرائيل في محيطها الإقليمي على الطاولة على ما أعتقد".

تحميل المزيد