منذ نحو أسبوعين والشائعات لا تنتهي عن صحة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ-أون الذي لم يُرَ في العلن منذ هذه الفترة، ومع ذلك لا يعرف العالم بالتحديد أين يوجد حالياً ولا وضعه الصحي.
وحتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يُقال إنه الشخص الوحيد خارج كوريا الشمالية الذي من المتوقع أن يسلط الضوء على الغموض الذي يكتنف "صديقه"، لم يسهم كثيراً في وضع حد للتكهنات في يوم الإثنين 27 أبريل/نيسان، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض: "لا يمكنني أن أخبركم على وجه التحديد. لكن نعم، لدي فكرة واضحة جداً، لكن لا يمكنني الحديث عن هذا الآن. وأتمنى له الخير".
وقد يكون غموض ترامب راجعاً لحذر دبلوماسي أو ببساطة لأنه لا أحد يعرف الحقيقة بخلاف دائرة كيم جونغ-أون المقربة التي تتألف من مستشاريه.
غياب المعلومات يقف وراء التضارب
وتجعل السرية المفروضة على كل تصريح رسمي صادر عن كوريا الشمالية من المستحيل عملياً بناء سرد نهائي حاسم عن وضع قيادتها، بما في ذلك صحة أعضاء عائلة كيم.
ومن ثم، في ضوء غياب إمكانية الوصول للمعلومات والفهم المناسبين، يضطر المراقبون إلى تحليل صياغة التقارير الإخبارية الرسمية أو تفسير كيفية الاحتفال بذكرى سياسية معينة -ومن يحتفل بها- بالإضافة إلى تحليل صور الأقمار الصناعية في محاولة لبناء سرد موثوق به حول النظام.
وكان الزعيم السابق للبلاد كيم جونغ إل -والد كيم- قد توفي قبل يومين من صدور تأكيد من وكالة الأنباء المركزية الكورية التي تديرها الدولة.
ووفقاً لدو هيوغن تشا، باحث قديم في معهد Asan للدراسات السياسية في سول، حتى كوريا الجنوبية المجاورة لم تتمكن من إنشاء شبكة استخبارات موثوقة.
وقال تشا، سكرتير استخباراتي سابق لرئيس كوريا الجنوبية السابق لي ميونغ باك: "من الواضح أنَّ حكومتنا لديها قدر معين من المعلومات حول الشمال لكن ليس بما يكفي للإدلاء ببيان أكيد حول مكانه (كيم جونغ-أون) وما إذا كان يتمتع بصحة جيدة".
نظريات وراء غياب الزعيم
أدى غياب كيم جونغ أون منذ 11 أبريل/نيسان إلى إثارة العديد من النظريات، بما في ذلك أنه مات أو يعاني من مرض خطير، أو أنه في إجازة، أو حتى أنه يعزل نفسه في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد الذي تستمر وسائل الإعلام الكورية الشمالية في الإصرار على أنه لم يؤثر في البلاد.
من جانبه، زعم تقرير صادر عن موقع Daily NK الكوري الجنوبي في الأسبوع الماضي أنَّ تبعات أسلوب حياة كيم غير الصحي -فهو مدخن شره يعاني من مشاكل واضحة في الوزن وتاريخ عائلي من أمراض القلب- ظهرت عليه أخيراً. وقال الموقع -الذي يوظف منشقين كوريين شماليين- إنَّ كيم، الذي يُعتقَد أنه في منتصف الثلاثينات من عمره، خضع لعملية جراحية في القلب في 12 أبريل/نيسان وما زال يتلقى العلاج.
لكن في نهاية هذا الأسبوع، دفعت صور التُقِطَت لقطار كيم بالأقمار الصناعية وحللتها مجموعة الرصد 38 North -ومقرها واشنطن- البعض للإشارة إلى أنَّ كيم يقضي وقتاً في مجمعه في بلدة ونسان على الساحل الشرقي لكوريا الشمالية.
في غضون ذلك، سعت وسائل الإعلام الكورية الشمالية إلى تصوير كيم على أنه زعيم لا يزال يسيطر على شؤون الدولة؛ وأفادت بأنه أرسل في الأيام الأخيرة تحياته إلى رؤساء سوريا وكوبا وجنوب إفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت صحيفة Rodong Sinmun الرسمية يوم الإثنين، 27 أبريل/نيسان، أنَّ كيم أرسل رسالة يشكر فيها العمال الذين يشتَغِلون ببناء منشآت سياحية في ونسان، حيث يعتقد البعض أنه يقيم.
ومع ذلك، لم تنشر أي من هذه التقارير صوراً له.
ماذا لو مات كيم؟
وبينما يستمر العالم في التكهن، نبه مراقبو كوريا الشمالية، الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ودول أخرى في المنطقة للاستعداد إلى وضع غير مستقر إذا ثبُتَت صحة الشائعات حول وضع كيم الصحي، وربما وفاته.
وفي ضوء غياب خليفة واضح لزعامة كوريا الشمالية، فإنَّ حدوث شغور في السلطة، حتى ولو لفترةٍ قصيرة، يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، بما في ذلك نزوح ضخم محتمل للكوريين الشماليين عبر الحدود إلى الصين وصراع بين النخب الحزبية والعسكرية للسيطرة على الترسانة النووية للبلاد.
وفي هذا السياق، علَّق نام سونغ-ووك، خبير شؤون كوريا الشمالية في Korea University في سول: "التخطيط لسيناريوهات أسوأ مسألة حيوية؛ لأنه لا أحد يعرف على وجه اليقين ما يحدث".
وأضاف نام، وهو مدير سابق لفريق بحثي تابع لجهاز الاستخبارات الكوري الجنوبي: "يمكن أن يكون وضعه جيداً، ويعاود الظهور في وسائل الإعلام الحكومية الكورية الشمالية، لكن بالنظر إلى وزنه وشكله المتدهور، فإنَّ المخاطر المرتبطة بصحته ستتفاقم مع تقدمه في العمر".