ألحقت جائحة كوفيد-19 ضرراً خطيراً بفرص التنمية في إفريقيا وزادت من سوء أوضاع فئاتها الفقيرة والضعيفة. ورغم ظهور دعوات لتقديم مساعدة دولية طوعية لدعم القارة خلال هذه الفترة العصيبة، فهذا ليس الحل الأفضل بأي حال.
إذ من الضروري أن تستقبل القارة تعويضات أضرار ومسؤولية من الصين، الدولة الغنية القوية التي فشلت في التعامل مع هذه الكارثة العالمية بشفافية وفاعلية، وتستّرت طوال أسابيع على ما حدث، ما سمح لآلاف الرحلات الجوية بنقل المسافرين لينشروا العدوى إلى العالم كله، وفق ما تقول أوبي إيزيكويسيلي، نائبة الرئيس السابق لمنطقة إفريقيا في البنك الدولي ووزيرة التعليم السابقة في نيجيريا، في مقالة منشورة لها بصحيفة The Washington Post الأمريكية.
على الصين تحمّل فشلها
يُشار إلى أن مكاسب إفريقيا الاقتصادية تتآكل منذ الأزمة العالمية الأخيرة. وقد حان الوقت لأن تدفع الدول الغنية المسيئة لنظيراتها الفقيرة ضريبة المخاطر العالمية عن تأخيرها في الخروج من دائرة الفقر.
تقول إيزيكويسيلي، اليوم، تعد إفريقيا موطناً لأكثر من 70% من أفقر الناس في العالم، حيث يعيش أكثر من 400 مليون شخص تحت خط الفقر. وليس من المستغرب أنها ستتأثر بهذه الأزمة أكثر من غيرها. ولا ينبغي أن تزداد معاناتها لأن دولة قوية أخرى فشلت في التصرف بمسؤولية.
ويتعين على الصين أن تعلن على الفور شطباً كاملاً لأكثر من 140 مليار دولار من القروض قدمتها حكومتها ومصارفها وشركاتها إلى دول إفريقية بين عامي 2000 و2017. وسيوفر هذا تعويضاً جزئياً للدول الإفريقية التي تضررت اقتصاداتها وشعوبها بالفعل من فيروس كورونا.
كيف يمكن للصين تعويض إفريقيا؟
تقول إيزيكويسيلي: يمكن أن يتبع ذلك تحليل رصيد التعويضات المستحقة لإفريقيا بعد مناقشات مع الاتحاد الإفريقي والدول الأعضاء فيه، إلى جانب المنظمات العالمية والإقليمية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الإفريقي والاتحاد الأوروبي.
يُشار إلى أن الصدمة الاقتصادية التي أصابت إفريقيا بسبب فيروس كورونا قلصت إلى حد كبير الفرصة التي كانت لتتاح أمامها لانتشال مئات الملايين من براثن الفقر. وتقدر مفوضية الاتحاد الإفريقي أن الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا سينكمش بنسبة تصل إلى 4.5%، ما سيؤدي إلى فقدان 20 مليون وظيفة.
وقد أعاق ذلك بشكل خطير إمكانية أن تتمكن إفريقيا من خلق فرص عمل للشباب والنساء، أو زيادة مستويات محو الأمية من خلال تقليل عدد الأطفال المتخلفين عن المدرسة بتوفير فرص تعليمية جيدة. وستؤدي إلى تقليل القدرة على الحد من وفيات الأمهات والأطفال، ورفع مستوى التغذية والأمن الغذائي، وتوفير طاقة يمكن الاعتماد عليها والوصول إليها، وزيادة توفير الطرق الجيدة، والمياه، والصرف الصحي، وغيرها من الخدمات الأساسية، وكذلك الاستثمارات في السلع العامة.
وستدرك الصين، الدولة التي نجحت خلال العقود الأربعة الماضية فقط في انتشال أكثر من 850 مليون شخص من براثن الفقر، مدى أهمية تسريع النمو الشامل في الدول الإفريقية. وفي الوقت الذي أعلنت فيه بعض البلدان في آسيا وأوروبا والأمريكتين حزم تحفيز طارئة ضخمة لشعوبها وشركاتها، تجاهد بلدان في إفريقيا لتلبية الاحتياجات الغذائية قصيرة المدى.
البحث عن آلية للتعويضات
تواجه إفريقيا صدمات متكررة بسبب المناخ والإرهاب والمشكلات الصحية وانعدام الأمن الغذائي والجريمة وغيرها من مصادر الخطر. وتنبثق معظم هذه المخاطر من إخفاقات الاقتصادات الغنية والقوية، لكن الضرر الأكبر في نهاية الأمر يكون من نصيب الدول الفقيرة والضعيفة.
ينبغي للصين إذاً أن تعطي مثالاً في الريادة العالمية بأن تعترف بفشلها في التزام الشفافية في تعاملها مع كوفيد-19. ويتعين على قيادة بكين أن تلتزم بعد ذلك بإجراء تقييم لتعاملها مع الوباء من خلال فريق مستقل من الخبراء. ويتعين على الصين وبقية دول مجموعة العشرين التعاون مع الاتحاد الإفريقي والدول الإفريقية للخروج بآلية للتعويضات.
تقول إيزيكويسيلي: لقد حان الوقت أن تثبت الاقتصادات الغنية أن عالمنا قادر على أن يفعل الصواب للفقراء والضعفاء. وعلى الصين أن تدفع.